البيان التأسيسي لتحالف مفكرون ضد التزوير

مملكة البحرين

جمعية التجديد الثقافية الإجتماعية

البيان التأسيسي لتحالف

“مفكّرون ضدّ التزوير”

” نحو تحرير فلسطين من أسر الخيال الصهيوني”

26 ديسمبر 2010

 

 

بعد عقود من الصراع الدامي والمرير، يتكشّف اليوم بُعدٌ جديد في الرواية التاريخية المزيفة عن فلسطين، يتعلّق بالطرائق والأساليب التي جرى من خلالها التسويق لأكذوبة أنّ فلسطين التاريخية هي “إسرائيل القديمة” وأنّ أرضها هي أرض الميعاد. لقد بُنيت هذه الرواية في الأصل على قراءة استشراقية خاطئة ومضلّلة للنصوص التوراتية، كان الغرض منها إرغام هذه النصوص على أن تتطابق مع جغرافية فلسطين لتبرير انتزاعها من أيدي شعبها.

إنّ استرداد فلسطين وتحريرها من أسر الخيال الاستشراقي الغربي الذي صوّرها على أنّها أرض الميعاد الإسرائيلي لن يكون ممكناً من دون تهشيم الأسس التي قامت عليها الرواية التاريخية عن الحقّ التوراتيّ الديني.

اليوم وبعد هذه العقود المريرة، أخذت حقائق جلية تتكشّف لتُميط اللثام عن هذا التزوير المتعمّد للتاريخ الإنساني والحضاريّ، تشير هذه الحقائق إلى أنّ كافة الأسس الأيديولوجية، والقواعد التي بنى عليها مغتصبو فلسطين نظريّتهم هي قواعد باطلة، قد تمّ من خلالها خداع شعوب العالم.

إن هذا الكشف التاريخي والأيدلوجي الهام لم يتم على أيدي مفكرين أحرار مناصرين للقضية الفلسطينية فحسب، بل شارك فيه آثاريّون وباحثون من كل أقطار العالم بما فيهم يهود من “إسرائيل” كذلك.

لقد كانت فلسطين ولا زالت، قضية الأمّة المركزية، إذ هي إسفين تفتيتها وهي كذلك عماد توحّدها، كما أنّها قضية إنسانية جمعت مِن حولها أشرافَ العالم وناشطيه وأحرارَه، لم يتردّد أيّ حرّ أو حركة أو حزب أو حكومة شريفة من أيّ دينّ أو عرقٍ في الوقوف دفاعاً عنها والمطالبة باسترجاعها ممّن غصبها، وإعادة شعبها المشرّد من الشتات بعد طرده من أرضه.

 

كانت الخطوة الأولى التي مهّدت لاغتصاب فلسطين تسويق رواية أنّ هذه الأرض كانت مهد أنبياء بني إسرائيل، وأنّها قلب أرض الميعاد التي وعد بها الرب بني إسرائيل، وأنّه وُجِدت لليهود مملكة في يوم من الأيام على أرض فلسطين، وأنّ هيكلاً لنبي الله سليمان (ع) يحتلّ موقعاً في قلب القدس وفي موضع مسجدها الأقصى، وأنّ نبيّ الله إبراهيم (ع) جال وتوطّن بأرض فلسطين، وأنّ وأنّ…..

ولأنّ كيان “إسرائيل” المعاصرة هو مجتمع استشراقيّ تأسّس بفعل القوة الاستعمارية، فقد نشأ وترعرع في ظلّ الرواية الملفقة عن (تاريخه القديم) في فلسطين، احتلّت هذه الرواية موضعاً متقدّما لدى أغلب شعوب العالم، وأصبحت من المسلّمات وفي صلب ثقافة اليهود والمسيحيين على حدّ سواء، ولم تستثن حتى كثيراً من المسلمين، سُفكت دماءٌ غزيرة خلال نزاعات مسلّحة راح ضحيتها الآلاف، ولا زالت تداعياتها تجثم على المنطقة منذ عقودٍ تجاوزت العشر.

إن الرواية التي تمّت أدلجتها لتأسيس هذا الكيان الغاصب – تسويقاً للهجرة اليهودية إلى أرض فلسطين – رواية ملفّقة من بدايتها إلى نهايتها، شارك في صناعتها والترويج لها وعلى فترات مختلفة منظومة من الحكومات الغربية، والقوى الاستعماريّة التي كانت تخطّط للاستئثار بخيرات المنطقة، وتمنع توحّدها لأسباب مختلفة، كانت الحركة الصهيونية رائدتها بل وراعية أكبر عملية تزوير عرفها التاريخ الإنساني.

إن “دولة إسرائيل” تستمد شرعيتها الأخلاقية والقانونية من خلال إجماع عالميّ على أنّ هذه القصّة “الملفقة” هي حقيقة تاريخية، والبحث العلمي والتنقيب الآثاريّ وتمحيص التراث العربي والإسلامي قد أثبتوا بطلان هذه الرواية جملة وتفصيلاً، فقد سبق احتلال أرض فلسطين تزويرٌ لتاريخ فلسطين بل والمنطقة برمتها… كان مسرحه جغرافيا الأنبياء والأحداث التاريخية.

ما كان للشعوب الغربية أن تبارك هذا الاغتصاب، وما كان للأمم المتحدة أن تُقنّن هذه السرقة من خلال تقسيم فلسطين، لو لم تأخذ هذه الرواية الملفّقة طريقها إلى كل ثقافات العالم، والمجامع العلمية، وبطون الكتب، والموسوعات بترجماتها المغلوطة والمغرضة، حتى أضحى الحديث عن كذبها عبثاً وضرباً من الجنون. أمست مسألة عودة اليهود إلى أرض أجدادهم قضيةً أخلاقية لدى مسيحيّي أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية بل وتكليفاً شرعياً لتعجيل عودة السيّد المسيح (ع)، فصدُّ اليهود عن فلسطين يُغضب الربّ الذي وعدهم بها!

اليوم، وانتصاراً للحقّ وللعلم ولمنطق العقل وللتاريخ، ومن أجل الإسهام في مسيرة تحرير الوعي الإنسانيّ، وتحرير الإرادة العربيّة، بل وتحرير حتّى مجمل تراثنا الديني العالميّ من التوظيف الخاطئ ومن الأدلجة المبرمجة للتعدّي على الحقوق وتغذية الصراعات، ومن أجل تكريس حرّية الفكر وأهمّية البحث النزيه طلباً للحقيقة، وطمعاً في البلوغ الأسرع وفي توفير الطاقات وصهرها عبر آليّة التناصر العقليّ والشبكي والبحثي.. أصبح تشكيلُ تحالفٍ  بين المؤسّسات البحثية، والمفكّرين، والمثقّفين والإعلاميين، والآثاريين من ذوي العلاقة، الذين تناولوا وتصدّوا لهذه القضية الهامة، أصبح أمراً مُلحّاً ومطلباً إستراتيجياً لرفد كلّ أشكال المقاومة الأخرى التي تتصدّى للتزوير والاغتصاب الصهيوني، فمداد العقل والقلم لا يقلّ شأنا عن أثَر فيض الدماء التي سفكت للمظلومين والمقاومين منذ بدء الهجرة الصهيونية لفلسطين قبل أكثر من مائة عام لغاية اليوم.

إنّ تحالف “مفكّرون ضدّ التزوير” هو إطار ثقافي فكريّ يضمّ المؤسسات البحثية والجمعيات الثقافية والمفكّرين والباحثين والإعلاميين والشخصيات الاجتماعية الذين يعملون في حقل تصحيح تاريخ المنطقة ومعه تداعيّاته المتسلّلة في تراثنا عمومًا لنسف التزوير الثقافي والجغرافي والتاريخيّ الذي طال المنطقة العربية بكلّ ملحقاته وتوابعه. إنّ هذا التحالف يسعى إلى تأسيس مدرسة تصحيحية تعيد قراءة تاريخ العرب والمنطقة بعيداً عن الرواية الاستشراقية وتسمياتها الجيوسياسية الإسقاطيّة، فقد آن الأوان لأن يُروى التاريخ بصوتنا لا بصوت الآخر.

سيسعى هذا التحالف للدفع بهذه المسألة المصيرية وموضعتها كسلاح ثقافيّ توعويّ رافد لكلّ أشكال المقاومة والتحرير لهذه القضية المركزية، ولتحريك هذا الجانب المهمل من قضية فلسطين بآليات مختلفة.

كما سيسعى إلى مخاطبة الجهات الرسمية في الدول العربية والإسلامية ابتداءً لفسح المجال لتصحيح المعلومات المزورة المدسوسة في مناهج التعليم، سواءً الجامعية أو المدرسية أو منابرنا الإعلاميّة.

سيحمل التحالف اسم “مفكّرون ضدّ التزوير”، ولن يقتصر على أتباع ديانة محدّدة أو قوميةٍ مخصوصة، بل سيكون لقاءً إنسانياً هادفاً يلمّ شتّى الجهات التي تتبنى هذه الرؤية الواعية.

يُعبّر التحالف الثقافي هذا عن كامل احترامه وتقديره لكافة الأديان والملل والشعوب ويؤمن بأنْ لا علاقة ولا وزْرَ لأتباع الديانات المؤمنين المغرّر بهم بهذه القضية، ويُؤمن بأنّ الجميع كان ضحيّة لتآمر منظومة الزيف والتدليس التي أدارتها “الصهيونية العالمية” والمستنفعون طوال التاريخ، ويؤكّد التحالف على أنّ هذا الاحترام يُعد شرطاً من شروط استمرار العضوية في التحالف.

سيبدأ التحالف من خلال الآليات التي يتّفق عليها بالاتّصال بكافة الجهات والشخصيات التي تتبنّى هذه الرؤية لدعوتها المشاركة في هذا العمل الإنساني الجليل عبر الدخول في هذا التحالف، وسيقوم ببثّ رؤيته والتواصل عبر آليات مختلفة.

إن المؤسّسين لهذا التحالف هم ممن كانت له مساهمة فكرية جادّة في فضح هذا التزوير الذي طال التراث الإنساني، سواءً كانت عن طريق كتاب أو بحث أو مقالات نشرت في الصحافة العربية أو العالمية.

تشكلت النواة الأولى لهذا التحالف في مملكة البحرين على هامش ملتقى ثقافي هام نظمته جمعية التجديد الثقافية الاجتماعية في أكتوبر – 2009 وهو ملتقى السراة الثقافي الأول والذي كان تحت عنوان “عالم في أسر التزوير”، ثم انضم إليه عدد من الباحثين العرب المخلصين فأصبحت النواة الأولى مشكلة من كل من الأساتذة الأفاضل (بالترتيب الأبجدي):

  1. الدكتور أحمد داوود – الجمهورية العربية السورية
  2. الأستاذ أحمد الدبش – دولة فلسطين
  3. الأستاذ جلال القصاب – مملكة البحرين
  4. الحاج زكي الغول – المملكة الأردنية الهاشمية
  5. الدكتور فاضل الربيعي – الجمهورية العراقية
  6. الأستاذة فوزية رشيد – مملكة البحرين
  7. الأستاذ طارق أحمد – مملكة البحرين

وقد اتفق المؤسسون الأوائل على توجيه الدعوة للانضمام لهذا التحالف إلى كل الرموز التي كان لها إسهامات في كشف التزوير.

ستقوم جمعية التجديد الثقافية الاجتماعية – مملكة البحرين بإدارة هذا التحالف بشكل مؤقت لغاية أول اجتماع لأعضاء التحالف يتم فيه انتخاب إدارة ومقر دائم لهذا التحالف، حيث ستُتخذ القرارات بالإجماع لضمان توافق تامّ على سير العمل والمواقف والقرارات التي تُقر.

ويمكن لأيّ من المهتمين الذي تنطبق عليهم شروط الالتحاق بالتحالف الواردة أعلاه أن يتقدّم بطلب المشاركة في التحالف عن طريق أحد المؤسّسين، كما ويمكن للتحالف من جانبه أنْ يوجّه الدعوة لأيّ من المفكّرين ذوي العلاقة للمشاركة فيه، سواء من العرب والمسلمين أو من أيّ قومية وديانة أخرى.

ستعمل الجهة المكلّفة بإدارة التحالف على نشر البيان التأسيسي المبين في نص هذه الوثيقة ليكون أول إعلان رسمي عن بدء عمل هذا التحالف.

كما ستقوم هذه الجهة بصياغة الأهداف الأولية المنبثقة من نص الوثيقة والحصول على توافق كافة الأطراف، على أنْ تتمّ مراجعة ذلك خلال اجتماعات دورية تعقد في البلد الذي يتمّ التوافق عليه.

 

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.