الحلقة العاشرة: من “راجو” الى “رجاء”.. رحلة بحث عن حنفاء الزمان

حلقة 10

تساءل راجومن المسلمين؛ هل هناك آلية محددة ليصبح بها الإنسان مسلماً؟ فتسابق إليه مسلمون كل يبين له الآلية التي تأخذه لمجراه في مذهبه، يريد أن يؤويه إلى كهفه، فتراكمت بين يديه كتب العقائد، هذا يمده بكتيب يشرح عقيدة أهل السنة والجماعة، وهذا يمده بكتيب عقيدة أهل السلف، وهذا يدعوه إلى عقائد الصوفية، وهذا يزين له عقائد الإمامية، وآخر يغريه بعقائد الزيدية، وهذا يشير على الإسماعيلية، وآخر بعقيدة الإباضية، وكلٌ يحذره من أن الآخرين ليسوا على شيء، وأن الدين كل الدين هو ما هو عليه وفرقته.

يمكن لك عزيزي القارئ أن تتعرف على المصيبة التي حلت بالإسلام والمسلمين جراء تعصبهم المذهبي والطائفي من خلال تتبع أحوال راجوغير المسلم وهو يريد أن يتحول مسلما.

راجوإنسان، قرأ نسخة من القرآن، فأراد أن يدخل ضمن أهل الأديان السماوية ويتخلى عن دينه الوضعي، ولما كان الإسلام المحمدي هو آخر نسخ الإسلام السماوي فقد قرر أن يكون مسلماً محمديّاً، خاصة وأنه وجد أن عملية الدخول في الإسلام سهلة جداً، فما هو إلاّ أن يشهد لله بالوحدانية، ولمحمد بالرسالة، فيكون مسلماً؛ له ما للمسلمين وعليه ما عليهم، وأيضا لأن الإسلام يجبُّ ما قبله، فكأنما عداد الأعمال يعود صفراً في السيئات دون الحسنات، فدين هكذا سعته لا بد أن يكون ديناً رحيماً من جهة، وعالما بالطبيعة الإنسانية التي تتعلم بالتجربة، ومحترما لإرادته الحرة في الاختيار والعمل، ومحترما للفعل الحسن في ذاته، صادرا عن أيٍّ كان.

تساءل راجومن المسلمين؛ هل هناك آلية محددة ليصبح بها الإنسان مسلماً؟ فتسابق إليه مسلمون كل يبين له الآلية التي تأخذه لمجراه في مذهبه، يريد أن يؤويه إلى كهفه، فتراكمت بين يديه كتب العقائد، هذا يمده بكتيب يشرح عقيدة أهل السنة والجماعة، وهذا يمده بكتيب عقيدة أهل السلف، وهذا يدعوه إلى عقائد الصوفية، وهذا يزين له عقائد الإمامية، وآخر يغريه بعقائد الزيدية، وهذا يشير على الإسماعيلية، وآخر بعقيدة الإباضية، وكلٌ يحذره من أن الآخرين ليسوا على شيء، وأن الدين كل الدين هو ما هو عليه وفرقته.

تذكر راجوالذي يريد أن يصبح رجاءا، آية قرأها في كتاب المسلمين تقول: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (الأنعام:153)، فتحير متسائلاً في نفسه ماذا يفعل؟ وكيف يتعرف في هذا الدين الذي وجد كتابه مقنعا على الفئة الصحيحة الناجية؟ ثم قرر أن يسمع من كل طرف قوله لعله يتمكن من الاختيار.

مضت من عمره أشهر، ثم سنون، وهو في خضم تلك اللجج، تقذفه لجة لتستقبله لجة أخرى، يسمع كثيراً من هذا الذي يضاده كثير من ذاك، ويسمع حقاً من هذا وحقاً من ذاك، ونوراً من هذا ونوراً من ذاك، ولكنه لا يجد القلوب والأنفس إلاّ مغشية بظلمة الكراهية وظلم الآخر وبخسه، فازدادت حيرة راجووابتعد عنه الرجاء، وغشيته حيرة، ورأى أنه قد أدخل نفسه في وادي الظلمات، وسلك درباً ليس له القدرة على الإبحار في لججها المتلاطمة، وأن مجاديفه قد تكسرت، وقاربه أوشك على الانكفاء، وأنه غدا مصاباً بدوار أشد من دوار البحر في ريح عاصف.

كان راجوقد قرر أنه لو سمع أن الإسلام مع العمل الصالح على أي مذهب سيأخذه إلى الجنة والرضوان فسيختار أقربها لنفسه ومزاجه، أو لكان اختار أول ما سمع، أو أشهرها بين المسلمين، ولكنه لا يسمع من كل طرف إلاّ أن الجنة له وحده، وأنه هو الفرقة الناجيّة، فليس إلاسلام إلا هو، ومن هنا تحير راجووغلبه اليأس، فما هي الجدوى من دخوله إلى دين يكفر أهله بعضهم بعضاً؟ ولماذا يُصلي صلاة يبطلها أهلها؟ ويصوم صوماً هناك من أهله من يقول أن ليس له منه إلاّ الجوع والعطش؟ ولماذا يحج إلى بيت حجاجه أبدانهم مجتمعة وقلوبهم شتى؟ ما هي الجدوى من التدين بدين لا يعرف أهله الصحيح منه من الفاسد؟ لهذا صار راجوأقرب إلى اليأس وانقطاع الرجاء.

كان الإيمان قد سكن قلب راجو، ولكنه وجد نفسه ضالا عن الطريق الصحيح الذي ينسجم مع هذا الإيمان، فلما ضاق صدره انطلق إلى صدر البريّة ووقف مناجياً رب السماء: إلهي أعرف أنك موجود، وأني منك بمسمع وبمنظر، وتعلم حالي ولا يخفى عليك شأن من شؤوني، وقد أعيتني الحيل في الوصول، وكلَّ عقلي عن معرفة السبيل، ولست أجد رسولاً منك لأهل هذا الزمان، فكيف حيلتي ومن أملتهم في الهداية متفرقون سبلا، لا يجد أحدٌ منهم سواه على شيء، إلهي فدلني على سبيل هدى يخرجني من الظلمات إلى النور، أنال به رحمتك ورضوانك، يا أرحم الرَّحمين.

كان راجوقد فهم من القرآن أن الدين عند الله الإسلام، وأن كل الأنبياء والرسل هم مسلمون ويدعون إلى الإسلام الذي ليس سوى الإيمان بالله وتوحيده، ثم الالتزام بعمل الصالحات، ومن فعل ذلك أنجاه الله يوم الحساب وجازاه بالجنة والرضوان.

وعرف من سيرة الأحناف أنهم كانوا كذلك على ذلك الإسلام بعد اضمحلال دين إبراهيم عليه السلام وقبل بزوغ نبوة محمد (ص)، وأنهم كانوا موحدين حنفاء في عقيدتهم، ودعاة خير وإصلاح في مجتمعاتهم، يسعون لإصلاح ذات البين، ومساندة الضعيف، وإطفاء النائرة، وإيواء الغريب، وإطعام الجائع والتعاون على البر والتقوى، فتفكر؛ لم لا يخط له خطاً من هذا وذاك؟

قرر راجوأن يتحول رجاءا، وأن يتمسك بكتاب الله ولا يتمذهب لأحدٍ، بل يجتهد بحُرِّ عقله مستهدياً بربه، فما وجده صحيحاً نافعاً له ولأمته وللإنسانية أخذ به، وما لم يجده كذلك رده على أهله، وأن يظل يؤمن ويسعى لجمع الناس على الخير والمحبة والتسامح، وأن لا يميز في مودته بين أحدٍ بعصبية،ولا يحبس بره وصلته عن أبيضهم ولا أسودهم، سنيهم أو شيعيهم أو غيرهما من المسلمين، فهو سيكون مع كل أحد في البر والإحسان والصلاح، مفارقاً لكل أحدٍ في الإساءة والقطيعة والفساد، لقد قرر أن يكون حنيفاً مسلماً، يتمسك بالمحبة ولو غرق العالم كله في الكراهية.

ومن يومها ورجاءالذي كان راجويعين الضعفاء ويشهد بالحق ولو على نفسه والأقربين، ويصلي مع كل من أفتاه قلبه بصدق تقربه، ويستمع إلى القول ثم يتبع أحسنه، لا يأبه لمذهب قائله، لقد أصبح مسلماً لا مذهبياً، يؤمن بفكرة ويرفض أخرى بحسب صدق محاكمته لها، لا بسبب انتسابه إلى مذهب أهلها أو عدم انتسابه.

رجاءالذي كان راجوهو اليوم على نسخة فريدة من الإسلام قلَّ أن تجد لها نظيراً بين المسلمين، فهو لا يعبأ بأي اختلاف في الفقه بينهم، فمن صلى مسبلاً أو مكتّفاً، ومن مسح في الوضوء أو غسل ومن جمع في الصلاة أو فرّق، ومن قال إن الصفات هي عين الذات ومن قال إنها غيرها، إلى ما هنالك من سائر اختلافات المسلمين، فلم يعد يعير ذلك كبير اهتمام، بل صار يعتني بصدق الشعور وإخلاص التوجه، فقد اكتشف بصادق فطرته أن في كل مذهب شرفاء يتوجهون بصدق وإخلاص لعبادة ربهم، ترتعد لهيبته فرائصهم وتذرف في حبه مآقيهم، وتخاطبه بإخلاص قلوبهم قبل ألسنتهم، ووجد في كل مذهب كذلك كذابين يريدون الحياة الدنيا ويقولون سيغفر لنا.

وقلبه الذي يعرف ربه وأنه مع الإخلاص والصدق دون الزيف، أعلمه أن الله لن يخيب أمل عبدٍ صادق في تأميله وإن أخطأ الوسيلة، ولن يخدعه تنسك مخادع ولو توسل بكل الكتب الصحيحة والوسائل الشريفة، فإنما ينظر الله سبحانه إلى القلوب ويجازي عليها.

من هنا لم يؤمن رجاءبفرقة ناجية وفرق هالكة، وإنما بإنسان ناج وإنسان هالك، فهيهات (لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ)، وما يستوي (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلا الْمُسِيءُ)، فهيهات هيهات أن تصدق مقولة من قال (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) اعتماداً على أنهم أولياء الله وأحباؤه” (إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ) ولن ينظر الله إلى الأسماء دون الأفعال.

لهذا فقد تجد رجاءفتظن أن دينه مرقع من مذهب هنا أو مذهب هناك، أو تقول إنه مبتدع يرى ما لم يره غيره، ذلك أنه كفر بالتبعية العمياء، ولكن دون أن يهين عبداً وهو يسلك سبيلاً إلى الله، بل إنه يرى نفسه وغيره على حدٍ سواء عبداً كادحاً إلى ربه كدحاً فملاقيه، فإنما على الناس في الدنيا أن تجتهد لله مخلصين له الدين، فنحن نصيب ونخطئ، ومادام لا رسول بيننا فإننا لا نملك المرجعية الفاصلة، ولكن سيجازينا ربنا أجراً أو أجرين بل أضعافاً مضاعفة، ما دمنا لم نفارق الإخلاص والشرف والقيم الإنسانية العليا، التي هي وليدة صفاتٍ لربنا قبل أن نتصف بها.

لا تظنن أن رجاء الذي كان راجوقد استقر به اليقين دون أن يسهره القلق، فما ذاق برد اليقين أو بعضه إلاّ بعد أن أقلقه التفكر طويلاً، فبعد حيرته الطويلة بين مذاهب المسلمين وفرقهم واجه نفسه بالسؤال الذي هو صعب اليوم ولم يكن كذلك بالأمس: هل يمكن أن يكون إسلام بلا مذاهب؟ هل يمكن له أن يكون مسلماً دون أن يتمذهب؟

فعلى الرغم من مشروعية هذا السؤال إلاّ أنه لم يجد من يتجرأ على طرحه، عوضاً عن اتخاذه سبيلاً في الدين، فكل ما سمعه من المسلمين أن الدين لا بد وأن يكون بعد رسول الله على طريقة من طرق العلماء، فإنك لن تستطيع فهم الدين كتاباً وسنة وتشريعاً وأخلاقاً وقيماً إلا من خلال رؤية رجل عالم فرّغ نفسه وجهده وإخلاصه لبيان صحيح الدين من فاسده، وأن عملك بدون الرجوع إليه هو عمل باطل، يقوم على الجهل والتخبط دون الدليل والبرهان، فمن لم يعمل على طريقة فهو في ضلال.

هكذا سمع رجاءمن الجميع وبثقة كاملة ويقين تام، وكان كل واحدٍ من القائلين يقول بضرس قاطع أنه هو السبيل ومن سواه (أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) .

هذه موعظة بالغة قد طرقت سمعه وقلبه ووجدانه مراراً وتكراراً، ولهذا فإن التفكير، مجرد التفكير في الإسلام بلا تمذهب هو طريق مغلق لا سالك فيه.

ولكن ما هي الثمرة التي نتجت عنه؟ ما هو الحال الذي آلت إليه الأمة حينما اتخذت ذلك منهجاً وسبيلاً؟ كثيراً ما يحتاج الإنسان ليكوّن نظرة صائبة، أن يأخذ نظرة شاملة، فلو كانت هناك سوق مكتظة بالرواد، فإنك لن تستطيع رؤيتها كاملة وبوضوح كلي إلا حينما تشرف عليها من مكان عالٍ، فاصعد إلى شاهق وانظر إلى الأمة وديعة محمد (ص)، كيف هي بعد أن صدقت علماءها في طرقهم وطرائقهم؟ وأنهم الأبواب إلى الدين والأدلاء عليه؟ ألا تراها ممزقة مفرقة؟ قلوبهم شتى، مفرقة موزعة، إذا استنطقت تاريخها وجدته ملطخاً بدماء التكفير والتفسيق وعلى أمور صغيرة، فهذا النهج ،نهج لا أرى الدين إلا دين فلان قد مزق الأمة فرقا ومذاهب وطوائف، ولن تر الأمة العافية ما لم تتحول عنه إلى منهج التفكير الحر الذي يقبل الآخر المختلف مادام تحت سقف القيم الفاضلة للدين.

أمر خطير شغل بال رجاء، كيف له أن يدعو أهله إلى الإسلام؛ والمسلمون أنفسهم غير متفقين على إسلام جامع بينهم؟ ما هي صيغة الإسلام الحجة التي يسلم من تمسك بها؟ ما هي صيغة الوديعة التي أودعها الله ورسوله أمانة في أعناق المسلمين يبلغونها للناس كافة؟ هل باتت للإسلام حجة على الناس إن لم يسلموا؟ ولماذا على الناس أن يشقوا أنفسهم بالدخول في دين لا يعرف بياضه من سواده عند حملته؟ ماذا لو سأله سائل منهم كيف عرفت صحة المذهب الذي اتخذته في الإسلام دون سواه؟ أم أنك اتبعت مذهب من دعاك؟ أم أنه كان المذهب القريب من بلادك؟ هل عرفت إشكالات بقية المسلمين على إسلامك؟ هل تعلم بأن إسلامك هو باطل عند جماعات أخرى من المسلمين ليست قليلة؟ من خلال هذه الأسئلة علم رجاء” / “راجوماذا فقد المسلمون من مصداقيتهم جرَّاء تعصباتهم المذهبيّة، وهذا ما أرقه كثيراً وجعله يبحث عن إسلام خارج الصناديق.

تفكر رجاءفي تاريخ المسلمين مع النبي (ص) وتأمل، أولم يكن يومها الإسلام بلا مذاهب؟ أوليس قد نزلت فيهم آية إكمال الدين وإتمام النعمة ورضا الرب؟ (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً)؟ فماذا عليه لو تمسك بالدين قبل أن يختلف فيه المسلمون فرقاً ومذاهب؟ أترى أن الله الذي ارتضى للصحابة ذلك الدين لا يرتضيه له؟ كيف وهم مع رسول الله يهديهم، وهو الآن في بحور من الحيرة والفرقة؟ لا بد أن الله سيرتضي منه ما هو أقل مما ارتضاه لأولئك.

بل وأكثر من ذلك ماذا لو أنه اتخذ سبيل المسلمين الحنفاء الذين لم يعرفوا من دين إبراهيم إلاّ اليسير الصحيح فتمسكوا به واتخذوا مقاصده الخيرة لهم سبيلاً وديناً، فكانوا في أقوامهم دعاة خير وإصلاح، يحثون الناس على البر والفضائل والمودة، لا دين لهم إلاّ المروءة التي هي أخلاق أهل الشرف، يأمرون بها وينهون عما يخالفها، فعاشوا وماتوا محمودين في الأرض محمودين في السماء، فلماذا لا يكون رجاءواحداً في الإسلام على سمت الحنفاء؟ لماذا لا يكون حنيفاً مسلماً يؤمن بالله وحده وبكتابه وسائر كتبه، يعمل الصالحات ويتجنب الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ويتعاون على البر والتقوى، ويواجه الإثم والعدوان؟ لماذا لا يتمسك بهذه المقاصد السامية ويسلك هذه المحجة الواضحة التي لا يستطيع إنسان عوضاً عن مسلم أن يلومه على انتهاجها، بدلاً من أن يضيع عمره ودينه في التنازع حول قشور لا لباب فيها، أو أن يتكلف في الدين ما لم يكلفه الله؟ فما له هو والتنازع في الأسماء والصفات والذات؟ وما له وكيف صام فلان وكيف صلى؟ أو ليس قد صام وصلى وآمن بالله؟ لماذا لا نمضي جميعاً تحت سقف القيم الفاضلة التي لا خلاف حولها، لماذا لا نمضي نحو المروءة وأخلاق الأشراف، ونترك مالا ثمرة فيه ولا خير اللهم إلاّ الفرقة والتمزق؟ الناس اليوم تتحد على المبادئ وهي مختلفة الدين، ونحن نترك مبادءنا وقيمنا لنتنازع حول المذاهب والطوائف.

لقد حسم رجاءأمره، لن يكون بعد اليوم إلاّ حنيفاً مسلماً، يؤمن بقيم الدين الشريفة، ويعتبرها هي معيار الحق والباطل، الخير والشر، الصلاح والفساد، فالشريف في الدنيا والآخرة من تمسك بعد الإيمان بها وسعى بها بين الناس، فالصادق الأمين الوفي المعين المغيثإلى آخر الصفات والأسماء الحسنى هو المسلم الحق ثم لا يهم بعدها مذهبه ولا طائفته، وأما صاحب أضدادها فهو غير مرضي عند الله ولو كان مع الصحابة والآل بل والملائكة والنبيين، فما كانت معرفة إبليس بالله قاصرة، ولكنه كان طاغية حسوداً فلم تنفعه عبادة الدهور.

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.