أمي.. قرأ رسالة الحياة

(إنّ وصولَ الـ”أنا” إلى مرحلة البلوغ تتطلَبُ عمليةً مسبقةً للكمال، وإنّ عمليّةَ تحقيق الذّات ينبغي أن يقومَ بها الفردُ بنفسه، مّما يصعب عليه أن يستمدَّها بالوسائل الثقافيةِ المعتادةِ التي يَمدُّها المجتمعُ، فلا يمكن تحقيقُ ذلك إلاّ بعملٍ صبورٍ يشمل تعليمَ تربيةَ الوعي ذاتيّاً، بقرارٍ من الفرد نفسِه وإرادته، وبصدقِه مع نفسِه ووفائِه لها.. ليكونَ “الصادقَ الأمينَ” ).

 

تخيَّلكَ إنساناً بلا دين ٍ، لا أبَ ولا أمًّ لك ولا مدرسةَ وتعليمَ، وليس أمامَك إلاّ مدرسةُ الحياة فماذا تصنع؟

إذا كنتَ يتيماً.. فماذا تفعل؟ فقيراً .. ماذا تصنع؟ بل ماذا تعمل إذا صرتَ أجيراً على أموال الناس؟

ماذا تفعل .. إذا كان عملُك فقط مراقبة الأطفال طوالَ النّهار أو رعايةَ غنم آخرين؟

إذا أساء أربابُ العمل معك وقسوا عليك وظلموك؟

إذا وُلّيتَ عملاً، وشغلتَ وظيفةً؟ فهل يهمّك كسبُ المال فقط؟

إذا كان زمانُك بلا (دين) ولا (مذاهب)؟ أو كان ثمّة بقايا (دين) لكنّه جائر ومليء بالخرافات والانحرافات والوصايات ودهاقنة الاستبداد؟

إذا هاجت حرب الفجّار (بين قريش وقيس عيلان)؟ وقومُك أهلُ شركٍ بلا (دين)، لكنّهم قاموا ضدّ من انتهك الدم الحرام في الشهر الحرام؟ أتُشارك معهم لأنّهم قومك أم لأنّ قضيّتهم نبيلةٌ ومحقّة؟ أن تتنكّف لأنّهم مشركون ووثنيّون وغيرها؟!

إذا شبّت الفتنةُ في بلدك وبين شعبك وقومك وليس لك دينٌ ومرجعٌ إلاّ أمانتك وصدقك؟

إذا شرب الآخرون الخمر ودعوْك وليس ثمّة أمرٌ ولا آمرٌ يمنعك؟ وإذا دعاك آخرون للّهو ولو بمجون ليلة وليس ثمّة ناهٍ ينهاك ولا ناظرٌ يُنكرك؟

 

ماذا تصنع إذا كُنتَ شابّاً تبغي شريك الحياة؟ فمَن تطلبها شريكة (حياتك) وأنت بلا دين ولا مذهب؟

ألجميلة الشابّة أم الغنيّة ذات المال أم صاحبة العقل والقلب والشرف؟

إذا كُنتَ مستقطَباً بين طوائف قومك، حلفٍ فيه الأخيار يريد الصلاح ومبادئ حسن الجوار، وحلفٍ يريد الحرب والانتقام، ولا (دين)، فما تفعل، فأين تقع وماذا يكون دينُك ( أي خُلُقك ونهجُك )؟!

 

 

 

من يقرأ حياة (محمّد) يجد الإجابات النموذجيّة لكلّ تلك الأسئلة ومزيدِها في كلّ أدوار الحياة، لدى رجلٍ أمّيًّ عرف رسالةَ الحياة قبل أن تنتخبه الحياةُ ( أو واهبُ الحياة) رسولاً لها إلى ” الأحياء ” ليُحييهم، إذْ (الله أعلمُ حيث يجعل رسالته)، وقد اعترف الهندوسيّ (البروفيسور راما كريشنا راو) في كتابه “محمد النبي” بأنّه: (لا يمكن معرفة شخصية محمّد بكل جوانبها، ولكن كلّ ما في استطاعتي أنْ أقدّمه هو نبذة عن حياته من صورٍ متتابعة جميلة؛ فهناك محمّد النبّي، ومحمّد المحارب، ومحمّد رجل الأعمال، ومحمّد رجل السياسة، ومحمّد الخطيب، ومحمّد المصلح، ومحمّد ملاذ اليتامى، وحامي العبيد، محمد محرَّر النساء، ومحمّد القاضي، كلّ هذه الأدوار الرائعة في كلّ دروب الحياة الإنسانية تؤهّله لأنْ يكون بطلاً)، بل زاد ( في شخص رسولِ الإسلام رأى العالمُ أندرَ ظاهرةٍ على وجه الأرض متمثّلةٍ في إنسانٍ منْ لحمٍ ودمٍ)!

(فمحمّد) الإنسان، لا تستفزّه هيجاتُ الحربِ إن ثاروا أو ثأروا، ولا الأموالُ والأملاك إن ولعوا أو جمعوا، ولا التحزّب إن تحزّبوا وتقطّعوا، بل ركنَ إلى ينبوع برْدِ ذاته، وثبتَ إلى وقارِ جوهر إنسانه، ولم يستخفَّه الذين لا يُوقنون، لذلك ناداه بعدئذٍ النداءُ الخفيُّ الأعلى ( وإنّك لعلى خلُقٍ عظيم). فواجه تلك اللحظات بأجمل خصيصةٍ في الكائنات؛ تلك التي نسمّيها (الوفاء) للّحظة، بأن يستخلص من مكنونهِ أفضلَ مضمونِه، ويتخيرَّ خيرَ ما للآخر من نفسِه؛ من بذلٍ وحبّ ونصيحة وأمر بمعروف وبرّ وهدىً ومعونة وإصلاحٍ بين الناس، وعلى يديْه (بلا وحي) بل بمبادئ انطوى عليها، أخمد فتنة رفع الحجر الأسود، وألّف قلوباً، ووفّر حقوقاً، حينما هلّلوا لمدخلِه عليهم قائلين: (الأمين ارتضيناه، الأمين ارتضيناه)، فكان (الرحمة المهداة) للنّاس قبل أن يُكلُّف بها، وصدق المستشرق سنرستن الآسوجي (لقد خاض محمّد معركة الحياة الصحيحة في وجه الجهل والهمجية، مصرّاً على مبدئه)، كان (إنساناً) قبل أن يكون نبياً وقبل أن يكون أيّ شيء آخر: راعياً، تاجراً، محارباً، زوجاً، نبياً، داعياً، مشرّعاً، زعيماً، لذلك تُعزى كلّ قصصه العظيمة حتّى بعد نبوّته، لا على أنّه نبيّ، بل على أنّه “إنسان” ولكنْ أيُّ إنسان؟!

أنبئ الشامخين بقداساتٍ مخترعة بمقالة الإنسانِ الشامخ (ص): (لا ترفعوني فوق حقّي فإن ّ الله تعالى اتّخذني عبداً قبل أن يتّخذني رسولاً)! يُعلّمنا أنّه قبل أن يكون (رسولاً) كان (عبداً)، و(عبداً) تعني أنّه كان (منصاعاً)، و(منصاعاً) تعني (مصغياً)، ولكن (مُصغياً) لأيّ شيء وليس ثمّة وحيٌ يُكلَّمه؟

قد كان (يُصغي) لنداء اللحظة، نداء (شُعلةِ الحياة) الفعليّة التي تنبثق مِن داخله الإنسانيّ، نداء (افعَلْ ولا تفعلْ) الذّاتي الواعيّ لا التلقينيّ، يُصغي ليصنع أفضل الموجود لحظتَها، فُيظهر جوهرَ ما فيه، فيكادُ زيتُه يُضيء ولو لم تمسسه نارٌ، فلمّا أن جاءه الوحيُ توهّجَ نوراً على نورٍ كان فيه، وهيهات أنْ يأتي النورُ الثاني إذا لم يُوجَد ما يُمهَّد إليه من نورٍ أوّل مطبوعٍ، (فلا ينفعُ مسموعٌ إذا لم يكُ مطبوعٌ .. كما لا تنفعُ الشمسُ وضوءُ العينِ ممنوعٌ) كما قال ربيبُه عليّ.

فلذلك نحن ما لم يختلجْ ويتّقِدْ شيءٌ، نورٌ، صوتٌ، من داخلنا الإنسانّي فلن يُوقظنا صراخُ العالمَ كلَّه، ولن تُجدينا أصداءُ نصوصِ الرسالات كلَّها، لأنّه قد حكمتْ الطبيعةُ ما أثبته كتابُ الخالق (إنَّكَ لا تُسْمِعُ الْموْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ).

وإنّه لمن المؤسف أنّنا إذا كُنّا (بلا دينٍ) فإنّنا نتوهُ في مادّيتنا وسفهِنا وعبثنا، وإذا كُنّا (بدين) و(بمذاهب) فسنتوه في غرورنا الاصطفائيّ وجهلنا وعصبيّاتنا وتفاضلنا الخاويّ وتناحرنا، فلا ينفجر منّا الخيرُ، لا يُشرق إنسانُنا، لا نستطيع ملء إحداثيّة اللحظة التي نكون فيها بما يُناسبها كمالاً وجمالاً، ومن المخُجل جدّاً ونحن على آخر مشارف أزمنة الإنسان وتُخومِ العلم وانختامِ الأديان، أنّ ثمّة إنساناً يتيماً بلا أبٍ ولا أمًّ وبلا مُعلَّم وبلا مرجعيّة علميّة ودينيّة لا يدري بكتابٍ ولا إيمانٍ بل كان (ضالاً) عن هذه المعانّي بحسب القرآن، و(بلا دين)، ووسْطَ جاهليّة، أشرقَ ما بداخله، وتوهّج عقلُه، ليوُفّي واجبَ اللحظة أنّى ارتحل أو حلّ، ليجِدَ وُجودَه ويُوجِدَه بجودِه، فمشى ليُؤلَّف القلوب لا ليبغّضها، وليصنعَ الحياة لا ليشوّهها ويقزّمها، أمّا بعد أن مدَّته السماءُ (بالدّين الخاتم) فقد انفجر في العالمين سراجاً منيراً.

فمن يجرؤ بعد هذا أن يقول أنّ (محمّداً) لو مات قبل الرسالة والدين، وهو على هذه الأخلاق الشريفة ومعالي النّبل، تائهٌ يبحث عن الحقيقة الكبرى، يُجيل عقَله آنفاً أن يسجد لصنمٍ، إذ حين كان ابن نيف وعشرين سنة يبيع ويشتري ساومه أحدُ التجّار في بضاعة، فقال له (أتُقسم بالّلات والعُزّى؟) فأجابه محمّد (ما عبدتهما قطّ حتّى أُقسم بهما)، من يجرؤ القفز على عدالة الله ورحمته ليقول أنّ ذلك الشابَّ السويَّ الوضّاءَ لو لم يُصبحْ خاتم النبيّين ومات لآلَ إلى نار وطردِ وعذاب، كالذي يشيع الآن في تهويل هذا على كلّ بني الإنسان مِن عقلاء العالمَ وخيّريه؟!

قل للأيتام، وكذلك للذين يتمسكنون باجترار العطف على مآسيهِم، ويُلقون اللّوم على مُحيطاتِ الأقدار، أنّ ثمّة طفلاً (يتيماً) في التاريخ فقد أباه وأمَّه وجدّه، فقْدَ الواحد بعد الواحد بالعدد، فأعاله عمُّه معسورُ الحال، فاستأذنه وخرج وهو ابنُ ثماني سنين يعثر في ثوبه يتوخّى أن يعثر على مهنةٍ، فبالكاد حظي أن يرعى غنم الآخرين بدريْهماتٍ وقراريط، يطرق أبوابهم ليُقنعهم بجدّه وكفاءته و(أمانته)، ليرتزق حلالاً يعيل به نفسه ويُساعد كافِلَه ذا العيال العشرة! ويتعلّم (إدارة الحياة) في أبسطها، وإدارة مشاعره منذ صغَرِه تجاهها!

قل للموظّفين والعمّال والتُّجّار أنّ ثمة موظّفاً (أجيراً) لم يكن له (دينٌ) بعد، ولم يقرأ شيئاً من كُتب السماء، ولا موسوعاتِ العرفان والأخلاق، ولا دواوين إدارة الأعمال ولا علم النفس، بل استفتى قلبه فعرف، قدَح مكنون إنسانيّته فعرف، أنّ الوظيفة ليست لتكثير المال، بل للكسب الحلال  ولاختبار عدم التعلّق بالمادّيات، وللتحلّي بالوفاء، والأمانة، والصدق، وحلاوة المعشر، والتسامح، فلقد أيقن بفطرته أنّ السماءَ السمحاءَ ترضى (وقد رضيَتْ) عن رجلٍ حاز خصلةً واحدة؛ الطيبة والتساهل: (كُنتُ أبايع النّاس وكان خُلقي الجواز) أي التسامح والتساهل في البيع، وأيقنَ بخُلقه وسجيّته أنّ التجارة ليست خداعاً ولحس العقول ونهب الجيوب بسحر الغشّ، بل فرصةٌ لمعرفة ألوان الناس ومعادنها والتواصل معها بالحبّ والتأثير فيها بشرف، وبناء العلاقات النافعة والصداقات المثمرة للنفوس، فالغاية تداولُ المنافع وجعلُ أنفسنا معابِرَ لإكسابِ الآخرين قبل أيّ مكسب ذّاتي، وإنّها فرصةٌ سانحةٌ للخدمة وكسب معارف الحياة وتجاربها وثقافاتها، أمّا له (ص) زيادةً على ذلك، فكان لدراسة الحياة، والاطّلاع عن كثبٍ على منابع الفساد والطغيان فيها، للمباشرة في غرس قيَم الحياة في صحاري أصقاعها، فكان مع كلّ عملية شراء يشتري قلوباً، ومع كلّ عمليّة بيع يبيع قيَماً ومبادئ، فأصبحَ (حبيبَ قومٍ)، و(أمينَ آخرين).

قل لجامعيّ الأموال، وطُلاّب التحرّر كذلك، أنّ ثمّة شابّاً راعياً كثرتْ مواشيه، وتخلّى عنها في لحظةٍ تأمّل عميقةٍ واحدة لراعٍ آخر بلا مقابل، حين قرّر أن يطلب الحكمة (ضالّته) في الأسفار يُتاجر فيتعلّم لوناً آخر من تجارب (الحياة) لتصقله، ثمّ حين جمع أموالاً من التجارة تخلّى عنها كلّها أيضاً لشريكٍ له، لأنّه قرّر أن يطلب حكمة التغيير وسعادة الصفاء في مغاور الجبال، علّه يلتمس في صمتِها مدخلاً ينفتح منه على استنزاف المزيد من أغوار داخله، ويكتشف مِن صُمّها نفقاً ينفتح منه على صمّ القلوب التي قستْ في قومِه مِن خيرها، يبحث عن رسالةٍ أسمى وأقوى وأعمق وأنفذ بعد أن أستنفد جميع رسائله، قل للّذين يكبرون حين يستهزءون بمشاعر صغار الناس، أنّ رجلاً من الأوّلين جلس في الطريق ساعةً يُواسي طفلاً يبكي على عصفوره الميّت، ويُواسي الجياع والعبيد ويُجالس المحرومين، ويُناغي الغنم الصغار ويُطلق عليها الأسماء، يُطلق اسماً على كلّ ما اتّصلت به يداه، قلْ للذين يُسيئون للبشر، ويُفسدون البيئةَ ولا يحترمون الحيوان ولا الشجر والحجر، أنّ بغلته الشهباء سمّاها (دلدل)، وسمّى حمارَه (يعفور)، وناقتَه (القصواء)، وفرسَه (السحاب)، وعصاه (الممشوق)، وقوسَه (السداد)، وحربتَه (النبعاء)، ودرعَه (السابغة وذات الفضول)، وترسَه (الموجز)، وسيفَه (ذا الفقار)، ليتّصل شعوراً نفسيّاً ووجدانيّاً بكلّ كائن، حتّى الأحجار كان يتلمّسها بكفّه الحنون ويعرفها وتعرفه (إنّي لأعرفُ حجَراً بمكّة كان يُسلَّم عليَّ) وهذا قبل النبوّة، خلا من القسوة ومظاهر العجرفة والكبرياء والتبلّد بالأحاسيس، لأنّه أيقن (بلا وحيٍ بعد) أنّه قطرةٌ من قطراتِ ماء الحياة، دبّ لها وعيٌ فجعلتْ مهمّتها إيقاظ أخواتها الكائنات وزقّها بأنفاسِ الرّوح، والتعاطف معهنّ والتصبّر عليهنّ مهما جهلنَ وصممْنَ وتبلّدنَ ونمِنَ.

قلْ للذين لا يعفون عمّن آذاهم، ولا يَسْمُون على جراحاتهم وانتقامهم وأضغانهم، أنّ أميّاً قد عفا عن كلّ مَن آذاه، شخصياً، أو في الدين، قبل الاقتدار وبعده، في قلبِه وأمام الملأ، ولو كان أعدى أعداء الدين ممّن شارك في قتل أوليائه والتمثيل بهم، فاستبدل بتلك العداوات حبّاً واحتراماً، وغرسَ بصفحِه الجميل حياءً في قلوب مناكديه ورافضيه.

لم يُخطئ صاحب كتاب (عظماء التاريخ المائة) العالُمِ والمؤرَّخ الأمريكي “مايكل هارت” حين جعل محمّداً أوّل قائمتِه، وعلّل ذلك (إنّ اختياري محمّداً، ليكون الأوّل في أهمّ وأعظم رجال التاريخ، قد يُدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كلّه الذي نجح أعلى نجاح على المستويين: الديني والدنيوي)، ولم يُخطئ الفيلسوف الإنجليزي “برنارد شو” حين قال (إنّ العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد)، وأن محمّداً (يجب أنْ يُسمّى منقذ البشرية، وفي رأيي أنّه لو تولّى أمر العالم اليوم، لوفّق في حلّ مشكلاتنا بما يؤمّن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها).

ولم يُخطئ الفيلسوف الألمانّي “غوته” حين قال: ( إنّنا أهل أوروبا بجميع مفاهيمنا، لم نصلْ بعدُ إلى ما وصل إليه محمّد، وسوف لا يتقدّم عليه أحد .. ولقد بحثتُ في التاريخ عن مثَلٍ أعلى لهذا الإنسان، فوجدتُه في محمّد).

كما لم يُبالغ الأديبُ والمفكّر الفرنسي لامارتين بقولِه: (منْ ذا الذي يجرؤ على تشبيه رجلٍ من رجالِ التاريخ بمحمّد؟! ومن هو الرجل الذي ظهر أعظم منه؟)

ولا الدكتور النمساوي شبرك حين زعم: ( إنّ البشرية لتفتخر بانتساب رحل كمحمّد إليها، إذ إنّه رغم أُمّيته، استطاع قبل بضعة عشر قرناً أنْ يأتي بتشريع، سنكونُ نحنُ الأوروبيّين أسعد ما نكون، إذا توصلّنا إلى قمّته).

فهو كما قالوا، لا أعظم منه، ولن يتقدّم عليه أحدٌ، لكنّ القاعدة التي صاغته متيسّرةٌ للجميع (أنّه لم ير نفسَه يملك شيئًا إلا فرصة استعمال ما بين يديه، إلا اللّحظةَ، بأن يملأها بما تستحقّ ليُحقّق امتلاءه أي اكتماله الإنسانّي).

لا يستطيع أنا وأنت وغيُرنا أن يكون نبيّاً فقد حُكِمَ أنْ لا نبيّ بعده (ص)، لكنّك تستطيع حتماً أن تكون ( إنساناً محمّديّاً) كما كان هو قبل بعثته، أي (عبداً)، أي (مُصغياً)، تُحاور دخيلة ذاتك (الإنسانيّة) لترى كنزّك الكامن، فتبدأ  تُزيل طبقات الغبار بل والشحوم عنه، قد تكون الطبقاتُ متضخّمةً كالورم وبحجم شخصيّتك الظاهريّة كلّها، ولكنّها مصدرُ بخُلك وقلقك وانكماشِك ورداءتك وظلامك وانكسافِ شمسِ جوهرك، فإن تَقُمْ أنت في هذا الظلام الدّاخليّ الذي يلفّك لتُوقد فتائل شموعه فيك شيئاً فشيئاً، عند محطّات تنقّلك من مواقف (الحياة)، فعسى أن يبعثك أنت أيضاً ربُّك مقاماً محموداً غير المقامِ أو المقعدِ أو المهبطِ الذي أنت وأنا قابعانِ فيه.

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

عصى آدم..الحقيقة دون قناع
  • معصية آدم، نموذج لمفردة في البناء المعرفي! وحلها سيعيد لإنساننا خارطة نفسه وهويته الضائعة وهدف وجوده
  • معرفة هذه الحقيقة صدمة تعيد الوعي، نعقد بها مصالحة بين التراث والمستقبل لنعيش لحظة الحاضر بيقظة أننا على جسر التحول الإنساني، الذي بدأ في الأرض بالإنسان الهمج ليختتم بالخليفة "الإنسان الإنسان"
مسخ الصورة..سرقة وتحريف تراث الأمة
  • أخذت الحركة الصهيونية على عاتقها غرس دولة لليهود في خاصرة الأمة فزوروا التاريخ العربي ونسبوه لليهود
  • اختلقوا لغة بسرقة إحدى اللهجات القبلية العربية البائدة وأسموها اللغة العبرية
  • أقحم الدين والتاريخ للسيطرة على عقول الناس ونقلت رحلات الأنبياء من مواقعها ليأسسو لاحتلال فلسطين فساهم هذا التزوير في مسخ صورة العربي والمسلم في الثقافة الغربية
مفاتيح القرآن و العقل
  • إذا كان كلام الله واحداً ودقيقاً، كيف حصل له مائة تفسير؟
  • ماذا لو كانت أمتنا تقرأه وتترجمه معكوساً، كلبسها إسلامها مقلوباً؟
  • أصحيح هذا "المجاز" و"التقديرات"،و"النسخ" و"التأويل" و"القراءات"؟
  • هل نحن أحرار في قراءة القرآن وتدبره أم على عقولنا أقفال؟
نداء السراة..اختطاف جغرافيا الأنبياء
  • ماذا يحدث عندما تغيب حضارة عريقة
  • هل تموت الحقيقة أم تتوارى عن الأنظار لتعود .. ولو بعد حين؟
  • هل تقبل بلاد وادي النيل بعودة حضارة القبط الغريبة؟
  • هل تقبل نجد بعودة موطن آباء الخليل إبراهيم وبنيه إسحاق ويعقوب؟
الخلق الأول..كما بدأكم تعودون
  • إن البشر الأوائل خرجوا قبل مئات آلاف السنين من "قوالب" الطين كباراً بالغين تماماً كالبعث
  • جاء آدم في مرحلة متأخرة جداً من سلالة أولئك البشر اللاواعي، فتم إعادة تخليقه في الجنة الأرضية ونفخ الروح فيه
  • آدم أبو الناس ليس هو آدم الرسول الذي أعقبه بمئات القرون
الأسطورة..توثيق حضاري
  • الأساطير وقائع أحداث حصلت إما من صنع الإنسان، أو من صنع الطبيعة، أو من صنع السماء
  • لكل اسطورة قيمة ودلالة وجوهراً وتكمن فيها أسرار ومعاني بحاجة إلى إدراك وفهم
  • من الضروري العودة إلى اللغة العربية القديمة بلهجاتها المختلفة لفك رموز الأساطير التي غيب الكثير من مرادها ومغازيها
التوحيد..عقيدة الأمة منذ آدم
  • لو أنا أعدنا قراءة تراثنا بتجرد لأدركنا حقيقة اليد الربانية التي امتدت لإعداة الانسان منذ خطواته الأولى على الأرض بما خطت له من الهدى
  • التوحيد منذ أن بدأ بآدم استمر في بنيه يخبو حيناً ويزهو حيناً آخر، ولكنه لم ينطفئ
بين آدمين..آدم الإنسان وآدم الرسول
  • هل هما (آدمان) أم (آدم) واحد؟
  • من هو (آدم الانسان) الأول الذي عصى؟
  • من (آدم الرسول) الذي لا يعصي؟
  • ماهي شريعة (عشتار) وارتباطها بسقوط آدم الأول حين قارب شجرة المعصية؟
طوفان نوح..بين الحقيقة و الأوهام
  • ما قاله رجال الدين والمفسرون أعاجيب لا يقبلها المنطق ولا العقل السليم في محاولتهم لإثبات عالمية الطوفان
  • استثمر المستنفعون من اليهود هذه القضية ليبتدعوا القضية السامية ويرجعوا نسبهم إلى سام بن نوح (ع)
  • قضية طوفان نوح (ع) لا تكشف التزوير اليهودي فحسب، بل تضع يدها على موضع الداء في ثقافة هذه الأمة