استغاثة الضمير في يوم الضمير العالمي

مقال بمناسبة يوم الضمير العالمي 5 أبريل

استغاثة الضمير في يوم الضمير العالمي

بقلم: رابحة الزيرة

الجنرال، السيد، تسونامي، صدمة، عدوّ الحياة، فايروس كورونا المستجد، أو سمّه ما شئت.. فهذه وغيرها تسميات وأوصاف أُطلقت على هذا المخلوق الميكروسكوبي، الذي حيّر العالم وأنهكه قبل أن ينهي مهمته، حيّر العالم بما تركه من آثار كبيرة على كلّ قطاع، وكل مجال، وكل فئة، وكل طبقة، وكل شيء بلا استثناء وبلا مبالغة، فأي شأن من الشئون التي أثّر عليها كورونا سنتناول في يوم الضمير العالمي؟

هذا ما سيتبين بعد سرد طرفاً من الأخبار العالمية المتداولة فيما له علاقة بآثار تفشي هذا الفايروس:

  • الحكومة الفدرالية الأمريكية تصنّف محلات بيع الأسلحة من الضرورات وتستثنيها من الحجر! والبيع يزدهر! والمحلات مزدحمة! وبالتالي ارتفعت مبيعات الأسلحة في الولايات المتحدة، وبالأخص تلك التي انتشر فيها الوباء بدرجة أكبر، وقال أحد العاملين في متاجر بيع الأسلحة أنه يشهد صفوفاً طويلة من الراغبين في شراء الأسلحة!
  • رصدت مستشفيات ألمانية “اختفاء” زجاجات سوائل التعقيم المتاحة للجميع عادة عند مدخل المستشفى وفي غرف المرضى! كما رصدت إحدى المستشفيات “سرقة غير معتادة” تتعلق بـ1200 من الكمامات الطبية، ووفقا للشرطة فإن الكمامات اختفت من المخزن الذي لا يسمح إلا للعاملين في المستشفى دخوله! وكذلك أعلنت الشرطة الألمانية أن لصوصا سرقوا 50 ألف كمامة من مخازن تابعة للمستشفيات!
  • مورست أبشع أنواع التجارة أثناء بيع المستلزمات الطبية لفايروس كورونا، فتمكّن مشترون أمريكيون من السيطرة على شحنة من الكمامات كانت في طريقها إلى فرنسا بعد أن عرضوا شرائها بثلاثة أضعاف ما عرضه الفرنسيون، في الوقت الذي كانت فرنسا واحدة من أكثر المناطق معاناة بسبب الفايروس.
  • سرقة المستلزمات الطبية لهذا المرض تمّت على مستوى الدول، فإيطاليا التي تعتبر أكثر الدول تأثراً بهذا الفايروس سُرقت منها شحنة من الكمامات وأجهزة التنفس التي تبرعت لها بها الصين، استولت عليه التشيك كما اعترفت بذلك لاحقاً! وإيطاليا نفسها استولت على شحنة الكحول الطبية المتوجهة لتونس!! وفرنسا سرقت 4 ملايين كمامة كانت مرسلة من السويد إلى إسبانيا وإيطاليا أكثر دولتين متضررتين من الفايروس آنذاك.
  • محاولات البرازيل للحصول على المعدات الطبية لمواجهة فايروس كورونا باءت بالفشل، لأن الأولوية تعطى لمن لا تنطبق عليه قوانين حظر التصدير، والعقوبات الاقتصادية على إيران كذلك منعتها من استيراد الأدوات الطبية لاحتواء المرض.
  • في الصين، إحدى المدن الصينية التي رصدت فيها ثماني إصابات فقط بفايروس كورونا سرقت شحنة كمامات طبية مخصصة لمنطقة أخرى في الصين بلغ عدد المصابين فيها 400 شخص!
  • دعا طبيبان فرنسيان إلى تجربة لقاحات ضد فايروس كورونا في إفريقيا! وبرّرا ذلك بقول أحدهما: “بما أن أفريقيا ليس لديها أقنعة ولا علاجات ولا رعاية مكثفة للأشخاص الذين يعانون من الفايروس، فهذا يعنى أن الناس تعرضوا للمرض بشدة وأنهم لا يحمون أنفسهم”، وقال الآخر: ألا يجب علينا إجراء هذه الدراسة في إفريقيا، حيث لا توجد أقنعة ولا علاجات ولا إنعاش؟”!!

 

كل ما تقدّم، قطرة من بحر حوادث رعب وبشاعة مؤلمة تصلنا أخبارها كل يوم عن تفشّي التوحش والعنصرية مع ازدياد تفشي المرض وإطالة أمده، هذا الفايروس الميكروسكوبي عرّى زيف دعوات حقوق الإنسان في زمن أحوج ما نكون فيه إلى القيم الإنسانية بعد أن رأينا بأم العين أن وحدة المصير على هذه الأرض قَدَرنا، لأننا كلنا نبحر على ظهر قارب واحد في محيط هذا العالم المتلاطم.

سبحان الله، ما هذا الفايروس الذي وضعنا فرداً فرداً أمام مسئولياتنا، عندما أقول فرداً فرداً فأنا أعنيها حرفياً، هذا الفايروس وخصائص انتشاره قطع الحجة على كل من يحاول أن يلقي باللائمة على غيره، أو يخلي مسئوليته تجاه نفسه أو المجتمع في مواجهة هذا الفايروس والمساهمة في احتوائه، فكلنا راعٍ وكلّنا مسئول عن رعيّته.

فالدرس الذي نتعلمه اليوم من فايروس كورونا – وكل يوم نتعلم منه درساً جدياً وبليغاً – أنه ليس مجدياً أن يُخصّص يوم عالمي للضمير، فنحن لا نرى أثراً للضمير العالمي في هذه الأزمة ولا في غيرها، بل نسمع استغاثته مع كل حالة وفاة جديدة تسبب فيها توحشّ الإنسان ضدّ أخيه الإنسان، ومع كل انتهاك لحقوقه، فعلينا إذن، أن نعمل مجتمعين على إحياء الضمير الفردي لنبذ الأنانية بكل أشكالها، وإذكاء روح المحبة والتكاتف الإنساني لتشملنا رحمة الله وليدفع عنّا هذا البلاء إذا استلمنا رسالة السماء وتواضعنا لها.

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

عصى آدم..الحقيقة دون قناع
  • معصية آدم، نموذج لمفردة في البناء المعرفي! وحلها سيعيد لإنساننا خارطة نفسه وهويته الضائعة وهدف وجوده
  • معرفة هذه الحقيقة صدمة تعيد الوعي، نعقد بها مصالحة بين التراث والمستقبل لنعيش لحظة الحاضر بيقظة أننا على جسر التحول الإنساني، الذي بدأ في الأرض بالإنسان الهمج ليختتم بالخليفة "الإنسان الإنسان"
مسخ الصورة..سرقة وتحريف تراث الأمة
  • أخذت الحركة الصهيونية على عاتقها غرس دولة لليهود في خاصرة الأمة فزوروا التاريخ العربي ونسبوه لليهود
  • اختلقوا لغة بسرقة إحدى اللهجات القبلية العربية البائدة وأسموها اللغة العبرية
  • أقحم الدين والتاريخ للسيطرة على عقول الناس ونقلت رحلات الأنبياء من مواقعها ليأسسو لاحتلال فلسطين فساهم هذا التزوير في مسخ صورة العربي والمسلم في الثقافة الغربية
مفاتيح القرآن و العقل
  • إذا كان كلام الله واحداً ودقيقاً، كيف حصل له مائة تفسير؟
  • ماذا لو كانت أمتنا تقرأه وتترجمه معكوساً، كلبسها إسلامها مقلوباً؟
  • أصحيح هذا "المجاز" و"التقديرات"،و"النسخ" و"التأويل" و"القراءات"؟
  • هل نحن أحرار في قراءة القرآن وتدبره أم على عقولنا أقفال؟
نداء السراة..اختطاف جغرافيا الأنبياء
  • ماذا يحدث عندما تغيب حضارة عريقة
  • هل تموت الحقيقة أم تتوارى عن الأنظار لتعود .. ولو بعد حين؟
  • هل تقبل بلاد وادي النيل بعودة حضارة القبط الغريبة؟
  • هل تقبل نجد بعودة موطن آباء الخليل إبراهيم وبنيه إسحاق ويعقوب؟
الخلق الأول..كما بدأكم تعودون
  • إن البشر الأوائل خرجوا قبل مئات آلاف السنين من "قوالب" الطين كباراً بالغين تماماً كالبعث
  • جاء آدم في مرحلة متأخرة جداً من سلالة أولئك البشر اللاواعي، فتم إعادة تخليقه في الجنة الأرضية ونفخ الروح فيه
  • آدم أبو الناس ليس هو آدم الرسول الذي أعقبه بمئات القرون
الأسطورة..توثيق حضاري
  • الأساطير وقائع أحداث حصلت إما من صنع الإنسان، أو من صنع الطبيعة، أو من صنع السماء
  • لكل اسطورة قيمة ودلالة وجوهراً وتكمن فيها أسرار ومعاني بحاجة إلى إدراك وفهم
  • من الضروري العودة إلى اللغة العربية القديمة بلهجاتها المختلفة لفك رموز الأساطير التي غيب الكثير من مرادها ومغازيها
التوحيد..عقيدة الأمة منذ آدم
  • لو أنا أعدنا قراءة تراثنا بتجرد لأدركنا حقيقة اليد الربانية التي امتدت لإعداة الانسان منذ خطواته الأولى على الأرض بما خطت له من الهدى
  • التوحيد منذ أن بدأ بآدم استمر في بنيه يخبو حيناً ويزهو حيناً آخر، ولكنه لم ينطفئ
بين آدمين..آدم الإنسان وآدم الرسول
  • هل هما (آدمان) أم (آدم) واحد؟
  • من هو (آدم الانسان) الأول الذي عصى؟
  • من (آدم الرسول) الذي لا يعصي؟
  • ماهي شريعة (عشتار) وارتباطها بسقوط آدم الأول حين قارب شجرة المعصية؟
طوفان نوح..بين الحقيقة و الأوهام
  • ما قاله رجال الدين والمفسرون أعاجيب لا يقبلها المنطق ولا العقل السليم في محاولتهم لإثبات عالمية الطوفان
  • استثمر المستنفعون من اليهود هذه القضية ليبتدعوا القضية السامية ويرجعوا نسبهم إلى سام بن نوح (ع)
  • قضية طوفان نوح (ع) لا تكشف التزوير اليهودي فحسب، بل تضع يدها على موضع الداء في ثقافة هذه الأمة