نظّمت جمعية التجديد الثقافية مساء الأمس الأحد السادس من يونيو 2010م، ندوةً بعنوان “دور المجتمع المدني في تعزيز مبادئ حقوق الإنسان” The Role of Civil قدّمها السيد جو ستورك Joe Stork نائب رئيس دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة (هيومان رايتس ووتش Human Rights Watch )، وذلك بمقر جمعية التجديد الثقافية.
وأشار السيد ستورك إلى أن حقوق الإنسان يمكن اعتبارها غير سياسية بسبب طبيعتها الحاكمة على كل التيّارات والجهات، ويمكن اعتبارها سياسية في الوقت نفسه بسبب حاجتها لدور السياسيين والدولة في التشريع لحقوق الإنسان، ثم قام باستعراض تاريخ تطوّر الاتفاقيات والمواثيق الدوليّة بعد الحرب العالمية الثانية.
وأشار ستورك لدور المجتمع المدني في تطوير هذه المواثيق، فمؤسسات المجتمع المدني هي القوى الضاغطة على الأمم والحكومات لوضع وصياغة هذه القوانين الحقوقية التي تصنعها الدول بجهود تلك المؤسسات. كما تطرق السيد ستورك لتاريخ عدد من المنظمات الحقوقية التي نشأت بعد تاريخ دموي طويل وتاريخ من الصراعات التي انتهكت حقوق البشرية، ومنها منظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان وغيرها.
وشّدد السيد ستورك على الدور المحوري للدولة في هذا الشأن وهو حماية حقوق الإنسان عبر وضع التشريعات اللازمة لحماية حقوق الإنسان. ورفض السيد جو ستورك تصنيف المجتمع بطريقة حِدّيّة وتعميمية تضع الحكومات في الخانة السيئة بالمطلق والمجتمع المدني في الخانة الجيدة بالمطلق، قائلاً أنها نظرة خاطئة وغير صحيحة ولا يمكن لهذه المقاربة أن تطوّر الوضع وتطور العلاقة بين كافة الأطراف.
من جانب آخر تناول السيد ستورك عدداً من الأمثلة للدول في المنطقة العربية، كالعراق التي تشهد انهيارا للمجتمع المدني مقابل بروز ظاهرة جديدة وهي المؤسسات المدنية القائمة على العشائرية والإثنية والدينية. فانتقلت البنية المدنية بهذا من الايدولوجيا السياسية إلى بنية قائمة على التقسيم العرقي والمذهبي والعشائري. ويرى ستورك أن الدول التي تعمل بصورة أفضل من ناحية حريات المجتمع المدني في المنطقة هما لبنان وإسرائيل. إلا أن نقطة الضعف اللبنانية هي في ضعف الدولة قبال مجتمع مدني قوي، أما في إسرائيل فقد بقي الصراع العربي الإسرائيلي مهيمناً وعلامة بارزة ربّما هيمنت على قوّة المجتمع المدني فيها.
وفي معرض وصفه للعلاقة ما بين الاستقرار السياسي وقوة المجتمع المدني أكّد السيد ستورك أنه دون اطلاق الحريات لمؤسسات المجتمع المدني فإنّ السلم والاستقرار السياسي هو عملية صعبة. وكان السيد ستورك قد عرّف حقوق الإنسان في مستهل حديثه قائلاً أنها ليست فقط الحقوق المتعارف عليها فهناك حقوق الحياة وحق عدم الإيذاء والتعرض للعنف، والحقوق المدنية، والسياسية، وحرية التعبير، والحقوق الاقتصادية، وحقوق الحياة الكريمة من صحة وتعليم وغيرها.
وشهدت الندوة عدداً من المناقشات التي عبّر خلالها المشاركون عن هواجسهم بشأن مستقبل حقوق الإنسان في الدول العربية، ودور وزارات التربية والتعليم في المنطقة في تعزيز حقوق الإنسان، وكيفية نشر مبادئ حقوق الإنسان دون عنف.
وطرح السيد ستورك رأيه بشأن الأولويات الرئيسية لمؤسسات المجتمع المدني في العالم العربي. وبشأن قافلة أسطول الحرية وافق السيد ستورك رأياً تقدّم به أحد المداخلين الذي أشار إلى ظهور “نموذج جديد” من التناغم بين الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني مع تحرك أسطول الحرية، وذُكر مثال تبنّي الحكومة التركية لتحركّات المجتمع المدني لديها في سعيهم الحقوقي لدعم شعب غزّة.