المتكحّلة المائيّة.. الجميلة القاتلة

المتكحّلة المائية نبتةٌ أصلها برازيلي، تعيش في الماء على هيئة مجموعات كبيرة ولها جذور طويلة عائمة، بها ورود أرجوانية غاية في الجمال، تعيش هذه النبتة في أماكن مختلفة من العالم، وأُدخلت أوغندا كنبتة إصيص، وتكاثرت في بحيرة فيكتوريا بسرعة ما بين عامي 1998 و 1992 وتسببت بأحد أكبر الكوراث في تلك المنطقة، فتكاثرها غير الطبيعي تسبب في أضرار اقتصادية وصحية جديّة كالهجرة الفورية للأسماك، وإعاقة حركة المواصلات في النهر، وسد مَعبر المراكب والقوارب، كما وأصبحت مرتعاً مثالياً للحلزونات المؤذية والبعوض والحشرات الأخرى والتي نَشرت بدورها أمراضاً كالحساسية الجلدية والملاريا والسعال والبلهارسيا والاضطرابات المعوية، كما وأصبحت مرتعاً لتكاثر الحيَّات الخطرة، وقللت إنتاجية المولدات الكهربائية، وأعاقت عمليات تنقية المياة، وأثًّرَت على النظام البيئي بأكمله نتيجة تغييرها لنسبة الرطوبة في الهواء.

وبالرغم من تواجد هذه النبتة في بحيرات كثيرة، إلا أنها لم تتضّرر كما تضررت بحيرة فيكتوريا، وتعود أحد أهم أسباب ذلك للتلوث الكبير الذي حل بها نتيجة عوامل مختلفة، منها تحويلها إلى حوض لنفايات المصانع وملوثاتها، مع أنها تعتبر ثاني أكبر بحيرة للمياه العذبة في العالم، فاختل توازنها، ولم تعد قادرة على حماية نفسها كما فعلت البحيرات الأخرى، واضطرت منظمات بيئية ودولية وهيئات من الأمم المتحدة للتدخل ورصد ميزانيات كبيرة لإيجاد حل لهذه الجميلة القاتلة، حتى توصلت البحوث المكثفة والمتواصلة لنوع من الحشرات التي استطاعت أن تحل جزءاً من المشكلة.

ولعلّ هذا يعطينا مجالاً للتأمل حين نرى أشياءً مغرية لدى الآخرين ونُدخلها إلى نظام حياتنا دون التأكد من ملائمة البيئة لها أو التفكير بالأخطار التي من الممكن أن ترافقها، فالكثير من الأشياء تبدو جميلة وفوائدها طاغية، ولكن بقليل من التعمق، قد نرى أننا بحاجة لإعادة النظر في الطريقة والأسس التي نقوم بناء عليها بإدخالها في حياتنا، فعلى سبيل المثال، الهاتف النَّقال الذي أصبح جزءاً من حياة الصغار والكبار، تحوّل من أداة للتواصل، إلى أداة لقتل الوقت وملء الفراغ بالأحاديث المختلفة، دون الأخذ بالاعتبار الأضرار التي من الممكن أن يتعرض لها الإنسان عند الاستخدام المُفرَط الذي أصبح شائعاً عند الكثيرين، والإنترنت الذي أصبح إدماناً لدى مجموعة كبيرة من الناس بمختلف شرائحهم بحيث أثَّر على علاقات أسرية وشخصية ومهنية للكثيرين، وخاصة الشباب والمراهقين منهم، فهم يدخلون في عالم افتراضي يقضون فيه أوقاتاً قد تفوق الأوقات التي يقضونها في العالم الحقيقي، وحين يرجعون لهذا العالم، لا يرون فيه ما يجذبهم، فيقرّرون الهروب مرة أخرى إلى ذاك العالم الإفتراضي الأكثر إثارة.

فالبيئة الحالية في المجتمع مُثقلة بالشعور بالإحباط والعجز وفقدان الأمل وسطوة الوساطات، لدرجة أنها تبتلع حيوية أولئك الشباب والمراهقين وطموحاتهم وآمالهم وتَطلّعهم للمستقبل، وتجعلهم أكثر ضعفاً في مواجهة تحديات الحياة وضغوطاتها، حتى أنهم يرون الانغماس في الأحاديث والعالم الافتراضي بكل مكوناته أفضل من مجرد التفكير بحلم إنجاز أو اكتشاف أو معرفة أو حتى هواية.

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

عصى آدم..الحقيقة دون قناع
  • معصية آدم، نموذج لمفردة في البناء المعرفي! وحلها سيعيد لإنساننا خارطة نفسه وهويته الضائعة وهدف وجوده
  • معرفة هذه الحقيقة صدمة تعيد الوعي، نعقد بها مصالحة بين التراث والمستقبل لنعيش لحظة الحاضر بيقظة أننا على جسر التحول الإنساني، الذي بدأ في الأرض بالإنسان الهمج ليختتم بالخليفة "الإنسان الإنسان"
مسخ الصورة..سرقة وتحريف تراث الأمة
  • أخذت الحركة الصهيونية على عاتقها غرس دولة لليهود في خاصرة الأمة فزوروا التاريخ العربي ونسبوه لليهود
  • اختلقوا لغة بسرقة إحدى اللهجات القبلية العربية البائدة وأسموها اللغة العبرية
  • أقحم الدين والتاريخ للسيطرة على عقول الناس ونقلت رحلات الأنبياء من مواقعها ليأسسو لاحتلال فلسطين فساهم هذا التزوير في مسخ صورة العربي والمسلم في الثقافة الغربية
مفاتيح القرآن و العقل
  • إذا كان كلام الله واحداً ودقيقاً، كيف حصل له مائة تفسير؟
  • ماذا لو كانت أمتنا تقرأه وتترجمه معكوساً، كلبسها إسلامها مقلوباً؟
  • أصحيح هذا "المجاز" و"التقديرات"،و"النسخ" و"التأويل" و"القراءات"؟
  • هل نحن أحرار في قراءة القرآن وتدبره أم على عقولنا أقفال؟
نداء السراة..اختطاف جغرافيا الأنبياء
  • ماذا يحدث عندما تغيب حضارة عريقة
  • هل تموت الحقيقة أم تتوارى عن الأنظار لتعود .. ولو بعد حين؟
  • هل تقبل بلاد وادي النيل بعودة حضارة القبط الغريبة؟
  • هل تقبل نجد بعودة موطن آباء الخليل إبراهيم وبنيه إسحاق ويعقوب؟
الخلق الأول..كما بدأكم تعودون
  • إن البشر الأوائل خرجوا قبل مئات آلاف السنين من "قوالب" الطين كباراً بالغين تماماً كالبعث
  • جاء آدم في مرحلة متأخرة جداً من سلالة أولئك البشر اللاواعي، فتم إعادة تخليقه في الجنة الأرضية ونفخ الروح فيه
  • آدم أبو الناس ليس هو آدم الرسول الذي أعقبه بمئات القرون
الأسطورة..توثيق حضاري
  • الأساطير وقائع أحداث حصلت إما من صنع الإنسان، أو من صنع الطبيعة، أو من صنع السماء
  • لكل اسطورة قيمة ودلالة وجوهراً وتكمن فيها أسرار ومعاني بحاجة إلى إدراك وفهم
  • من الضروري العودة إلى اللغة العربية القديمة بلهجاتها المختلفة لفك رموز الأساطير التي غيب الكثير من مرادها ومغازيها
التوحيد..عقيدة الأمة منذ آدم
  • لو أنا أعدنا قراءة تراثنا بتجرد لأدركنا حقيقة اليد الربانية التي امتدت لإعداة الانسان منذ خطواته الأولى على الأرض بما خطت له من الهدى
  • التوحيد منذ أن بدأ بآدم استمر في بنيه يخبو حيناً ويزهو حيناً آخر، ولكنه لم ينطفئ
بين آدمين..آدم الإنسان وآدم الرسول
  • هل هما (آدمان) أم (آدم) واحد؟
  • من هو (آدم الانسان) الأول الذي عصى؟
  • من (آدم الرسول) الذي لا يعصي؟
  • ماهي شريعة (عشتار) وارتباطها بسقوط آدم الأول حين قارب شجرة المعصية؟
طوفان نوح..بين الحقيقة و الأوهام
  • ما قاله رجال الدين والمفسرون أعاجيب لا يقبلها المنطق ولا العقل السليم في محاولتهم لإثبات عالمية الطوفان
  • استثمر المستنفعون من اليهود هذه القضية ليبتدعوا القضية السامية ويرجعوا نسبهم إلى سام بن نوح (ع)
  • قضية طوفان نوح (ع) لا تكشف التزوير اليهودي فحسب، بل تضع يدها على موضع الداء في ثقافة هذه الأمة