أقامت جمعية التجديد الثقافية على هامش ورشة “الإسلام والديمقراطية” ندوة حوارية حملت عنوان “الديمقراطية ونظام الحكم في الإسلام” بمشاركة كل من الدكتور رضوان المصمودي رئيس مركز دراسة الإسلام والديمقراطية في واشنطن، والدكتور توفيق آل سيف الباحث والمفكر السعودي، والأستاذ عيسى الشارقي الباحث والمفكر البحريني، وذلك مساء الأربعاء الموافق 21-1-2009 م في مقر جمعية التجديد الثقافية الكائن بالسلمانيّة.
وتركّز عرض د. رضوان المصمودي حول محور الديمقراطية والإسلام أين تكمن العقدة، قال فيه “أن الإسلام كأي دين من الأديان السماوية يمكن أن يؤّول بطرق مختلفة، منها التأويلات التي تبيح أو تسمح بالاستبداد وترجّح السمع والطاعة للحاكم الجائر على أساس الحفاظ على الأمن والوحدة وتجنب الفتن، ولكن منها أيضاً التأويلات التي تركز على حقّ الأمة في اختيار من يحكمها أو ينوبها وأيضاً حقها في محاسبته على كل ما يقوم به وخاصّة تصرفه في المال العام وإقامة العدل بين الناس”.
وأشار د. المصمودي إلى “إنه من المستحيل لمبادئ وقيم الديمقراطية أن تترسخ وتتجذر في ثقافتنا وفكرنا العربي وخاصة لدى عامة الناس ما لم يقتنع غالبية الناس أن هذه القيم والمبادئ ليس فقط لا تتناقض مع الإسلام بل هي متجذّرة في صميم عقيدتنا وقيمنا”.
وقال في سياق النقد للعلمانيين والإسلاميين “يخطئ العلمانيون والديمقراطيون إذا ظنّوا أنه بإمكانهم تجاهل أو إنكار أهمية الإسلام ليس فقط كطقوس وعبادات ولكن أيضاً كنظام حياة وعقيدة وشريعة بالنسبة لأغلبية العرب والمسلمين، فالعلمانية الصحيحة لا تتجاهل الدين أو تغفل عن أهميته”، وتابع مضيفا “كما يخطئ الإسلاميون عندما يرددون مقولات واجتهادات قديمة وغير صالحة لهذا الزمان والمكان الذي نعيش فيه بدون محاولة جادّة لتطوير فهم واجتهاد جديد يسمح بمعالجة جذرية لمعضلة الاستبداد وبتطوير مجتمع انساني عادل ومتكافئ”.
أما د. توفيق آل سيف فتحدث في محور تحديات تطبيق الديمقراطية في العالم العربي، وافترض في مقدمة عرضه ثلاث نظريات وصفها بالضرورية لتلافي الانشغال بالنقاش فيما هو سابق لها، وأولها أن النظام الديمقراطي هو أصلح النماذج المتوفرة لإدراة النظام السياسي في بلداننا، وثانيها أننا قادرون على صوغ نموذج للحكم يلبي القواعد الأساسية للنظام الديمقراطي ويتناسب مع قيمنا الدينية في الوقت نفسه، والثالثة هي أن الانتقال للديمقراطية ممكن ضمن الشروط والظروف القائمة في مجتمعاتنا.
ونوّه د. آل سيف إلى الحاجة إلى توافق وطني واسع على الديمقراطية، يكون مقدمة لإجماع وطني جديد. وإجابةً على سؤال: ما العمل، اقترح د. آل سيف أربع بنود كإجراءات عمليّة ممكنة في ظل ظروفنا الحاضرة، أولاها تحويل الديمقراطية من فكرة مجردة إلى مفهوم واضح ومحدد المعالم عبر عقد النقاشات وتشجيع كل من نستطيع على المشاركة في النقاش حول المسألة، والبند الثاني هو تأطير المجتمع ولا سيّما فئة الشباب ضمن منظمات العمل التطوعي.
وأضاف في البند الثالث قضية توزيع مصادر القوة، وفي البند الرابع قال د. آل سيف علينا “المطالبة بتحديد السلطة، وإخضاع كل سلطة للمحاسبة والنقاش، ويمكن أن نبدأ بالسلطة المحلية في البلدية مثلاً أو الحزب أو الجمعية التي ينتمي إليها الفرد ويصل إلى أعلى مراتب الحكم، فالقاعدة هي أن كل مستوى من السلطة يقابله قدر متناسب معه من المحاسبة”.
وقال أ. عيسى الشارقي في محوره الذي تناول البيعة وولاية الأمة على نفسها، أن البيعة حقٌّ من حقوقنا قد سلبناه، وعرّف البيعة بأنها “ممارسة سياسية في الإسلام، اختطها الرسول، وأثبتها القرآن، وتعثر في تطبيقها الراشدون، وصادرها الاستبداد، ثم أهدر دمها الفقهاء”.
وأشار أ. الشارقي إلى النموذج العصري للبيعة بقوله “كانت البيعة في صدر الإسلام تؤخذ من المهاجرين والأنصار في المدينة، ثم تكون ملزمة لغيرهم، ولقد انتهت الظروف المقتضية لذلك، والواجب اليوم أخذها من كل المسلمين، لا بل من كل المواطنين، بالاقتراع الحر”.
وأكّد على أن “الصورة العصرية للبيعة هي الاقتراع الحر، الأمر الذي ينبغي تفعيله في كل شأن عام، كاختيار طبيعة النظام، ودستوره، ثم انتخاب رجاله” وأضاف حول حق المرأة في المشاركة السياسية تبعاً لنظام البيعة “إن مبدأ البيعة قد حسم مبكرا مسألة أهلية المرأة للمشاركة السياسية، فقد شاركت المرأة في أخطر بيعتين، وفي ما تلاهما من بيعات شهدتها، ونص القرآن على قبول البيعة منهن، فواجبهن في المشاركة أمر مفروغ منه”.