كلمة الأستاذ أحمد الدبش – حفل تدشين تحالف مفكرون ضد التزوير

مملكة البحرين

جمعية التجديد الثقافية الإجتماعية

 

كلمة  الأستاذ أحمد الدبش

حفل تدشين تحالف مفكرون ضد التزوير

26 ديسمبر 2010

في خضمّ عملية الإستيطان الصهيوني لفلسطين وما تضمّنته من أعمال السلب والإقتلاع التدريجي للشعب الفلسطيني من أرضه، جرى إستخدام علم الآثار بصورة فعّالة لإقصاء الفلسطينيين عن تاريخهم وانتحال تراثهم الثقافي. في هذا السياق، لعب علم الآثار  دوراً هاماً، وكان هدفه إيجاد علاقة بين دولة “إسرائيل الحديثة” والعصر “الإسرائيلي المزعوم” القديم. ونتج عن ذلك أن الطبيعة التعددية لتاريخ فلسطين قد اختفت فعلياً من الوعي العام، واختفى معها أيضاً التاريخ والتراث الثقافي العربي القديم. كما وجرى إنتحال العديد من المواقع الأثرية والتاريخية الفلسطينية، والأماكن المقدّسة، التي تشكّل جزءاً لا يتجزء من التراث الثقافي الوطني الفلسطيني، بصفتها “توراتية” أو “يهودية”. في هذه الأثناء، واصلت العصابات الصهيونية مساعيها لتهويد وتهجير الذاكرة الفلسطينية. ففيما سعي الصهاينة مادياً إلى تحويل فلسطين إلى وطن قومي يهودي، ساهم عمل علماء الآثار في تحويل فلسطين، على الصعيد النفسي إلى أرض يهودية.

وبذلك، ما فتئت هذه العصابات الصهيونية تفتش عن شرعيتها في التاريخ القديم، مبررة وجودها على أساس من الحق التاريخي والديني في فلسطين. ولتأكيد هذه الحقوق التاريخية والدينية، قام الأثريون والباحثون بالتنقيب في كل مكان ورد اسمه في التوراة و ” التوراة في يد، والمجرفة في اليد الأخرى”. لقد كان البحث الأثري و التاريخي في بلادنا فلسطين ” ليس مجرد إعادة بناء نزيه للماضي ولكنه يتعلق بموضوع بالغ الأهمية يتصل بالهوية وميزان القوى المعاصرة”.

لقد تم إخضاع المكتشفات الآثارية في المشرق العربي عامة، وفي فلسطين خاصة، لمصلحة الخطابين، السياسي والتوراتي، وهدفهما، بعدما أن ثبت ” أن القوى الغربية، استخدمت الكنوز الأثرية التى في المنطقة، من خلال الماضي الكتابي، من أجل سعيها لتحقيق المكاسب السياسية، ولإضفاء الشرعية على مصالحها الإمبريالية”.

لقد كانت “العلوم كالتاريخ وعلم الآثار وغيرها ليست إلا أدوات في يد أصحاب القوى ليبسطوا من خلالها هيمنتهم ويبرروا استعمارهم”. فـ” الصراع حول الماضي إنما هو دائما صراع من اجل الهيمنة والسيطرة في الحاضر”.

لقد أصبح تطوير علم الآثار في فلسطين تعبيراً ذا أهمية عن المطامع الإقليمية للقوى الغربية. فاستكشاف المنطقة، ورسم خرائطها، وتسجيل أوابدها القديمة، ووصف سكانها، وممارساتهم، لم تكن أعمالاً بحثية، نزيهة، ومبرأة من الأغراض الخاصة، مع تشكيلها مساهمات مهمة على صعيد المعرفة العلمية. فالموقف المتعالي، الذي طبع أسلوب كتابة التقارير، يتجلى في العديد من تقارير مشاهير الرحالة إلى فلسطين. فاهتمام هؤلاء بفلسطين لم يكن صادراً عن اهتمام بالمنطقة، نتيجة لأهميتها الخاصة، بمقدار ما كان منصباً على حقيقة أنها كانت موقع الأحداث الكتابية. هنا بالذات كانوا يأملون في الاهتداء إلى جذورهم. ومن حيث الجوهر، كثيرًا ما جرى إفراغ فلسطين، والتاريخ الفلسطيني من أي معنى حقيقي كامن، حيث جرى ” تجريدها ” [فلسطين] من “الصفة التاريخية” و” طمسها” واسكات التاريخ الفلسطيني مقابل اظهار التاريخ الاسرائيلي.

أن هذا التحالف الذي شاركنا في تأسيسه، هو جزء من نضالنا في سبيل اجتراح رواية بديلة لتاريخ فلسطين، وقد أخذنا على عاتقنا تحرير الحقائق التاريخية المتعلقة بتاريخ فلسطين القديم، من ماضي خيالي فرض علينا بواسطة خطاب الدراسات التوراتية، وحتى نتمكن من تحقيق هذه الفكرة، سيكون من المحتم القيام بتفكيك التاريخ التوراتي، وتصديع التوراة، ومن ثم المطالبة بموقع للتاريخ الفلسطيني ضمن الخطاب الأكاديمي في أقسام التاريخ.

أن هذا التحالف هو رأس حربه للمقاومة، وهو شريك في القضاء على المشروع الصهيوني بنزع الشرعية عن هذا الكيان الغاصب، وضرب الأساس الايدلوجي القائم عليه، لذلك ادعو كل الباحثين ونبلاء الضمير الى المشاركة والانضمام اليه. لانه جزء من نضالنا من أجل تحرير كامل التراب الوطنى الفلسطينيى.

 

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.