تجديد / الكتب الرقميّة

الخلق الأول كما بدأكم تعودون

(هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا)
شأنُها شأنُ كل الحقائق التاريخيّة والعلميّة، تُفسَّر أولاً تفسيراً كهنوتيّاً، ثم تُدبّسُ كَرُقعة بأذيالِ نصِ مقدَّس على أنّها شرحُه الوحيد، ومعَ الأيّام يُنسَجُ التقديسُ على الفكرةِ المصطنعةِ لكثرةِ الورودِ والاشتهار وَانعدام المُعارض، حتّى تُصبحَ عقيدةً من جُملةِ العقائد التي يكَّفرُ أو الأهَون يَفسقُ من خالَفها، ريثما تُشرقُ شمسُ العلم فيتبخّرُ الضّباب.
هَكذا قضيّة دورانُ الأرض، وهكذا قضيةُ خلق آدم، وهكذا كلُ القضايا العلميّة الكثيرةِ التي تمّ تلقيمُ النصِّ القرآنيِّ الحكيم ولُويَ نظامُه لينطقَ بها غصبا، فأخرِسّ عن الإفصاح والإنابة عن بواهرِ حقائِقه.
نعم، استنطقنا نصَّ القرآن فنطقَ بما سبَقَ وباحَ به كلُ تراثِ الأمّة الواحدةِ الذي قبلَه في مدوَّنات “سومر” ووادي النّيل، واستنطقنا التوراةَ فنطقت بالتزوير الذي اندسّ فيها، ومنه تسرّبَ الى بعض مرويّاتنا!
كلّهم نطقوا ببيانٍ متواتر أنّ البشر الأوائل قبلّ مئاتِ آلاف السنين خرجوا من “قوالب” الطين كباراً بالغين تماماً كالبعث، وأنّ آدم جاء في مرحلةٍ متأخّرة جدّاً من سلالة أولئك البشر اللاّواعي، فتمّ إعادةُ تخليقه في الجنّةِ الأرضيّةِ ونفخُ روح الوعي فيه لا روحِ الحياة (النفس)، فآدمُ أبو النّاسِ فعلاً لا البشرِ، وليس هو آدمَ الرسولَ الذي أعقَبه بمئات القرون.