حصدت ورقة جمعية التجديد الثقافية “إحياء القيم من أجل السلم الاجتماعي.. التقوى مثالاً” التي قدّمتها الباحثة بجمعية التجديد الأستاذة رابحة الزيرة المرتبة الثانية لأفضل الأوراق المقدّمة في “المؤتمر القومي السنوي السابع عشر “العربي التاسع” لمركز تطوير التعليم الجامعي المنعقد تحت رعاية الأمين العام بجامعة الدول العربية السيد عمرو موسى، ووزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي بجمهورية مصر العربية الأستاذ الدكتور هاني هلال.
وطرحت ورقة التجديد فكرة التقوى كمعيار للتفاضل بين المتنافسين، مؤكّدةً على ضرورة إخراج مبدأ التقوى من إطاره الشخصي والطوعي ليُعرف كحدود قانونية وأخلاقية تحكم العلاقة بين الإنسان وأخيه الإنسان في كل المجالات، كما ينبغي الاهتمام بالبعد التطبيقي والعملي له بتعميمه على شتّى الممارسات الأكاديمية.
وقالت الزيرة في المؤتمر “إن العرب بحاجة إلى وقفة بحثية تربوية وتعليمية لدراسة أهمية ودور “إحياء القيم من أجل السلم الاجتماعي” وسبل توعية أبناء الأمة بها نظرياً، وتفعيلها عملياً في برامج التعليم المدرسي والجامعي من أجل دعم التقارب العربي بل الإسلامي فضلاً عن الإنساني العالمي استناداً على قاعدة “إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم””.
ودعت الزيرة الجامعات العربية ومراكز البحوث والدراسات في الوطن العربي لمراجعة ودراسة الأسباب التي أدّت إلى تقهقر الأمة إلى الوراء والابتعاد عن ثوابتها المحتومة من وحدة لغة ودين وتاريخ وجغرافيا ومصير مشترك، والأضرار التي نجمت عن التمسّك المريض بالنعرات الطائفية على حساب منطق الإنسانية الذي يقوم على مبادئ الاحترام، والتسامح، والعيش المشترك، والتعايش السلمي في إطار حرية الاختيار.
وحمّلت الزيرة قطاعَ التعليم والثقافة مسئولية صياغة مفاهيم جديدة – مستلّة من تراثنا الغني بالقيم والمبادئ الإنسانية – وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وتوعية الناس، وبثّ الثقافة والمعرفة التي تعيد لإنساننا العربي سلمه المجتمعي، وللأمة تماسكها، للمساهمة في بثّ السلام في المجتمع الإنساني العالمي.
وتساءلت الزيرة “لماذا أصبحت قيمنا العليا من قبيل التسامح، والإنصاف كمن يقبض على إيمانه في الزمن الرديء (كالقابض على الجمر)، لماذا أصبحت تلك القيم في مجتمعاتنا العربية واهية – كقشر البيضة – بحيث يتحتّم علينا التعامل معها بحذر شديد، مع أن فيها خلاصنا من ضعفنا؟ بل هي خيارنا لنكون رقماً صعباً في معادلة السلام العالمي”. واستطردت: “لماذا أصبحت تلك القيم السامية وعلى رأسها السلم الاجتماعي من أرخص الأشياء، بحيث تكون هي أوّل شيء يُضحى به، فأصبحنا بعد أن تخلّينا عن قيمنا الإنسانية وحقوقنا المشروعة كمن باع أغلى ما يملك بثمن بخس وقطع عن نفسه (ماء حياته) وجلس ينتظر من يتصدّق عليه”.
وأكّدت الزيرة اشتراك الناس في القيم الإنسانية العامة وإن اختلفوا في الدين والعرق واللون واللغة والبلد مشيرةً إلى صلاحيتها لتمثّل حلقة الوصل بينهم، مضيفةً “أن تلك (القيم) هي المفاهيم المحورية التي ينبغي تطعيم المناهج المدرسية بها لتفعيلها في سلوك الطلبة اليومي فتسهم في ترميم العلاقات المفكّكة، وبناء علاقات قائمة على قيم نبيلة بعد أن نجدّد فهمنا لها بحيث تتناسب مع حاجات أمّتنا الملحّة وتواكب متطلّبات العصر”.
وركّزت الورقة على قيمة (التقوى) بالنظر إلى أنها محور الكثير من القيم الأساسية، مؤكدةً أن هذه القيمة إذا أخذت مفعولها في الفرد فإنه بالتبعية تتفعّل القيم الأخرى، ولتكون مثالاً يُحتذى للتفصيل في بقية القيم والمبادئ الإنسانية التي نحتاجها لأجل التقارب العربي الإسلامي الإنساني.
وتناول المؤتمر الذي نظّمته إدارة التربية والتعليم والبحث العلمي بالأمانة العامة بالتعاون مع مركز تطوير التعليم الجامعي وكلية التربية بجامعة عين شمس، موضوع “التقارب العربي في برامج التعليم الجامعي وقبل الجامعي”، وذلك خلال الفترة 10-11 نوفمبر بمقر جامعة الدول العربية.