أين هي السماء؟!
السعادة في حضارة الغرب هي
نداء أرضي بحت ، شبيه بنداء كل الشعوب التي عبدت الأوثان من قبل، ولكنه نداء جبار
متمكن واثق، قد أمسك بزمام الأسرار، وظن أنه قادر على كل شيء، إنه نداء أكثر قوة
وأموالاً من كل ما سبق من حضارات ودعوات سماوية أو أرضية . إنه نداء وظف قدرة العلم
الجبارة، فراح يكشف الأسرار كالآلهة فلا غرابة أن يعبد، انه السامري الذي يخرج من
المعادن عجلاً له خوار، فلا غرابة أن تظنه الإنسانية ربها فتسجد له الإنسانية اليوم
قد تخلت عن السماء ، ونسيت أن لها رباً غير عجل السامري، فلن تجد أمة غير أمة
الإسلام ـ والعرب هم رأسها ـ تدعي أنها على اتصال مع السماء : حضارة ودولة وثقافة
ومدنية .أخلاقاً وسلوكاً ، روحاً ونفساً وعقلاً . وحدها أمة الإسلام يوجد فيها مثل
هذا التفكير والفكر، وحدها في عالم اليوم من يوجد فيها عزف لهذه النغمة النشاز: أن
يا أيها الناس إن السعادة لا تكمن في الغنى والثروة، والمتع والتسلع، وإنما هي قبل
كل شيء، في صفاء الروح ورقيها، وفي الارتباط الروحي بالسماء وفي صياغة الحضارة على
نور هداه . فتش العالم إن شئت، فلن ترى لهذه الدعوة ـ ربط الإنسان المتحضر بالأخلاق
العالية وهدي السماء ـ ألسناً سوى في هذه الأمة أمة الإسلام!.