أمسية ثقافيّة حول مشروع “عندما نطق السراة”:

موسم السراة2

باحثو جمعية التجديد في أمسية ثقافيّة حول مشروع “عندما نطق السراة”:
المشروع تجربة صادمة تريد أن تقول أنّ الأمة في حاجة ملحّة للتجديد

قال السيد رضا رجب رئيس جمعية التجديد الثقافية أن مشروع “عندما نطق السراة” كان حصيلة تشخيص علمي دقيقٍ لواقع الأمّة الثقافي والسياسي والاجتماعي والعلمي والعقائدي، وكان بحث معمّق لجذور وأسباب التردي الذي حطّ على الأمة وكأنه من سنين الأبد.
كان ذلك في الندوة الحوارية “عندما نطق السراة .. واقع الأمة والوعي الجديد” التي نظمتها وأدارتها الكاتبة والروائية الأستاذة فوزية رشيد، واستضافها الملتقى الثقافي الأهلي، وذلك مساء الثلاثاء الموافق 23/6/2009م، حيث تحدث فيها عدد من الباحثين الرئيسيين في مشروع جمعية التجديد الثقافية “عندما نطق السراة”.
وأشارت رشيد في مستهل الندوة إلى سبب اهتمامها بسلسلة بحوث “عندما نطق السراة” مفيدةً بأن البحوث تعمل على كشف حقائق مثيرة، وتلقي الضوء على تناقضات التراث، ولهذا فهي تهم جميع التيارات الفكرية العلمانيّة منها والدينيّة والمعتدلة.
كما أضافت في سياق متصل بأنها ترى ومن وجهة نظر محايدة بأن البحوث تواجه تعتيمًا إعلاميًا غير مفهوم ويجب أن يلقى الباحثين وكذلك بحوث سلسلة “عندما نطق السراة” الاهتمام اللازم.
وأكّد رجب، لم تكن جريمة إغتصاب فلسطين الا أحد آثار العدوان الذي جثم على التراث والمقدسات وتمثّل في ثلاثية (التزوير والاستبداد والأخطاء) وأضاف، لقد تعرضت ثقافتنا لهجمات شرسة وتم تشويه الحوامل الرئيسية التي نقلت العلوم والمعارف الإنسانية والأفكار والمعتقدات والأخلاق والفنون والآداب والقوانين والأعراف والتقاليد والموروثات التاريخية واللغوية من خلال العبث بما أسماه بالحامل الديني والجغرافي والتاريخي والسلالي واللغوي، ومن ثم أدلجة هذا التزوير لخدمة المشروع المعادي لأمتنا وللإنسانية.
وقال رجب، لقد تم تغييب المنهج الذي لا تفهم عظمة القرآن الكريم إلا به، وطمس منظومته المعرفية، كما تم دس الخرافات عبر الآلاف من الروايات اليهودية (الاسرائيليات) في كتب التفسير، ليشّيد على ذلك جدار وهمي يفصل بين العلم والقرآن لإطباق الحصار على الدين العالمي الخاتم ووصمه بالتخلف، كما نقلت جغرافيا الأنبياء الحقيقية بكامل أسمائها ومعابدها وكنائسها وممراتها وأنهرها من موقعها الحقيقي في سلسلة جبال السراة الى فلسطين ومصر والعراق وسوريا عبر توظيف عادة التّيمن في إطلاق الأسماء على المدن والأنهار، فمصر التوراتية نقلت الى وادي النيل أو ما يعرف بجمهورية مصر العربية، وكذلك النيل والفرات ورحلات ابراهيم (ع) ومصر موسى ويوسف (ع).
واستعرض الباحث الأستاذ جلال القصاب لمحة خاطفة حول مشروع السراة ممهداً بقوله “نعتقد أنّ الإنسانية اليوم باتت أفضل من أيّ وقت مضى ذهنيّا ونفسيا ومنهجيا وأدواتياً على كشف ما تعرّضت له من تجهيل فكري واحتيال على العقول باسم الدين والتاريخ والعلميّة، فلديها من الأدوات المتطوّرة ومن التجارب والثمار المرّة.. كالعنصرية والحروب وحصائد نُظم الهمجيّة، ما يجعلها تعود لتمحّص تراثها الذي هو خزّان وعيِها ومعرفتها، وهذا ما حاولناه”.
وأضاف الأستاذ القصاب “صادفنا في بحثنا معاضل قرآنية وأخرى معرفية وصادفنا انفصالا تامّا بين منطق العقل والعلم مع الدين الموروث بتفاسيره، الذي يقول بمصر يوسف بلا سند أثر تنقيب، وموسى النيل بلا شاهد تدوين، وعبور البحر الأحمر بنصف مليون نسمة! تناقضاً بين آدم الستّ ألفيّ، وإبراهيم فلسطين، وعيسى الناصرة، وبين العقل ومكتشفات العلم ودلائل آثارٍ مُباينة”.
وأضاف القصاب “أردنا إنهاء معارك تاريخية فكرية عن خلق الإنسان وكيفيته، وعن أسبقيّة البيضة للدجاجة. وعن جنّة آدم سماوية أم أرضيّة وأين “دلمون” أرض الشباب والخلود. وعن المعصية، العصمة، الشجرة، وحوّاء من ضلع، ودورها. وعن الطوفان الذي كُتبت عنه مئات الكتب والكشوفات، وأين، وكيف، ومتى..ولماذا.. وجغرافيا التوراة والأنبياء ومواطنهم وجولاتهم ومسارح أحداثهم، الأمر الذي ندفع ثمن تزويره الآن إعاقةً عقليّة.. وحروبا واحتلالات”.

في حين أكّد الرئيس السابق لجمعية التجديد الباحث الأستاذ عيسى الشارقي إن مشروع “عندما نطق السراة” هو عملية اقتحام جريئة وصادمة للمسلّم به، والمفروغ منه، الذي تكدّس عبر الاستسلام للنقل في غفلة من العقل، أو بعد هزيمة العقل لصالح النقل”.
ووَصَّف الأستاذ الشارقي مشروع “عندما نطق السراة” بصفته تجربة صادمة تريد أن تقول أنّ الأمة في حاجة ملحّة للتجديد ليس لرسم المستقبل فقط؛ بل لتنقية التراث الصانع لعقل هذه الأمة، و المخترق بدرجة لا تُصدَّق. فهو إذاً مشروع يريد أن يُثبت للأمة أن التجديد ضرورة لا ترف، فإنَّه إن لم يكن تجديد تصدَّعت العقائد.
ويواصل الأستاذ الشارقي “المشروع يثبت العلاقة الخالدة بين هذه الأمة والسماء، والتي تقطعت ولكن لم تنقطع، والتي لم يكن هديها بديلاً عن العقل بل حارسًا له ومحفزًا ومحذرًا من هيمنة النفس. ويُثبِّت هيمنة القرآن كنص هدى للأمة، إذا وإذا فقط تم التعامل معه بمفاتيح صحيحة، وإلا فيمكن أن تتحول آياته عمى على الفكر، وأغلالا في وادي الجمود”.
وأكّد الأستاذ الشارقي أن مشروع جمعية التجديد الأول “عندما نطق السراة” أعاد للفكر الإسلامي كل المراحل التاريخية والحضارية السابقة على البعثة، كمراحل تاريخ للإسلام، الذي هو دين الله الوحيد منذ أول خلق الإنسان العاقل، الدين الذي يقوم على قيم إنسانية رئيسة، هي اليوم عالمية، ودرجة من درجات التوحيد. وأعاد أيضًا اللحمة بين كل شعوب المنطقة على أنها شعوب عربية بعروبة آدم، وأعاد العروبة لجامعها اللغوي، فالعروبة من الإعراب وهو البيان، وهو لسان آدم أول بشر غير همجي تعلم الكلام المعرب عما يريد.
وأشاد الحضور المطلعين على بحوث السراة بما تحويه من معلومات جديدة وكذلك بدورها في إزالة الحواجز الوهمية بين الناس كل الناس والدين العالمي الخاتم، خصوصًا بعد أن هيمنت المعتقدات الخاطئة على أفكار المسلمين.
وتناوب المنتدون في ختام الأمسية الثقافية على إجابة التساؤلات الواردة من الجمهور، كما أشادوا بالجهد الكبير والقيّم الذي بدلته رشيد من خلال مقالاتها اليومية التي تعنى بتلخيص ما ورد في البحوث ووجهت هي بدوها دعوة للجمهور لقراءة البحوث.

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.