“وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ” [مريم : 39]

لم تنفك الآيات القرآنية تؤكد أنّ الرسل إنّما جاؤوا مبشّرين ومنذرين، ويأتي ضمن كثيرٍ مما أنْذَروا به الناس “يوم الحسرة” وهو بحسبِ التفسير يوم القيامة.

والمفهوم من الآية أنّه اليوم المحدّد الذي يأتي بانقضاء الأعمال وانتهاء مهلَتِها، ويكون الإنسان قبله غافلاً عن هذا الأجل ومهمِلاً الاستعداد له! فلكلّ مهلةٍ حد، ثم تنقضي الأمور، وتُحسَم النهايات ولا ينفع الندم بعدها، وهذا ما سيحدث يوم القيامة إذ ستُغلق الملفات ويصير مستحيلاً بعدها العودة لإصلاح العمل أو إعادة التزوّد.

لكن هل من الممكن أن يمر “يوم حسرة” في حياة أيٍّ منا قبل مماته؟! هل من الممكن أن يكون يوم الحسرة مثلاً هو: اليوم الذي تفقد فيه أحد أحبتك أو فرداً من أهلك وقد كنت مقصّراً وغافلاً عن أداء حقه، فتنغلق أمامك فرصة تقوية هذه العلاقة أو إصلاحها!

أو اليوم الذي تخسرُ فيه كمال صحتك فتفقدُ حاسةً من حواسك أو عضواً من جسدك فيحول ذلك دون القيام بالكثيرِ من الأعمال التي طالما فرّطت في أدائها.

أو يوم خسرانك المال الذي كنتَ تستطيع التصرّف فيه بشكلٍ أفضل.

أو يوم انتقالك من الفراغ إلى الكدّ الذي لا راحةَ فيه وقد ضيّعتَ فرصة استغلال وقتك بأفضل طريقة.

وقد يكون “يوم الحسرة” أيضاً ناتجاً عن الغفلة وعدم الاستعداد ليوم النتائج الدراسية، أو اليوم المتفق عليه لتسليمِ عملٍ معين، أو يوم حصاد النتائج أيّاً كانت في أي مجال من مجالات الحياة العمليّة المتنوعة، أو فرصة العمل والبذل والعطاء لمجتمعك وأمّتك، بل إننا يومياً قد نمر به، فكل يوم هو ساعات محددة أُعطيَت كمهلةٍ للإنسان كي يعمل فيها صالحاً ويؤدي جميع واجبات يومه، ولأنّه ليس كل عمل يحتملُ التأجيل والمماطلة، فإنْ تصرّم اليوم دون أداء الواجب فيه يتحوّل حسرةً في قلوبنا في آخر اليوم!

الرسل جاؤوا كي ينذروننا من هذا اليوم وأشباهه، ويدعوننا للعمل في المُهل وعدم تفويت فرص الخير، فكيف يمكننا اغتنام أوقاتنا وصحتنا وأموالنا ومواردنا كي لا يكون فواتها حسرةً وغصّة؟ بل كيف يمكننا اغتنام عمرنا كله اتقاءً لـ”يوم الحسرة” الأكبر.. يوم لا ينفع إلا ما غنِمنا من خير أو تزوّدنا من عمل؟

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

عصى آدم..الحقيقة دون قناع
  • معصية آدم، نموذج لمفردة في البناء المعرفي! وحلها سيعيد لإنساننا خارطة نفسه وهويته الضائعة وهدف وجوده
  • معرفة هذه الحقيقة صدمة تعيد الوعي، نعقد بها مصالحة بين التراث والمستقبل لنعيش لحظة الحاضر بيقظة أننا على جسر التحول الإنساني، الذي بدأ في الأرض بالإنسان الهمج ليختتم بالخليفة "الإنسان الإنسان"
مسخ الصورة..سرقة وتحريف تراث الأمة
  • أخذت الحركة الصهيونية على عاتقها غرس دولة لليهود في خاصرة الأمة فزوروا التاريخ العربي ونسبوه لليهود
  • اختلقوا لغة بسرقة إحدى اللهجات القبلية العربية البائدة وأسموها اللغة العبرية
  • أقحم الدين والتاريخ للسيطرة على عقول الناس ونقلت رحلات الأنبياء من مواقعها ليأسسو لاحتلال فلسطين فساهم هذا التزوير في مسخ صورة العربي والمسلم في الثقافة الغربية
مفاتيح القرآن و العقل
  • إذا كان كلام الله واحداً ودقيقاً، كيف حصل له مائة تفسير؟
  • ماذا لو كانت أمتنا تقرأه وتترجمه معكوساً، كلبسها إسلامها مقلوباً؟
  • أصحيح هذا "المجاز" و"التقديرات"،و"النسخ" و"التأويل" و"القراءات"؟
  • هل نحن أحرار في قراءة القرآن وتدبره أم على عقولنا أقفال؟
نداء السراة..اختطاف جغرافيا الأنبياء
  • ماذا يحدث عندما تغيب حضارة عريقة
  • هل تموت الحقيقة أم تتوارى عن الأنظار لتعود .. ولو بعد حين؟
  • هل تقبل بلاد وادي النيل بعودة حضارة القبط الغريبة؟
  • هل تقبل نجد بعودة موطن آباء الخليل إبراهيم وبنيه إسحاق ويعقوب؟
الخلق الأول..كما بدأكم تعودون
  • إن البشر الأوائل خرجوا قبل مئات آلاف السنين من "قوالب" الطين كباراً بالغين تماماً كالبعث
  • جاء آدم في مرحلة متأخرة جداً من سلالة أولئك البشر اللاواعي، فتم إعادة تخليقه في الجنة الأرضية ونفخ الروح فيه
  • آدم أبو الناس ليس هو آدم الرسول الذي أعقبه بمئات القرون
الأسطورة..توثيق حضاري
  • الأساطير وقائع أحداث حصلت إما من صنع الإنسان، أو من صنع الطبيعة، أو من صنع السماء
  • لكل اسطورة قيمة ودلالة وجوهراً وتكمن فيها أسرار ومعاني بحاجة إلى إدراك وفهم
  • من الضروري العودة إلى اللغة العربية القديمة بلهجاتها المختلفة لفك رموز الأساطير التي غيب الكثير من مرادها ومغازيها
التوحيد..عقيدة الأمة منذ آدم
  • لو أنا أعدنا قراءة تراثنا بتجرد لأدركنا حقيقة اليد الربانية التي امتدت لإعداة الانسان منذ خطواته الأولى على الأرض بما خطت له من الهدى
  • التوحيد منذ أن بدأ بآدم استمر في بنيه يخبو حيناً ويزهو حيناً آخر، ولكنه لم ينطفئ
بين آدمين..آدم الإنسان وآدم الرسول
  • هل هما (آدمان) أم (آدم) واحد؟
  • من هو (آدم الانسان) الأول الذي عصى؟
  • من (آدم الرسول) الذي لا يعصي؟
  • ماهي شريعة (عشتار) وارتباطها بسقوط آدم الأول حين قارب شجرة المعصية؟
طوفان نوح..بين الحقيقة و الأوهام
  • ما قاله رجال الدين والمفسرون أعاجيب لا يقبلها المنطق ولا العقل السليم في محاولتهم لإثبات عالمية الطوفان
  • استثمر المستنفعون من اليهود هذه القضية ليبتدعوا القضية السامية ويرجعوا نسبهم إلى سام بن نوح (ع)
  • قضية طوفان نوح (ع) لا تكشف التزوير اليهودي فحسب، بل تضع يدها على موضع الداء في ثقافة هذه الأمة