باحثو التجديد يؤكدون:
الساسة حوّلوا الدين إلى قوالب إكراه وفرائض قمع..و”الحلّ الشامل والعادل” عبارة مخادعة ومستحيلة في القضية الفلسطينية!
شارك الباحثان بجمعية التجديد الثقافية الأستاذ عيسى الشارقي والشيخ عباس النجار في مؤتمر القدس السنوي الثامن بعنوان “السلام للقدس عاصمة السلام” الذي تنظمه حركة التوافق الوطني الإسلامية في الكويت في الفترة 2-3 سبتمبر 2010م.
وقال الأستاذ عيسى الشارقي في المؤتمر المنعقد برعاية سيادة المطران د. كاميللو باللين مطران الكنيسة الكاثوليكية وعضو مجلس العلاقات الإسلامية المسيحية أن “القضية الفلسطينية هي في الواقع جزء من قضية أكبر وأوسع، ولن نستطيع فهم أبعادها وجذورها، ومن ثم البحث في طريقة حلها، ما لم نكتشف المساحة الشاملة للمشكلة كلها”.
وأضاف الأستاذ الشارقي في ورقته: “تخترع السياسة في كلّ فترة عبارات تلفع بها العقول لتبدو صوابًا وما بها من الصواب من شيء، فالحلّ الشامل والعادل عبارة مخادعة ومضلّلة، إذ أنَّها مستحيلة في مثل القضية الفلسطينية”.
وعلل الأستاذ الشارقي ذلك بقوله “فالجنايات والجرائم والحقوق المهدورة التي حدثت في القضية الفلسطينية لا يمكن لأحد مهما أوتي من إمكانات أن يعيدها ويعوض على أهلها أبدًا، فيا ترى ما هي قيمة التعويض التي يستحقّها الملايين الذين تشرّدوا سبعين عاما؟ بلا وطن ولا كرامة، يتقاذفهم القريب قبل البعيد. ما هي قيمة التعويض قبال الأرواح والأعراض والكرامات؟ كيف سنعوّض شعبًا عمّا دمّر من مستقبله وحطّم من كرامته وقتل من أفراده وانتهك من أعراضه واستغلّ من فئاته؟”.
وأكّد الأستاذ الشارقي أنه “إذا ما فكرنا في صيغة لحلٍّ الآن وبعد سبعين عامًا من الجريمة، فإنَّه لا بدَّ وأن نأخذ في اعتبارنا حقائق جديدة تولّدت عن تلك الأوضاع الظالمة، وأنَّه لا بدَّ من التعامل معها بروح العدالة والإنصاف حتى لو كانت هذه العدالة مرّة المذاق”.
ومن جانبه قال الشيخ عباس النجار في ورقته “أسس السلام في دين السلام” أنّ “الساسة حوّلوا الدين (أيّ دين) إلى قوالب إكراه، وفرائض قمع، وإلى مخطّطات غزو، وحروب استباحة للمخالف والمختلف، فصودرت الأديان ونُخرت من جواهرها التي كانت يوماً تصنع السلام”.
وأضاف الشيخ النجار علينا البحث عن الأسباب الجذرية التي أدت إلى فقدان السلام وعدم الاكتفاء بالعمل على إفرازات المشكلة، والالتهاء بالقشور دون الوصول إلى الجذور. وأوصى بتعريف معنى العدو (وهو المعتدي) بشكل دقيق، حتى لا يتحول أي اختلاف أو خلاف في قضية ما إلى منشأ عداوة تمتد أحقاباً لا تنفع معها حيلة في وقف امتدادها.
وأشار الشيخ النجار إلى العمل على امتلاك دولنا قرارها السياسي المستقل، ومشاركة شعوبها رأيَها في قضايا الأمة المصيرية، والثقة في قدراتها الهائلة على بناء الذات والنهوض من جديد من حال التردي الحاصل لاستعادة عزها المفقود.
وكان النجّار قد أكّد أن السلام هو الأساس التي قامت عليه كل الشرائع السماوية التي حرصت على سلامة الإنسان بدنياً ونفسياً وعقلياً، واعتبرت ذلك شرطاً في تحميله مسئولية أي تكليف، فالسلام يحتاج إلى ثقافة ليدفع العداوة ويزيل البغضاء والأحقاد من النفوس، ومهما كانت الأسباب وراء تلك الأحقاد والضغائن فالسلام بدايةٌ لدفعها، والقطيعة مادة لدوامها!
وسوف تكون ورقتا العمل متوفرتين على موقع جمعية التجديد الثقافية والنشرة الالكترونية.