الحب الصادق والزائف للذات

ما السبب الذي يدعوك أن تكون صادقاً في موقف ما، تستطيع أن تكذب فيه وتتجنب بذلك إحراجاً وأذى؟ لو سألت هذا السؤال لمجموعة من الأفراد، فإنك على الأغلب ستحصل على أسباب مختلفة من بينها التعود على الصدق، وحرمة الكذب، وعدم جدواه، والخوف من انكشافه، وعدم الأمن من العقوبه.

وبالرغم من أنّ كل سبب من هذه الأسباب يعدّ دافعاً مهماً للابتعاد عن الكذب، ولكن لا يرقي أيّ منها إلى السبب الأسمى الذي على الإنسان أن يمتنع عن الكذب لأجله، والذي هو ببساطة، أنّ الكذب لا يليق به كإنسان كرّمه الله، حتى لو لم تكن هناك عقوبات أخروية أو دنيوية بأيّ شكل من الأشكال. فأرواحنا وأجسادنا تمّت برمجتها لتكون في أفضل حالاتها حين تتناغم مع القيم الإنسانية الراقية كالصدق والأمانة واحترام الآخر والوفاء بالعهد، تلك القيم التي لا يختلف عليها سويَّان ويميّزها حتى الطفل الصغير، وتستطيع أّن تتخيّل شعور طفل كذبت عليه أو وعدته بشئ ولم توفِ بوعدك، أو قلت له شيئاً وعرف بعدها بأنّ كلامك لم يكن صحيحاً، فأوَّل ما سيقوم به هو إهداؤك نظرة استياء واستغراب وريبة قد لا تنساها لسنوات قادمة.

إنّ الحدّ الفاصل بين حبّ الإنسان لذاته حباً صادقاً وحبّه لذاته حباً مزيفاً هو معرفته بقيمته ومكانته، فحين يكون حبه زائفاً، يبحث الإنسان عن الراحة والمتعة الوقتية، ولا يفكّر كثيراً بعواقب ذلك وتبعاته وتأثيراته عليه عاجلاً أم آجلاً، ويسمح لنفسه بأن يكسر القيم الإنسانية حين يكون ثمنها الحصول على مال أو جاه أو سلطة أو متعة، فتمرض نفسه وتخرج عن توازنها، تماماً كمن يذهب إلى بيت ليس ببيته لا يبالي بصاحبه، ليبقى فيه ليلة وهو عارف بأنه لن يرجع إليه مرة أخرى، فيستنزف كل ما هو موجود إن شعر بالرغبة في ذلك ولا يهتمّ بترتيب المكان أو إصلاح أيّ خلل وجد فيه إصلاحاً جذرياً، بل شيئاً مؤقتاً يدوم حتى طلوع الصبح، فيتركه غير مبال بما سيؤول إليه.

بينما الحبّ الصادق للذات هو ذلك الحبّ الذي يكون فيه الفرد متيقناً بأنه كإنسان، شيء كبير ذو قيمة، يمتلك مقوماتٍ يستطيع بها استخلاف خالقه على الأرض، فيكون حذراً ينظر إلى ما تؤول إليه نفسه لتكون صحية سليمة على المدى القريب والبعيد، ويمدّها بما يتلاءم وغذاءها الروحي والنفسي المتناسب مع برمجتها، فيكون في خط واحد متناسق مع فطرته، فينعم بالهدوء والسلام في هذه الحياة وتلك، ولا يرضى لنفسه إلا الأفضل والأجود والأجمل.

فالحياة بالصدق واحترام الآخر والأمانة والإخلاص، ليس من طيب وتفضّل منا على الآخرين، بل إنها الطريقة الوحيدة التي نستطيع من خلالها أن نستنهض مقومات الإنسان بداخلنا، وأن يسيطر الشعور الإنساني على أفعالنا وأقوالنا وكل حركاتنا وسكناتنا، ونستطيع به أن نكرِّم أنفسنا ونحارب الخوف والتبلد والفساد بداخل أنفسنا ومجتمعنا.

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

عصى آدم..الحقيقة دون قناع
  • معصية آدم، نموذج لمفردة في البناء المعرفي! وحلها سيعيد لإنساننا خارطة نفسه وهويته الضائعة وهدف وجوده
  • معرفة هذه الحقيقة صدمة تعيد الوعي، نعقد بها مصالحة بين التراث والمستقبل لنعيش لحظة الحاضر بيقظة أننا على جسر التحول الإنساني، الذي بدأ في الأرض بالإنسان الهمج ليختتم بالخليفة "الإنسان الإنسان"
مسخ الصورة..سرقة وتحريف تراث الأمة
  • أخذت الحركة الصهيونية على عاتقها غرس دولة لليهود في خاصرة الأمة فزوروا التاريخ العربي ونسبوه لليهود
  • اختلقوا لغة بسرقة إحدى اللهجات القبلية العربية البائدة وأسموها اللغة العبرية
  • أقحم الدين والتاريخ للسيطرة على عقول الناس ونقلت رحلات الأنبياء من مواقعها ليأسسو لاحتلال فلسطين فساهم هذا التزوير في مسخ صورة العربي والمسلم في الثقافة الغربية
مفاتيح القرآن و العقل
  • إذا كان كلام الله واحداً ودقيقاً، كيف حصل له مائة تفسير؟
  • ماذا لو كانت أمتنا تقرأه وتترجمه معكوساً، كلبسها إسلامها مقلوباً؟
  • أصحيح هذا "المجاز" و"التقديرات"،و"النسخ" و"التأويل" و"القراءات"؟
  • هل نحن أحرار في قراءة القرآن وتدبره أم على عقولنا أقفال؟
نداء السراة..اختطاف جغرافيا الأنبياء
  • ماذا يحدث عندما تغيب حضارة عريقة
  • هل تموت الحقيقة أم تتوارى عن الأنظار لتعود .. ولو بعد حين؟
  • هل تقبل بلاد وادي النيل بعودة حضارة القبط الغريبة؟
  • هل تقبل نجد بعودة موطن آباء الخليل إبراهيم وبنيه إسحاق ويعقوب؟
الخلق الأول..كما بدأكم تعودون
  • إن البشر الأوائل خرجوا قبل مئات آلاف السنين من "قوالب" الطين كباراً بالغين تماماً كالبعث
  • جاء آدم في مرحلة متأخرة جداً من سلالة أولئك البشر اللاواعي، فتم إعادة تخليقه في الجنة الأرضية ونفخ الروح فيه
  • آدم أبو الناس ليس هو آدم الرسول الذي أعقبه بمئات القرون
الأسطورة..توثيق حضاري
  • الأساطير وقائع أحداث حصلت إما من صنع الإنسان، أو من صنع الطبيعة، أو من صنع السماء
  • لكل اسطورة قيمة ودلالة وجوهراً وتكمن فيها أسرار ومعاني بحاجة إلى إدراك وفهم
  • من الضروري العودة إلى اللغة العربية القديمة بلهجاتها المختلفة لفك رموز الأساطير التي غيب الكثير من مرادها ومغازيها
التوحيد..عقيدة الأمة منذ آدم
  • لو أنا أعدنا قراءة تراثنا بتجرد لأدركنا حقيقة اليد الربانية التي امتدت لإعداة الانسان منذ خطواته الأولى على الأرض بما خطت له من الهدى
  • التوحيد منذ أن بدأ بآدم استمر في بنيه يخبو حيناً ويزهو حيناً آخر، ولكنه لم ينطفئ
بين آدمين..آدم الإنسان وآدم الرسول
  • هل هما (آدمان) أم (آدم) واحد؟
  • من هو (آدم الانسان) الأول الذي عصى؟
  • من (آدم الرسول) الذي لا يعصي؟
  • ماهي شريعة (عشتار) وارتباطها بسقوط آدم الأول حين قارب شجرة المعصية؟
طوفان نوح..بين الحقيقة و الأوهام
  • ما قاله رجال الدين والمفسرون أعاجيب لا يقبلها المنطق ولا العقل السليم في محاولتهم لإثبات عالمية الطوفان
  • استثمر المستنفعون من اليهود هذه القضية ليبتدعوا القضية السامية ويرجعوا نسبهم إلى سام بن نوح (ع)
  • قضية طوفان نوح (ع) لا تكشف التزوير اليهودي فحسب، بل تضع يدها على موضع الداء في ثقافة هذه الأمة