بيان التجديد بمناسبة المولد النبوي الشريف 1429هـ

من بقاعٍ تتبلّج أبديّةً بالنّور
شعّ مولدُ سراجِها المنير

(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ)، من”بكّة” بدأ النور والإشراق، ومن فضائها امتدّت يد السماء لتخصّ مخلوقها الإنسان بالحياطة والإغداق، فكانت مبدأ الإنسان، تعلّم في ربوعها كيف يكون إنسانًا، منذ آدم
إلى محمّد، وما بين آدم (ع) والخاتَم (ص) لم تكن إلا أمّة واحدة، تحمل مشعل النور وترتقي برسالة مكارم الأخلاق ليُتمِّمها آخرُ مبعوث، رسالة الفطرة الانسانية، التي كلّما آذنتْ شمسها بغروبٍ، جّددها الوهّاب بإبلاج فجر رسلٍ يؤجّجون بالمحبّة أوارها، ويتعهّدون بالمكابدة والمجاهدة شجرتها، ليثبّتوا الذين آمنوا على صراط فطرته السليمة، ويحملوا همّ إرادة الإصلاح والارتقاء بأمّة البشر ليتسنّموا موقع الإنسان الذي أراده الرحمن أن يكون خليفته، شغوفًا للحكمة وتوّاقاً للمعالي.
وهكذا بزغ نور محمد مولوداً، فأرّخ بمولده نهاية أزمنة الطفولات، ثم مبعوثا -مع بلوغه الأربعين- بالحكمة والموعظة الحسنة، فأكمل الدين وختم الرسالات، وأتمّ مكارم أخلاق الإنسان، وكان لأمّته القدوة الحسنة، فما زالت الأمة بخير ما دامت تتلمّس طريقًا إلى مبادئه وقيمه، لتكون كما أرادها سبحانه الأمّة الوسط، الشاهدة على الأمم، ودون هذا فسنة
الله الجارية، بألاّ تحسبنّ الأمّة أن يُترك آحادها أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون، وكنّا نحنُ الوارثين، فبعضٌ منّا كان خير خلَف لخير سلَف، تحرّر من قيوده تأسّيا بنبيّه (ص) فظلّ ذاكرًا وصاياه مهمومًا بها، وبعضٌ تناوشهم شركاءٌ متشاكسون
يدفعونهم دفعًا إلى نار عصبيّات الجاهليّة، والردّة إلى نائرات الأحقاد، جانحين عن محجّته البيضاء (ص) وسبيله الوضّاء الذي أوصى باتّباعه وترك ما سواه من السبل المُفرّقة ، فتقاسمتهم الأهواء وتقاذفتهم أمواج بحر لجّي تغشاه ظلماتُ العصبية والمذهبية والطائفية.
أيها المؤمنون بنبوّة الحبيب محمّد (ص) ورسالته، أيها المتلمّسون خطاه على سبيل النجاة، أنتم مدعوّون اليوم -يوم مولده الشريف- بكل ما تكنّونه من مشاعرالحبّ والولاء والاعتزاز، للوقوف على عظيم خصاله (ص) ورفيع حكمته وجميل سيرته، كي يتكرّس أنّ الوحدة واللّحمة التي بناها وأحماها بين أنصاره وأصحابه ومحبّيه على اختلاف مشاهدهم ومشاربهم هي مقصده الأسنى، بل هي حصنه الشامخ بأفياء عزّتنا ورشادنا، وأنّ أساسها مبدأ الأخوة، وسياجها المحبّة والتواصي، فيها (المسلم أخو المسلم)، كلّهُ عليه (حرام، دمُه ومالُه وعرضُه)، لا يتظاهرون على أبعاضهم بالإثم والعدوان، ولا يتنافرون فضلاً عن أن يتنازعوا ويتقاتلوا، فإنّ الفتنة بالتقاتل تُعدّ كفراً بما جاء به وأوصى (ص(
مكرّرًا ومحذّرًا “لا ترجعوا بعدي كفّارًا يضرب بعضُكم رقابَ بعض”!
أيها الأحبّة الذين استجابوا لله ولرسوله (ص) إذْ دعاهم لما يُحييهم، ليس بالسيف وحدَه يكون القتل، فالظلم قتل، والاستئثار قتل، وسوء السرائر ورعونة الأخلاق قتل، كلّ العصبياّت الجاهلية قتل، والفتنة التي أزمعتْ الانتشار كالنار هي أخزى قتل، فالله الله في أمّة حبيبكم المصطفى (ص) ووديعته، الله الله في “أنفس” بعضنا، فإنّها صنائع أنفاسٍ شريفة بٌثَّت من احتراقِ السراج المنير(ص) ولهفته علينا بعدَه، فلا تُردُوها بإيرادها شبهات الضلال عن نهجه التسامحي، الشغوف بإدخال كافّة المؤمنين به (ص) في السلم وتآلف القلوب، واشمئزازه من اتّباع التهييجات الشيطانيّة لإيقاد نيران العداوات بيننا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ).
أيّها المتآخون المؤمنون بأحمديّة محمّد (ص)، دعوا ما لا يَعنيكم إلى ما يَعنيه (ص) ويُعينكم، دعوا اجترار لغو الطائفية العمياء وعصبيّاتها المقيتة، وانفروا لترسيخ أواصر الوحدة والتراحم والتلاحم كالجسد الواحد وكالبنيان المرصوص، واثّاقِلوا عن خطوات مآلُها استباحةُ السلمِ، وحرمةِ المسلم، وسلامةِ الإنسان المسالِم، وأبدلو سيّئاتها بحسنةِ خطواتٍ
مباركة إلى رحاب الإسلام المحمّدي، المُفشي السلام، الحافظ لوديعته المقدّسة “وحدة أمته”، لتقرّ بأعمالكم عينُ الشاهِد الرؤوف- رسولِ الله، نبيِّكم: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).
نبارك للجميع مولد النور، ونسأل المنّانَ أن يجعل هديه (ص) نورًا يسعى مِن بين أيدينا، يُضيء لنا غبشَ الظلام، لنكون أهلَ المكارم التي بٌعث بمهمّة إتمامها وإنجازها، ونُثلج صدرَه إذ نغدو أخلص تابعيه الكرام.

جمعية التجديد الثقافية
12 ربيع الأول 1429

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

عصى آدم..الحقيقة دون قناع
  • معصية آدم، نموذج لمفردة في البناء المعرفي! وحلها سيعيد لإنساننا خارطة نفسه وهويته الضائعة وهدف وجوده
  • معرفة هذه الحقيقة صدمة تعيد الوعي، نعقد بها مصالحة بين التراث والمستقبل لنعيش لحظة الحاضر بيقظة أننا على جسر التحول الإنساني، الذي بدأ في الأرض بالإنسان الهمج ليختتم بالخليفة "الإنسان الإنسان"
مسخ الصورة..سرقة وتحريف تراث الأمة
  • أخذت الحركة الصهيونية على عاتقها غرس دولة لليهود في خاصرة الأمة فزوروا التاريخ العربي ونسبوه لليهود
  • اختلقوا لغة بسرقة إحدى اللهجات القبلية العربية البائدة وأسموها اللغة العبرية
  • أقحم الدين والتاريخ للسيطرة على عقول الناس ونقلت رحلات الأنبياء من مواقعها ليأسسو لاحتلال فلسطين فساهم هذا التزوير في مسخ صورة العربي والمسلم في الثقافة الغربية
مفاتيح القرآن و العقل
  • إذا كان كلام الله واحداً ودقيقاً، كيف حصل له مائة تفسير؟
  • ماذا لو كانت أمتنا تقرأه وتترجمه معكوساً، كلبسها إسلامها مقلوباً؟
  • أصحيح هذا "المجاز" و"التقديرات"،و"النسخ" و"التأويل" و"القراءات"؟
  • هل نحن أحرار في قراءة القرآن وتدبره أم على عقولنا أقفال؟
نداء السراة..اختطاف جغرافيا الأنبياء
  • ماذا يحدث عندما تغيب حضارة عريقة
  • هل تموت الحقيقة أم تتوارى عن الأنظار لتعود .. ولو بعد حين؟
  • هل تقبل بلاد وادي النيل بعودة حضارة القبط الغريبة؟
  • هل تقبل نجد بعودة موطن آباء الخليل إبراهيم وبنيه إسحاق ويعقوب؟
الخلق الأول..كما بدأكم تعودون
  • إن البشر الأوائل خرجوا قبل مئات آلاف السنين من "قوالب" الطين كباراً بالغين تماماً كالبعث
  • جاء آدم في مرحلة متأخرة جداً من سلالة أولئك البشر اللاواعي، فتم إعادة تخليقه في الجنة الأرضية ونفخ الروح فيه
  • آدم أبو الناس ليس هو آدم الرسول الذي أعقبه بمئات القرون
الأسطورة..توثيق حضاري
  • الأساطير وقائع أحداث حصلت إما من صنع الإنسان، أو من صنع الطبيعة، أو من صنع السماء
  • لكل اسطورة قيمة ودلالة وجوهراً وتكمن فيها أسرار ومعاني بحاجة إلى إدراك وفهم
  • من الضروري العودة إلى اللغة العربية القديمة بلهجاتها المختلفة لفك رموز الأساطير التي غيب الكثير من مرادها ومغازيها
التوحيد..عقيدة الأمة منذ آدم
  • لو أنا أعدنا قراءة تراثنا بتجرد لأدركنا حقيقة اليد الربانية التي امتدت لإعداة الانسان منذ خطواته الأولى على الأرض بما خطت له من الهدى
  • التوحيد منذ أن بدأ بآدم استمر في بنيه يخبو حيناً ويزهو حيناً آخر، ولكنه لم ينطفئ
بين آدمين..آدم الإنسان وآدم الرسول
  • هل هما (آدمان) أم (آدم) واحد؟
  • من هو (آدم الانسان) الأول الذي عصى؟
  • من (آدم الرسول) الذي لا يعصي؟
  • ماهي شريعة (عشتار) وارتباطها بسقوط آدم الأول حين قارب شجرة المعصية؟
طوفان نوح..بين الحقيقة و الأوهام
  • ما قاله رجال الدين والمفسرون أعاجيب لا يقبلها المنطق ولا العقل السليم في محاولتهم لإثبات عالمية الطوفان
  • استثمر المستنفعون من اليهود هذه القضية ليبتدعوا القضية السامية ويرجعوا نسبهم إلى سام بن نوح (ع)
  • قضية طوفان نوح (ع) لا تكشف التزوير اليهودي فحسب، بل تضع يدها على موضع الداء في ثقافة هذه الأمة