مع إشراقة شمس يوم جديد يشرق الأمل وترتسم في الأفق أروع صور الإبداع الإلهي مزدانة بألوان من الطبيعة الخلابة فما أجمل منظر العصافير التي ما لبثت تعمل في همة ونشاط يحدوها حب البقاء، فعصفور يبني عشه الآمن ليكون أسرة جديدة وآخر يلملم قوت صغاره بدون كلل أو ملل يجمعهم في ذلك صوت زقزقة تطرب لها النفس، فلا غرو أن يحدو الإنسان حدو هذه الآية فيترجمها على أرض الواقع والشباب هم أولى فئة تناط بحمل هذه المسؤولية فهم شعلة متدفقة بالنشاط مفعمة بالحيوية اللامتناهية، فأفكارهم أفكار متحررة تبحث عن التجديد في إطار عمل متكامل يبرز مضمون الوعي الذي يكتنفه عقله الزاخر بزخم كبير من الأفكار والطاقات والمواهب الباحثة عن متنفس لها لتنطلق في معترك الحياة منتهجة نهجا مبتكرا يخلوا من معتقدات الماضي الجامد ويسعى لتعميق فهم جديد مبني على أسس لا تخلو من موروثات السلف المطورة بحيث تتناسب مع هذه الطاقة المتأججة. تقفز إلى الأذهان إشكالية جدلية، هل يعي الكبار متطلبات الشباب وهل هناك من فهم واقعي لآمال الشباب وطموحاتهم؟
قد تتباين الإجابات في حل هذه الإشكالية التي ضربت بجذورها في عقر العلاقة بين الماضي والحاضر في تطورات العلاقات بين جيل الأمس واليوم. وللأسف نرى البعض من الكبار ينظر إلى الشباب نظرة ناقصة بحيث يظنه غظ يحتاج في جميع أموره إلى توجيه وتسديد دائمين ويجب ألا يترك لوحده فيتخبط ويسقط إلى الهاوية، وهي نظرة بوجهين فالوجه الأول منها يحتمل الصواب إذ قد يكون الشباب مندفع بعض الشيء بحكم التكوين الجسدي والانفعالات النفسية لهذه الفئة العمرية لذلك يحتاج إرشاد ونصح من هم أكبر منه سنا وأكثر إدراك لوقائع الأمور عندها ستخدمه تلك النصيحة في الاستفادة من أخطاء من سبقوه فلا يقع هو الآخر فيها، أما الوجه الثاني والخاطئ لها فهو النظر إلى الشباب بأنهم يحتاجون بصورة أبدية لذلك الإرشاد ويجب أن يبقوا دائما وأبداً تحت عيون غيرهم من الكبار ترقبهم بينما الشباب تتضارب أفكارهم مع الكبار لهذه النظرة إذ يعتبرونها تقويضاً لأفكارهم وجمحاً لإبداعاتهم، إذ لا بئس بنزر يسير من الحرية المحمودة بمعناها الإيجابي لا السلبي لمنح الشباب الفرصة السانحة لتكوين شخصية واعية مثقفة وبنائها بكيفية متطورة لا تحرمها من العطاء ولا تبخسها حقها من الإبداع الخلاق في شتى مجالات الحياة.
وهذه النظرة السلبية قد لا تقف عند هذا الحد بل تتجاوزه إلى درجة النقد اللاذع معتقدين بأنه نقد بناء لكنه غير الواقع نقد هدام لا يخدم توجهات الشباب بل يرديها صريعة المهد. وأخيرا وليس آخرا أتمنى أن يدرك الكبار بأننا لا نردد شعار (الكبار يمتنعون) بل نطالبهم بخلق مجال أوسع لجيل يدرك بأنه في موقع مسؤولية ويحمل على عاتقه النهوض بالأمة وتأكدوا أن لتفاعل الشباب ببعضهم أثر بالغ في اكتساب الخبرة الشابة وتبادل الأفكار فلا تطالبوا من الجميع أن يكونوا بنفس المستوى بل طالبونا بأن نتكافل مع بعضنا فيغذي أحدنا فكر الآخر ونرتقي بأنفسنا متكاتفين نحو غد أفضل.
استجابات