القرآن يفرض علينا في موضوع الهلال الرجوع لعلماء الفلك لأنه مالم نمار ونرد الحقائق بجدل عقيم، فإن قول الفلكيين يعطينا العلم التفصيلي بحركة القمر وبإمكاننا معرفة مكانه متى هو في المحاق ومتى يخرج ومتى يكون في مستوى الرؤية ومتى تكون الرؤيا شياعاً وغير ذلك من التفاصيل.
القرآن كتاب هداية وليس كتاباً تاريخياً، ولا موسوعة علمية، وليس المطلوب منه كشف الحقائق وتأسيس مبادئ العلوم المختلفة، وهو لم ينزل ليكون بديلاً عن سعي الإنسان نحو الاكتشاف والاختراع وسن القوانين ومعرفة الحقائق والمبادئ التي تحكم الموجودات وتسير هذا الكون، إنه كتاب هداية جاء بمنهج رباني لدعوة الناس إلى الله وقيادتهم سبيل الاستقامة.
لقد ظهر الاختلاف كنتيجة طبيعية لحرية الفكر، ولتباينات الميول والطبائع، ونتيجة الاستجابة للحث على طلب العلم، إلا أن السياسة وطغيانها أفسدت الحالة الإنسانية وأخرجتها عن الحد الطبيعي المقبول للاختلاف الفكري إلى تمذهب عصبوي متشاحن بالتنازع والافتراق، وأصبح المسلمون بعد مدة غير بعيدة من رحيل نبيهم الأعظم (ص) فرقاً متنازعة تؤسس لعقائدها الحمائية التي تعزل بينها وبين الآخر.
الحسد خلق ذميم سيء نهى عنه الإسلام، وحذر منه الرسول الأعظم (ص) فقال: (إياكم والحسد، فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب). وللحسد سببان، ذاتي يخص الإنسان نفسه، وموضوعي خارجي، أما الذاتي فمرجعه إلى نفس الحاسد واحساسها بالنقص وافتقارها إلى الفضائل، وإما الموضوعي فمرده إلى ما أنعم االله به على عباده المحسودين.
لايشعر أكثر أبناء الأمة أنهم مستخدمون وقودا لتأجيج النار الطائفية لأنهم ضللوا من قبل مصادرهم الإعلامية المقدسة، كما تم التلاعب بوعي الأمة بطريقة غير مباشرة لتجريدها من قيمها، وذلك بالسماح لأبناء الطوائف المختلفة أن ترتكب المحرمات في حق بعضها، فلم تعد الغيبة والتنابز بالألقاب، محرمة إذا كانت من طائفة ضد أخرى.