يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا[1].
يشير التراث الى جملة روايات[2] تتعلق بمناسبة نزول هذه الآية، حاصلها تعيين طاعة أمراء السرايا المكلفة بتأدية بعض المهام، محصّلة لن تخرج عن الخطوط العريضة لنهج الرسول (ص) وسيرته في الادارة والإرشاد المتوّج بالحكمة والصلاح.
جاء هذا الإجراء التنظيمي متوافقاً مع الإجراءات التي دأب النبيّ (ص) على سنها تأسيساً وتنظيماً لشئون المجتمع الوليد في تلك المرحلة التاريخية التحوّليّة من نظام سادته العشوائية والاستبداد، والأخذ بيده للانتقال من قيم البداوة الى قيم الاسلام.
فمن تعيينه لأوّل سفير في الإسلام (مصعب بن عمير) الذي أرسله للمدينة لتنظيم أمور المسلمين حديثي العهد بالإسلام، إلى تأسيسه للمسجد النبويّ وموضعته ليكون منارة للعلم والعبادة بل ومركزاً للقضاء والتشريع ومنصة لإدارة الروابط الداخلية ومواجهة الأخطار الخارجية، إلى إنشائه السوق الحرّة ووضع قواعد الاقتصاد النزيه، وسنّ المعاهدات بين الناس لنظم أمرهم وبيان حقوق الأفراد وواجباتهم، وربط المجتمع بجميع فئاته بالأرض وبالمواثيق وتقسيم المدينة لوحدات إدارية وجعل النقباء والعيون والمستشارين..
ثم توالت الاجراءات وكان منها تعيين “أولي أمر” لمهام محدّدة، ونابعين من ذات الجماعة المكلّفة، كاختيار فرد أو أفراد لمأمورية محدودة، وجعلَ طاعتهم من طاعة الرسول كإجراء تنظيمي، ولم يفرد لهم طاعة منفصلة، بل أحال أيّ احتمالٍ لنزاع بين الناس وأولي الأمر او بين الناس أنفسهم إلى الله والرسول بقوله “فإن تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول…”.
هذا وقد سار على هدي الرسول (ص) صحبُه المنتجبون، فنقرأ في وصية الإمام علي (ع) إلى عامله على مصر مالك الأشتر مخاطباً إيّاه بوصفه “ولي أمر” حيث قال: (وارددْ إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب ويشتبه عليك من الأمور فقد قال الله سبحانه وتعالى أحبّ إرشادهم “يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإنْ تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول” فالردّ إلى الله الأخذ بمحكم كتابه، والردّ إلى الرسول الأخذ بسنته الجامعة غير المفرّقة).[3]
بهذا التتبّع يتّضح أنّها ولاية إجراءٍ تنظيميّ، لإحكام إدارة أمر، بتعيين ذوي كفاءة واختصاص في مقام ودائرة العمل تلك، فهي ولاية محدودة وليست ولاية عامة شاملة، وإلا لسمعنا بأسماء هؤلاء القادة وقد تولّوا أمور المسلمين في الشئون الأخرى غير ولاية هذه السريّة أو تلك.
الإرث الرثّ
ولكن هل بقي من أثر لمناسبة النزول، وللسياق، والمنطق، الذي جاء فيه مفهوم هذه الآية في حياة المسلمين منذ تربّع الاستبداد وجثم على صدر الأمة إبان العهد الأموي وما تلاه؟ وهل نرى توظيفاً لائقًا لهذا الإجراء في حياة المسلمين اليوم؟، أم عاثت المنظومة الجائرة فساداً في مفاهيم أجلّ كتاب وأوضح سجّل للوعي الإنساني؟
لم نشهد إلا إساءة توظيف واستخدام لهذه “الولاية” التخصّصية، مما ساهم في هذا التردّي الحضاري المشهود، بل استحال هذا المفهوم ليغدو أخلص مفاهيم الاستبداد السياسي والجبروت الديني، حين تحالفا ليترتّب على ذلك كوارث ومآسٍ أبقت الأمة في نزيفٍ دامٍ أُزهقت فيه أرواحُ المصلحين بدءاً بالحسين بن علي سبط النبي (ص) التي عُدّت -بهذا الانتكاس والتوظيف الجائر- حركته الإصلاحية خروجًا على “وليّ الأمر” وكفراً بالتخويلٍ الإلهي المنصوص بإطاعته! بل ودفعت عدداً من دعاة الإصلاح إلى انتهاج آليات غير سلمية للتغيير بعد اغتيال ركيزتي الحرية والعدالة وإيصاد الأبواب في وجوههم لمحاولة أيّ تغيير بآليات سلمية تنهى عن المنكر، لكون مفهوم “ولي الأمر” بات محتكراً وقدرياً واجب الصبر عليه والطاعة صالحاً كان أم فاسداً، رغماً عن “قانونٍ محكَمٍ” أنّ (الله لا يحبّ الفساد).
تناول الكثيرون هذه الآية تناولاً ساهم في التعتيم على جوهر المفهوم وأعطى مساحة للاستغلال والتوظيف الخاطئ، فمنهم من فسّرها بأنها أمر بطاعة العلماء في كتابه المبين، وقد غفل عن كون ميدان أولئك الفقه والحديث لا ميادين الحياة فضلاً عن السياق العسكري الذي أنزلت الآية فيه، وقال آخرون هم أصحاب محمد (ص)، غافلين عن أنّ التاريخ لا يضبط لهم شأناً بهذا الخصوص وقت نزول الآية إذ لم يكونوا معروفين بهذا حينها، وآخرون قالوا هم الأمراء والولاة أو هم أهل الحلّ والعقد، قد تصدق على بعض هؤلاء إلا أنّه يصعب القول بأنها مخصوصةٌ فيهم وحسب.
كما أعطى هذا التناول الخاطئ للآية مساحة للتجاذب المذهبي، ففي حين لا يبعد أن يكون صفوة أهل بيت النبيّ الله (ص) أجلّ تأويل (وليس التنزيل) لـ “أولي الأمر” بحكم مرجعيتهم الإرشاديّة كحملة لأرث جدهم (ص)، إلا أن وقفها عليهم وحصرها بهم.. ناهيك عن تطبيقاتهم هم لهذا المفهوم -كما في عهد عليّ (ع) لمالك الأشتر- يُخالف تعاليمهم ومنهجهم، ويفتقر إلى الدليل والأساس، وينفيه سياق التنزيل القرآني، ولا يعد سبيلا أفضل للتعامل بوعي مع آيات كتاب الله.
لم يترك أئمّة أهل البيت ثغرة يمكن أن تُوظّف في غير مقصدها إلا وسدّوها، فوضعوا معايير خاصة لمعرفة سليم المفاهيم من سقيمها، منها ما رواه الإمام جعفر الصادق، عن جده (ص) أنه قال: خطب النبي بمنى، فقال “أيها الناس ما جاءكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله”.
وقال الصادق أيضاً: “إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فردوه”[4].، وأيضاً: “كل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف”[5].
موضع آخر ورد فيه ذكر “أولي الأمر” لا علاقة له بأمراء السرايا “وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً “[6]، بل تتعلق بمعلومات تتطلب تحليلاً وتشخيصاً لاستنباط قيمتها وغرضها، في شأن ليس فقهيا ولا عسكريا، بل إمّا سياسيّ أو أمنيّ بلغة اليوم، والرجوع هنا لاستجلاء الحقيقة وتمييزها من قبل مسئوليّ هذا الشأن لوقاية المجتمع من الشائعات المغرضة أو الحروب النفسية.
المرجعية بين الأمس واليوم
جاء الإسلام كضابط أو مرجع يُرجع إليه كلما حصل ميل أو انحراف لدى الأفراد بل لكل أشكال النزاعات بين الجماعات أو بين مكونات المجتمع وعلى أيّ مستوى، فكان قيداً للرعية والراعي، فالردّ هنا (فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) هو العودة لهذه المرجعية لحلّ النزاعات كلما نشبت.
فلو حصل نزاع بينكم أيها المؤمنون وبين وليّ أمرٍ ما “مفترض الطاعة” أو بين جماعة وجماعة فالرجوع يكون إلى الله ورسوله كمرجعية أعلى تحسم بها الخلافات، أو كسندٍ مضبوط يقع التعويل عليه عند الاشتباه، كالوالديْن هم “أولو أمر” في حيّزهما على الأبناء، إلا أنّ هناك حدودًا لطاعتهما فصّلتها مرجعيةٌ أعلى منهما: “وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا”، وهو طاعتهما في المعروف فقط.
لا مناص اليوم وللخروج من المآزق التي أنتجها التاريخ من الرجوع للجوهر الناصع لهذا المفهوم الذي ضُيّع، بجعل المُحكمات أو القوانين الثابتة هي النطاق الحيوي الذي ينبغي للدساتير الحديثة أن تبحر فيه، ومنه تُصاغ مواصفات “أولي الأمر” الذين ينبغي طاعتهم في حيّز اختصاصهم، وتحدّد معايير انتخابهم أو تعيينهم، ويضبط هذا المفهوم عملياً عند تحويله لأرض الواقع، بكفاءات تنفيذية وانضباط محاسبي ليعمّ الازدهار وتُصان الحقوق والأوطان.
مفهوم سام ودعامة المدنية والعقل ضدّ الفوضى
ولكن هل مفهوم ولي الأمر طارئ على المجتمعات، أم حاجة تمليها الضرورة لسدّ فراغ باعتباره تنظيماً، إذ لا يسع الناس دائما إدارة أمورهم مباشرة، فلابدّ لهم من تخويل كفاءات ثقات تلي أمرهم (يُقلّدونهم أمرهم = ولي الأمر) كالأب لأبنائه، والكفيل لليتامى، والوليّ للقاصرين، وكل راع حيال رعيته، حتى تنتهي بالحاكم الصالح المرتضى.
فـ “ولي الأمر” مفهوم سام ودعامة المدنية والعقل ضد الفوضى، لكن للتنظيم لا للاستبداد (لابد للناس من أمير برّ كان أم فاجر).. بشرط أن يكون فجوره على نفسه لا على غيره، و”أمير” أيْ يلي “أمر” (بمهنية واقتدار وحقّ)، فيأمر، فيُطاع في معروفِه.
وولي الأمر يكون واجب الطاعة إن كان سائراً على هدي المرجعيات الأعلى (الله – الرسول) بما يمثّله مفهوم “الله” وصفاته مِن محكمات الحقّ والعدل وسائر القيَم، وبما يمثّله “الرسول” من النموذج التطبيقي المعصوم لتلك المحكمات على أرض الواقع، أي المثيل الناطق، إذ أنّ طاعة “وليّ الأمر” تابعة وليست طاعة مستقلّة، وليّ الأمر مرجعية إدارية تنفيذيّة وليس مرجعية دستورية، إذ أنّ النزاع قد يكون معه، كحال نزاع مجموعة مع قائدها، ومعلّمين مع مديرهم، وشعبٍ مع سلطاتِه، فلابدّ من وجود مرجعية قانونية أعلى من الوليّ ومَن تولّى أمرهم، وإلا عادت الناس عبيداً، وعمّ الفساد وشُرَّع له، ولم يأمن المظلومون، فإمّا يُقهرون ويقع الفساد، أو يثورون ويقع الدمار والفساد، والله لا يحبّ الفساد، في الحالتيْن.
“أولو الأمر” مقام اجتهاد وليس مقام معصوم، لذلك استتبع الأمر وجود آلية لحسم أية خلافات يمكن أن تنشأ معهم، في قوله “فإنْ تنازعتم” إشارة واضحة لإمكانية حصول النزاع مع “أولي الأمر” خاصّة مع عدم ذكرهم في مرجعيّة حلّ النزاع، كتأكيد على انتفاء العصمة عنهم وإلا لأمر بطاعتهم على كلّ حال دون الرجوع لمرجعيات أعلى لحلّ النزاعات، كما أنه لم يحرّم وجود نزاع معهم أصلاً، وإلاّ أسّس لقتل الحقّ.
كما وجّهت الآية إلى أنّ الرجوع للمرجعيات الأعلى (التي فيها ثبات الحقّ) هو الرجوع الأفضل في قوله “ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا”، “تأويلا” هي أن “يؤول” المتنازعون للمصدر “الأوّل” ولا تعني “تفسيرا”، فأحسن تأويلا تعني أنّ ذلك هو الحلّ وأحسن “إرجاع”، وليس الرجوع لآليات حسم أخرى كالقوّة أو حشد الكثرة أو غيرها للالتفاف على المرجعية العادلة، النزيهة، والحقّة، وتتمثّل هذه المرجعيات اليوم في الدساتير والمحكمات والقوانين الثابتة (تمثّل مفهوم “الله” القرآني باعتباره مرجعية ثابتة جامعة لا تميل لأحد ولا تحيف على أحد)، وليس من مرجعية أكثر صلابة وثباتاً ودواماً من المرجعية العقديّة (الدساتير مثلاً) في مقابل تلك الطارئة أو المفروضة، أو تحكيم جهات حيادية عقلائية صالحة (تمثّل مفهوم “الرسول” القرآني باعتبارها مرجعية تطبيقية لقيم الخير وثوابت الصلاح).
التوسّع في فهم الآية وروابطها
وللالتزام بسعة المفهوم وعدم حصره، وللتأكيد على حركة القران التفاعلية والواعية في القضايا العملية العابرة للزمان، وانطلاقاً من كون المفهوم أمراً عقلانيا وصحيحاً في ذاته، لا مجرّد أمر ديني تعبدي منزوع العلّة واستعبادي للعباد ومستخفّ بالعقول، نرى إمكانية انطباقه على نماذج تعاقدية أخرى بناءاً على هندسة مفاهيم الآية وروابطها، فوجود جماعة معينة مهتمّة بمهنة أو بقضيةٍ، وتحمل قيَماً مشتركة وغايات مثلى وأهدافاً واحدة تُؤمن بها، فمفاهيم الآية تشملها كمصاديق ذات نفس الفعالية في حيّزها.
تتحول “طاعة الله وطاعة رسوله” إلى طاعة مرجعيات دستوريّة مستنبطة من قيم الجماعة المعنية الفطرية وثقافتها، وطاعة “أولي الأمر” الى طاعة وليّ (تنفيذي) وهو هنا واجب الطاعة فيما تعاقدوا عليه، تتأكّد ولايته شرعيا (قانونيا) بتأكّد كفاءته والتزامه فيما تولّى (في حيّزها)، وانضباطه بمضبطة محاسبية قانونية حدّدت تفاصيلها مرجعيةٌ شرعيةٌ تعاقديّة.
ومن قوله “أولي الأمر منكم” ولم يقل “ولي الأمر”، نفهم لزوم توفّر كفاءات قياديّة ولم يحصرها بفرد، فلابد أن يكونوا من أصحاب الاختصاص والخبرة بالشأن الذي أُمّروا عليه، فلا مجال لطبيب أنْ يتسيّد على مهندسين ومعلّمين في شأن عمراني وتعليمي، لكنّه كذلك في الشأن الصحّي، ولو أنّ أطباء مختصّين أوجبوا تدبيراً لأنّ هناك وباء قادماً فالواجب شرعاً (قانوناً) اتّباع الأمر، ثمّ هم المحاسبون، أو خبيراً اقتصادياً يشير على الدولة لتجنب الكساد والفوضى، فكلهم “ولاة أمور” فيما اختصّوا به، وكلهم أهل شورى.
فولي الأمر في الشئون الطبية لجنة أطباء مختصّين، وولي الأمر في القضاء لجنة قضائية عادلة مختصّة، وولي أمر التعليم لجنة تعليمية ذات كفاءة ونزاهة، والفلكي في اختصاصه، المهندس في اختصاصه، الخبير الاقتصادي،… وكذلك المريض مع طبيبه، اليتيم مع وصيّه الأمين، الطالب مع مدرّسه، الابن مع أبيه الصالح.. الخ.
وختاماً، فأولو الأمر هم الحكّام وهم السادة، هم الخبراء وهم القادة، هم الآباء الصلحاء وهم الوكلاء، وهم كل راع صالح مسئول عن رعيته، ولكن كلٌ في حيزّه، ولأنهم غير معصومين ويجتهدون بحسب ما أوتوا من الخبرة والعلم في مجال اختصاصهم فقد احتُمل أن ينشأ خلافٌ معهم، واستثناهم من المرجعية التي أمر الناس (الرعيّة في الحيّز/الأمر) بالرجوع لها لحسم الخلاف وأحاله إلى مرجعيات أعلى، “أولو الأمر” غير مخوّلين بنصٍّ إلهيّ مفتوح بل بضوابط عند تحويله لأرض الواقع تخضع لمعايير خبرة ورقابة ومحاسبة، مثلما حُدّدت المرجعية العليا وثبّت موضعها ليكون الرجوع إليها (التأويل) هو “خيرٌ” -للسلم واستتباب الأمور والنفوس- مِن الرجوع لغيرها.
نحن أمام أزمات مستعصية أنتجها التاريخ فلعبت بالسياسة والدين، وليس أمامنا للخروج منها إلا إعادة العقل لقراءة القران الكريم بوعي يُسقط كل أشكال النفعيّات والتوظيفات المغرضة لآياته..
- سورة النساء (59) ↑
- أ- صحيح البخاري: نزلت في عبد الله بن حذافة، إذ بعثه النبي (ص) في سرية.
ب- المسند (1/82) وصحيح البخاري (4340)، وصحيح مسلم (1840): بعث رسول الله (ص) سرية، واستعمل عليهم رجلا من الأنصار، فلما خرجوا وَجَد عليهم في شيء. فقال لهم: أليس قد أمركم رسول الله (ص) أن تطيعوني؟ قالوا: بلى، قال: اجمعوا لي حطبا. ثم دعا بنار فأضرمها فيه، ثم قال: عزمت عليكم لتدخلنها، فهمّ القوم أن يدخلوها، فقال لهم شاب منهم: إنما فررتم إلى رسول الله (ص) من النار، فلا تعجلوا حتى تلقوا رسول الله (ص)، فإن أمركم أن تدخلوها فادخلوها. قال: فرجعوا إلى رسول الله (ص) فأخبروه، فقال لهم: “لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدا؛ إنما الطاعة في المعروف”.
ج- وفي أبن كثير: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم): بعث رسول الله (ص) سرية عليها خالد بن الوليد، وفيها عمار بن ياسر، فساروا قبل القوم الذين يريدون، فلما بلغوا قريبا منهم عرسوا، وأتاهم ذو العيينتين فأخبرهم، فأصبحوا قد هربوا غير رجل. فأمر أهله فجمعوا متاعهم، ثم أقبل يمشي في ظلمة الليل، حتى أتى عسكر خالد، فسأل عن عمار بن ياسر، فأتاه فقال: يا أبا اليقظان، إني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدا عبده ورسوله، وإن قومي لما سمعوا بكم هربوا، وإني بقيت، فهل إسلامي نافعي غدا، وإلا هربت؟ قال عمار: بل هو ينفعك، فأقم، فأقام، فلما أصبحوا أغار خالد فلم يجد أحدا غير الرجل، فأخذه وأخذ ماله. فبلغ عمارا الخبر، فأتى خالدا فقال: خلّ عن الرجل فإنه قد أسلم، وإنه في أمان مني. فقال خالد: وفيم أنت تجير؟ فاستبّا وارتفعا إلى النبي (ص)، فأجاز أمان عمار، ونهاه أن يجير الثانية على أمير. ↑
- ” “عهد الإمام علي بن أبي طالب الى مالك الأشتر” نهج البلاغة ↑
- وسائل الشيعة 18 / 84 ح – 29 ↑
- وسائل الشيعة 18 / 79 ح – 14 ↑
- سورة النساء (83) ↑
استجابات