الهروب من الأنانية
بقلم: عبدالهادي طريف
شهر رمضان الفضيل يفتح أبوابه لممارسة هجرة الأنا باعتبارها تقوقع في النفس وباعث للشح؛ يهجرها ليقترب من فضاء الروح، فيعظم عنده الشعور بالسعة والتحفز للعمل؛ والتمثل بالقيم الإنسانية.
شهر رمضان محطة للتراحم والتلاحم وخصوصا في هذه الظروف الصعبة.
هذا الظرف الذي يمتحن إنسانيتنا وصدق انتمائنا لإيماننا وقيمنا.
من مصاديق هذا الامتحان؛ التواصي؛ بأن يكون الآخر هو محط نظرنا واهتمامنا وبؤرة تركيزنا.
فهل نستدعي قيمة “الجار قبل الدار”؛ وأن حاجاته أولى فنلبيها ونقدمها على حاجاتنا؟
هل نتشاعر مع اخواننا؟ هل نتلمس عوزهم؟ هل نسعى لاسعادهم؟
قد يكون في محيطنا معوز فقير،
وقد يكون هناك ميسور في ظرف عسير؛ لا فرق؛ فالانسان قد ترهقه ظروفه المادية، وقد تخذله عاداته وطباعه؛ وفي الحالين يحتاج لمن يمد له يد العون.
بعضهم بحاجة للمال والمؤونة،
وبعضهم بحاجة للكلمة الطيبة والشخصية الرحيمة الرفيقة؛ بل أن كثيرا من الناس حاجاتهم ليست مادية، ولو التفتنا لوجدنا في محيطنا ميسورا مرفها تقطعت به سبل الاستواء النفسي؛ ينتظر يدا حانية ومبادرة أخوية ترفع عنه شبح العزلة الخانقة؛ وتخفف عنه وطأة القلق والتوتر.
شهر رمضان فرصة لكل ذلك واكثر؛
كل ما علينا هو أن نبادر ولو بشق تمرة أو بكلمة طيبة وابتسامة.
مهما كان حالنا وبلاؤنا وصعوبة ظرفنا؛ فكل واحد منا أعطاه الله شيئا ما ليس لنفسه؛ وإنما لينفع به الناس.
سينفعنا إن تذكرنا أن لدينا دائما من النعم ما يفتقر له آخر.
وكلما تجاهلنا النظر لأنفسنا وحاجاتها؛ كلما سمحنا لرؤية للآخر ووضعه في بؤرة اهتمامنا.
وذلك هو منحى كبير من مناحي التحدث بنعمة ربنا.
ولا نستصغر النعم؛ فقد تكون وجها مبتسما ينشر الفرحة؛ وقد تكون مقدرة على الكلام الطيب الذي يبين الرشد ويرفع المعنويات.
شهر رمضان محطة سنوية متجددة تطرق حياتنا؛ لتقدم لنا فرصة التعبير عن شكرنا وعرفاننا لخالقنا ومانح خيراتنا؛ وتمنحنا شرف التحدث بالنعم التي أنعم الله بها علينا؛ نفعل ذلك لوجه الله
ليس للنفس وحظوظها؛ فما من قيمة يمكن تجسيدها من دون نكران الذات أولا وأخيرا.
شاركنا بتجربتك في #الهروب_ من_ الأنانية