إنّ الله لا يحبّ المسرفين

حين تذهب إلى السوق، استمع ولاحظ، كم من الوقت يصرفه الناس لمناقشة السعر المطلوب وقيمة المال الذي يدفعونه للبضاعة ليتأكدوا أنه يتناسب مع ما يحصلون عليه، وحتى لو أقرّوا في أنفسهم بأنّ السعر مناسب، غالباً ما لا يفوِّتون فرصة للمساومة، وذلك للتأكد من أنها معاملة مربحة، حتى ولو كانت مع بائع خضار على ناصية الشارع، وحين يودّ أحد أن يشتري أداة كهربائية أو طقم جلوس، عادة ما يسأل أفراداً مختلفين قبل التوجّه إلى المحلّ للتأكد من أنّ نوعية البضاعة جيدة وسعرها متناسب مع جودتها، ولإقرار نوع الهاتف النقال أو شركة الهواتف التي تعطي أكبر مزايا، فإنّ الحديث عنها قد يكون نكهة الكثير من المجالس، هذا في الأمور الصغيرة، فلك أن تتخيّل المجهود الذي سيصرف عند التعامل مع الأمور الأكبر كشراء سيارة أو منزل.

من ناحية أخرى، منذ نعومة أظافرنا يعلمنا آباؤنا أنّ الإسراف مذموم دينياً واجتماعياً وأخلاقياً، في الخبز والمال والطعام وغيرها من الأمور الأساسية، وتنادي الجمعيات البيئية بعدم الإسراف في الموارد الطبيعية كالورق، والحكومات بعدم الإسراف في الكهرباء والماء، وكلها أمور هامة يشكل الإسراف فيها كارثة إنسانية بالاضافة إلى أنّه نوع من كفران النعمة التي أنعم الله بها علينا.

ولكن ماذا عن الإسراف الأكبر في حياتنا، الإسراف في أعمارنا؟ فلنتأمل الساعات الطويلة التي تمضي دون أن نفعل شيئاً يفيدنا أو يفيد مجتمعنا، والأوقات التي نمضيها في الحديث على الهاتف في أمور قد تنقص منا ومن غيرنا ولا تضيف، ومتابعة الغثّ والسمين من الأفلام والمسلسلات، والتسمّر أمام الإنترنت نحن وأطفالنا، والكم الهائل من الكلمات الفارغة التي نتفوّه بها، والتي لو راجعنا أنفسنا نهاية اليوم لاستغنينا عن أكثرها، والنوم الزائد عن الحاجة وغيرها الكثير، نقوم بها بجهالة أو لا مبالاة أو غرور أو قتلاً للوقت، وكأنّ هذا العمر ألدّ عدوّ لنا، علينا أن نقتله، ونتلذذ بقتله، فنعمل على أن نقتله بأمتع الطرق الممكنة.

فإذا أعطينا الوقت والجهد والأهمية التي نعطيها للمساومة في المعاملات المادية، على أقل تقدير، لنقيِّم به ما نصرف به أعمارنا، لاستطعنا أن نقيِّم مدى إسرافنا لهذا العمر العزيز، ولأعطينا أنفسنا فرصة للتفكير قبل أن نصرف عمرنا الذي سنسأل عن كل ثانية منه، ولربما سهلنا على أنفسنا أن نختار استثماره فيما يوصلنا لما خلقنا من أجله، والذي حتماً سيجعل منا أشخاصاً أكثر سعادة وأكثر انشارحاً، فالله لا يحب المسرفين.

فانظر أيّها اللبيب أين أنت من ذلك!

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

عصى آدم..الحقيقة دون قناع
  • معصية آدم، نموذج لمفردة في البناء المعرفي! وحلها سيعيد لإنساننا خارطة نفسه وهويته الضائعة وهدف وجوده
  • معرفة هذه الحقيقة صدمة تعيد الوعي، نعقد بها مصالحة بين التراث والمستقبل لنعيش لحظة الحاضر بيقظة أننا على جسر التحول الإنساني، الذي بدأ في الأرض بالإنسان الهمج ليختتم بالخليفة "الإنسان الإنسان"
مسخ الصورة..سرقة وتحريف تراث الأمة
  • أخذت الحركة الصهيونية على عاتقها غرس دولة لليهود في خاصرة الأمة فزوروا التاريخ العربي ونسبوه لليهود
  • اختلقوا لغة بسرقة إحدى اللهجات القبلية العربية البائدة وأسموها اللغة العبرية
  • أقحم الدين والتاريخ للسيطرة على عقول الناس ونقلت رحلات الأنبياء من مواقعها ليأسسو لاحتلال فلسطين فساهم هذا التزوير في مسخ صورة العربي والمسلم في الثقافة الغربية
مفاتيح القرآن و العقل
  • إذا كان كلام الله واحداً ودقيقاً، كيف حصل له مائة تفسير؟
  • ماذا لو كانت أمتنا تقرأه وتترجمه معكوساً، كلبسها إسلامها مقلوباً؟
  • أصحيح هذا "المجاز" و"التقديرات"،و"النسخ" و"التأويل" و"القراءات"؟
  • هل نحن أحرار في قراءة القرآن وتدبره أم على عقولنا أقفال؟
نداء السراة..اختطاف جغرافيا الأنبياء
  • ماذا يحدث عندما تغيب حضارة عريقة
  • هل تموت الحقيقة أم تتوارى عن الأنظار لتعود .. ولو بعد حين؟
  • هل تقبل بلاد وادي النيل بعودة حضارة القبط الغريبة؟
  • هل تقبل نجد بعودة موطن آباء الخليل إبراهيم وبنيه إسحاق ويعقوب؟
الخلق الأول..كما بدأكم تعودون
  • إن البشر الأوائل خرجوا قبل مئات آلاف السنين من "قوالب" الطين كباراً بالغين تماماً كالبعث
  • جاء آدم في مرحلة متأخرة جداً من سلالة أولئك البشر اللاواعي، فتم إعادة تخليقه في الجنة الأرضية ونفخ الروح فيه
  • آدم أبو الناس ليس هو آدم الرسول الذي أعقبه بمئات القرون
الأسطورة..توثيق حضاري
  • الأساطير وقائع أحداث حصلت إما من صنع الإنسان، أو من صنع الطبيعة، أو من صنع السماء
  • لكل اسطورة قيمة ودلالة وجوهراً وتكمن فيها أسرار ومعاني بحاجة إلى إدراك وفهم
  • من الضروري العودة إلى اللغة العربية القديمة بلهجاتها المختلفة لفك رموز الأساطير التي غيب الكثير من مرادها ومغازيها
التوحيد..عقيدة الأمة منذ آدم
  • لو أنا أعدنا قراءة تراثنا بتجرد لأدركنا حقيقة اليد الربانية التي امتدت لإعداة الانسان منذ خطواته الأولى على الأرض بما خطت له من الهدى
  • التوحيد منذ أن بدأ بآدم استمر في بنيه يخبو حيناً ويزهو حيناً آخر، ولكنه لم ينطفئ
بين آدمين..آدم الإنسان وآدم الرسول
  • هل هما (آدمان) أم (آدم) واحد؟
  • من هو (آدم الانسان) الأول الذي عصى؟
  • من (آدم الرسول) الذي لا يعصي؟
  • ماهي شريعة (عشتار) وارتباطها بسقوط آدم الأول حين قارب شجرة المعصية؟
طوفان نوح..بين الحقيقة و الأوهام
  • ما قاله رجال الدين والمفسرون أعاجيب لا يقبلها المنطق ولا العقل السليم في محاولتهم لإثبات عالمية الطوفان
  • استثمر المستنفعون من اليهود هذه القضية ليبتدعوا القضية السامية ويرجعوا نسبهم إلى سام بن نوح (ع)
  • قضية طوفان نوح (ع) لا تكشف التزوير اليهودي فحسب، بل تضع يدها على موضع الداء في ثقافة هذه الأمة