أقامت جمعية التجديد الثقافية الاجتماعية ندوةً بعنوان “العروبة الجديدة” قدّمها المفكر والباحث العربي معن بشور وذلك يوم الأربعاء الموافق 26 مايو 2010م.
وقال بشور أن “العروبة كما أفهمها هي هوية قديمة جديدة، فلا أعتقد أن هناك عروبة قديمة وأخرى جديدة، فالعروبة قديمة بقدم أصحاب هذه الهوية، فهي هوية جماعة من الناس يعيشون على رقعة من الأرض يتحدثون بلغة واحدة، يجمعهم تاريخ واحد ومصالح مشتركة ويواجهون تحديات مشتركة، ويدينون بدين واحد قامت عليه حضارة إنسانية ساهم فيها عرب مسلمون وغير مسلمين. أما إن كان هناك جديد فهو في المشروع الذي يتنمي لفكرة العروبة وليس في العروبة نفسها”.
وأضاف معن بشور “المشروع الذي أؤمن به متجدّد يجمعه بسابقه ثوابت جوهرية وعناوين كبرى، ولكنه مشروع يسعى لخلق مناقشة تسعى لتطوير ما هو جيد والتخلص مما هو سلبي، بل إن مشروعنا العروبي يسعى للانفتاح على المشاريع الأخرى في المنطقة لأنه يستند على العروبة التي هي هوية كل الأمة”.
وأشار بشور إلى أن المشروع العروبي الذي يدعو إليه يرتكز على عدد من الدعائم، أولها: عروبة المشروع النهضوي الحضاري العربي بعناصره الست، “وهذا المشروع قد تمّت صياغته -وهذا هو المهم- من مجموعة مفكرين ينتمون لكل تيارات الأمة، انطلاقا من فكرة بسيطة تقول أن العروبة هي عروبة جامعة لكل أبناء الأمة المؤمنين بالمشروع، بمعنى أننا لا نعتبر القومي العروبي هو من ينتمي للناصرية أو البعث أو السلالات التقليدية، بل كل من يشاركنا الهدف هو شريك لنا في مشروع النهضة”.
وتابع بشور “ثانيها أنها عروبة التكامل مع الإسلام كحضارة إنسانية وحضارية خالدة، ومع المسلمين كشعوب متجاورة مع العرب تجمعهم معادلة خلّاقة قلّما نشهدها في أديان أخرى، وهي أنه في كل عربي حتى وإن لم يكن مسلماً قدرٌ كبيرٌ من الإسلام كثقافة وحضارة، وفي كل مسلم حرص كبير على العروبة رموزاً وثقافة، فأبطال العرب هم أبطال المسلمين جميعاً وأنا أعتقد أن هذه الصفة يتم إخفاؤها وطمسها كجزء من المؤامرة المستمرة على العروبة والاسلام معاً. إذاً عروبتنا بتكاملها مع الإسلام تبعد تهمة الشوفينية عن العروبة وتهمة التعصب عن الإسلام”.
أما ثالثاً –أضاف بشور- فعروبتنا هي عروبة المقاومة والمواجهة مع قوى الهيمنة والاحتلال الخارجية وقوى الفساد الداخلية. في حين انتقد ما لحق بالعمليات العروبية من عدم الاهتمام الكافي بالديمقراطية.
وفي النقطة الرابعة بخصوص المواطنة قال بشور أن عروبتنا بمشروعها المتجدد هي عروبة المواطنة التي ترفض التمييز بين أبناءها على أساس الجنس أو الدين أو اللون، فهي إذاً المحصنة ضد كل أنواع الفتن والتفتيت.
وحول العلمانية أكّد بشور “إذا كان المقصود بالعلمانية هي أن نرفض التمييز بين المواطنين على أساس الأديان فنحن في العروبة نقوم بهذا الأمر، أما إذا كان أن لا ندرك بأهمية الدين في الشعوب فنحن نعتقد أن الدين له أهمية والاسلام خصوصاً له أهمية كبرى”.
واستعرض معن بشور عدداً من المشاريع والتي يدعو لها من أجل الوحدة بين العرب؛ كدعوته لإنشاء قطار يربط بين الدول العربية بكل ما يعني ذلك من عوامل اقتصادية وربما تسهم في بناء عمود فقري للوحدة العربية نفسها، وإلغاء التأشيرات من الدخول للبلدان العربية، وتفعيل مبادرة السوق المشتركة، وتشكيل مرصد للعمل العربي المشترك، بمعنى مراقبة تنفيذ القرارات التي تصدر والضغط من أجل تنفيذها.
وقد شهدت الندوة الكثير من المداخلات التي حملت آراءً متعددة بين مؤيدٍ ومعارض حول العروبة منهجاً وممارسة في الماضي والحاضر.
وفي سياق تعقيبه على مداخلات الجمهور قال بشور “أن كل من يقوم بأهداف العروبة أنا معه وأؤيده بغض النظر عن الهويات العقائدية الخاصة، فأنا لا أناقش حزب الله في هويتهم العقائدية حين واجهوا إسرائيل بل كنت جندياً مع حزب الله، وكذلك مع حماس، يجب الانتهاء من هذه المصطلحات والتسميات المجزئة”.
وكان المفكر اللبناني معن بشور قد أعرب في مستهل الندوة عن اعتزازه بجمعية التجديد الثقافية الاجتماعية وأشاد بمكانتها الرفيعة في الحياة الثقافية والاجتماعية في البحرين.