فصرخنا.. لماذا يا ربّ؟!

 

(مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) المائدة: 6 

كُنّا ننعمُ بالخروجِ من بيوتِنا بِلا أدنى حرجٍ أو مشقة، نذهبُ حيثما شئِنا؛ داخلَ أو خارجَ البلاد، نتحركُ بكلّ حريةٍ وسلاسة.  ولم ندركْ بأنها نعمة!!  

كنا نتزاورُ مع أهلِنا وأصدقائِنا وأحبتِنا وقتمَا نشاء، ولم ندركْ بأنها نعمةٌ إلا حينَ غّلقَ كورونا علينا الأبواب. 

كنا نتصافحُ ونقبّلُ ونعانقُ الأحبةَ والأهلَ بكلِ شوق، ولم ندركْ بأنها نعمة!!  إلا حينَ صارت المقاربةُ والمصافحةُ أمرًا يثيرُ الريبَ والمخاوف. 

كنا نشتري ونتبضعُ ما يُغَطِي حاجاتِنا وما يزيدُ ونحملُ أغراضنا بكلِ حريةٍ ومن دونِ التفكيرِ في كمْ يد لمست تلك الحاجات؟ ولم نفكرْ بأنها نعمة!!  إلا حينَ بدأنا نهتمُّ بالتعقيم ونلتفتُ ونتحاشى تلكَ الأيدي من لمسِ ما اشتريناه كي لا تكون إحداها هي من تحملُ الوباء. 

أجل تلكَ النعمُ الشائعة؛ نعمةُ اللمسِ والتقاربِ والخروجِ بلا قيود، نعم اختفت عن رقابةِ وعينا بالأمس، ونفتقدها اليومَ بعدَ أنْ طرقت كورونا وعينا. حتى أصبحنا نحسبُ ألف حسابٍ لخروجنا من المنزلِ وببروتوكولٍ خاصٍ من التعقيمِ والتكميمِ والاحتراز. 

وما زاد الطينُ بلةً هو حرماننا من رؤيةِ أحبتنا، وازديادُ شوقنا إليهم كلما طالت المدّة، فشقّ علينا وصحنا: لماذا يا رب؟ 

فتأتي كلمةُ الله لتجيب: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ} ما هو الحرج؟ هو الضيقُ والشدةُ والمشقة.. ليست الغايةُ مما يجري علينا هو التضييقُ والمشقة، فانتبه كي لا ينحرفُ تفكيرُك وتسيءُ الظنَ بالله، فالله سبحانه في موضعٍ آخر يقول: {مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ..} فليس الحرجُ إذن هو مراد الله، فلا تقِفُ عنده كي لا تخسرُ بلوغَ الهدفَ الأساسي الأسمى، فتكونُ كمن تُوْقِفَه عقباتُ الطريقِ عن الفوزِ وبلوغِ الغاية. 

ذلك الضيقُ والحرجُ أمرٌ لا بدَّ منه للوصولِ إلى الكمال، كمن يريد سكّينةً حادةً فلا بدَّ من شحذها، أو يريدُ عقدًا جميلًا من الذهبِ فلابدَّ من صياغَته بمهارة. فنحنُ اليومَ في مختبرِ الإعدادِ والتجهيزِ والكشفِ عن صلابةِ المعدنِ ونقائه، وعن قوةِ العزائمَ والهمم، كما الذهبُ يتألّقُ بالتنقيةِ والصياغة، والألماسِ بالصقل، فالتضييقُ والحرمانُ والابتلاءُ إنما هو أمرٌ مرافقٌ ومتطلبٌ لغايةٍ أكبر وأسمى فهو من مستلزماتِ التطهّر إذا ما سلّم المرءُ أمره لِله وانضوى في برنامج صناعته لأجلِ كماله، وليتمَّ اللهُ نعمتَه علينا ولعلّنا نشكر، وننضوي تحتَ لواءِ مَنْ ناداهم ربّ العزّة سبحانه بـ”اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا”.

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

عصى آدم..الحقيقة دون قناع
  • معصية آدم، نموذج لمفردة في البناء المعرفي! وحلها سيعيد لإنساننا خارطة نفسه وهويته الضائعة وهدف وجوده
  • معرفة هذه الحقيقة صدمة تعيد الوعي، نعقد بها مصالحة بين التراث والمستقبل لنعيش لحظة الحاضر بيقظة أننا على جسر التحول الإنساني، الذي بدأ في الأرض بالإنسان الهمج ليختتم بالخليفة "الإنسان الإنسان"
مسخ الصورة..سرقة وتحريف تراث الأمة
  • أخذت الحركة الصهيونية على عاتقها غرس دولة لليهود في خاصرة الأمة فزوروا التاريخ العربي ونسبوه لليهود
  • اختلقوا لغة بسرقة إحدى اللهجات القبلية العربية البائدة وأسموها اللغة العبرية
  • أقحم الدين والتاريخ للسيطرة على عقول الناس ونقلت رحلات الأنبياء من مواقعها ليأسسو لاحتلال فلسطين فساهم هذا التزوير في مسخ صورة العربي والمسلم في الثقافة الغربية
مفاتيح القرآن و العقل
  • إذا كان كلام الله واحداً ودقيقاً، كيف حصل له مائة تفسير؟
  • ماذا لو كانت أمتنا تقرأه وتترجمه معكوساً، كلبسها إسلامها مقلوباً؟
  • أصحيح هذا "المجاز" و"التقديرات"،و"النسخ" و"التأويل" و"القراءات"؟
  • هل نحن أحرار في قراءة القرآن وتدبره أم على عقولنا أقفال؟
نداء السراة..اختطاف جغرافيا الأنبياء
  • ماذا يحدث عندما تغيب حضارة عريقة
  • هل تموت الحقيقة أم تتوارى عن الأنظار لتعود .. ولو بعد حين؟
  • هل تقبل بلاد وادي النيل بعودة حضارة القبط الغريبة؟
  • هل تقبل نجد بعودة موطن آباء الخليل إبراهيم وبنيه إسحاق ويعقوب؟
الخلق الأول..كما بدأكم تعودون
  • إن البشر الأوائل خرجوا قبل مئات آلاف السنين من "قوالب" الطين كباراً بالغين تماماً كالبعث
  • جاء آدم في مرحلة متأخرة جداً من سلالة أولئك البشر اللاواعي، فتم إعادة تخليقه في الجنة الأرضية ونفخ الروح فيه
  • آدم أبو الناس ليس هو آدم الرسول الذي أعقبه بمئات القرون
الأسطورة..توثيق حضاري
  • الأساطير وقائع أحداث حصلت إما من صنع الإنسان، أو من صنع الطبيعة، أو من صنع السماء
  • لكل اسطورة قيمة ودلالة وجوهراً وتكمن فيها أسرار ومعاني بحاجة إلى إدراك وفهم
  • من الضروري العودة إلى اللغة العربية القديمة بلهجاتها المختلفة لفك رموز الأساطير التي غيب الكثير من مرادها ومغازيها
التوحيد..عقيدة الأمة منذ آدم
  • لو أنا أعدنا قراءة تراثنا بتجرد لأدركنا حقيقة اليد الربانية التي امتدت لإعداة الانسان منذ خطواته الأولى على الأرض بما خطت له من الهدى
  • التوحيد منذ أن بدأ بآدم استمر في بنيه يخبو حيناً ويزهو حيناً آخر، ولكنه لم ينطفئ
بين آدمين..آدم الإنسان وآدم الرسول
  • هل هما (آدمان) أم (آدم) واحد؟
  • من هو (آدم الانسان) الأول الذي عصى؟
  • من (آدم الرسول) الذي لا يعصي؟
  • ماهي شريعة (عشتار) وارتباطها بسقوط آدم الأول حين قارب شجرة المعصية؟
طوفان نوح..بين الحقيقة و الأوهام
  • ما قاله رجال الدين والمفسرون أعاجيب لا يقبلها المنطق ولا العقل السليم في محاولتهم لإثبات عالمية الطوفان
  • استثمر المستنفعون من اليهود هذه القضية ليبتدعوا القضية السامية ويرجعوا نسبهم إلى سام بن نوح (ع)
  • قضية طوفان نوح (ع) لا تكشف التزوير اليهودي فحسب، بل تضع يدها على موضع الداء في ثقافة هذه الأمة