البيان الصحفي لإطلاق كتاب “بين آدمين”

admeen

في أمسية رمضانية أقامت جمعية التجديد الثقافية حفل إصدار كتاب “بين آدمين..آدم الإنسان وآدم الرسول” وهو الكتاب التاسع من سلسلة مشروع “عندما نطق السراة” الذي أطلق في سبتمبر من عام 2005م، بدأ الحفل بكلمة لرئيس الجمعية الأستاذ رضا رجب رحّب فيها بالحضور، وأشار إلى سعي باحثي الجمعية الحثيث نحو غربلة تراث الأمة.

وقال الأستاذ رجب في معرض الردّ على تساؤل الكثيرين حول توجّه الجمعية بإعادة النظر في التاريخ والأساطير والتراث والبحث في أصل اللغات والأعراق، والتنقيب عن أصل آدم وجنّته ولغته في الوقت الذي يجثم فيه الفقر والقهر والتخلّف والاستعمار على صدر أمتنا، قائلاً: أنّ الواقع الراهن للأمة والإنسان العربي والمسلم هو محصلة تراكم الماضي بكل تفاصيله وجزئياته، وما ثقافة الأمة اليوم وهي الركن الأساسي لحضارتنا، إلا تراكم لمحصلة ما سبق. فكان أن بدأنا بتشخيص علمي دقيقٍ لواقع الأمّة الثقافي والسياسي والاجتماعي والعلمي والعقائدي، ثم أضاف: لم نصل لتلك الجذورِ عبثاً، ولم نبحْث في التوراةَ والاساطيرَ رغبةً في ذلك، ولكن هي الحقيقةُ المرةُ التي قادتنا مرغَمين لا طالبين، بالعودةِ لجذورِ الفقر والتخلف العلمي وبالعودةِ لجذورِ الاحتلالِ والاستعمارِ وبالعودةِ لجذورِ الظلمِ والاستبدادِ الذي بقي ولا زال يأخذُ مِدادَه من التراثِ والتاريخ. وأشار الى الموقف السلبيُ الرافضُ لتنقيحِ التراثِ ودوره في طمسِ المنظومةِ المعرفيةِ التي تضمنها تُراثُ الأمة، حيث أضحت الكثيرُ من الحقائقِ العلميةِ التي دونت في تُراثِنا خفيةً على العالمِ، وليست قصةُ الخلقِ والمعصيةِ والطوفانِ، وشطبُ نصفِ الأمةِ من خلال تغييب دور المرأة الا نماذج لذلك، وختم الأستاذ رضا رجب حديثه بوصف الكتاب الجديد ب”فأسٌ إبراهيمي يدك الأصنام التي ترعرعت في ثقافتنا”.

بعدها قدّم الأستاذ جلال القصّاب عرضا موجزا عن الكتاب قائلاً أنّ كتاب “بين آدمين” الذي يقع في أكثر من خمسمائة صفحة يمضي على المنهج الذي اختطه الباحثون في الجمعية، وهو يعدّ ثالث الكتب التي تتكلم عن سلسلة تاريخنا الإنساني، ومن خلال البحوث السابقة تمّ تفنيذ نظرية آدم بشأن سلالة القرود، استنادا إلى الأساطير العربية والقرآن الكريم، مبيّنة أنّ مسيرة تطورنا الإنساني بدأت بعد أن اختير آدم وحواء البشريين وأدخلا الجنة، ثم أعقبتها مرحلة التزاوج التي بدأ فيها البشر مسيرة التخلّق من الأرحام بعد تخلّق من الأرض، ثم اختيار آدم وحواء يحن سوّاهما ونفخ الروح فيهما.

واستعرض الأستاذ جلال عددا من الآيات التي أعيد قراءتها وفق هذا النهج العلمي الذي لا يتصادم مع الكشوفات العلمية، منها(إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ) ومنها: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) وغيرها من الآيات.

ومن الموضوعات التي يتناولها الكتاب حلا للغز التباين بين ما توصّلتْ إليه العلومُ الحديثة آثارِياًّ وتحليلِيّاً بأنّ (الإنسان) العاقل بزغ قبل قُرابة 50 ألف سنة، وما هو مستقر في التراث التقليدي والمتأثّر بالتوراة بأنّ خلق (الإنسان) استهلّ منذ 6 آلاف عام! ويحاول الإجابة عن سبب هذا التباينُ؟ وهل هما (آدمان) أم (آدم) واحد؟
وهل من فرق بين (آدم الإنسان) الأوّل الذي عصى بصريح القرآن والتراث؟ وبين (آدم الرسول) الذي لا يعصِي؟ وكم هو الزمن الذي يفصل بينهما؟ وما الفرق بين آدم العلميّ وآدم الإنجيليّ؟ وبين (شجرة البشر) و(شجرة الإنسان) و(شجرة الرسل)؟ وما معنى (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً) ولأجل ماذا؟
ثمّ لماذا لم تنفجر حضارةُ الإنسان؛ من دين، لُغة، كتابة، علوم مدنيّة، فلك، سكنٌ ومعابد وأهرام، تنظيم أسرة، رعي حيوان، زراعة، توطّن، شرائع اجتماعيّة، إلاّ في غضون 10 آلاف سنة الأخيرة؟!
وماذا علّمَ الرسلُ السِّريان العالَمَ (آدم، شيث، إدريس، نوح)؟ ولماذا كانت أعمارُهم مديدة، حتّى أنّ نوحاً لبث في قومه (أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا) بحسب الأساطير والتراث و(الكنزا ربّا) والتوراة والقرآن والمأثور؟ فكيف لبِثها؟! وكيف طُرِحتْ (الأعوام) من (السنين) في الآية؟!

ثم يشرح الكتاب معاني أسماء الأنبياء، فما معنى (نوح)؟ و(إبراهيم وأبرام)؟ و(دوموزي Dumuzi) الراعي الصالح؟ و(رويال Royal)؟ وارتباطهم بحراسة ذرّية (الفطرة)؟
ويبحث الكتاب في تكوّن (الأسرة) الإنسانيّة؟ وفي انتشار أسماءُ مكوّناتها في كلّ اللغات الغربيّة والشرقيّة بالمعنى نفسه؟ وما حقيقة معنى أب، أم، Father, Mother … الخ. وما معاني كلمات التوطّن والاستقرار، وكيف صنعت السريانيّة لغات العالم، ووهبت بقاعَه أسماءها؟ (أستراليا، تسمانيا، آسيا، إندونيسيا، ماليزيا، .. الخ).
وما معنى بكو مكو، وما علاقتها (بمكةّ وبكّة)؟ وبقول جلجامش (يا مكّو يا بكّو) في رحلته لأرض الخلود؟
ما هي خرافة شمشون (Samsong) الإسرائيلي (البطل الفاجر)؟ ومن هي دليلة الفلسطينيّة؟! ما حكاية (قابيل وهابيل) الحقيقيّة، وما معنى أسمائهما؟ ولماذا قتَله؟! وأخيرا ما هي رسالةُ “آدمنا” في هذه الحياة، وما السبيل للإنسان ليعود “آدميّاً”؟!

وختم الأستاذ جلال بالقول أنّ الكتاب يحثّ على ضرورة الرجوع إلى الآدمين، لمعرفة سرّ سقوطنا عبر (الأوّل)، وسرّ ارتفاعنا عبر (الثاني)، لنعود -ونحن نُشارف آخر زماننا على هذا الكوكب- نعود (آدم) الذي كان أو ينبغي أن يكون.
وقال أن كتاب (بين آدمين) هي مساحة زمنٍ تمتدّ أربعين ألف سنة، بين الحضيض والقمّة، بين السقوط والارتفاع، بين هجعة الهمجيّة الإنسانية التي أعقبت معصية (آدم الأوّل) وتكوّنِ نسل إنساننا الرديء الهمجيّ، وبين إعادة إمداده بالسماء بإهباط (آدم الرسول) لانتشاله ووصالِه، أي بتعليمه علوم الحضارة، من لغة ودين وعلوم وتمدّن، فـ (بين آدمين) يعني (من .. إلى)، من السقوط إلى النجاح، وهو غاية وجودنا الحياتيّ، من النقص إلى الاكتمال، ومن الخسف إلى الاستنارة ..

واختتم الحفل بتوزيع نسخ من الكتاب على الضيوف.

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.