إن لم تتّخذوها صديقاً فلا تجعلوها عدوّاً

إيران تحتلّ المرتبة الأولى في المسابقات العلمية الخاصة بالاختراعات في سويسرا، وقد أحرزت 17 ميدالية ذهبية، و36 فضية، و17 برونزية، و11 جائزة خاصة في المسابقات التي شارك فيها ألف مخترع من أربعين دولة في العالم”.

انزعاج أمريكي وقلق إسرائيلي من نجاح إيران في تطوير كمبيوتر (سوبر) شفرته صعبة الاختراق، ويقوم بمليار عملية في الثانية”.

علماء نوويّون إيرانيون توصّلوا إلى أسلوب جديد في الحسابات يمكن استخدامه في جيل جديد من المفاعلات”.

أمريكا والغرب توصّلوا إلى حقيقة أن إيران في مجال الطاقة النووية بلغت مرحلة لا يمكن التراجع عنها، فقد دخلت إيران النادي النووي العالمي عنوة، وبدون بطاقة دعوة من أمريكا والغرب، وفرضت نفسها على أصحاب هذه التقنية المتطورة”.

هذا بعض ما يُذكر بشأن التفوّق العلمي الإيراني يُتوّجه التقدّم في المجال النووي الذي استفزّ العالم الغربي فنصب لها العداء، وهدّدها، وتوعّدها بمزيد من العزلة عن المجتمع الدولي، ولكنه اضطر في النهاية أن ينحني لإرادة هذا الشعب الحرّ ويتعامل معها – على أسوأ تقدير – بأنها شرّ لابدّ منه.

وفي الجانب الفقهي والتشريعي، وفيما يخص حقوق المرأة والأقليات خطت إيران خطوات واسعة لتجديد الآراء الفقهية في مجالات شتّى، نذكر منها: أنه يمكن للمحكومين بالإعدام بتهمة القتل تجنّب تنفيذ الحكم فيهم عبر تسديد دية إلى عائلة الضحية شرط موافقة العائلة”.

تسعى الناشطات الإيرانيات في مجال الدفاع عن حقوق المرأة للحصول على حقوق متساوية مع الرجال لاسيما في موضوع الإرث والطلاق وحضانة الأولاد”، وقد تبنّى مؤخّراً مجلس الشورى الإيراني مشروع قانون لمساواة دية المرأة والرجل بحوادث السير في إيران، وقد كانت قيمة دية المرأة قبل هذا القانون نصف دية الرجل.

وأُقرّ قانون مشابه عام 2003 ساوى دية الأقليات الدينية المعترف بها رسمياً بدية المسلمين.وهذا قطرة من بحر حركة الاجتهاد المستمر والمتجدّد في إيران.

اليوم، في إيران ثورة فنية غريبة في الرسم، والنحت، والشعر والسينما، وبحسب الدكتور فيكتور الكك، كانت إيران قبل الثورة تقلّد السينما المصرية، وبعدها أصبحت تطرح أموراً اجتماعية وقيمية، وهموماً إنسانية، ولديها مجلاّت دورية وشهرية محكّمة ومتخصصة في شتى المجالات، وقد استطاعت العبقرية الإيرانية التوفيق بين تراثها قبل الإسلام وبعده، وجعلت من تحدّياتها فرصاً لإنتاج أدب جديد، وفن يعبّر عن كل حقبة من حقبها العصيبة، ويرى أن ما يشاع عن إيران أنها تقع تحت سيطرة رجال الدين ليس صحيحاً، بل هو حاكمية العلم، أي أنه توجه قائم على أساس العلم والمعرفة.

في إيران، سُئل أحد الآباء المشاركين مع أبنائه في احتفالات انتصار الثورة عن الثقافة التي غرسها في أبنائه بحيث شاركوا جميعهم معه في تلك المسيرات فقال “لم أقل لهم شيئاً بلساني ولكنهم تعلّموا من سلوكي واقتنعوا بأفكاري فحضروا بمحض إرادتهم”.

وأثناء الحصار الإسرائيلي لغزة، ووسط الصمت العربي، تسمع طفلاً لم يتجاوز العاشرة من العمر يقف أمام المايكروفون ليعبّر عن تشاعره مع أطفال فلسطين، وألمه لما يحلّ بهم، ثم تطمينه لهم بأنهم حتماً سيسترجعون حقّهم، هنا تقف مشدوهاً لتقول إذا كان هذا منطق أطفالهم، فلا عجب أن تكون هذه دولتهم، وتلك نجاحاتهم، ففي إيران، أينما تولّي ثمّة وعي مشترك على ثوابت أصيلة وواضحة تجمعهم وإن اختلفت قناعاتهم أو تفرّقت مذاهبهم.

يتساءل المفكر العربي هيكل: “أنا لا أفهم لماذا نعادي إيران، رغم أنها السند لكل القضايا العربية العادلة في فلسطين ولبنان، ولا أعرف كيف نخاف في مصر وعالمنا العربي ونتطيّر من مجرد احتمال امتلاك إيران لقنبلة نووية بعد ثماني سنوات من الآن، ولا نخاف ونتطيّر من وجود 150 قنبلة نووية إسرائيلية – حسب تصريحات كارتر الأخيرة – وهي مهدِّدة لحدود مصر ووجودها ومدمّرة للعرب”، وطالب هيكل بضرورة حلّ مشاكلنا مع إيران بالتفاوض “فهي حليف قوي ورصيد استراتيجي للعالم العربي لم نستغلّه ولكن حرّضنا العراق على محاربته، فإيران لم تبدأ الحرب”، ويرى أنّ العداء المفتعل بين إيران والدول العربية ما هو إلا نتيجة لتحريض أجنبي دون وجود أيّ سبب جوهري.

ألا يكفي أن تكون إيران شوكة في عين أمريكا وقلقاً لإسرائيل ليتّخذها العرب حليفاً ضدّ العدوّ المشترك، فيستثمروا هذا البعد من المصالح المشتركة، ثم ليكونوا على حذر من تطلّعاتها التوسعيّة لمن يخالجه هذا الشكّ، وليكفّوا عن بث الحقد والكراهية والتحريض ضدّها لأنه لن يزيد من يجهلها إلا مزيداً من الجهل وقلة وعي، ومن يحبّها إلاّ مزيداً من التقدير والاعتزاز.

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

عصى آدم..الحقيقة دون قناع
  • معصية آدم، نموذج لمفردة في البناء المعرفي! وحلها سيعيد لإنساننا خارطة نفسه وهويته الضائعة وهدف وجوده
  • معرفة هذه الحقيقة صدمة تعيد الوعي، نعقد بها مصالحة بين التراث والمستقبل لنعيش لحظة الحاضر بيقظة أننا على جسر التحول الإنساني، الذي بدأ في الأرض بالإنسان الهمج ليختتم بالخليفة "الإنسان الإنسان"
مسخ الصورة..سرقة وتحريف تراث الأمة
  • أخذت الحركة الصهيونية على عاتقها غرس دولة لليهود في خاصرة الأمة فزوروا التاريخ العربي ونسبوه لليهود
  • اختلقوا لغة بسرقة إحدى اللهجات القبلية العربية البائدة وأسموها اللغة العبرية
  • أقحم الدين والتاريخ للسيطرة على عقول الناس ونقلت رحلات الأنبياء من مواقعها ليأسسو لاحتلال فلسطين فساهم هذا التزوير في مسخ صورة العربي والمسلم في الثقافة الغربية
مفاتيح القرآن و العقل
  • إذا كان كلام الله واحداً ودقيقاً، كيف حصل له مائة تفسير؟
  • ماذا لو كانت أمتنا تقرأه وتترجمه معكوساً، كلبسها إسلامها مقلوباً؟
  • أصحيح هذا "المجاز" و"التقديرات"،و"النسخ" و"التأويل" و"القراءات"؟
  • هل نحن أحرار في قراءة القرآن وتدبره أم على عقولنا أقفال؟
نداء السراة..اختطاف جغرافيا الأنبياء
  • ماذا يحدث عندما تغيب حضارة عريقة
  • هل تموت الحقيقة أم تتوارى عن الأنظار لتعود .. ولو بعد حين؟
  • هل تقبل بلاد وادي النيل بعودة حضارة القبط الغريبة؟
  • هل تقبل نجد بعودة موطن آباء الخليل إبراهيم وبنيه إسحاق ويعقوب؟
الخلق الأول..كما بدأكم تعودون
  • إن البشر الأوائل خرجوا قبل مئات آلاف السنين من "قوالب" الطين كباراً بالغين تماماً كالبعث
  • جاء آدم في مرحلة متأخرة جداً من سلالة أولئك البشر اللاواعي، فتم إعادة تخليقه في الجنة الأرضية ونفخ الروح فيه
  • آدم أبو الناس ليس هو آدم الرسول الذي أعقبه بمئات القرون
الأسطورة..توثيق حضاري
  • الأساطير وقائع أحداث حصلت إما من صنع الإنسان، أو من صنع الطبيعة، أو من صنع السماء
  • لكل اسطورة قيمة ودلالة وجوهراً وتكمن فيها أسرار ومعاني بحاجة إلى إدراك وفهم
  • من الضروري العودة إلى اللغة العربية القديمة بلهجاتها المختلفة لفك رموز الأساطير التي غيب الكثير من مرادها ومغازيها
التوحيد..عقيدة الأمة منذ آدم
  • لو أنا أعدنا قراءة تراثنا بتجرد لأدركنا حقيقة اليد الربانية التي امتدت لإعداة الانسان منذ خطواته الأولى على الأرض بما خطت له من الهدى
  • التوحيد منذ أن بدأ بآدم استمر في بنيه يخبو حيناً ويزهو حيناً آخر، ولكنه لم ينطفئ
بين آدمين..آدم الإنسان وآدم الرسول
  • هل هما (آدمان) أم (آدم) واحد؟
  • من هو (آدم الانسان) الأول الذي عصى؟
  • من (آدم الرسول) الذي لا يعصي؟
  • ماهي شريعة (عشتار) وارتباطها بسقوط آدم الأول حين قارب شجرة المعصية؟
طوفان نوح..بين الحقيقة و الأوهام
  • ما قاله رجال الدين والمفسرون أعاجيب لا يقبلها المنطق ولا العقل السليم في محاولتهم لإثبات عالمية الطوفان
  • استثمر المستنفعون من اليهود هذه القضية ليبتدعوا القضية السامية ويرجعوا نسبهم إلى سام بن نوح (ع)
  • قضية طوفان نوح (ع) لا تكشف التزوير اليهودي فحسب، بل تضع يدها على موضع الداء في ثقافة هذه الأمة