نعزّي نبيّنا نبيّ الإنسانيّة والعطف والرحمة (ص) وآل بيته الأطهار (ع) لا سيّما خاتمهم (عج) وأصحابه الأمجاد (رض) الذين تآخوا في الله لحمل راية دينه وأزالوا عصبيّاتهم الجاهليّة وتآلفت قلوبُهم على البرّ والتقوى بعزّة الله وفضله. ونعزّي أمّتنا المحمّدية، وأمم بني الإنسان قاطبة، ومرجعيّاتها الدينيّة الفاضلة، وكلّ علماء الخير والصلاح الأعلام الذين تذوب قلوبهم ويسيل دمهم وعرقهم العبِق لخير الإنسان والإيمان.
نعزّيهم لاستباحة القداسة بالانتهاك الآثم والأليم لمرقد الإمامين سليليّ النبوّة الهادي والعسكري (ع) في سامراء، ويحقّ لأمّتنا أن تتعزّى، فبالأمس تُطعن قداسة نبيِّها (ص) واليوم تُطعن قداسة أبنائه (ع)، فاجتمع على ذلك، أيدٍ غربية لادينيّةٍ مستهترة، وأيدٍ في أمّتنا فاجرة.
هال المستعمر الجديد إيمانُ هذه الأمّة، فما وجد شيئاً يشغلها به إلاّ أن يفتعل الأزمات والأحقاد بين طوائف أبنائها، لذا على أمّتنا أن تكون على مستوى الوعي والمسئوليّة، لأنّ أيّ انجراف في هذه الفتنة ستجعلها ظهراً يُركب للفكر التكفيريّ المستشري، أو ضرعاً يُحلب من قبل المحتلّين الذين رهنوا مصالحهم باستنزاف أمّتنا، فإنّ مراد العدوّ مهما كانت له أفعال برّ وخير وقيَم، أن تكون أمّتنا أحزاباً وطوائف كلّ حزب بما لديهم فرحون وعلى فاجعتهم باكون، بأسُهم بينهم شديد، وفي حاجةٍ ماسّةٍ دائمة إلى مرابطة قواه ومرابضته لنُحتَلَب، وقد والله وجد العدوّ الجاثم على الأمّة ضالّته في أيدٍ تقوم جهلاً أو عمداً بالنيابة عنه في تمزيقها وتبرير وجوده وممارسة (أبويّته)، تبعاً لفكرها المتوحّش وعقيدتها المستبدّة التي بخّرتْ جوهرها الإنساني، والضالّة عن الهدي المحمّدي، بقتل المسلمين والخوض في دمائهم.
إنّ أيّ إشعال لفتيل الأزمات في الأمّة، علينا أن نعي أنّ يداً متصهينةً ولو بعيداً من ورائه، على أرض فلسطين، ولبنان، وسوريا، والجزيرة العربيّة، والعراق، وفي الفضائيّات، كلّ نغمات العزف على الطائفيّة وتوقيدها والنفخ في مذهبيّاتها، وتأليب الشعوب والطوائف على أوطانها، وزرع بذور الشكّ والتناحر بين أبنائها، مرجعها إلى دجّال واحد وإن مرّت تنفيذيّاً بطوابير خامسة ساذجة تدّعي الوطنية أو التديّن!
لم يجدْ دعاةُ العنف، وأبواقُ التمييز الطائفي، أنصاراً لأغراضهم ووبائهم إلاّ بتفجير الأمّة من داخلها لتغدو الأمّة كقنابل موقوتة، الجماعاتُ الإرهابية والتكفيرية الذين خاضوا في دماء المسلمين بعقائدهم الفاسدة وطموحاتهم المريضة على سنّة خوارج خوالي السنين، الذين يقتلون إماماً زكيّاً مثل عليّ (ع) ولو ساجدًا في محراب مسجد، ويبقرون بطن المرأة الحامل لقتل جنينها، فالنفسية هي هي ولو تطور السلاح.
فما من مصدّ يُفسد أمل أعداء الأمّة في تمزيقها، ويفسد أمل الآثمين الذين يهدمون الاديرة والكنائس والمساجد والمعابد والمآتم في العراق وفي لبنان وباكستان والهند، إلاّ بوحدتها القلبيّة حول قيَمها ومبادئها وقضاياها العادلة، والإصرار بحرمة الاحتراب والتنازع مهما كانت الظروف والدوافع.
إننا في جمعية التجديد الثقافية الاجتماعية وبهذه الفاجعة المؤلمة نؤكد إدانتنا لها ولكل أعمال العنف التي تطال الأبرياء والعزل والمدنين من العراقيين والأجانب على حد سواء، وندعو علماء ومفكري ومثقفي كل الطوائف في العراق إلى التحلي بالصبر، وحث أبناء الشعب العراقي على التمسك بخيار الوحدة الوطنية حيث أنه بلا شك الخيار الوحيد لإبطال المخطط الخبيث للإجهاز على العراق وأبنائه وخيراته.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جمعية التجديد الثقافية الاجتماعية
مملكة البحرين – 25 فبراير 2006