أين تفتّش عمّا تريد؟

يعمل موظف بإخلاص وإبداع ويأخذ نتيجة عمله مديرُه الذي يُبرز تلك النتيجة على أنها أفكاره وتدابيره، ويودّ شخصٌ أن يشعر بالتميٌّز، فيتكلّم بإسهابٍ عن ممتلكات وانجازات لا يمتّ إليها بصلة، وآخر يريد أن يكون أفضل ممّن معه، فيتكلم كذباً وافتراءاً عنهم حتى يسقطهم من أعين الآخرين ليصبح أعلى منهم، ويودّ شخص أن يشعر بالأهمية في بيته فيتجبّر ويتسلّط ويسيطر، وآخر يريد أن يحقّق نجاحا، فيركب مركباً لا يهمّه من يدهس في طريقه، وشخص يريد أن يجذب إليه قلوب الناس ومحبتهم واهتمامهم، فيتملّق ويقول كلمات رنانة ولكنها لا تعني في قلبه شيئاً، وآخر يريد أن يشعر بالفرح، فيسخر من الآخرين ليضحك هو ورفاقه وهلةً من الزمن!

فمن يقوم بهذه الأعمال ليس بالضرورة أن يكون إنساناً شريراً، ولكنه الطريق القصير الذي يودّ الكثيرون من الناس أن يسلكوه ليصلوا إلى الراحة والسعادة والفرح والانشراح، فالغاية الغالبة عادة ما تكون الرضا الشخصي عن النفس وعن الحياة وليس إيذاء الآخرين، ولكن قد يبيح الإنسان لنفسه ذلك في سبيل الوصول إلى مبتغاه.

وإذا تأمّلنا حياتنا وحياة الآخرين حين ممارسة هذه الأمور، لوجدنا أنّ من النادر أن يتجاوز شعور الرضا عن النفس والراحة والفرح الشعور الوقتي والسطحي، وهو لا يوصل بالتأكيد في أي حال من الأحوال إلى السعادة ولا الانشراح ولا الرضا عن الذات، ذلك لأنّ هذه مشاعر متأصلة تراكمية لا تتعلق كثيراً بالأحداث اليومية وما يفرحنا منها أو يحزننا، بل بنظرتنا لأنفسنا وللحياة ولقيمتنا ولإنسانيتنا. فقد نرى أشخاصاً في خضم مشاكل يومية ونقص في المال والوجاهة الاجتماعية وهم راضون يضحكون من أعماق قلوبهم سعداء في حياتهم، ومن جانب آخر، هناك الكثير ممّن لديهم كل مقومات النجاح ولكنهم يشعرون بالبؤس والرغبة في إنهاء حياتهم.

ذلك لأننا نبحث عن شيء جميل وراق ولكن في المكان والطريقة الخاطئين، ونربط أموراً ببعض وننتظر منها نتائج لا علاقة لها بها، فالكذب لا تربطه أي صلة بالفرح ولا الغش بالرضا ولا التزوير بالسعادة ولا التملق بالانشراح ولا أيّ عمل دنئ بأي شعور راق، فالاعتقاد بأنّ القبيح ينتج جميلاً هو وهْمٌ شائع بقدر سذاجته وبعده عن أبسط قوانين المنطق، إذ كل شيء يرتبط بما له معه تشابه وتجانس، ووحدها القيم الإنسانية الراقية المحفورة في فطرة كل إنسان، وثبتتها جميع الأديان السماوية، كالصدق والأمانة واحترام الآخرين هي التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بالمشاعر الجميلة والراقية التي يبحث عنها الإنسان، ذلك لأنها برمجة فطرتنا وانسانيتنا، ولن نحصل عليها إلا إذا عملنا بما يتناسب معها، ولأننا خلقنا للسعادة والانشراح، فنحن نستحق أن نفكر في كل عمل نقوم به لنتأكد من أنه يتناسب مع تلك القيم الإنسانية الراقية، وأنّه يوصلنا لما نستحق.

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

عصى آدم..الحقيقة دون قناع
  • معصية آدم، نموذج لمفردة في البناء المعرفي! وحلها سيعيد لإنساننا خارطة نفسه وهويته الضائعة وهدف وجوده
  • معرفة هذه الحقيقة صدمة تعيد الوعي، نعقد بها مصالحة بين التراث والمستقبل لنعيش لحظة الحاضر بيقظة أننا على جسر التحول الإنساني، الذي بدأ في الأرض بالإنسان الهمج ليختتم بالخليفة "الإنسان الإنسان"
مسخ الصورة..سرقة وتحريف تراث الأمة
  • أخذت الحركة الصهيونية على عاتقها غرس دولة لليهود في خاصرة الأمة فزوروا التاريخ العربي ونسبوه لليهود
  • اختلقوا لغة بسرقة إحدى اللهجات القبلية العربية البائدة وأسموها اللغة العبرية
  • أقحم الدين والتاريخ للسيطرة على عقول الناس ونقلت رحلات الأنبياء من مواقعها ليأسسو لاحتلال فلسطين فساهم هذا التزوير في مسخ صورة العربي والمسلم في الثقافة الغربية
مفاتيح القرآن و العقل
  • إذا كان كلام الله واحداً ودقيقاً، كيف حصل له مائة تفسير؟
  • ماذا لو كانت أمتنا تقرأه وتترجمه معكوساً، كلبسها إسلامها مقلوباً؟
  • أصحيح هذا "المجاز" و"التقديرات"،و"النسخ" و"التأويل" و"القراءات"؟
  • هل نحن أحرار في قراءة القرآن وتدبره أم على عقولنا أقفال؟
نداء السراة..اختطاف جغرافيا الأنبياء
  • ماذا يحدث عندما تغيب حضارة عريقة
  • هل تموت الحقيقة أم تتوارى عن الأنظار لتعود .. ولو بعد حين؟
  • هل تقبل بلاد وادي النيل بعودة حضارة القبط الغريبة؟
  • هل تقبل نجد بعودة موطن آباء الخليل إبراهيم وبنيه إسحاق ويعقوب؟
الخلق الأول..كما بدأكم تعودون
  • إن البشر الأوائل خرجوا قبل مئات آلاف السنين من "قوالب" الطين كباراً بالغين تماماً كالبعث
  • جاء آدم في مرحلة متأخرة جداً من سلالة أولئك البشر اللاواعي، فتم إعادة تخليقه في الجنة الأرضية ونفخ الروح فيه
  • آدم أبو الناس ليس هو آدم الرسول الذي أعقبه بمئات القرون
الأسطورة..توثيق حضاري
  • الأساطير وقائع أحداث حصلت إما من صنع الإنسان، أو من صنع الطبيعة، أو من صنع السماء
  • لكل اسطورة قيمة ودلالة وجوهراً وتكمن فيها أسرار ومعاني بحاجة إلى إدراك وفهم
  • من الضروري العودة إلى اللغة العربية القديمة بلهجاتها المختلفة لفك رموز الأساطير التي غيب الكثير من مرادها ومغازيها
التوحيد..عقيدة الأمة منذ آدم
  • لو أنا أعدنا قراءة تراثنا بتجرد لأدركنا حقيقة اليد الربانية التي امتدت لإعداة الانسان منذ خطواته الأولى على الأرض بما خطت له من الهدى
  • التوحيد منذ أن بدأ بآدم استمر في بنيه يخبو حيناً ويزهو حيناً آخر، ولكنه لم ينطفئ
بين آدمين..آدم الإنسان وآدم الرسول
  • هل هما (آدمان) أم (آدم) واحد؟
  • من هو (آدم الانسان) الأول الذي عصى؟
  • من (آدم الرسول) الذي لا يعصي؟
  • ماهي شريعة (عشتار) وارتباطها بسقوط آدم الأول حين قارب شجرة المعصية؟
طوفان نوح..بين الحقيقة و الأوهام
  • ما قاله رجال الدين والمفسرون أعاجيب لا يقبلها المنطق ولا العقل السليم في محاولتهم لإثبات عالمية الطوفان
  • استثمر المستنفعون من اليهود هذه القضية ليبتدعوا القضية السامية ويرجعوا نسبهم إلى سام بن نوح (ع)
  • قضية طوفان نوح (ع) لا تكشف التزوير اليهودي فحسب، بل تضع يدها على موضع الداء في ثقافة هذه الأمة