البيان الختامي لمؤتمر الوحدة الإسلامية

مملكة البحرين

جمعية التجديد الثقافية الإجتماعية

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان المنامة للوحدة الإسلامية

نصّ البيان الختامي لمؤتمر

” الوحدة الإسلامية .. وديعة محمد (ص) “

المنعقد في المنامة في مملكة البحرين في الفترة من

28 – 30 ديسمبر 2007 الموافق 18 – 20 ذو الحجة 1428

تحت شعار (وديعة محمد (ص)) وبدعوة من جمعية التجديد الثقافية الاجتماعية في مملكة البحرين بعون الله تعالى تمّ عقد مؤتمر (الوحدة الإسلامية وديعة محمد “ص”) في المنامة– مملكة البحرين في الفترة من 18 – 20 من ذي الحجة 1428 الموافق 28-30 ديسمبر 2007، وقد شارك في المؤتمر نخبة من علماء ومفكّري الأمّة.

وفي أجواء سادها روحُ الشعور بالمسؤولية الملقاة على عاتق المشاركين نظراً للحالة الراهنة للأمّة والتحدّيات التي تواجهها على المستوى الإقليميّ والعالميّ، ومن أبرزها وأشدّها إيلاما فلسطين والعراق ولبنان وأفغانستان وغيرها، ناقش المؤتمر خلال ثلاثة أيام متتالية عدداً من الأوراق تمّ عرضها ضمنَ أربعة محاور، المحور الأوّل تناول مفهوم “الفرقة الناجية”، وتناول المحور الثاني موضوع العقيدة والقداسة، كما تمّ تناول موضوع الشيعة والسنة نموذجاً للمذهبيّة في المحور الثالث، وفي المحور الرابع تناول المؤتمرون موضوع السياسة والإعلام ودورهما المؤسف في تعميق الخلافات بين المسلمين.

في اليوم الثالث توزّع المشاركون مجموعاتٍ لمناقشة المحاور المختلفة -إضافةً لما أفرزته الأوراقُ المختلفة- التي دارت في ظلّ أجواء الشفقةِ والحرص على حاضر ومستقبل الأمة، وخرج المؤتمرون بالتوصيات التالية باسم (بيان المنامة للوحدة الإسلامية):

أولا ً: التصوّرات النظريّة:

  1. إنّ العودة إلى الإسلام الأوّل قبل المذاهب والطوائف، تتيح الإعلان أنّ كلّ من شهد الشهادتين فهو مسلم، يكمل اعتقاده بالإيمان بالله ورسله وكتبه وملائكته واليوم الآخر، ويقترن الإيمان بالعمل الصالح، وأنّ مصادر الإيمان القرآن الكريم والسنة النبوية المتّفق عليها والمطابقة لآيات القرآن والعقل والواقع وروح التشريع، والإعلان دون مواربة أنّ المقدّس الجامع الذي ينبغي الالتئام عليه والدفاع عنه والدعوة إليه، هو ما صدر من القرآن والسنة الثابتة، كذات الله، ووحدانيته وصفاته، وقبلة المسلمين، وكتابهم، أمّا الإضافات والتفسيرات والكيفيّات التي صدرت من آراء وقرائح تاليةٍ فقابلة للنقاش والأخذ والردّ، فينبغي توعية الناس عبر الوسائل المتاحة بعرض فتاوى العلماء وآراء السابقين على المنهج العلميّ وعلى المعايير القيميّة للدين وعلى محكمات القرآن الكريم، ودعوة علماء الأمّة إلى بثّ روح الحوار البناء والحسّ النقدي.
  1. الإسلام هو الدين، وكلّ مذهب في الإسلام هو مذهب أو فرقة في دين واحد، لا يخرجهم عن هذا الدين هذا الانتماء المذهبي، فالمذاهب والفرق تصوّراتٌ ضمن دين واحد، ليس المسلم ملزماً أو ممنوعـاً من اتّخاذ مذهب لــه في الدين، والادّعاء بأنّ الجنّة هي حكرٌ على فرقة أو مذهب ادعاءٌ باطل، فكلّ من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فهو مبشّر بالجنة، وكلّ اختلاف في تفاصيل الفهم مقبولة بناء على الفكر الحرّ الملتزم بقواعد الإسلام والإيمان، ولا يجوز لمسلم أن ينتهك حقا مدنياً لمسلم آخر لمجرّد أنّه يختلف معه في المذهب أو تفاصيل الاعتقاد، فالحقوق المدنية والسياسية والمالية حقّ لكلّ مسلم في الوطن، تتفرّع من كونها حقّا لكلّ مواطن مهما كان مذهبُه أو دينُه، والواجب على المسلمين نصرة المظلوم أيّا كان، وينبغي على المسلمين أن يحذروا الاستغلال السياسيّ لتباين مذاهبهم.
  1. الناس بين مجتهد ومقلِّد، فالمجتهد لا يقلّد غيره، وأمّا المقلّد فمذهبُه مذهبُ مَن وافق مِن علماء المسلمين، وفي كلّ مذهب نصوصٌ وآراء تدعو إلى التقارب والتوحّد، والحاجة قائمة وضرورية لإشاعة روح التعايش بين أتباع المذاهب المتعدّدة، بالإضافة إلى أهمّية وإيجابيّة المذاهب الاجتهادية عند المسلمين لكونها مصدر إثراء لكفاءة الأمة، مع التأكيد على رفض ظاهرة الانغلاق والتعصّب المذهبيّ ونعراته المسيئة.
  1. بعض ما عند المسلمين من موروث يُفرّق ويُمزّق ويُكفّر ويُفسق أتباع الفِرق، يتمّ التجاوز عنه، ويُترَك عند أهله، ونعذرهم في أسبابه وفق ظروفهم، لذلك وجب النقدُ الذاتيّ لكلّ مذهب من داخلِه، والكفّ عن نقد الآخرين وطعنهم، وأيضاً الامتناع عن التبشير المذهبيّ والتبشير المضادّ.
  1. دراسة مسألة التقريب ضمن التحدّي العام الذي يواجه العالم الإسلامي المتمثل في التحدّي الحضاري، وتقوية مؤسّساته وتفعيلها في طهران والقاهرة وغيرهما، وأية مشاريع أخرى جادّة في سائر البلدان.
  1. الاتّفاق على الحدّ الأدنى من البرامج الوطنيّة من أجل مواجهة تحدّيات العصر وقضاياه الأساسية مثل الاحتلال والقهر والتجزئة والتخلّف والفقر والتنمية والتغريب، إنّ الظروف السياسيّة ووقائع الدول ووتيرة المكائد لها أثر كبير في إذكاء الطائفيّة والمذهبيّة والاقتتال أو التعايش الطائفي والتسامح المذهبيّ، إنّ الدفاع عن كرامة الإنسان والمساهمة في النهضة الحضارية والانفتاح على الآخرين هي من ضمن تعاليم الحضارة الإسلامية ورسالتها.
  1. البداية تشرع بوحدة الأوطان، ثمّ وحدة الأمّة الإسلامية، تدرّجاً في تحقيق الوحدة التي تجمع بين المسلمين جميعاً، وتعزيز الولاء الوطنيّ وتقديمه على الولاء المذهبيّ، باعتباره المشترك الأقرب للمواطنين، إذ تواجه وحدة الأمّة خطر التجزئة إلى فسيفساء طائفيّ مذهبيّ عرقيّ، حتى تأخذ إسرائيل شرعيّة جديدة من طبيعة الجغرافيا السياسية، لتكريس دولة قومية يهوديّة عنصريّة وهميّة على أرض فلسطين.
  1. ضرورة وحدة الأمّة ضدّ مخاطر هيمنة العولمة المادّية لتُصبح الوحدة قطباً ثانياً في عالم متعدّد الأقطاب.

ثانياً : الآليات العمليّة:

  1. تنبيه القنواتِ الفضائية العربية والإسلامية أن تمتنع عن التهييج الطائفي والأخبار والبرامج الحواريّة والاتّصالات الهاتفية التي تدعم خطة التمزيق الأمريكية الصهيونية، والدعوة لتأسيس فضائيات ومواقع جديدة تهتمّ بوحدة الأمّة عن طريق فتح نوافذ التعارف بين أرجاء العالم الإسلامي، ونشر الأخبار والوثائق والأفلام التي تجعل المتلقّي المسلم يستشعر بعزّته في الانتماء إلى أمّته الإسلامية.
  1. الشروع في دراسات للتاريخ الإسلامي والثقافة والحضارة والأدب من أجل غرس فكرة الأمّة الواحدة، ووضع مشروع عام يقوم على أسس فكريّة وعلميّة يوجّه الأفكار والمشاعر والطاقات نحو استئناف مسيرة الحضارة الإسلامية.
  1. وحدة المسلمين فرض، فينبغي التأكيد عليها، وتجريم مثيري الفتن من الخطباء والوعاظ والسياسيّين المهيّجين للفتن بين المذاهب قانونياً، وسنّ بعض التشريعات والقوانين التي تمنع الشقاق الطائفيّ بالأقوال والأعمال أو إهانة المقدّسات الواضحة لأيّ فريق، والتوقّف عن حملات التبشير المُضلِّل للفرق الأخرى، والمشهِّر بالمذاهب الأخرى، والانصراف للتبشير بسماحة الدين العالمي وأخلاقيّاته وشرائعه الحضارية.
  1. توفير وإدراج كتب دراسيّة في المدارس والمعاهد الإسلامية والجامعات لمعرفة كيفيّة التعامل الحسن بين المسلمين، وبينهم وبين غيرهم من أتباع الديانات الأخرى، ومن بني الإنسان.
  1. تنقيح المذاهب –حاضراً- مما يُؤذي أتباع المذاهب الأخرى، والعمل على رسم منهجيّة لتنسيق المواقف بين المذاهب المختلفة لبلورة موقف إسلاميّ موحّد على المستوى الإقليميّ والدوليّ بين يدي التطلّع إلى تحقيق الوحدة الإسلامية، واحترام التنوّع في مسائل فروع الاعتقاد فيما لا يتعارض مع جوهر عقيدة التوحيد.
  1. تطوير هيكليّة وميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي من أجل المزيد من التفاعل مع تحدّيات الأمة، وتشجيع ودعم كلّ مراكز الوحدة والمؤسّسات الإسلامية الداعية للوحدة بكلّ أشكالها، والإهابة بعلماء الأمّة ومفكّريها بترسيخ وتعميق ثقافة الوحدة ونهج رسول الله محمد(ص) في جمع شمل الأمة وتوحيد كلمتها، والتواصل مع الهيئات والجمعيّات المهتمّة بتوحيد طوائف الإسلام، والتعرّف عليها والتنسيق معها في الجهود والفعاليّات.
  1. مناشدة وسائل الإعلام بكلّ منابرها ووسائلها العمل على توسيع ثقافة احترام المسلمين بعضهم لبعض، وتجنّب استخدام المصطلحات التي تؤجّج نيران الخلاف والتنازع بينهم، ودعوة الإعلام الرسميّ ومطالبته بوقف نشر فتاوى الفتن والتفريق بين أتباع المذاهب، واستنهاض مؤسّسات الإنتاج الفنّي والمسرحيّ بالعمل على إنتاج أعمال تخدم وتساعد على ترسيخ وحدة الأمة وتعزيز ثقافة المحبّة بين أبنائها.
  1. التأكيد على وجوب التواصل، والتكافل الاجتماعيّ، وتوحيد مواقيت المناسبات الإسلامية، وتحبيب إقامة الشعائر الجامعة لبثّ روح الألفة والتسامح.
  1. التحلّى بثقافة الحرّية، كلٌّ من موقعه، فيدعو -بالحكمة وبالتي هي أحسن- لإصلاح كلّ أشكال التقديس لغير الله سبحانه، ودعم الحرّية الاعتيادية، والنّأي عن أيّ ترهيب فكريّ، وأيّ تبشير بالقوّة، مُنمِّطِ للاعتقاد.
  1. التعارف بين العلماء ضروريّ لكسر الحواجز، العلماء المصلحون هم المدخل للحلّ، فيجب توجيه رسائل ومناشدات لهم تتضمّن توصيات المؤتمر، ليوجّهوا طوائفهم إلى كلمة السواء وتوحيد الكلمة، ودعوة الخطباء -عبر مراكز تأهيلهم وتوجيههم والرقابة عليهم- إلى تعليم الناس بمشتركات الدين وأخلاقيّاته وسلوكيّاته الحميدة، لا الخصوصيّات المفرّقة المُدينة لخيارات الآخرين.
  1. دعوة الناس لاحترام قيمة الفرد، ونفي هيمنة الدولة والمجتمع على الفكر، واحترام الثوابت المشتركة، وتعزيزها، والدعوة إليها، وتعليم النشء عليها، كرسالة دعويّة وتعليميّة تُوجّه للأسَر ولقواعد أتباع المذاهب وللمواطنين عامة، والسماح للآخرين باختيار مقدّساتهم، واحترام خياراتهم ما دامت لا تتنافى مع روح الإسلام.
  1. الاطّلاع على ما عند الآخر، عملاً بقوله تعالى (لتعارفوا)، لمعرفتهم بما ظهر لديهم، وليس بما يُنسب إليهم من زيادات أو قبائح أو إدانات، وعدم تحميل أتباع المذاهب المُعاصرين، ما قاله بعضُ أوائلهم، مما لا يُؤمن به المُعاصرون ولا يتبنّونه، بل يلزمهم ما تبنّوه ودافعوا عنه فحسب، إنّ حسن الظن فرعُ التقوى، فلا نحكم على الناس بما في ضمائرهم، علينا التركيز على الجيل الجديد (الناشئة) وتثقيفه وتنمية حبّ الآخر فيه واحترامه.
  1. تأسيس موقع الكتروني تحت عنوان “وديعة محمد (ص) – شبكة أمان للوحدة الإسلامية” بهدف تحقيق هذه التوصيات، وتشكيل لجنة متابعة دائمة لتفعيل توصيّات المؤتمر مع الجهات المعنية، وإدارة كافة المشاريع المنبثقة عنها.

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.