الكلمة الطيبة

جمعية التجديد تختم مسك باقتها الأولى في موسم استئناف الحياة
بندوة ( الكلمة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء)
الكلمة الطيبة هي حبل المودة المتين الذي سيعيد سلمنا الاجتماعي
بحضور واسع من النشطاء والأعضاء والمهتمين بنشر الكلمة الطيبة، اختتمت جمعية التجديد الثقافية باقةِ (الأسرةِ الإنسانية) ضمن موسِمها الثقافي –موسمُ استئنافِ الحياة- بندوة “الكلمة الطيبة.. أصلها ثابت وفرعها في السماء” وذلك يوم الأحد 23 فبراير 2020م.
استهلت مديرة الندوة الأستاذة مينا كاظمي كلمتها وقالت : المحبة هي أس البركة ، بها يتسع الضيق وبها تستعاد نضارة القلوب ، وبها تنشرح الصدور، وبها تعم السعادة ويستقر الأمن وتزدهر المجتمعات .. فالتغيير في الأرض كل الأرض يبدأ بنا أفرادًا وجماعات .. بما نملك من قدرات وطاقات أودعها الله تعالى فينا، أكثرها وضوحا وتأثيرا الكلمة الطيبة .. فهي تساعدنا على احتراف الحياة، وحضورها بين الناس يزيل الشرور ويؤلف القلوب، وبممارستها نحفظ كيان مجتمعاتنا بالود.
بالأمثلة الحيوية والواقعية نشرت أريج الكلمة الطيبة الدكتورة عبير الجودر الحاصلة على الدكتوراة الفخرية في ميدان العمل الإنساني وحسن القيادة المجتمعية ونشر مفاهيم السلام، وبينت رسالتها في الحياة بأن تكون من أحب الناس إلى الله وأنفعهم للناس، لذا اختارت الكلمة الطيبة والعمل الصالح المخلص تنفع بها الناس وتنشرها بينهم،
ولا أطيب من كلمة لا اله الإ الله وما يتبعها من كلام طيب.. هي شجرة طيّبة ذات جذور ثابتة وراسخة في الأرض، وهي ذات الأغصان العالية التي تطال عنان السماء، لا تنال منها الرياح العاتية، ولا تعصف بها العواصف الهوجاء.وأن الكلمة الطيبة يحصد قائلها ثمارها في الدنيا قبل الآخرة، فيرزقك الله بثمارها في وقتٍ عصيب أنت بحاجة لها، موضحة بقصصٍ حياتية ملهمة كيف حصدت شخصيًا ثمار الكلمة الطيبة في الأوقات العصيبة.
وعرضت الدكتورة نماذج لكلمات طيبة عمرها ثمانية وعشرون عامًا وأكثر ولا تزال في الذاكرة ولا تزال تحصد ثمارها. موضحة أن الكلمة الطيبة قولًا وفعلًا هي دليلٌ على صفاء قلوبنا وحب الخير لمن حولنا. وأن تلك الكلمات التي ننثرها تبقى خالدة وتكون كرسالة ربانية تأتي لنا في الأوقات العصيبة لتبيهنا ولتدخل السعادة في قلوبنا وإشارة الهية بأن الله معك.
وتابعت موضحة أنواع الكلمات الطيبة “أن الكلمة الطيبة قولًا هي التي تحث على الجد والاجتهاد.. والكلمة الطيبة حبًا يجب أن نغرسها في قلوب أبنائنا قبل عقولهم، والكلمة الطيبة قد تكون أيضًا جبرًا لخواطر أحبتنا في حياتنا، وبيوتنا وأعمالنا، وفي وطننا الغالي، لنسمو بأرواحنا ونعانق السموات العلا ونحصد ثمارها وهو (رضا الخالق)..
نعم أنها الكلمة القوية قولا فعلا هي ليست للمسلم ولا للمسيحي فقط هي للناس كافة، إنها الكلمة الطيبة هي في الإخلاص في العمل لمن حولنا ولمن نحن مسؤولون عنهم.
إلى جانب ذلك أشارت للابتسامة ككلمة طيبة، يحتاج إليها المهموم والبائس والفاقد، لتكون طوق النجاة في الدنيا والآخرة، وأخيرًا ذكرت الدكتورة النصيحة التي ترفع من شأن من وجهتها له، والذي قد لا تعرفه، ولكنك تسديها إليه من باب حب الخير للآخر كما تحبه لنفسك.
الكلمة الطيبة حبال مودة عنوان ورقة الأستاذة رابحة الزيرة عضو في قسم الدراسات والبحوث في جمعية التجديد الثقافية أشارت فيها إلى أن الكلمة الطيبة هي حبل المودة المتين الذي سيعيد سلمنا الاجتماعي، وهي الأداة التي ستعيننا على إعادة توثيق العلائق التي قطعها التطرّف وأفسدتها السياسة، وهي نقطة التحوّل التي ستحول دون تحوّل الاختلاف إلى صراع، والتي ستجعل من الحوار نقطة تلاقي وارتباط، وكذلك ستقزّم الشياطين في نفوسنا، وهي نفخة الروح الربانية فينا.
واستعرضت الزيرة في عرضها عدة محاور، أولها توضيح الكلمة السائدة اليوم، ثم بيان العلاقة بين الكلمة الطيبة وبين (الإنسان) فينا، وأثر الكلمة على الدماغ، وأخيرا أمثلة الكلمة الطيبة ومجالاتها في حياتنا.
وأشارت الزيرة في سياق الحديث عن واقع الكلمة السائدة في العالم إلى أن التتبع الإحصائي لكلمات الشتم والإهانة وجد أن 83 حالة شتم حصلت علناً في العام 2014، والمذهل أن استخدام هذه الكلمات بدأ يرتفع ببطء إلى أن انفجر هذا الاستخدام بشكل واضح عام 2017 – العام الذي تولى فيه الرئيس دونالد ترامب منصبه – وأصبح تبادل الإساءات حالة شائعة وصلت إلى أكثر من 2500 حالة إساءة علنية عام 2018.
هذا من جانب، ومن جانبٍ آخر فهناك فتاوى كثيرة جداً تساهم في هذا البث السلبي والذي يؤدّي إلى تقطيع العلاقات والأواصر بدلا من ربطها وترطيبها، وذكرت على سبيل المثال لا الحصر إحدى فتاوى عدم جواز السلام على غير المسلمين واستدلالاته اللامنطقية.
وأكدت الزيرة أن الكلمات لها تأثير على الدماغ، حتى أنها يمكن أن تؤثر على الـ DNA لدى الأطفال، وخاصة إذا صدرت من أشخاص مهمّين بالنسبة للطفل، كوالديه مثلا أو معلميه، أما على الأكبر سنّاً فإن الكلمات تؤثر على المسارات العصبية في الدماغ.
وتابعت أن كل كلمة خير كالنصيحة، الموعظة، الاستشارة، الإرشاد، وكل ذلك يدخل ضمن الكلمة الطيبة ولكن ما نريد أن نركز عليه هي الكلمات التي نستخدمها بشكل يومي، وفي مختلف مجالات حياتنا اليومية، ومع كل من نعاشرهم بشكل دائم، نذكر منها على سبيل المثال: التحية، السلام، الشكر، الاستئذان، الاعتذار، الاطراء، النداء الودود، التكنية، الإجابة الطيبة، الدعاء، اللباقة، النداء الودود، التعزية والتبريكات، لين الخطاب والدعابة، المدارة والتوديع. كما يدخل ضمن الكلمة الطيبة ترك نقيضها، مثل: عدم البذاءة والسب، عدم التنابز والسخرية والاستهزاء، بل ردّ الإساءة بالإحسان.
وتساءلت الباحثة قائلةً أن هناك 6500 لغة في العالم.. ولكن هل هناك لغة يفهمها ويرتاح لها الجميع ويزداد ترابطا وقوة ومحبة كلما نطقها؟ إنها بلا شك لغة الكلمة الطيبة بالمفهوم الذي أشرنا إليه.. فهي لغة لها قاموسها الخاص ومفرداتها الخاصة ومن يتحدث بها هم الأرقى إنسانيا. وأن عدم استخدام اللغة الطيبة لتقوية علاقاتنا يعني أننا أفقدنا أنفسنا إنسانيتنا، وحرمنا أنفسنا من نعمة العلاقات الحميمة لنثبت جوهرنا الإنساني.
وتناولت الباحثة أدوات التواصل المتوفرة لبناء علاقات اجتماعية حميمة ومتماسكة، والتي نحن بأمس الحاجة إليها، خاصة أننا مررنا بمرحلة تراخت فيها بعض هذه العلاقات، أو ربما فترت، أو شابها شوائب أفسدت سلمنا الاجتماعي الذي نطمح أن نعيده لا إلى سابق عهده وحسب، بل إلى ما هو أفضل وأقوم.
وقالت أن الكلمات بشكل عام تعبّر عن المقاصد (النوايا)، والكلمة الطيبة على وجه الخصوص تعبّر عن مقاصد ونوايا طيبة بلا شك، فكلمة السلام بكل طرقها وبكل اللغات المختلفة قد تكون هي أشرف كلمة طيبة أو من أشرفها، فهي تحمل معها معاني الأمان، الصلح، السلامة، وهي تعني لمن ألقي عليه هذه التحية – أو ما يوازيها من كلمات مماثلة – تعني أنك في سلم وسلامة من أي إيذاء يصل إليك مني، بل لا أكنّ لك إلا المحبة. مؤكدة أن كلمة السلام كلمة تربط العلاقات، توقف النزاعات، تصفّد الشياطين، وتثمر المحبة. وهي أداة لممارسة إنسانيتنا بأيسر السبل وأكثرها وفرة وثراء.
وبينت الزيرة أنه لا يوجد إنسان شرّ كله! فحتى فرعون لم يتعامل معه الله سبحانه على أنه (شرّ محض) بل أمر نبيّه أن يدعوه إلى الحق بالكلمة الطيبة مع أنه كان طاغياً. بدليل الآية الكريمة “اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ فقولا له قولا لينا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ”.
وأخيرا أوضحت أن كلمة الله هي كلمة “تحويلية” تحيي وتغير، وتخلق حالاً جديداً، فتقول للشيء كن فيكون! وأن الكلمة “الاعتيادية” يجب أن تبرمج التفكير وتصمِّم العلاقات وتعيد هندسة عالمنا نحو السلام.
وبمشاركة واسعة من الجمهور تم إثراء الموضوع بمداخلات نوعية تبين أهمية الكلمة الطيبة وأثرها في الحياة والكون، يذكر أن الجمعية قد دشنت موسم استئناف الحياة في مطلع الشهر الجاري وذلك ضمن عدة باقات ثقافية تستمر حتى أغسطس المقبل.

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.