تزامنا مع مؤتمر “الوحدة الإسلامية وديعة محمد” التجديد الثقافية تصدر مجلتها الجديدة حول إضاءات من قبس السيرة النبوية العطرة

اطلاق مجلة السيرة

أصدرت جمعية التجديد الثقافية عددها الخاص من “مجلة التجديد” حول إضاءات من السيرة النبوية العطرة وذلك تزامنا مع اقتراب عقد مؤتمر “الوحدة الإسلامية وديعة محمد” والذي يعقد بين 28-30 من الشهر الجاري. تضمّن العدد مجموعة من المقالات البحثية التي تناولت حياة النبيّ محمّد(ص) وسيرته، لا سيّما في جانبها المغيّب والذي انطمر تحت ركام مماحكات المذاهب، السيرة الشريفة التي انصاغت فيها شخصية الإنسان الكامل وأشرقت، والإنسان الذي ذاب روحا وعقلا وعملا في ذات الله.

وبحسب رئيس تحريرها المهندس حسن الشارقي، فإنّ العدد الجديد من المجلة عدد خاص يستكشف حياة النبيّ ويدرس تقلّبات أحواله منذ  نعومة أظفاره إلى لحظات انتصاره وانتهاء مسيرة إبلاغه رسالته، كما يحمل العدد رسالة أساسية يؤكّد فيها على أهمية العودة إلى سيرة النبيّ(ص) ودراسة آثاره لاستلهامنا منها ومن قيَمها المبدئيّة ومقاصدها النبيلة علاجات لمشاكل الأمة المستعصية ومعضلاتها على كافة الصُّعُد، في وقت ضاعت فيها –أو تكاد- بوصلة أمّة النبي(ص)، ولا سبيل لإعادة اتّزانها إلا بالعودة إلى مضامين كتاب الله وبمحاكاة روح سيرة نبيّه والتأسّي بخلقه والتزام مبادئه، باتزان وواقعية وعقلانية.

وعن أبرز المقالات التي يحويها العدد، يتناول موضوع “هتك القداسة ووأد العقل” مشكلة اختزال الأمّة لمعلّمها الأكبر النبي(ص) كمفتي حلال وحرام فقط، وهو ما كرّس مسألة التغاضي عن التأسي به في ممارساته التهذيبية والأخلاقية والروحانية والإنسانية، وفيه يدعو الكاتب إلى الابتعاد عن التفتيش عن (بشريّة) محمّد في جوانبه الخاصّة التي هي ليست مدعاة للتأسّي، بل التأسّي به في جانبه (الإنساني) وفيما يُوحى له به.

وفي مقال آخر، يستقرئ موضوع ” الاتكال على الغيب تجميد للعقل ” أمثلة عدّة من واقع سيرة النبي(ص)، ويخلص بأنّه رغم الأثر الكبير لليد الغيبية في دعم الرسالة المحمّدية، إلا أنّ هذه اليد لم تكن لتمتد إلى النبيّ(ص) إلا بعد استنفاد الوسائل والأسباب الطبيعية المتاحة ضمن ظروف الصراع القائم بين دعوته(ص) ومناوئيها القساة، ويظهر اعتماد النبي(ص) على التخطيط المنهجي الواعي ومشاورة عقول أصحابه لتجاوز المنعطفات الخطيرة التي واجهته، أما التسديد فلا يأتي إلاّ بعد إفراغ كامل الجهد الجماعيّ، وعلى ذلك فالموضوع يدعو الأمّة إلى الاقتداء بالنبي(ص) في الأخذ بالأسباب وتوظيف طاقات عقول أبناء الأمّة.

وفي دراسة لجانب من شخصية محمّد(ص) يؤكّد موضوع ” قرارات محمد تاريخ ودلالات ” أنّ محمّداً ليس مضطراً أن يكون إنساناً كاملاً، لأنّه هو كذلك، حتى قبل أنْ يخاطبه الوحي، فقرارات محمد(ص) في خصوص حياته قبل أن يبعث نبيّا في الأمّة، كان لها آثارها الكبيرة على نموّ شخصيته وصياغتها وفق أرقى معايير العزة والكرامة والإباء والكرم والفضيلة، وعلى معرفته الخالق والكون والمجتمع وأدوائه، بل وكلّ ما يهمّ بناء الإنسان العاقل السوي، ويخلص بأنّه لا يكاد أحدٌ يجد فارقا في فضائل إنسانية محمد (ص) قبل البعثة وما بعدها، وهو بهذا يحضّ الأمة على الاقتداء بالنبي(ص) بعيداً عن التعلّل بالفارق بين شخصيّة الموحى إليه وإنساننا العادي.

وفي “رحلة إلى خيبر” يشرح الكاتب مشاعره أثناء رحلته إلى موقع خيبر التاريخي،  فيصف ذلك المَعلم القديم الذي تقلّب فيه المسلمون، فقاتلوا وقتلوا، وابتلوا وافتتنوا، فأصابوا وأخطأوا، رجاء أن يكون المرء قريبا من تجربتهم، فيذكر فضلهم وصبرهم ويعذرهم في زللهم عندما يجد حقيقة عظيم بلواهم وتعبهم وجهدهم، فشتان بين أن تقرأ عن رسول الله (ص) في خلواته وهجرته وغزواته، وبين أن تذهب بنفسك لترى مشقة الصعود ووحشة الليل، فتعلم أنّ ما قاساه محمّد(ص) وصحبُه أمر عظيم، لا يقدر على تحمّله إلا من ملك الوحي والصدق كلّ قلبه ومشاعره، فأنس بهما وحشة الطريق وقسوة المخالف.

وفي موضوع ” ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً” يوجّه الأمّة إلى قراءة واعية لواقعها وللأسباب التي أدّت إلى انقلاب الصورة بحيث تحوّل الإسلام العالمي السمح الذي أراده الرسول(ص) وجسّدته حياته، تحوّل في بعض مظاهره وأفكاره ونُسَخِه العنيفة إلى إسلام فئوي معادي للتنوّع الإنساني، فمحمّد(ص) لم يحارب أهل الأديان، بل جاء ليحقّق التعارف بين الشعوب والقبائل المختلفة، دون أن يُكره أمّةً على شريعةِ غيرها، وأرسى إسلامًا رحباً يقبل الفكر الآخر بسماحة، فالأمّة اليوم بحاجة لأنْ ترجع وراءها لتعيد قراءة نبيّها لتلتمس منه (ص) نوراً تستضيء به لتعود متبوِّئة مكانتها بين الأمم.

ويدرس مقال ” حرّية العقيدة والفتوح الإسلاميّة” مسألة حروب الفتوح، باحثاً مبرّرات قيام تلك الحروب، ويتساءل عن غرضها؛ هل كان الإكراه على الإسلام، وهل كانت حروبًا ابتدائية أم دفاعية، ولماذا لم يغزُ المسلمون بلاد الحبشة بينما اقتحموا بلاد فارس وبيزنطة، ويخلص بأنّ ما يعرف بالفتوح الإسلامية لم تمضِ في  كلَّ الجهات التي لم تستجب للإسلام، وأنّ الحيثيات السياسية والعدائيّة من قبل دول الجوار وأباطرتها، هي التي فرضت منطق الحرب، وما دخول الشعوب في الإسلام بعد الحرب إلا بعد استحسان تلك الشعوب للدين الإسلامي ولقيمه.

وفي موضوع “خديجة .. بارقتُنا في مدارج الكمال” نقرأ حياة خديجة في سبيل رسالة السماء، وكيف أنّها مثلٌ بليغ للإنسان –رجلا أو امرأة- الذي يعي دوره وقيمته في هذه الحياة، ويحيا من أجل المبادئ ويموت عليها ولأجلها، المقال يؤكّد أنّ في شخصية خديجة عِبَرًا لكلّ امرأة تروم أداء دورها كاملا في الحياة، حين يدفعها إيمانها بقضايا الحقّ إلى التفاني والتضحية بالمقام والثراء، فتجد السعادة الحقّة في معرفة الله تعالى، وفي البذل والوفاء والعطاء، وفي مواقف الجهاد، وتحمّل مسئوليّة التغيير المجتمعيّ والاستقامة والصمود أمام أعاصير الجمود والباطل، فخديجة بحق درسٌ مشرّفٌ ورمزٌ للصدق والإخلاص، ومثلٌ حيٌّ لإنسان يقدّس قيَم الحقّ ومبادئ الصلاح.

في العدد الخاصّ أيضا، مقالات قيّمة تسبر شخص النبي(ص) وسماته، كما يحوي عددا من قصص ومواقف النبي(ص) داعياً إلى دراستها للاستلهام منها، يذكر أنّ جمعية التجديد تصدر مجلتها بشكل دوري، وأنّ هذا هو عددها الخامس، وسيتمّ توزيعه ضمن مطبوعات الجمعية في فعالية مؤتمر الوحدة الإسلامية وديعة محمد المُزمَع انعقادُه ختامَ الشهر الجاري.

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.