ملخص كتاب (طوفانُ نُوحٍ … بين الحقيقةِ والأوهامِ)

ملخص  كتاب

(طوفانُ نُوحٍ … بين الحقيقةِ والأوهامِ)

 

لإيماننا بأهمية قراءة التاريخ قراءة متأنية متجردة، ولعلمنا بأن فهم الحاضر لا يكون إلا في ضوء قراءة نزيهة للماضي وتحليله وفهمه من مصادره المختلفة، وليقيننا بأن الحاضر المعوج لن يستقيم إلا بمعرفة أسباب الإعوجاج وتحديدا النقطة التي بدأ منها وكيف تطور، سنتناول في هذا البحث حادثة طوفان نوح أنموذجا لقراءة تحليلية في التاريخ المدون والمتمثل في تراث الأمة بمصادره المختلفة (الأساطير، مدونة التوراة، القرآن الكريم) بعقد مقارنة بين ماجاء في هذه المصادر الثلاثة للتعرف على نقاط الإلتقاء والتشابه بينها، ونقاط الإختلاف والإفتراق، ومن ثم التوصل إلى حقيقة تفاصيل هذه الحادثة فنثبت ما اتفقت عليه المصادر ودعمته الأدلة المنطقية والبراهين العلمية، ونناقش ما إختلفت عليه وذلك بتعريضها للنقد بهدف غربلتها فنبقي على ما يصمد منها ونكشف زيغ أو زيف ما يسقط منها.

في هذا البحث ذهلنا بالنتائج التي توصلنا إليها، ونوردها بإيجاز …

لقد إتخذ بعض المغرضين من غير المتدينين هذا الحدث التاريخي مادة للتنذر والإستهزاء بسبب ماقاله رجال الدين والمفسرون من أعاجيب لا يقبلها المنطق ولا العقل السليم في محاولتهم لإثبات عالمية طوفان نوح، واستثمر المستنفعون من اليهود هذه القضية العقائدية ليبتدعوا النظرية السامية ويرجعوا نسبهم إلى سام بن نوح ويؤسسوا لنظرية التمييز العنصري البغيض. من خلال هذا البحث نفتح الباب للمزيد من الإستقصاء في الأدلة العلمية التي تبدد هذا الوهم الذي حيك بقصد وبغير قصد حول هذه الحادثة العظيمة .

وحدة التراث

لو إطلعنا على الأساطير السومرية والبابلية والآشورية، وما كشفت عنه الحفريات في العراق والشام ومصر، وقارناها بما جاء في التوراة من قصة التكوين وخلق الإنسان أو سقوط الإنسان أو الطوفان، وما جاء به القرآن الكريم من قصة الخلق الأول للإنسان وهبوط الإنسان من الجنة، وغيرها لوجدنا تشابها كبيرا بين هذه المصادر الثلاثة ووجدنا أنه تلتقي في كثير من العلوم العلوية والمبادئ الفاضلة، لولا ما أضيف لها من تحريف وتزوير ومعاني بعيدة عن قصد الراوي أو كاتب الأسطورة عندما تترجم وتلبس عباءة مترجمها حسب أهوائه ومشتهياته ومعتقداته ونواياه. لو أتيح لنا رؤية الحبل السري الناظم بين ما سطره الأولون في أساطيرهم و ما جاء به الأنبياء والمرسلون حتى الخاتم محمد (ص) لتعرفنا على مصدر هذا التراث ولربطنا ماضي هذه الأمة المتأصل في عمق التأريخ ووضعنا أفهاما مشتركة لقضايا كونية وقيمية مصيرية لتكون تلك بداية النهاية لوضع حد للتلاعب بمقدرات الأمم و الشعوب من قبل المستنفعين من التزوير والتحريف والراقصين على حبل التمييز العرقي البغيض واللاعبين بمقدرات هذ الأمة.

هدفنا هنا هو عقد مقارنة بين مصاد تراث الأمة الثلاثة للتأكيد على وحدة التراث ولمعرفة ما إذا كان الطوفان عالميا ونتوصل إلى النتائج المترتبة.

قبل أن نعقد المقارنة نورد رأينا في المصادرالثلاثة:

الأسطورة:

هي أسلوب تعليمي عند الإنسان القديم لكي يجد دوره الحقيقي في الكون. فالأساطير ليست قصصا مجردة أو أوهاماً وخيالات عند الأوائل الأقدميين بل هي تحوي حقائق كونية وعلوماً دقيقة يتخللها تعليم لقيم سامية ومبادئ فاضلة لا يمكن للإنسان أن يتوصل إليها من دون تعليم علوي غيبي. وإنما أساء فهمها المتأخرون لأنهم قرؤوها حسب معتقداتهم الخاصة لا حسب قصد راويها الأولي الأصيل واسيئ فهم التعبيرات البلاغية والصورة فيها فدخل التحريف على مفهومها وتشتت الأفكار بشأنها فهجرت وغيبت من ثقافة الأمة وحدث إنقطاع بينها وبين الأجيال المتأخرة.

لقد وردة لفظة الأساطير في تسع آيات قرآنية كريمة ولم يرد عليها لا بالنفي ولا الإثبات لقطع الطريق على المتربصين اللذين سيقولون بأن هذا القرآن منتحل لتشابهه الكبير في العلوم والقيم مع الأساطير. بل على العكس فإننا نجد أن القرآن بإشتراكه في بعض الحقائق الكونية والقصص التاريخية والقيم و الأخلاق الفاضلة مع الأسطورة إنما يثبت أن الأساطير ليست بخرافة وهي على أقل تقدير تشترك مع القرآن في المصدر الأول.

فالأسطورة تراث موغل في القدم يخدم المسيرة الإنسانية بما يقدم لها من علوم علوية وحقائق بكر اختصت بها علوم السابقيين ،وهو ما وصل إلينا من المكتشفات الأثرية بصورة ملاحم وأساطير، فلا نردها كلها ولا نقبلها جملة وتفصيلا بل نحاول فك رموزها لكشف أسرارها و تحليلها ووضعها على ميزان النقد العلمي .

التوراة:

كتاب كتب بعد نبي الله موسى عليه السلام بألف عام ونعتقد أنه يحوي الكثير من تاريخ بني إسرائيل في منطقة الجزيرة العربية وفيه – ليس كل، بل بعض – ماجاء به موسى من نصوص علوية مقدسة تحوي تعليما لمبادئه وأخلاقاً سامية، كما أن هذا الكتاب فيه ما تناقلته بنو إسرائيل عن التراث القديم أينما حلوا ومن أين ارتحلوا من جيل إلى جيل كما فيه أهواؤهم وآراؤهم الخاصة. فالتوراة ليست منتحلة من الأساطير لما تحويه الكثير من خصوصيات بني إسرائيل كالمواقع الجغرافية في حلهم وترحالهم في الجزيرة العربية وهي ليست كلها نصا مقدسا لما تحويه ما يناقض العقل والدين.

القرآن الكريم

قال الصادق الأمين محمد (ص) (وإذا أردتم العلم فأثيروا القرآن فإن فيه علم الأوليين والآخرين). نحن نؤمن بأن هذ القرآن يحوي علم الأوليين والآخرين بين دفتيه وأنه لم تطله يد التحريف والتزوير كما طالت توراة موسى ولم يأكله الزمن كم أكل من ألواح الطين للإنسان الأول. لذلك قمنا بالتعامل بتجرد وبحيادية وموضوعية مع هذه المصادر الثلاثة.

المقارنة بين المصادر الثلاثة

بالنسبة للأساطير فقد تم العثور على مجموعة نادرة تتحدث عن حادثة طوفان شبيهة بطوفان نوح(ع). فهناك أسطورة (زيوسدرا) والتي أكل الدهر ثلثي ألواحها الطينية وهناك ملحمة جلجامش والتي تحوي أسطورة الطوفان وأسطورة (أترحاسس) التي تحوي تفاصيل هذا الطوفان.

اعتمدنا في البحث بشكل رئيسي على ملحمة جلجامش مع الرجوع إلى الأسطورتين كلما دعت الحاجة. آخذين بعين الإعتبار الإسباغات البلاغية والرموز التي إقتضتها الضرورة التعليمية في الأسطورة معتمدين على أكثر من ترجمة طلبا للدقة. لأن كثيراً من الترجمات كتبت النصوص تبعا للمدى المعرفي للمترجم، وكثيراً منها إختلط بأفهام ومعتقدات وقناعات المترجم الخاصة، فيكون مراد كاتب الأسطورة شيئا والمعنى المترجم شيئا آخر.

أما التوراة فسنعتمد منها سفر التكوين من 6:1 إلى 8:22، وللأسباب المذكورة سلفا سيكون تعاملنا مع التوراة موضوعيا وبحذر شديد مع محاولة الرجوع إلى الأصل المسمى بالعبري قدر الإمكان وخاصة فيما يختلف عليه من آراء. أما بالنسبة للقرآن الكريم فسنلقي بالظل على مجمل الآيات التي تحدثت عن حادثة طوفان نوح(ع) مرتكزين على قواعد ثابتة وأسس ناظمة دقيقة في فهمنا للآيات.

فأوجه الشبه بين المصادر الثلاثة هي …

العلم المسبق بوقوع الحادثة

تتفق المصادر على أن هناك علما مسبقا بوقوع الحادثة وهي بحاجة إلى وسيلة نجاة خاصة بحيث يعلم المعنيون كيفية بنائها وإعدادها.

الأسطورة: قال أتونفشتيم لجلجامش (إن الآلهة العظام قد حملتهم قلوبهم على إحداث الطوفان).

التوراة: قال الله لنوح (فها أنا مهلكهم مع الأرض … وأصنع لك فلكا من خشب جفر)

القرآن الكريم (وإصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في اللذين ظلموا إنهم مغرقون)

وجود رمز بشري أو منقذ

وجود رمز بشري ليس بإله ولا ملك يرمز له بأسماء مختلفة.

الأسطورة: زيوسدرا – أتونفشتيم – أتراحاسس، وترمز إلى الزعيم الحليم – حاط النفوس – المتناهي في الحكمة.

التوراة: (Nouh)

القرآن الكريم: نوح

وصف الفلك

تسهب الأساطير والتوراة في وصف الفلك فتبين أنها صنعت بهندسة خاصة وبتعليم من خبير بحيث تحدد أطوالها وارتفاع طبقاتها وغيرها من الأوصاف الدقيقة.

الأسطورة: (قوض البيت وابن لك فلكا)

التوراة: (تجعل الفلك مساكن)

القرآن الكريم: (واصنع الفلك بأعيننا)

إعطاء العلامة على بدء الطوفان.

الأسطورة: (حينما ينزل الموكل بالعواصف في السماء مطر الهلاك)

القرآن الكريم:( (فإذا جاء أمرنا وفار التنور)

أسباب الطوفان.

تتفق المصادر أن السبب الرئيس للطوفان هو استفحال الإنحلال الأخلاقي عند قوم نوح(ع) حتى وصل إلى أعلى درجاته.

الأسطورة: (حمل المذنب ذنبه والآثم إثمه)

التوراة: (إذ دخل بنو الله على بنات الناس وولدن أولادا)

القرآن الكريم: ( إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا)

وصف الطوفان.

إتفقت المصادر الثلاثة على الأسباب الطبيعية التي أدت إلى حدوث الطوفان، فكانت المياه الجوفيه هي الرافد الأساسي لمياه الطوفان.

الأسطورة: ونزع الإله (إيركال) الأعمدة، ثم أعقبه الإله ( نينورتا) الذي فتق السدود

التوراة: (إنفجرت كل ينابيع الغمر العظيم وإنفتحت طاقات السماء)

القرآن الكريم : (ففتحنا ابواب السماء بماءمنهمر)

نهاية الطوفان.

الأسطورة: (وغيض عباب الطوفان)

التوراة: (وانسدت ينابيع الغمر)

القرآن الكريم: (وقيل يا أرض ابلعي ماءك)

أما أوجه الإختلاف بين المصادر الثلاث فهي …

المغرقون.

الأسطورة: (ورأيت البشر جميعا عادوا إلى طين)

واضح من هذا التعبير أن القائل لا يمكنه رؤية البشر جميعا إلا من يليه في منطقته، فلم يقل: فعلمت أن البشر .. بل قال ورأيت البشر. من هذه الترجمة نستنتج أن اللذين أهلكوا هم من كانوا في منطقة حدوث الطوفان.

التوراة: (فمحا الله كل قائم كان على وجه الأرض)

المتتبع لنصوص التوراة يجد بأن تركيب وجه الأرض لا يعني بالضرورة كل الأرض بل الجزء المحكي عنه، وهذا يقودنا إلى الفهم أن وجه الأرض هنا ليس بالضرورة كل الأرض.

القرآن الكريم: (وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين)

الناجون.

الأسطورة: (أركبت في السفينة جميع أهلي وذوي قرباي)

التوراة:(أخرج من الفلك أنت وامرأتك وبنوك)

القرآن الكريم: (فأنجيناه وأصحاب السفينة)

المساحة التي شملها الطوفان.

الأسطورة: ( اكتسح الطوفان البلاد)

التوراة: (فتغطت جميع الجبال الشامخة التي تحت كل السماء)

ماتفردت به مدونات التوراة

التفرد الغير طبيعي بإطلاق كنية حام (أبوكنعان) وتجاهل كنية أخويه.

تناقض توراتي جلي، حيث نوح (رجلا بارا كاملا في أجياله) هذا التقي وبعد أن رأى آيات ربه في هذا الحدث العظيم فجأة (شرب من الخمر !!!).

جاء في مدونات التوراة (وبنو حام : كوش وحصرايم وفوط وكنعان)، وحسب التوراة فإن مقترف الذنب هو حام ومن لعن كان كنعان دون إخوته.

ألم يكن من الأوجب أن يكون ( كنعان عبد العبيد يكون لأخوته) أن يكون عبد العبيد لأعمامه.

مخالفة توراتية واضحة لما تحوي في ديباجتها من نصوص التوبة عندما أغلقت باب التوبة في وجه كنعان وتمت عليه اللعنة.

الذي ارتكب الخطيئة – حسب التوراة – هو حام ومن ستر العورة هما سام ويافث. لم يخص سام بالمباركة ويتفضل على يافث بأن يسكن في مساكن سام ألم يكن من العدل تساوي الأخوين بالمباركة.

إن التاريخ يثبت أن كنعان لم يكن عبداً لا لأخوته ولا لأعمامه وكذلك الكنعانيين اللذين سكنوا الجزيرة العربية.

بعد إنتهاء الطوفان العظيم، وضع الله قوانين أكثر تفصيلا وصرامة للبشرية من أجل تحصينها ضد الرذيلة ومنعها من السقوط ثانية، لكن هذا النص التوراتي يفترض أن نوحا ذلك الذي عاني الظلم والسخرية قبل الطوفان وهو يؤدي واجبه أصبح بعد كل هذه الآيات العظيمة بعد الطوفان بشريا منغمسا في الشهوات والرذائل.

تلك بعض الأخطاء التي تفرد بها مدونوا التوراة في فقرة لا تزيد عن 6 أسطر، والتي ترتبت عليها النتائج التالية:

غرس بذرة تميز عرقي بإرجاع نسب اليهود إلى سام (المبارك).

تبرير سكن اليهود أرض الكنعانيين وإضطهادهم لهم لأن كنعان (الملعون) عبد العبيد.

إبتداع مصطلح السامية وإختزاله في اليهود لا غير.

ما صرّح به القرآن

لقد خلصنا أن الطوفان لم يكن عالميا وهذا ما اتفقت عليه المصادر الثلاثة وإختلفت في بعض التفاصيل والتي أوعزناها إلى عدم دقة الترجمة وإلى تحميل النصوص نفسية المترجم أو المفسر وثقافتهما وفهمهما. أما آيات القرآن الكريم فإنّها ترسم لنا الحادثة رسما دقيقا وتصفها لنا وصفا بليغا وسنستعرض أوجه الشبه والإختلاف بين هذه الآيات وماورد في المصدرين الآخرين.

وبما أننا توصلنا إلى محدودية طوفان نوح، فسنطرح سؤالين رئيسيين:

أين وقع الطوفان؟

لماذا اختلفت التسميات في المصادر الثلاثة على موقع رسو السفينة؟

وللإجابة على هذه الأسئلة ينبغي لنا الإجابة على مجموعة من الأسئلة الفرعية..

أولا: أسباب الطوفان – ونعني بذلك السبب الذي أدى في نهاية المطاف بعذاب الإغراق إلى المنذرين من قوم نوح.

في ملحمة جلجامش نقرأ الحوار بين أيا وإنليل عن سبب الطوفان (حمّل المذنب ذنبه والآثم إثمه) أما في أسطورة أترحاسس فنجد إنتشار الفساد وسفك الدماء فيما بينهم هو السبب الرئيس للطوفان.

أما التوراة فتذكر في سفر التكوين إلى أن (أبناء الله) في إشارة إلى الجنس البشري المعدلة جيناته (الإنساني) تزاوجوا مع (بنات الناس) في إشارة إلى الجنس البشري الهمجي فولدوا هجناء (بشر-همج) في إشارة (هؤلاء هم الجبابرة). ونجد تفسيرا شبيها لما أوردناه طبقا لرأي أحد القساوسة (إن المقصود بأبناء الله هم أبناء المؤمنين الذين تزوجوا من بنات غير المؤمنين حيث ولدوا أبناءًا من نوعية لها قوة شيطانية)، وفي المروي (صورتهم صورة الآدميين وقلوبهم قلوب الشياطين).

أما القرآن الكريم فيذكر لنا في مجموعة من آياته أسباب الطوفان فيسميها (خطيئة) كما في قوله (مما خطيئاتهم أغرقوا) وبالرجوع إلى آيات القرآن نجد أن لفظة الخطيئة استخدمت لمرتكبي الرذائل. وفي سورة الأنبياء الآية 77 تصف قوم نوح أنهم كانوا قوم سوء، وقد استخدم القرآن هذا التعبير (قوم سوء) في وصفه لمرتكبي الفاحشة من قوم لوط. وفي قوله (وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) يسميهم بالكفار فلم يكونوا ممن أشرك مع الله إلهاً آخر بل اتخذوا غير الله أربابا وقد كانوا يتعاهدون كفرهم جيلا بعد جيل حتى أصبحوا كما تصفهم الآية بأنهم (هم أظلم و أطغى) أي بلغوا أعلى مدى في الظلم والطغيان من غير رجعة.

فالمصادر الثلاثة تتفق على أن قوم نوح تمادوا في ممارسة الفحشاء والرذيلة وأفسدوا في الأرض التي كانوا يسكنونها وصاروا يسفكون دماء بعضهم البعض وما عقوبة الإهلاك بالطوفان إلا لإزالة هذا الجنس الحيواني المفسد وتطهير الأرض منه واستبداله بجنس يحقق وعد الله (إني جاعل في الأرض خليفة).

ثانيا:عالمية دعوة نوح

لم تذكر آيات الذكر المبارك أن الطوفان كان عالميا. نعم، تذكر عظمة الحدث، ولكن لا يمكن من خلال الآيات الإستدلال على شمولية الطوفان لكل الكرة الأرضية لا جغرافيا ولا بشريا. ومع ذلك ذهب الكثير من المفسرين إلى عالمية الطوفان مستدلين بعالمية دعوة نوح لكل من كان على وجه الكرة الارضية.

سنجول بين الآيات لنكشف مجال دعوة نوح (ع) وبالتالي نخلص إلى المجال الجغرافي والبشري الذي عمه الطوفان.

سنقسم الآيات إلى ثلاثة أقسام:

آيات إرسال نوح إلى قومه.

لقد تكررت آية (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه) أربع مرات، وآية (قال يا قوم أرئيتم إن كنت على بينة من ربي)، وآية أخرى (قال ربي إني دعوت قومي ليلا ونهارا). كل هذه الآيات تدل على أن نوحا قد أرسل إلى قومه خاصة وأنه كان يحدث قومه لا غيرهم.

آيات مقارنة قوم نوح مع أقوام الأنبياء الآخرين.

إن تكرار تركيب (قوم نوح) إحدى عشرة مرة في مصاف الأقوام الأخرى اللذين قطنوا منطقة جغرافية محدودة والذين تشابهوا وقوم نوح في تكذيب الآيات، فجرت عليهم السنن الطبيعية وما عذاب الصيحة والخسف إلا لتلك الأقوام المكذبة المخالفة في مناطق سكناهم، لماذا يُستثنَى قوم نوح من هذه القاعدة ويعتبر عذاب الطوفان قد شمل كل الأرض وأن قوم نوح كانوا يسكنون الكرة الأرضية جمعاء. وفي آية أخرى (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح) ولم يقل من بعد العالمين، فاستخلف قوما بقوم لا قوماً بالبشرية كلها، ما يعني أن الحجم الجغرافي والسكاني لقوم هود كونه إحلالا يوازيه.

مقارنة دعوة نوح (ع) مع دعوة الرسول الخاتم (ص).

قال تعالى في خطابه للرسول الخاتم (وما أرسلناك إلا كافة للناس)(وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) أولا تدل هاتان الآيتان على عالمية دعوة الرسول الخاتم، إذاً لماذا لم ترد هكذا آية في شأن دعوة نوح. وفي آية أخرى (لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون) مع أن محمدا بعث في المنطقة التي بعث فيها بقية الأنبياء ورغم ذلك كله يصف من بعث إليهم بأنهم (ما أتاهم من نذير) مايعني أن الأنبياء كلهم بعثوا إلى أقوامهم فقط، ومحمد (ص) الوحيد من بينهم من خوطب ليكون رسولا للعالمين.

بعض الآيات المتفرقة.

هناك من يستدل على شمولية الطوفان بدعاء نوح (ع) (وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديار) بدليل استخدام كلمة الأرض. ولو تتبعنا آيات القرآن لوجدنا أن لفظة الأرض لا تعني دائما كل الأرض كما في قوله (قال اجعلني على خزائن الأرض) وهل ملك يوسف كوكب الأرض؟ أم خزائن غلات قرية زراعية تدعى مصر “مصريم”، فلو شاء القرآن أن يقول بأن الطوفان أهلك من كان على الأرض جميعا لأتى بها صريحة كما في قوله (قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا). وآية أخرى قوله تعالى (قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين) فقد جاء في أحد التفاسير: “فلو كان الطوفان خاصا بصقع من أصقاع الأرض لم يكن حاجة إلى أن يحمل في السفينة من كل جنس من أجناس الحيوان اثنين)، وإذا جمعنا بين آية هود 40 وآيةالمؤمنون 27 لنخلص إلى نتيجة واحدة وهي أنه يا نوح إذا رأيت علامة الطوفان (فوران التنور) فاحمل معك من الحيوانات المستأنسة فقط السهل إدخالها في الفلك (فاسلك) زوجين إثنين فقط لا أكثر”.

فيما تقدم توصلنا إلى نتيجة أن دعوة نوح كانت إلى قومه خاصة وأن قومه محليين سكنوا في منطقة جغرافية محدودة

ثالثا: الناجون والمغرَقون

كما أسلفنا بأن دعوة نوح لم تكن عالمية وأن قومه سكنوا بقعة جغرافية معينة، فإن معرفة الناجين والمغرقين سيعيننا على تحديد مساحة أو جغرافية الطوفان.

قال تعالى (قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وامم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم). وردت هذه الآية حال الإهباط من السفينة بعد رسوها وقد شمل السلام نوحا (ع) وأمماً ممن معه، كما تومئ الآية أن من كان في السفينة ليس نوحاً وأهله وذريته بل هناك من دخل الفلك ممن آمن بدعوة نوح فشمله السلام وممن لم يؤمن ولكن لم يكن من الظالمين فنجي وأهبط، وفي قوله تعالى (ذرية من حملنا مع نوح) وهذه الآية لخير دليل على أن الذي نجي لم تكن ذرية نوح فقط بل ذراري آخرين نجت أيضا، وفي قوله (أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم..) لبرهان آخر على أن بعض الأنبياء من (ذرية من حمل مع نوح). وتوحي الآية أن هناك جماعات (وأمماً) أخرى أيضا غير مؤمنة وهي كثيرة قد نجت من الطوفان سواء لوجود وسائل لديها أو لأنها خارج مجال الحدث المدمر.

أما المغرقون فهم المكذبون من قوم نوح المنذرون الذين كذبوا بآيات الله وظلموا وارتكبوا الفحشاء (إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين).

إذاً الناجون هم من آمن ومن لم يظلم ومن سمع بالطوفان، ومن أُغرق هو من أنذر فظلم وتمادى. أما من لم ينذر فلم يشمله الطوفان وهذا يدلنا على أن الطوفان شمل المنذرين من قوم نوح فقط وربما وصل لبعض المناطق الأخرى المحدودة فنجى كل من أخذ بوسائل السلامة المتاحة المنجية.

رابعا: جغرافية الطوفان

إنه من الأهمية بمكان للتعرف ولاستكشاف ولفهم وتحليل اي حدث تاريخي لا بد لنا بالبدأ بمعرفة جغرافية سكنى أهل الحدث والحدث نفسه، للعلاقة الرحمية بين التاريخ والجغرافيا. فتاريخ أي قوم نجده مدونا في جغرافيتهم منحوتا على صخورهم وعلى جدران أكواخهم ومغاراتهم وما ترك من أغراض عيشهم. وفي آيات القرآن الكثير من هذا النسيج الرحمي المنتظم. ولكي تفهمنا الآية طبيعة حدث تاريخي ما، تشير إلى جغرافية منطقة الحدث، قال تعالى (وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين) أولائك كانوا أصحاب الحجر وهذا يدلنا على أنهم كانوا يعيشون المناطق الجبلية وربما أخذوا درسا من حادثة الطوفان فراحوا يبنون بيوتهم في الجبال طلبا للسلامة.

لم نجد في المصارد الثلاثة إشارة إلى موقع الحدث بل كانت هناك إشارة إلى موقع رسو السفينة. فالأساطير تطلق على موقع الرسو هذا جبل نيشور أو النصير والتوراة تطلق عليه جبل أرارط أما القرآن فيطلق عليه جبل الجودي. ولا واحد من هذه المصادر أشار إلى موقع هذه الجبال. في هذا الشق سنعتمد التفاصيل المذكورة في مصادر البحث الثلاثة وسنرجع إلى المعلومات والحقائق العلمية والتاريخية.

إن إختلاف التسمية لا يعني بالضرورة اختلاف الموقع، فجبال السراة مثلا تسمى جبال شذا، جبال الصنوبر، ونجد هذا المثال منطبقا على اسماء المدن والبلدان. وقد يتغير الإسم بسبب الترجمة وافتقاد اللغات للحروف الحلقية. وسبب آخر قد يكون إضافات المفسر أو الكاتب أو المؤلف لفهمه ولتحليله لما قرأ أو سمع. ذكر اسم جبل (نصير – نيشور) مصحوبا باسم الكوتيين وحسب رواية بيروسس جاء باسم جبل (كرديين) أي جبل الأكراد، أما جبل أرارط الذي جاء ذكره في التوراة فهناك جبل بهذا الإسم في أقصى شرق تركيا ويأخذ بعض مفسري القرآن برواية التوراة في تحديد موقع الجودي، إلا أن هناك من المتأخرين من أثبت وجود هذا الجبل في الجزيرة العربية ك(كمال الدين الصليبي).

إذاً، نحن بين من يقول بأن سفينة نوح رست في العراق فكان الطوفان في تلك المنطقة وبين من يقول بأن السفينة رست في الجزيرة العربية فكان الطوفان في تلك البقعة. ولقد ظن المفسرون الأوائل أن نوحا قد ولد ونشأ وترعرع في العراق لذا استنتجوا أن الطوفان كان في العراق .

سنسوق هنا مجموعة من الأدلة التاريخية والشواهد القرآنية ما يثبت أن نوحا كان من سكنى الجزيرة العربية:

يذكر المؤرخون أن الجزيرة العربية كانت مهبط آدم والأنبياء من بعده ونوح كان أحد هؤلاء الأنبياء وكان يسكن غرب الجزيرة العربية.

لقد سكن خلفاء قوم نوح باليمن والحجاز ونعني قومي عاد وثمود فمن الطبيعي أن يكون المستخلفون قد عاشوا في ذات المناطق ونعني قوم نوح.

كثرة البراكين والحرار غرب الجزيرة العربية، والحرة عبارة عن آثار مقذوفات براكين ثارت إما مرة واحدة أو على فترات فخمدت.

غنى منطقة الربع الخالي بالمياه الأحفورية وهي المياه التي تكونت قبل أكثر من بضعة آلاف من السنين والتي قد يكون سببها الطوفان العظيم بجزيرة العرب.

تؤكد الأسطورة أن جلجامش من سلالة نوح من أبناء منطقة غرب الجزيرة العربية.

مما تقدم تبين لنا أن نوحا وقومه كانوا يسكنون غرب شبه الجزيرة العربية في منطقة قريبة من مكة المكرمة، وبذلك نستنتج أن الطوفان حدث في منطقة سكنى نوح (ع). إذاً، لماذا إختلفت التسميات، لموقع رسو السفينة مع أن الأدلة التاريخية والشواهد القرآنية أثبتت أن الطوفان حدث في الجزيرة العربية؟

جبل نيشور.

“ني” تعني السيدة و”شور” تعني الثور بالسرياني، والثور ذو القرنين يذكرنا ب (شور – باك) أي ثور بكة التي أخذ إليها نوح في خاتمته فالمحصلة هي سيدة بكة / الجبل الخصيب في بكة وذو قرني بكة، حيث أحد قرني (قمتيه) تستقبل شروق الشمس والآخر تستقبل غروبه. وهو نفسه الجبل المزدهر كما دعاه عرب وادي النيل وهو الجبل الذي أخذ إليه أتونفشتيم ودخل الخالدين.

جبل أرارط.

وهو الإسم الذي ذكر في التوراة، وحسب الباحث كمال الدين الصليبي فإنه يرى أن منطقة الطوفان كانت في وادي نجران حيث كانت تسكن قبيلة نوح (ع) فاستقرت السفينة على مرتفعات جبل طويق في أواسط الجزيرة العربية، والتي كانت كما يقول البعض تسمى أرارط. وهناك رأي آخر يرى أن جبل أرارات هو أرتا وجبل أرتا هو جبل النور وفيه المعبد والمزار القصي الذي أنزل من السماء وهو الجبل المقدس الذي رحل إليه لوكال بندا جد جلجامش، لكن الكلمة مكونة من شقين، “أر”-“أرات” وأرى أي أشتعل، إتقد، فهو الجبل البركاني، جبل النار المتوقد.

الجودي.

اسم أشتق من معناه ونعني لفظة (جدة) وهي ساحل البحر، واستقي الجودي، لذلك سمي بالجبل الساحلي. ومن المعاني الأخرى ل (جدة) الطريقة والعالمة، وهي مفرد جدد والتي هي جبال مميزة، عبر عنها القرآن بأنها جبال مميزة ذات ألوان مختلفة فيها خطوط وطرائق بيض وحمر وأخرى سوداء داكنة وتلك هي صفة الجبال الممتدة بمحاذاة ساحل البحر الأحمر وتحاذيه محاذاة شديدة الإنتظام من مكة حتى عدن. ومن المؤرخين من يرى أن الجودي بالجزيرة وفيه (التنور): (أما جبل الجودي فالكلمة في القاموس الكلداني من جدا، جوديا أي شب، علا، ارتفع، أصعد وهذا يذكرنا بالتنور الذي فار بالعذاب، وتؤكد المصادر العربية أن هذه الفوهة هي التي تفجرت بالمياه زمن الطوفان، وكان فورانها علامة على بدء الطوفان. وكلمة التنور مركبة في العربية القديمة من كلمتين: “تن” وتعني أتون و”نور” وتعني نار فيصبح معنى (التنور) أتون النار. وفي التوراة (وانفتحت طاقات السماء) وقد ترجمت طاقات بالإنجليزية إلى (CHIMNEY) وتعني المدخنة التي تستخدم لتصريف الدخان، وهي صورة قريبة جدا من اللفظ القرآني (التنور).

مما تقدم نستنتج أن الجبل الذي استقرت عليه سفينة نوح هو نتوء جبلي يقع ضمن جبال السراة غرب الجزيرة العربية التي عرفت بأسماء متعددة وهو ليس جبلا واحدا وإنما سلسة من الجبال، ومن أحد فوهاته فارت المياه التي كانت علامة على بداية الطوفان.

خامسا :الأسباب الطبيعية للطوفان

لقد أثبتنا سلفا أن نوحا كان يسكن في غرب الجزيرة العربية وأن الطوفان كان في منطقة سكنى نوح. كما أن هذا الطوفان خلف آثاراً كارثية مدمرة للمنطقة من حيث القحط وجفاف الآبار وذهاب الزرع وتغير في جغرافية المنطقة.

سنورد هنا ثلاث نظريات تحدثت عن السبب الطبيعي للطوفان.

فيضان الأنهار

ينقسم أصحاب هذه النظرية إلى قسم يقول بمحدودية الطوفان وآخر بعالميته. وكلاهما يتفقان على أن نوحا كان من سكنى الكوفة والطوفان بدأ من العراق واستوت السفينة على جبل أرارط في تركيا. أما القائلون بمحدودية الطوفان فإنهم يرون أن ذوبان الجليد من على جبال الأناضول التركية أدى إلى إرتفاع منسوب مياه الأنهار ومن ثم حدث الطوفان الذي أدى بأن يندفع نوح من العراق حتى الحجاز ويعود مرة أخرى حتى يستوي على جبال أرارط في تركيا.

هذا الرأي لا يصمد، لأن طوفانا كهذا يحتاج إلى كمية عارمة من المياه ورياح قوية، وهذا لا يمكن أن يحدث لأن ارتفاع جبال الأناضول يصل إلى خمسة آلاف ومئة متر مهما كان انخفاض مستوى الأراضي العراقية.

أما القائلون بعالمية الطوفان فيقولون بشمول الطوفان كل الكرة الأرضية وإبادته لكل شيئ وإثبات خلق جديد مضافا إلى نوح و أهله يستخلفون في العراق موقع رسو السفينة. لقد أكتشفت آثار وحفريات لها حضارة تمتد إلى خمسة آلاف سنة قبل الميلاد أي بألفي سنة قبل الطوفان وهذا يكفي لدحض فكرة عالمية الطوفان الكارثي المدمر وكما يدحض نظرية أن يكون الطوفان قد حدث في العراق.

الطوفان بسبب الأمطار

وهذا الرأي يقول بأن الأمطار بكمياتها العالية أحدثت سيلا طوفانيا أدى إلى تحرك نوح وأهله من غرب الجزيرة العربية إلى مرتفعات أرارط أواسط الجزيرة العربية. وهذا الرأي أقرب إلى موقع الطوفان ولكنه لم يعلل أسباب الطوفان.

الطوفان بسبب المياه الجوفية

ذكر هذا الرأي إلى أنه مع بداية العصر الدفيئ الحالي في حوال 14000 قبل الميلاد بدأت كتل الجليد التي كانت تغطي حتى أواسط فرنسا بسمك مئات الأمتار بالذوبان تدريجيا، مما أدى في حوالي 5000 – 4000 قبل الميلاد إلى ارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات قرابة 200 م. لقد تقدمت مياه بحر العرب نتيجة لذلك، وخلال عشرة آلاف سنة، لتغطي منطقة ما يدعى اليوم بالخليج العربي. كما اندفعت في صدع منطقة البحر الأحمر الهائل لتملأه ولتحدث ضغطاً هائلاً على جدران القشرة الأرضية المحيطة بالمياه الجوفية في جزيرة العرب من الجانبين، مما أحدث التواءات واهتزازات وزلازل أعقبتها تفجرات كبيرة للمياه المنضغطة، فتفجرت بالمياه من كل الفوهات والمنافذ محدثة ذلك الطوفان العظيم.

ونحن نؤيد هذا الرأي لأنه يأخذ في عين الإعتبار التغيرات المناخية والجغرافية التي تطرأ على الكرة الأرضية، وكيف أثرت هذه التغيرات على منطقة الجزيرة العربية بحيث حولتها لصحراء قاحلة، كما أنها تفسر سبب نزوح شعوب المنطقة إلى جنوب العراق حاملين معهم ثقافتهم ولغاتهم وتاريخهم والحوادث التي مروا بها كما أنها أقرب وصف للوصف القرآني الذي يقول (ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر *وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر).

ولكن كيف حدث الطوفان؟

فار التنور

فوران التنور كان علامة بدء الطوفان العظيم. والتنور هنا أحد الجبال البركانية في سلسلة جبال السراة، ولقد استخدم القرآن لفظة التنور ليؤكد أن الذي اندفع كان ماء وليس نيرانا، وعن علي(ع): كل مفجر ماء تنور.

ففتحنا ابواب السماء بماء منهر

أول ما يتبادر إلى الذهن هو صورة الأمطار الغزيرة تنهمر من السماء، ولكننا دحضنا فكرة أن تكون الأمطار السبب الطبيعي للطوفان. وكما يقولون، علامة الشيئ دليله، ففوران التنور بالمياه يعني أن مياه الطوفان كانت من الأرض. وما آية (قيل يا أرض أبلعي ماءك ويا سماء أقلعي) إلا دليل على أن الماء المنهمر كان من الأرض وشرط إقلاع السماء هو بلع الأرض لمائها.

لنعود ونبحث عن معاني لفظة سماء. كل ما سما وعلا، وأيضاً ظهر الفرس، ومسكن الأرواح الأبرار. ولو ركزنا على المعنى الأخير “مسكن الأبرار” وتذكرنا جنة آدم وبيت الألهة، المغارة المقدسة وهي كلها اسماء للجنة الأرضية المخبوءة تحت جبال السراة لوجدنا أن أقرب معنى لأبواب السماء هنا هو الفوهات التي فارت منها مياه الطوفان.

نعود ونرسم الصورة: تصاعدت وتيرة الضغط على جانبي الجزيرة العربية، إنفجر التنور، وفارت المياه، وبدأت التشققات الأرضية والتقت مياه الفوهات من أعالي الجبال (السماء) مع المياه الخارجة من تشققات القشرة الأرضية مكونة هذا الطوفان العظيم.

ونجد في الأسطورة :

ثم كالماء المندفع هاربا من السد (فار التنور)

ارتفع المطر مندفعا نحو الأسفل (ففتحنا أبوب السماء)

وخرج الماء من الأسفل.

وفي التوراة :

تصبح العبارة بالفصحى (وما بين الأقواس مجرد روابط للكلام)

(في) سادس مائة سنة لحياة نوح، (في) ثاني حدث (أي شهر)، (في) سابع عشر يوم الحدث (أي الشهر)، حدث (في ذلك ال) يوم (أن) كل مياه رب التهوم (سيد الأعماق) فقعت، وانفجرت غروب (دلو) السماء.

أما النهاية فكانت أن أمر الله الأرض أن تبلع ماءها وأمر السماء أن تقلع.

هكذا تكتمل الصورة من الأسطورة والتوراة والقرآن الكريم لتؤكد على أن المياه التي أغرقت منطقة الحدث لم تكن أمطارا بل مياه جوفية اندفعت من الجبال البركانية وفجرت الأرض فالتقى الماء المنهمر من السماء بالماء المتفجر من الأرض ليغرقوا كل الآثمين في تلك المنطقة وينجى نوح وأهله وذريته ومن معه في الفلك المشحون.

آراء المفسّرين

سنتناول هنا بعض آراء مفسري القرآن وكيف أنهم خلصوا إلى أن طوفان نوح كان عالميا.

أوّلاً: مناقشة آراء مفسري القرآن الكريم.

عالمية رسالة أولي العزم.

إعتمد صاحب الميزان في حجته على عالمية طوفان نوح أنه كان أحد أنبياء أولي العزم، وسنتناول بعض تفسيراته بالنقد العلمي.

جاء في تفسير الآية (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه) والمراد من قومه أمته وأهل عصره عامة.

بالرجوع إلى قاعدة اللاترادف في القرآن الكريم، فإن قومه تعني قومه وأمته تعني أمته فقومه لا تعني بأي شكل من الأشكال أمته. وإذا أخذنا بهذا التفسير فإن دعوة هود وصالح وشعيب ولوط كانت أيضاً عالمية.

استشهد صاحب الميزان بحديث الإمام الرضا(ع): (إن أولي العزم من الأنبياء خمسة لكل منهم شرعة وكتاب ونبوتهم عامة لجميع من سواهم نبيا أو غير نبي). كدليل على عموم دعوة نوح، وقد أغفل قول خاتم الرسل(ص): (وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة) وما هذا الحديث إلا دليل على تفرد دعوة الرسول الخاتم بالعالمية دون سواها من دعوات الأنبياء الخاصة بأقوامهم. وبالرجوع إلى قول الرضا(ع) فواضح أنه يقول بأن لكل منهم شريعة وكتاباً أي أن أحكام الحلال والحرام والعبادات والمعاملات كل منها جاء إلى قومه خاصة، أما قوله بأن (نبوتهم عامة) فهذا صحيح لأن النبوة تعني القوانين الكونية والسنن الإلهية وهي العلوم والمعارف التي أتي بها الأنبياء.

أما قوله عن نوح بأنه الأب الثاني للنسل الحاضر من الإنسان فتلك حقيقة لا غبار عليها ولكن لا بمعنى أنه إليه ينتهي أنسالهم والجميع ذريته، فكما أثبتنا مسبقا بأن ذرية الأنبياء من بعد نوح منها من حمل مع نوحاً في الفلك كما ذراري أخرى فإن نوح هو من حمى النسل الإنساني وحافظ على نقائه فلولاه لما عاد هناك نظام أسري ولعادوا لارتكاب الفاحشة وسفك الدماء.

وفار التنور.

يقول القرطبي في معنى وفار التنور: (أختلف في التنور على أقوال سبعة، أنه وجه الأرض، وأنه تنور الخبز الذي يخبز به، وأنه موضع اجتماع الماء في السفينة، وأنه طلوع الفجر ونور الصباح، وأنه مسجد الكوفة، وأنه أعالي الأرض، وأنه العين التي بالجزيرة. وهذه الأقوال ليست بمتناقضة، لأن الله عز وجل أخبرنا أن الماء جاء من السماء والأرض. وقيل معنى فار التنور التمثيل لحضور العذاب.)

التعليق:

قوله رحمه الله أن كل هذه المعاني ليست بمتناقضة فهذا كله يسقط، أما قاعدة اللاترادف أو التوصل إلى عدم تناقضها، لأننا أخبرنا بأن الماء جاء من السماء والأرض، فهو كلام غير مترابط وغير منطقي.
كذلك في قوله: (معنى (فار التنور) التمثيل لحضور العذاب) يوحي للقارئ أن التنور ليس علامة حقيقية على بدء الطوفان، ما هو إلا تمثيل، مع أن الآيات واضحة على أن من هذه العلامة تبدأ ساعة الصفر فيأتي الأمر الإلهي لنوح(ع) بأن يحمل معه من كل زوجين اثنين: (فإذا جاء أمرنا وفار التنورُ فاسلك فيها مِن كل زوجين اثنين وأهلك) (المؤمنون: 27)

أمم ممن معك

جاء في تفسير القرطبي للآية (قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أممٍ ممن معك وأممٌ سنُمتعهم ثم يمسهم منا عذابٌ أليمٌ)(هود:48): (“وعلى أمم ممن معك” قيل: دخل في هذا كل مؤمن إلى يوم القيامة. ودخل في قوله “وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم” كل كافر إلى يوم القيامة، روي ذلك عن محمد بن كعب. والتقدير على هذا: وعلى (ذرية) أمم ممن معك، و(ذرية) أمم سنمتعهم … “وأمم سنمتعهم” ارتفع و”أمم” على معنى وتكون أمم … وأجاز الفراء في غير القراءة وأمما، وتقديره: ونمتع أمما).

لقد قدر المفسر كلمة (ذرية) فاستُبدلت (أمم ممن معك) بــــــ(ذرية أمم ممن معك)، و(أمم سنمتعهم) بـــ(ذرية أمم سنمتعهم) وذلك ليوافق كلام الله التفسير الذي نقله عن محمد بن كعب، فيكون تفسير القرآن تابعاً لفهم المفسر أو لأقوال المتقدمين لا العكس، وبما أن المفسر كان محكوماً بالإعتقاد السائد بأن الطوفان أهلك البشرية كلها، فكان لابد من تقدير محذوف في الآية ليأتي المعنى متفقاً مع الفهم السائد، لأن الآية بلا تقدير (ذرية) تثبت أن هناك أمماً نجت من الطوفان ما اضطره لإضافة هذا التقدير ولي المعنى ليهرب من المعنى الواضح للآية بأن هناك أمماً ممن نجا مع نوح من المؤمنين ومن غيرهم. وكذلك قدر المفسر كلمه (تكون) قبل (وأمم سنمتعهم) لتصبح الآية (وتكون أمم سنمتعهم) ليثبت هذا المعنى مع أنه لو اعتبرها جملة مستأنفة فتصبح (أمم) مبتدأ فتُفهم الآية كما هي لا كما يُراد لها أن تُفهم، أو كما هي في ذهن المفسر.

تلك ثلاثة أمثلة فقط من بعض آراء المفسرين تم مناقشتها للتعرف على الأسباب التي أدت إلى الفهم الخاطئ لمجموعة كبيرة من الآيات القرآنية الكريمة فتبين لنا أن معظم هذه الآراء تأثرت بما جاء في التوراة أو نقل عن أهل الكتاب وما تعارف على تسميته بالإسرائيليات فكانت النتيجة أن فسر القرآن متأثرا بالتزوير اليهودي للحقائق، فكانت تلك نقطة الإنحراف الأولى. ويكمن الداء في رأينا في الجزم بصحة الرأي بحيث يختم على عقل القارىء فيعيقه عن مساءلة ما يقرآ. مع أن السنوات قد تقادمت وآليات البحث العلمي والتطور المعرفي قد تنامت وتزايدت وتعالت جودة عملها، ما شكل بعضها مفتاحاً لفهم بعض أسرار آيات القرآن الكريم، إلا أن لغة الجزم في التفسير جعلت من مقالهم مقدسا يصعب المساس به فنرى تفسير المتأخرين لا يختلف عما جاء به المتقدمون في القرن الماضي. وهذا لا يبرىء أفراد الأمة ولا يبرر لها تعطيل عقلها على مدى عقود طويلة والحجر عليه وحرمانه من المناقشة والسؤال والبحث. كما أن تفسير القرآن على مدى عقود طويلة بلا قواعد ثابتة ونظام دقيق يحكمه ويحفظ له خصوصيته ويؤكد على حاكميته ومرجعيته، أفسح المجال لهيمنة آراء المفسرين على مراد الآية القرآنية الكريمة، فحملت الآيات الكريمة عقيدة المفسرين المسبقة أو فهمهم المتأثر بآراء أهل الكتاب فاستدرجوا إلى الأخذ بالنظرية اليهودية التي ادعت أن السلالات كلها بدأت من أبناء نوح، وأضطروا أن يحوروا معاني كل تلك الآيات ذات العلاقة بحيث يصلون إلى تلك النتيجة.

ثانيا :مناقشة آراء مفسري التوراة

إنقسم مفسروا التوراة –يهود ومسيحيون- إلى فئتين، فئة تؤمن بعالمية الطوفان تدينا وإيمانا بحرفية التوراة وآخرون لمآرب خاصة. وفئة تؤمن بمحدودية الطوفان بسبب آرائها وقناعتها العلمية. وإن من أكثر الأدلة التي يستند عليها معتنقوا نظرية عالمية الطوفان هي: أن نوحا حمل معه من جميع الحيوانات الموجودة على وجه الأرض لبقاء نسلها، وقد ذكر ذلك بصيغ مختلفة توحي بأن كل أنواع الحيوانات التي كانت موجودة في انحاء المعمورة ركبت مع نوح في السفينة.

كما أنهم يعتقدون بأن المياه غمرت الأرض حتى أعلى جبل فيها وأن حجم السفينة وطريقة بنائها كان لمواجهة حدث عالمي لا مجرد طوفان محلي. سنسوق هنا بعض الأدلة التي تثبت عدم شمولية الطوفان:

يعتقد بعض مفسري التوراة أن الأرض كانت قبل الطوفان مستوية بلا جبال وبلا بحار وهذا الرأي يناقض بكل وضوح نص التوراة (…. فتغطت جميع الجبال الشامخة التي تحت كل سماء)

إن جبال أرارت، التي يدعي اليهود أن السفينة استقرت عليها – من الجبال البركانيه والتي تحتاج لتكونها لفترات تصل حتى 30 مليون سنة، فمتى تكون هذا الجبل الذي استقرت عليه السفينة؟ مع العلم أن ارتفاعه يبلغ 5,100 متراً.

يذكر إبن خلدون في تاريخه أن الفرس والهند لايعرفون الطوفان مع العلم أن موقعهم الجغرافي لايبعد كثيراً عن موقع الحدث بناء على فرضية أنه كان في الجزيرة العربية، أما على رأي من يقول أنه كان في العراق فهذا يؤكد فرضية محدودية الطوفان إذ كيف يعم الطوفان الأرض كلها ولايسمع به أقرب جيران المنطقه المنكوبة.

يقسم السومريون في جداولهم – شجرة عائلة الحكم – الملوك إلى ملوك قبل الطوفان وملوك مابعد الطوفان، فعلى هذا لو كان الطوفان عالمياً ماذا كانت الحاجة لملوك مابعد الطوفان ولماذا لم يكونوا ذرية نوح هم الملوك لو أن الطوفان كان عالمياً. وماهذه الجداول إلا دليل آخر على محلية طوفان نوح(ع).

الخاتمة

قرأنا حادثه الطوفان من مصادرها التراثية فوجدنا أنها تتشابه في الكثير من التفاصيل وتتفق على أن الطوفان كان محلياً، وأنه كان في غرب شبه الجزيرة العربية حيث موطن قوم نوح(ع)، وقد حدث في حوالي 3000 ق.م. نتيجة لارتفاع منسوب المياه بسبب ذوبان الجليد الذي أدى إلى زيادة الضغط على المياه الجوفية المخزونة تحت الدرع العربي، فانفجرت فوهات جبال السراة البركانية بماء منهمر، وتفجرت الأرض عيوناً فأغرق قسماً كبيراً من تلك المنطقة، وقضى على البشر الهمج والخطاة فيها، ونجا نوح (ع) ومن معه من ذريته، وأهله وآخرون من غير الظالمين والكافرين. اتفقت المصادر على موقع الطوفان، وكيفيته، وأسبابه، وغيرها من التفاصيل، بينما شدت مدونات التوراة بتفردها بإضافه جئ بها في نهاية الحادثة فنسبوا إلى النبي نوح(ع) السكر والتعري ولُعن كنعان ظلماً ليحققوا أغراضاً خاصه ذات علاقة بخلافهم مع الكنعانيين، ثم استُغلت تلك الإضافة لوضع بذرة التمييز العنصري والتأسيس للنظرية السامية، فادعى اليهود- الذين يرجع نسب أكثر من 90% منهم إلى الخزر- أنهم هم (الساميون) رغم أن عشيرة بني إسرائيل – التي يرجع نسبها إلى سام بن نوح- لاتزيد على واحد من ألف من منتسبي السامية!!

هذا ملخص ما استنتج من قراءة النصوص، ولكن ما أدهشنا حقاً هو التناقض بين ما جاء في مصادر التراث بشأن محدودية الطوفان وبين الإعتقاد السائد في أوساط الأمة بعالمية الطوفان على اختلاف مستوياتهم العلمية وثقافتهم وأديانهم، فكان لابد من البحث لمعرفة الأسباب التي أدت إلى هذا الإعتقاد رغم لا معقوليته فتبين أن ما أوهم عموم الناس بعالمية الطوفان هو ما ذهب إليه مفسرو التوراة أولاً، ومن ثم تأثر الكثيرين من مفسري القرآن الكريم بالإسرائيليات وبمرويات أهل الكتاب ثانياً.

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

عصى آدم..الحقيقة دون قناع
  • معصية آدم، نموذج لمفردة في البناء المعرفي! وحلها سيعيد لإنساننا خارطة نفسه وهويته الضائعة وهدف وجوده
  • معرفة هذه الحقيقة صدمة تعيد الوعي، نعقد بها مصالحة بين التراث والمستقبل لنعيش لحظة الحاضر بيقظة أننا على جسر التحول الإنساني، الذي بدأ في الأرض بالإنسان الهمج ليختتم بالخليفة "الإنسان الإنسان"
مسخ الصورة..سرقة وتحريف تراث الأمة
  • أخذت الحركة الصهيونية على عاتقها غرس دولة لليهود في خاصرة الأمة فزوروا التاريخ العربي ونسبوه لليهود
  • اختلقوا لغة بسرقة إحدى اللهجات القبلية العربية البائدة وأسموها اللغة العبرية
  • أقحم الدين والتاريخ للسيطرة على عقول الناس ونقلت رحلات الأنبياء من مواقعها ليأسسو لاحتلال فلسطين فساهم هذا التزوير في مسخ صورة العربي والمسلم في الثقافة الغربية
مفاتيح القرآن و العقل
  • إذا كان كلام الله واحداً ودقيقاً، كيف حصل له مائة تفسير؟
  • ماذا لو كانت أمتنا تقرأه وتترجمه معكوساً، كلبسها إسلامها مقلوباً؟
  • أصحيح هذا "المجاز" و"التقديرات"،و"النسخ" و"التأويل" و"القراءات"؟
  • هل نحن أحرار في قراءة القرآن وتدبره أم على عقولنا أقفال؟
نداء السراة..اختطاف جغرافيا الأنبياء
  • ماذا يحدث عندما تغيب حضارة عريقة
  • هل تموت الحقيقة أم تتوارى عن الأنظار لتعود .. ولو بعد حين؟
  • هل تقبل بلاد وادي النيل بعودة حضارة القبط الغريبة؟
  • هل تقبل نجد بعودة موطن آباء الخليل إبراهيم وبنيه إسحاق ويعقوب؟
الخلق الأول..كما بدأكم تعودون
  • إن البشر الأوائل خرجوا قبل مئات آلاف السنين من "قوالب" الطين كباراً بالغين تماماً كالبعث
  • جاء آدم في مرحلة متأخرة جداً من سلالة أولئك البشر اللاواعي، فتم إعادة تخليقه في الجنة الأرضية ونفخ الروح فيه
  • آدم أبو الناس ليس هو آدم الرسول الذي أعقبه بمئات القرون
الأسطورة..توثيق حضاري
  • الأساطير وقائع أحداث حصلت إما من صنع الإنسان، أو من صنع الطبيعة، أو من صنع السماء
  • لكل اسطورة قيمة ودلالة وجوهراً وتكمن فيها أسرار ومعاني بحاجة إلى إدراك وفهم
  • من الضروري العودة إلى اللغة العربية القديمة بلهجاتها المختلفة لفك رموز الأساطير التي غيب الكثير من مرادها ومغازيها
التوحيد..عقيدة الأمة منذ آدم
  • لو أنا أعدنا قراءة تراثنا بتجرد لأدركنا حقيقة اليد الربانية التي امتدت لإعداة الانسان منذ خطواته الأولى على الأرض بما خطت له من الهدى
  • التوحيد منذ أن بدأ بآدم استمر في بنيه يخبو حيناً ويزهو حيناً آخر، ولكنه لم ينطفئ
بين آدمين..آدم الإنسان وآدم الرسول
  • هل هما (آدمان) أم (آدم) واحد؟
  • من هو (آدم الانسان) الأول الذي عصى؟
  • من (آدم الرسول) الذي لا يعصي؟
  • ماهي شريعة (عشتار) وارتباطها بسقوط آدم الأول حين قارب شجرة المعصية؟
طوفان نوح..بين الحقيقة و الأوهام
  • ما قاله رجال الدين والمفسرون أعاجيب لا يقبلها المنطق ولا العقل السليم في محاولتهم لإثبات عالمية الطوفان
  • استثمر المستنفعون من اليهود هذه القضية ليبتدعوا القضية السامية ويرجعوا نسبهم إلى سام بن نوح (ع)
  • قضية طوفان نوح (ع) لا تكشف التزوير اليهودي فحسب، بل تضع يدها على موضع الداء في ثقافة هذه الأمة