من الذين لا يقرأون إلى الذين يقرأون!

هم الديمقراطيون ونحن المستبدّون! هم محبّو السلام ونحن الإرهابيون! هم الحضاريّون ونحن المتخلّفون! هم العلميّون، العقلانيون، المتنورون، ونحن الخرافيون، الرجعيّون، الظلاميون! هم الذين يقرأون ونحن من لا يقرأ، وإذا قرأنا لا نفهم، وإذا فهمنا لا نستفيد فنُطبّق!! بحسب مقولة موشي دايان الشهيرة التي قالها حين سُئل: “كيف تغامر بتطبيق خطط عمليات حرب 1967 على نفس أسس خطط حرب 1959 التي كتبت عنها بالتفصيل، ألا تخشى أن يستعدّ العرب لها؟” فردّ عليهم بمقولته الشهيرة تلك، وتبنّاها الكتّاب العرب وكرّروها على مسامعنا على مدى عقود طويلة حتى بُرمجنا على أننا أمة لا تقرأ، ولا تفهم، ولا تعمل.

فهذه بعض التصريحات والمواقف لدعاة الديمقراطية والعلمانية التنويرييّن الأحرار (!):

لقد قامت الدنيا ولم تقعد لأن أسقف كانتربري أجاب في مقابلة تلفزيونية عما إذا كان اعتماد الشريعة الإسلامية في بريطانيا ضرورياً من أجل التماسك الاجتماعي بقوله: “يبدو أن تبنّي بعض أوجه الشريعة الإسلامية في بريطانيا أمر لا مفرّ منه”، ناظراً إلى معاناة 1,8 مليون مسلم بريطاني في قضايا الأحوال الشخصية كالإرث والزواج والطلاق ومراسم الوفاة والدفن وغير ذلك ومؤكّداً على أنه “يمكن إيجاد تسوية بناءة مع بعض أوجه الشريعة الإسلامية على غرار ما نقوم به مع قوانين دينية أخرى”، فوُصفت تصريحاته بأنها “وصفة لإشاعة الفوضى”، وأنّها تهديد لأمّتهم!

وخرج الآلاف من العلمانيين في تركيا يتظاهرون احتجاجاً على محاولات حكومية لرفع الحظر المفروض على ارتداء الحجاب في الجامعات التركية، وقد اعتبرت المحكمة المعنية بمراجعة صحة القوانين “إنّ رفع القوانين يهدّد السلم الاجتماعي” وذكرت “أنّه لن يتمّ الدفاع عن حقّ ارتداء الحجاب في الجامعات من زاوية الحقوق الديمقراطية في مواجهة القوانين والدستور العلماني”، مع العلم أنّ استطلاعات الرأي تشير إلى أن أكثر من 70% من الأتراك يؤيّدون رفع الحظر!!

ووصف البيت الأبيض قيام إيران بإطلاق صاروخ إلى الفضاء تمهيداً لإطلاق أقمار صناعية للأبحاث العلمية، بأنّه “مؤسف”، وأنّه “حدَثٌ مقلق”، ملوّحاً بعصا عزلة إيران عن المجتمع الدولي إن هي استمرت في التمرّد على الإرادة الأمريكية!!

وهُدِّد العالم على لسان متلقّي وحي السماء بوش بحرب عالمية ثالثة إذا لم يمنعوا إيران من الحصول على المعرفة الضرورية لصنع سلاح نووي(!) هذا طبعاً بعد الترويج لحرب صليبية والتورّط فعلاً في حرب مقدسة ضدّ الإرهاب. وقبل ذلك تبجّحت رايس بأنه “من رحم معاناة الشعب اللبناني الأعزل، وعلى أنقاض أشلاء أطفاله ونسائه الأبرياء سيولد شرق أوسط جديد”!

فلا عجب بعد ذلك أن نسمع أن أمريكا تبارك عملية اغتيال الشهيد “عماد مغنية”، وأن الناطق باسم الخارجية الأمريكية قال بعد تصفيته بأنّ “العالم بات أفضل حالاً الآن بدون عماد مغنية”! وأن فرنسا عبّرت على لسان المتحدّثة باسم خارجيتها عن “أسفها لمقتل القائد العسكري في حزب الله قبل محاكمته”.

وليس بمستغرب أن نسمع من أحد تلامذة (بوش) النجباء وليد جنبلاط وهو يهدّد أبناء وطنه من المعارضة اللبنانية: “سنضطَـر إلى حرق الأخضر واليابس، تريدون الفوضى؟ أهلا وسهلاً بالفوضى، تريدون الحرب؟ أهلا وسهلاً بالحرب”.

أما ما يجري على أرض فلسطين المحتلّة وبالأخص في غزّة فمصداق أكيد لحضارة الغرب وتطوّرهم، وخاصة عندما نسمع التهديدات الإسرائيلية المتكرّرة بتصفية قادة المقاومة الإسلامية في فلسطين، ونرى معاناة الفلسطينيين اليومية عقاباً لهم على ممارسة الديمقراطية في انتخاب حكومتهم دون تدخّل خارجي.

تلك لقطات سريعة لتطبيقات ومعاني الديمقراطية والعلمانية في العالم الحرّ، الذي يقرأ ويفهم ويطبّق(!!) قرأناها في تصريحات ساستهم، وفي أحداث الواقع لا من كتبهم، لنقول لهم: “نعم، نحن نفتخر بأننا لا نقرأ ما تريدوننا أن نقرأ، ولا بكيفما تشاءون، وأنّ لنا قراءتنا الخاصة والواعية للتاريخ وللحاضر وللمستقبل، وقد آن الأوان لكي تقرأوا أنتم ما قاله مؤسس دولتكم الغاصبة بن غوريون: “إن إسرائيل ستسقط بعد خسارة أوّل حرب لها” … بعد ما ذكّركم به السيد حسن نصر الله وذكّركم بـ”أن إسرائيل أجمعت بيمينها ويسارها أنها خسرت حرب تموز، وبات محكوماً عليها بحكم القوانين والسنن التاريخية وبحسب وعد منشئها بالسقوط”، فافرحوا كثيراً بقراءتكم الغثّة، ولكن اعلموا أنها جاءت متأخرة لأنّ عقارب الساعة لا يمكن إرجاعها إلى الوراء!

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

عصى آدم..الحقيقة دون قناع
  • معصية آدم، نموذج لمفردة في البناء المعرفي! وحلها سيعيد لإنساننا خارطة نفسه وهويته الضائعة وهدف وجوده
  • معرفة هذه الحقيقة صدمة تعيد الوعي، نعقد بها مصالحة بين التراث والمستقبل لنعيش لحظة الحاضر بيقظة أننا على جسر التحول الإنساني، الذي بدأ في الأرض بالإنسان الهمج ليختتم بالخليفة "الإنسان الإنسان"
مسخ الصورة..سرقة وتحريف تراث الأمة
  • أخذت الحركة الصهيونية على عاتقها غرس دولة لليهود في خاصرة الأمة فزوروا التاريخ العربي ونسبوه لليهود
  • اختلقوا لغة بسرقة إحدى اللهجات القبلية العربية البائدة وأسموها اللغة العبرية
  • أقحم الدين والتاريخ للسيطرة على عقول الناس ونقلت رحلات الأنبياء من مواقعها ليأسسو لاحتلال فلسطين فساهم هذا التزوير في مسخ صورة العربي والمسلم في الثقافة الغربية
مفاتيح القرآن و العقل
  • إذا كان كلام الله واحداً ودقيقاً، كيف حصل له مائة تفسير؟
  • ماذا لو كانت أمتنا تقرأه وتترجمه معكوساً، كلبسها إسلامها مقلوباً؟
  • أصحيح هذا "المجاز" و"التقديرات"،و"النسخ" و"التأويل" و"القراءات"؟
  • هل نحن أحرار في قراءة القرآن وتدبره أم على عقولنا أقفال؟
نداء السراة..اختطاف جغرافيا الأنبياء
  • ماذا يحدث عندما تغيب حضارة عريقة
  • هل تموت الحقيقة أم تتوارى عن الأنظار لتعود .. ولو بعد حين؟
  • هل تقبل بلاد وادي النيل بعودة حضارة القبط الغريبة؟
  • هل تقبل نجد بعودة موطن آباء الخليل إبراهيم وبنيه إسحاق ويعقوب؟
الخلق الأول..كما بدأكم تعودون
  • إن البشر الأوائل خرجوا قبل مئات آلاف السنين من "قوالب" الطين كباراً بالغين تماماً كالبعث
  • جاء آدم في مرحلة متأخرة جداً من سلالة أولئك البشر اللاواعي، فتم إعادة تخليقه في الجنة الأرضية ونفخ الروح فيه
  • آدم أبو الناس ليس هو آدم الرسول الذي أعقبه بمئات القرون
الأسطورة..توثيق حضاري
  • الأساطير وقائع أحداث حصلت إما من صنع الإنسان، أو من صنع الطبيعة، أو من صنع السماء
  • لكل اسطورة قيمة ودلالة وجوهراً وتكمن فيها أسرار ومعاني بحاجة إلى إدراك وفهم
  • من الضروري العودة إلى اللغة العربية القديمة بلهجاتها المختلفة لفك رموز الأساطير التي غيب الكثير من مرادها ومغازيها
التوحيد..عقيدة الأمة منذ آدم
  • لو أنا أعدنا قراءة تراثنا بتجرد لأدركنا حقيقة اليد الربانية التي امتدت لإعداة الانسان منذ خطواته الأولى على الأرض بما خطت له من الهدى
  • التوحيد منذ أن بدأ بآدم استمر في بنيه يخبو حيناً ويزهو حيناً آخر، ولكنه لم ينطفئ
بين آدمين..آدم الإنسان وآدم الرسول
  • هل هما (آدمان) أم (آدم) واحد؟
  • من هو (آدم الانسان) الأول الذي عصى؟
  • من (آدم الرسول) الذي لا يعصي؟
  • ماهي شريعة (عشتار) وارتباطها بسقوط آدم الأول حين قارب شجرة المعصية؟
طوفان نوح..بين الحقيقة و الأوهام
  • ما قاله رجال الدين والمفسرون أعاجيب لا يقبلها المنطق ولا العقل السليم في محاولتهم لإثبات عالمية الطوفان
  • استثمر المستنفعون من اليهود هذه القضية ليبتدعوا القضية السامية ويرجعوا نسبهم إلى سام بن نوح (ع)
  • قضية طوفان نوح (ع) لا تكشف التزوير اليهودي فحسب، بل تضع يدها على موضع الداء في ثقافة هذه الأمة