المقاومة…السلام الحقيقي

من المؤسف بعد هذه السنوات من الاحتلال الإسرائيلي، لا زال المسئولون العرب يثقون في وعود إسرائيل ونواياها، ويعتقدون بجدوى المفاوضات ومعاهدات الصلح، متناسين أن إسرائيل ليست على استعداد للتنازل وإرجاع الحقوق إلى أصحابها الحقيقيين، بخلاف الشعوب التي وعت الدرس وعلمت أن طريق المقاومة هو الحل الأمثل نحو التحرر من غطرسة إسرائيل الغاشمة، ولعل المراقب للاعتصامات والمسيرات المنددة بالهجوم على لبنان وفلسطين يلاحظ ذلك .

إن الإيمان بأن إسرائيل تريد السلام وتسعى للسلام ينم عن جهل منا بحقيقة إسرائيل ونواياها،

لقد عملت إسرائيل على تثبيت أقدامها في فلسطين، والسيطرة على الموارد المائية المهمة ومصادر الطاقة، وهاهي الآن تريد فرض نفوذها بتغطية أمريكية على لبنان، فهل نسمح بأن تهدر كرامتنا، وتهتك حرماتنا؟

لماذا لم تتحرك الولايات المتحدة الأمريكية بعد قيام إسرائيل بشن هجومها السافر على لبنان؟

بعد أسبوع واحد من التدمير والتخريب وضرب البنى التحتية بدأت التحركات السياسية والدبلوماسية، ولتبقى لبنان تموت تحت الدمار، ثم تأتي (رايس) لتقول لا يوجد حاجة لوقف الحرب في لبنان، كيف نقبل بمنطق الولايات المتحدة الأمريكية الذي يقول إن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها ؟ إن قبول هذا الحق يعني القبول بمنطق الإذلال والإهانة، ولهذا رفضت الشعوب هذا المنطق وآمنت بضرورة استمرار المقاومة، فإسرائيل ليس لها ذمة ولذلك يقول أحد أعضاء مجلس النواب الفلسطيني (لم يعد هناك خط أزرق بيننا إلا خط المقاومة) .

إن ارتباط الأنظمة بمعاهدات معيّنة مع إسرائيل مثل معاهدة كامب ديفيد المخزية قد قيدها عن الوقوف ايجابيا مع بعض الدول العربية في الأزمات والمحن ، ولجمها أن تتخذ موقفا ثابتا ضد إسرائيل، كما أنها ربطت مصيرها بالولايات المتحدة الأمريكية وأخذ المساعدات منها وكأنها اله الكون، ولكن المطلوب منها أن تنتفض معلنة الحرب على وجود هذا الكيان الغاصب في قلب عالمنا الإسلامي، فالإيمان بتحقيق النصر، وإزاحة البعبع الكبير الذي رسمناه في ذواتنا عن إسرائيل ، ومن ورائها أمريكا، والخروج من كهف الضعف ، ومواجهة أنفسنا وأخطائنا هو الطريق لتحقيق النصر، لنستمع للشاعر إياد شاهين يقول :

(السلام الحقيقي هو المقاومة.. فإذا لم نقاوم إسرائيل فلن نقاوم أخطاءنا.. لم يعد هناك متسع للصمت وأدركنا الكلام‏..).

ما ينقص العرب هو التكاتف والتعاون والاتحاد صفا واحدا، فالدول العربية تملك الكثير من الإمكانيات المادية والموارد البشرية التي لو استثمرت بشكل صحيح لعادت عليهم بالخير الوفير، فمواجهة العدو تحتاج إلى إعداد وتقديم التضحيات والتنازلات، فلا يمكن للنصر أن ينزل من السماء على طبق من ذهب، فقوة العدد والعتاد لا يستهان بها لدى الدول العربية، والإيمان بالمبدأ من أقوى الأسلحة وأكثرها فاعلية في تحقيق النصر، والقدرة على إزالة هذا الخنجر المزروع في قلب العالم الإسلامي، فلماذا لا نثق في بعضنا البعض كأخوة يجمعنا مصير واحد ومستقبل واحد، لماذا لا نعلّق آمالنا وأحلامنا على بعضنا البعض ونترك المشاحنات والمهاترات جانبا ونصبّ جهودنا وطاقاتنا لما يعود على أمتنا بالخير والنفع ؟

شعوب العالم العربي تبحث عن حريتها، حقوقها، تريد من يثأر لكرامتها، وإنها قادرة على الوقوف موقف القوي ولكن متى ذلك ؟ إذا اجتمعت كلمتها ونبذت ما يفرّقها من جدل طائفي ونقاش سلبي لا يجرّ إلا التراجع والهزيمة في نفوس أبنائنا، ولذلك نرى الواحد منا يفرح ويستبشر خيرا عندما يسمع بضرب إسرائيل لأنه إظهار لعزتنا وإحياء لكرامتنا المقهورة سنين طويلة .

لقد قامت سياسة إسرائيل على اتباع سياسة المفاوضات والاتفاقيات والتسويات، وفي الوقت الذي لم تلتزم فيه إسرائيل بجميع هذه الاتفاقيات وبنودها، نراها تطالب العرب بالالتزام بها ، إن الشعوب سئمت الكلام والقرارات التي لا تغني ولا تسمن من جوع ، وتيقنت أن ما أخذ بالقوة لا يمكن استرجاعه إلا بالقوة، لا التفاوض ولا المساومات ولا التسويات، فالضغط الواقع على الشعوب من أنظمتها، والإحباط واليأس هيأها للإيمان بأن طريق المقاومة هو الأجدى والأفضل .

بعد سنوات من المراهنات على عملية السلام، وعلى المفاوضات مع إسرائيل، وعلى تطبيع العلاقات معها.. جاء درس المقاومة اللبنانية ليؤكّد أن ثمن الحرية والكرامة غال ، وأن الحق يحتاج إلى تضحيات كبيرة ، هذا الدرس الذي أعاد الروح إلى الشارع العربي فخرجت منددة رافضة لهذا الهجوم الغاشم على لبنان وفلسطين ، ولكن لتبقى هذه الشعلة وهذه الروح وهاجة تضئ الدرب لتحقيق النصر المطلوب.

إن إعطاء الشعوب حريتها ومشاركتها في القرار السياسي الفعلي ، هو الحل الأنسب لضمان كسب تأييد هذه الشعوب لدولها، وإن لدينا أملا بتحقق النصر، فالتاريخ يعيد نفسه، والدول لا تبقى على حالها، فحتما ستتغير الأنظمة وتسود إرادة الشعوب ، وليتذكر العرب كيف حقق إخواننا الانتصارات ضد الصليبين والتتار بعد أن تحالفت ضد المسلمين سابقا، وطردوا المحتل والغازي، واستردّوا المدن العربية المحتلة “مثل الكرك”، و”قَيْسَارِيَّة” و”صفد”، و”يافا”، و”أنطاكية” سنة 1268م.

نعم، إن تاريخنا حافل بالمواقف المشرفة التي سطرّها العرب ضد المحتلين والغازين للأرض العربية والشرف العربي، لنستحضر هذه النماذج الجميلة، لنعيدها مرة أخرى، فهي موجودة بيننا بروح المقاومة وعزيمة الصبر وفضيلة الصمود على العدو ، فلا خيار لنا إلا خيار المقاومة فهو عزاءنا الوحيد .

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

عصى آدم..الحقيقة دون قناع
  • معصية آدم، نموذج لمفردة في البناء المعرفي! وحلها سيعيد لإنساننا خارطة نفسه وهويته الضائعة وهدف وجوده
  • معرفة هذه الحقيقة صدمة تعيد الوعي، نعقد بها مصالحة بين التراث والمستقبل لنعيش لحظة الحاضر بيقظة أننا على جسر التحول الإنساني، الذي بدأ في الأرض بالإنسان الهمج ليختتم بالخليفة "الإنسان الإنسان"
مسخ الصورة..سرقة وتحريف تراث الأمة
  • أخذت الحركة الصهيونية على عاتقها غرس دولة لليهود في خاصرة الأمة فزوروا التاريخ العربي ونسبوه لليهود
  • اختلقوا لغة بسرقة إحدى اللهجات القبلية العربية البائدة وأسموها اللغة العبرية
  • أقحم الدين والتاريخ للسيطرة على عقول الناس ونقلت رحلات الأنبياء من مواقعها ليأسسو لاحتلال فلسطين فساهم هذا التزوير في مسخ صورة العربي والمسلم في الثقافة الغربية
مفاتيح القرآن و العقل
  • إذا كان كلام الله واحداً ودقيقاً، كيف حصل له مائة تفسير؟
  • ماذا لو كانت أمتنا تقرأه وتترجمه معكوساً، كلبسها إسلامها مقلوباً؟
  • أصحيح هذا "المجاز" و"التقديرات"،و"النسخ" و"التأويل" و"القراءات"؟
  • هل نحن أحرار في قراءة القرآن وتدبره أم على عقولنا أقفال؟
نداء السراة..اختطاف جغرافيا الأنبياء
  • ماذا يحدث عندما تغيب حضارة عريقة
  • هل تموت الحقيقة أم تتوارى عن الأنظار لتعود .. ولو بعد حين؟
  • هل تقبل بلاد وادي النيل بعودة حضارة القبط الغريبة؟
  • هل تقبل نجد بعودة موطن آباء الخليل إبراهيم وبنيه إسحاق ويعقوب؟
الخلق الأول..كما بدأكم تعودون
  • إن البشر الأوائل خرجوا قبل مئات آلاف السنين من "قوالب" الطين كباراً بالغين تماماً كالبعث
  • جاء آدم في مرحلة متأخرة جداً من سلالة أولئك البشر اللاواعي، فتم إعادة تخليقه في الجنة الأرضية ونفخ الروح فيه
  • آدم أبو الناس ليس هو آدم الرسول الذي أعقبه بمئات القرون
الأسطورة..توثيق حضاري
  • الأساطير وقائع أحداث حصلت إما من صنع الإنسان، أو من صنع الطبيعة، أو من صنع السماء
  • لكل اسطورة قيمة ودلالة وجوهراً وتكمن فيها أسرار ومعاني بحاجة إلى إدراك وفهم
  • من الضروري العودة إلى اللغة العربية القديمة بلهجاتها المختلفة لفك رموز الأساطير التي غيب الكثير من مرادها ومغازيها
التوحيد..عقيدة الأمة منذ آدم
  • لو أنا أعدنا قراءة تراثنا بتجرد لأدركنا حقيقة اليد الربانية التي امتدت لإعداة الانسان منذ خطواته الأولى على الأرض بما خطت له من الهدى
  • التوحيد منذ أن بدأ بآدم استمر في بنيه يخبو حيناً ويزهو حيناً آخر، ولكنه لم ينطفئ
بين آدمين..آدم الإنسان وآدم الرسول
  • هل هما (آدمان) أم (آدم) واحد؟
  • من هو (آدم الانسان) الأول الذي عصى؟
  • من (آدم الرسول) الذي لا يعصي؟
  • ماهي شريعة (عشتار) وارتباطها بسقوط آدم الأول حين قارب شجرة المعصية؟
طوفان نوح..بين الحقيقة و الأوهام
  • ما قاله رجال الدين والمفسرون أعاجيب لا يقبلها المنطق ولا العقل السليم في محاولتهم لإثبات عالمية الطوفان
  • استثمر المستنفعون من اليهود هذه القضية ليبتدعوا القضية السامية ويرجعوا نسبهم إلى سام بن نوح (ع)
  • قضية طوفان نوح (ع) لا تكشف التزوير اليهودي فحسب، بل تضع يدها على موضع الداء في ثقافة هذه الأمة