استضافت جمعية التجديد الثقافية الدكتورة هبة رؤوف عزت الأكاديمية والباحثة في الفكر الإسلامي وذلك في ندوة بعنوان “الإسلام والدولة المدنيّة” قالت فيها “نحن نريد أن نستعيد ليس شكل الدولة المدنية التي كانت موجودة في عصر الرسول وإنما منطق الدولة المدنيّة التي كانت في عصره، المنطق الذي يمكن أن يتجلى في مؤسسات وأشكال بالغة التنوع تأتينا على حسب طبيعة الاجتماع البشري والإنساني”.
وأكّدت د.عزت أننا “عندما نتطرق للدولة أو أي مفهوم في الإطار الإسلامي لابد أن نعود إلى القرآن لأنه منبع المفاهيم الإسلامية، ويلفت النظر أن لفظ ومفهوم الدولة والسياسة ليست من المفاهيم القرآنية مبدئيًا، وهذا لا يعني أنه ليس هناك رؤية لعلاقات القوى وإدارتها أو رؤية لإدارة للسلطة والقيم الحاكمة لها”.
وأشارت د. عزت إلى مفهوم السلطة أو الحكم في الإسلام قائلة أنه “ورد في القرآن مقترناً بالعدل والحكم والمنهج الواضح، وبتجليات لفظية مثل (أولو الأمر) وهو معنى واسع جدًا. أولاً هو جماعي بمعنى أنه ليس هناك فرد يستقل بالحكم، وهكذا فإن أحد الأمور التي ممكن أن تثار بشأن ولاية المرأة الكبرى أننا أيضاً يمكن أن نتجه في تصورنا للسلطة في الإسلام إلى أن يكون الحكم جماعي، فتكون الولاية الكبرى هي وظيفة أو مهمة شرفية كمن يملك ولا يحكم”.
وألقت الدكتورة بعض الضوء على ما أسمته “مشكلات حقيقية في التفكير بشأن الدولة والسياسة والسلطة في الواقع الراهن في العالم العربي والإسلامي”، وقالت بأن “هناك اختلاف بيّن في المفاهيم نحتاج أن نتعامل معه ليس فقط مفاهيمنا نحن الإسلامية، وتساءلت هل من المفيد دائمًا استدعاء مفاهيمنا الإسلامية، أم أن نوجد طبقات من المعنى بمعنى أننا عندما نتحدث عن الرعيّة فننتقل إلى فكرة المواطنة، ثم ننتقل إلى فكرة المواطنة بمستوياتها، ثم ننتقل إلى فكرة المواطنة العالميّة من المنظور الإسلامي لأن الفرد المسلم هو شهيد على العالمين”.
وبيّنت د. عزت “هناك من رأى أن هناك نكوصًا في الفكر الإسلامي بشأن الدولة والنهضة، ففي حين كنا نتحدث عن النهضة في أخريات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين أصبح الهم الأساسي هو الهوية في القرن العشرين، يعني انحصر التفكير من بناء تصور للجامعة الإسلامية الذي قال به جمال الدين الأفغاني وآخرون إلى فكرة التترُّس وراء حماية الهوية بالمعنى الضيق وكأننا نريد أن نضع الحدود والقيود كي نحمي أنفسنا، وتحولنا من تقديم تصورات للنهضة الإسلامية إلى فكرة الدفاع عما بقي من هويتنا ورؤيتنا”.
وقالت د. عزت “المشكلة في ظني رغم أن الخطاب الإسلامي في مراحل مختلفة زعم أنه يفاصل ويناقض ويعارض الخطابات التغريبية إلا أنه وقع في أسر هذه الدولة الحاكمة والمهيمنة وقال لو أننا فقط أسلمنا هذه الدولة ستكون الأمور على ما يرام”.