النداء الذي أطلقته جمعيّة التجديد الثقافيّة ضمن شراكتها مع المؤسسة العربيّة للديمقراطيّة ضمن حملة “واجب المواطنة حقي”، كحلقة ضمن سلسلة من الحملات تشمل بقية الدول العربية بهدف استنهاض المجتمع المدني حول شعار جامع يستلهم أساسيات الحقوق للإفراد المنبثقة من جوهر الدعوات السماوية، المعبّر عنها ضمن المواثيق والمعاهدات الدوليّة لحقوق الإنسان بهدف إيجاد دول عربية يتمتّع فيها المواطن بكافة حقوقه كمواطن دون الالتفات إلى معتقده أو عرقه أو دينه ودون تمييز، وخلق بيئة المواطنة عبر إعادة الحقوق المضيّعة التي أوجبتها شرائع السماء، وقوانين الأرض لتسهم في رفعة الفرد والمجتمع والدولة والأمة.
نداء جمعيّة التجديد الثقافيّة انطلق من روح المسؤولية الوطنية، ومن الإيمان بأنَّ لكلّ فرد وهيئة دور في نهضة الوطن والأمة، ولن يتأتى ذلك إلا باستعادة الفرد لكرامته وإنسانيته المضيعتين بالاستبداد والتسلّط بأيّ لون وضمن أيّ مسمّى، وإنَّ اللبنة الأولى لهذه الكرامة تكون بامتلاك الفرد لحقوقه كاملة، والتي كفلتها القيم السامية لشريعة السماء وتراث الحضارات الإنسانية والمعبّر عنها بشرعة حقوق الإنسان والتي تعد بمقاييس الزمن الحاضر ميزانًا للعدالة المنشودة لعلاقة الفرد والمجتمع.
لماذا المواطنة؟ و لماذا الآن؟ لأنّ المواطنة شعار جامع لكلّ أطياف المجتمع مهما تعدّدت بينها الأعراق والمعتقدات والمذاهب، وهي البديل المنطقي لخطاب التمزّق والانقسامات الدينية والعرقية، وهي منطلق لتوحيد الجهد الوطني لتحقيق المساواة بين الناس واستعادة الحقوق بتعسّف السلطات الحاكمة، وهي حصانة ضدّ التدخّل الخارجي الذي يستغل الفرقة بين الشعوب
لتحقيق مأربه.
المواطنة بحقوقها وواجباتها حجر الزاوية لأوطان آمنه للجميع، لا يخشى فيها الفرد على نفسه وقوته. المواطنة الحقّة تشجّع الإبداع الفردي والجماعي.
بالمواطنة الحقة يمكن الانطلاق إلى تحوّل ديمقراطي فعلي وبدونها تصبح الديمقراطية المنشودة بعيدة المنال و مزيفة.
لندع وثيقة المواطنة تتحدّث عن نفسها، فواجب المواطنة هي فكرة تضافرت لها جهود نخب الأمة من ممثلي المجتمع المدني والسياسيين ورجال الفكر والفنانين والصحفيين لإرساء تحالف حركة المواطنة بعمل استمرّ لسنوات، تمّ من خلالها التأسيس للحركة اتفق مختلف الفقراء على فحواها ومضمونها لتكون رسالتهم للمجتمع المدني العربي لقيادة الأمة بمبادئ حدّدتها وثيقة واجب “المواطنة حقّي” في التمسّك بقيم المواطنة كافة كما تضمّنتها المواثيق الدولية ومرجعيات حقوق الإنسان، وأنّ المواطنة الفاعلة تتمّ من خلال مواطن واثق بقدراته، ومعني ومبادر ومشارك ومسئول في الحياة العامة، وتتحقّق من
خلال قيام نظام ديمقراطي يحترم الفرد ويؤسّس لعلاقات تعاقدية تجمع بين التمتّع بالحقوق والقيام بالواجبات.
إنّ المواطنة الفعلية لا تتحقّق إلا بضمان المشاركة في إدارة الشأن العام من خلال صيغ ديمقراطية، وفي مقدمتها تنظيم انتخابات حرّة ونزيهة تحقّق التداول السلمي للسلطة، في ظلّ نظام يقوم على مبادئ الفصل بين السلطات وسيادة القانون، واستقلال القضاء.
المواطنة تزدهر بالتعدّدية الفكرية والسياسية والدينية والمذهبية والثقافية واللغوية والقومية، باعتبارها مصدر غنى وتنوّع لمجتمعاتنا في ظلّ وحدة التراب الوطني والتمسّك بالهوية الوطنية الجامعة بالتوازي مع احترام الهويات الثقافية
الخاصة والعدل الاجتماعي، والتوزيع العادل للثروات، وتكافئ الفرص، ومعالجة أسباب الفقر وانتشار البطالة وغلاء المعيشة وتحسين نوعية الحياة، ومناهضة الفساد والاستبداد، واعتبار التنمية المستدامة وحماية البيئة من المهام التي لا تقبل التأجيل.
لتحقيق الرؤية حدّدت الوثيقة وسائل للعمل وتشمل تشكيل تحالف من الفعاليات والمنظمات في الدول العربية من أجل مواطنة فاعلة، وتنظيم حملة المواطنة لتجميع مليون توقيع من مختلف الدول العربية، واستقطاب شخصيات متنوعة من مختلف الدول العربية، ليكونوا سفراء لحملة المواطنة، ووضع وتنفيذ خطط لتعبئة المواطنين باستخدام مختلف الوسائل المتاحة في كلّ دولة عربية، والتواصل والتنسيق مع أصحاب القرار والتأثير من برلمانيين وسياسيين وإعلاميين بهدف تعديل التشريعات والسياسات العامة وتنفيذها وفق مقتضيات حقوق الإنسان.
المواطنة لتحقيق الرؤية المنشودة نحو دولٍ عربية يتمتّع فيها جميع المواطنين من مختلف المعتقدات والثقافات والأعراق بحقوق الإنسان والمواطنة دون أيّ شكل من أشكال التمييز.
استجابات