”الدين” لا يهمّه أن يمسك “بالسياسة” فقيهٌ أو عسكريّ، أو يدخل برلمانها شيخٌ أو حدّاد، بل يهمّه وطنيّة المتصدّي واقتداره ونزاهته، ليتوخى مصلحة الناس مراقباً ضميره، ويتعالى عن التكسّب الشخصيّ والحزبيّ والطائفيّ، مريداً المصلحة العامة فقط وأداء الواجب، وليس فرض نماذج قسريّة باسم الشريعة هي اجتهادات خاصة بُولِغ بجعلها “الدين” نفسه.
تصوّرْ أنّ خمسين شخصًا تشاركوا بكلّ أموالهم ومدّخراتهم واشتروا سفينة كبيرة، فيها حياتهم وفيها معاش أرزاقهم وهي موطنهم الدائم، فكم سيحافظون عليها وسيخدمونها بأعينهم لأنها ملكهم جميعا؟ حتماً.. سيصبح للجميع دورٌ في حمايتها وإدارتها وفي تقاسم أيّ غنائم أو ثروات وكنوز أو أرزاق وأسماك يحظون بها، هذه هي ببساطة العلاقة التبادلية بين الوطن وأهله المواطنين، شراكةٌ مصيريّة.
مفهوم “الكفر” هو أقسى تلك المفاهيم التي استشرت، لا لتُطلق على ديار غير المسلمين غربيّةً وشرقيّةً فحسب مهما كانت مللُهم وأعمالهم، بل كانت أيضاً السيف البتّار الذي شهرناه لنتراشق به وصفاً، ويضرب به بعضُنا رقاب بعض.
نحن لم يتطوّر عقلُنا ليُؤمن بجدّية نقصه، ونقص مبانيه ومبتنياته، لم يُؤمن بحاجته إلى تشغيل إمكانيّاته ووظائفه عدا التعبئة والاجترار للقديم، لم نتطوّر بعدُ لضرورة الاطّلاع حتّى على (غيب) ثقافات بني جنسنا من المذاهب والديانات والشعوب، فكيف نؤمن بوجود عوالم (غيب) نستطيع أن نتعرّف عليها أو نستزيد منها أو نتعلّم ربّما أخطاءنا؟!
لمْ يعدْ غريباً، أن يشيع مفهوم نسخ آيات الدعوة والحوار والتعايش والتوادد بآيات القتال “والسيف” بعد أن أُسيء فهمها وفهم مسوّغها، وبهذا الإلغاء للحقبة المكّية من ذاكرتنا ومنهجيّتنا وتعاملنا، وانسلاخنا منها، أزلنا الصبغة الإنسانية والعالمية من الإسلام.
إنّ الجنين المشوه مأساة إنسانية عميقة قبل ولادته وبعدها، فهو يُحيل الفرحة بخروجه إلى الدنيا إلى مسيرة عناء طويلة وشاقة للوالدين، وهو نفسه لا يسلم من الشقاء بل وربّما الضلالة في حياته المحفوفة بالنغص والآلام حالما يستشعر النقص وينفرّد بالعجز بين من حوله، حتّى أفرزتْ هذه الإشكالية مناشدات إنسانية بإجهاضه مسبقاً رحمةً به وبأسرته.
قد لا تستطيع أن تكون نبياً فقد حكم أن لا نبي بعده (ص)، لكنك تستطيع حتماً أن تكون (إنساناً محمدياً) كما كان هو قبل بعثته، تحاور دخيلة ذاتك لترى كنزك الكامن فتبدأ تزيل طبقات الغبار عنه.
في العراق الحضاري، قبل عدّة آلاف من السنين، كانت أولى شرائع العدل الإنساني، مسلّة حمورابي، أعمال جلجامش، وأورنمّو الذي حرّر الأرض والعبيد من صولة رجال المعابد (شيوخ الدين)، بل حرّر…
إنّ التأمّل بكيفيّة عمل “البرمجة الإنسانية”، يُؤهّلنا -بوعيٍ ناقدٍ- لوضعِ أنفسنا على صراطٍ سويّ، ويُبصّرنا بالابتعاد المحتمل لصورتنا الآدمية عن دخيلتنا التي قد تكون أيّ شيء إلاّ الآدميّة.. برنامج الإنسانية (أو…
سئل “برناردْ شو” عن الأسلحة المحتملة للحرب العالمية الثالثة؟ فقال: أعلم فقط أنّ أسلحة الحرب الرابعة ستكون العصيّ والحجارة! إذن هو الإفناء البشري لبعضه، والإفناء ليس المهمّ معرفة سلاحه بل…