ندوة “تساؤلات حول مفهوم الردّة” – أ.عيسى الشارقي

تحت عنوان ” تساؤلات حول مفهوم الردّة؟!” أقامت جمعية التجديد الثقافية الاجتماعية ندوة للباحث الأستاذ عيسى الشارقي، وذلك مساء الأحد الموافق 30 سبتمبر في مقر الجمعية الكائن بالسلمانية.

استهلّ الباحث حديثه باستقراء لتاريخنا الإسلامي القديم والمعاصر، لاحظ فيه مدى فداحة الخسائر التي أصيبت بها الأمة جراء الفهم السائد للردة وحدّ الردة، فعلى مستوى الجماعات نال سيف التكفير كل فرق المسلمين كافة، فقد كفّر شيعة السنة، وكفر سنة الشيعة، وكفّرت الخوارج والزيدية والإسماعيلية، وكفّر أصحاب المذاهب الإسلامية من أشاعرة ومعتزلة، وكُفّر الفلاسفة والصوفية وكفّر السف والحشوية. أمّا على مستوى الأفراد فقد نال التكفير جمعا من الفقهاء والفلاسفة والشعراء والكتّاب والمفكّرين، وأئمة المذاهب وغيرهم كثير كثير، فكانت النتيجة أن تمزّقت الأمة لفرق وملل ونحل لا ترى كل فرقة الأخرى إلا مجافية للدين كافرة أو ضالّة، ويقال ذلك علنا في أحيان كثيرة وسرا في أحيان أخرى.

وكشف الباحث إلى أنّ آثار ذلك تجلّت في صور عدة، منها تجنّب كلّ فرقة التزاوج من غيرها، وعدم الصلاة إلا في مساجدها، وامتناع التصدّق إلا على فقرائها ومساكينها، وحرمة الوقف إلا على أهلها وذويها، وبات كل واحدٍ منّا يشعر بآثار ذلك في أعماق نفسه.

وبيّن الأستاذ عيسى إنّ كلّ هذا الفساد العميم والخطير نجم عنه سوء فهم أو سوء استعمال لما يعرف عندنا بالردة وحدّ الردّة، حيث سوّغ هذا الحكم لكل فريق أن يكفّر المخالف له ويخرجه من دائرة الدين في خلاف صريح لوصية رسول الله(ص)، من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله فقد حرم دمه وماله وعرضه، فسوّغ كل فريق لنفسه إدّعاء أنّه أشدّ غيرة على الدين من الله ورسوله فلم يكتفِ بالمقالة بل ذهب للبحث عن القلوب والعقول والمقتضيات.

بعد ذلك استعرض الباحث حدّ الردّة في الفقه الإسلامي فوجد أنّ هناك إجماعا شبه تام بين المذاهب، حتى في التفاصيل، إلا أنّه لم يجد انطباقا بين مقولات الفقه وبين المبدلين لدينهم في القرآن الكريم وتاريخ النبوة، بل ومع ما جرى في أيام أبي بكر الصديق حين واجه ردّة جماعية، فالقرآن لا يذكر عقوبة القتل لعديد ممّن أعلنوا كفرهم وارتدادهم، والآيات التي تؤكّد على هذا المعنى عديدة منها قوله تعالى: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النحل:106)، ومنها حادثة ارتداد السامري وصاحب الجنتين وغيرها من الآيات التي تبيّن أنّ عقوبة المرتدّ أخروية لا دنيوية، وفي سيرة الرسول(ص) نجده يعفو عن قومٍ ويعاقب آخرين وفق مقتضيات معيّنة وليس بسبب ارتدادهم عن الدين.

وفي الختام تساءل الأستاذ عيسى عن هل فعلاً أنّ للردة عقوبة ضمن ما يعرف في الفقه “بالحدود”؟ أم هي من ضمن التعزيرات التي يرى إمام المسلمين رأيه في الوسيلة الأنجع لمعالجتها؟ وهل أنّ المرتدّ الذي يريد الشرع مواجهته هو المبدّل ليدينه أم هو خصوص المنقلب على المسلمين بالحرب والخيانة المتعاون مع أعدائهم، وخلص إلى القول بأنّ الردّة ليست من الحدود بل من التعزيرات، وأنّ المرتدّ ليس من بدّل دينه وقناعاته بل هو خصوص المنقلب على المسلمين بالحرب والخيانة بعد أن كان منهم.

لتحميل الندوة..

انقر هنا

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

عصى آدم..الحقيقة دون قناع
  • معصية آدم، نموذج لمفردة في البناء المعرفي! وحلها سيعيد لإنساننا خارطة نفسه وهويته الضائعة وهدف وجوده
  • معرفة هذه الحقيقة صدمة تعيد الوعي، نعقد بها مصالحة بين التراث والمستقبل لنعيش لحظة الحاضر بيقظة أننا على جسر التحول الإنساني، الذي بدأ في الأرض بالإنسان الهمج ليختتم بالخليفة "الإنسان الإنسان"
مسخ الصورة..سرقة وتحريف تراث الأمة
  • أخذت الحركة الصهيونية على عاتقها غرس دولة لليهود في خاصرة الأمة فزوروا التاريخ العربي ونسبوه لليهود
  • اختلقوا لغة بسرقة إحدى اللهجات القبلية العربية البائدة وأسموها اللغة العبرية
  • أقحم الدين والتاريخ للسيطرة على عقول الناس ونقلت رحلات الأنبياء من مواقعها ليأسسو لاحتلال فلسطين فساهم هذا التزوير في مسخ صورة العربي والمسلم في الثقافة الغربية
مفاتيح القرآن و العقل
  • إذا كان كلام الله واحداً ودقيقاً، كيف حصل له مائة تفسير؟
  • ماذا لو كانت أمتنا تقرأه وتترجمه معكوساً، كلبسها إسلامها مقلوباً؟
  • أصحيح هذا "المجاز" و"التقديرات"،و"النسخ" و"التأويل" و"القراءات"؟
  • هل نحن أحرار في قراءة القرآن وتدبره أم على عقولنا أقفال؟
نداء السراة..اختطاف جغرافيا الأنبياء
  • ماذا يحدث عندما تغيب حضارة عريقة
  • هل تموت الحقيقة أم تتوارى عن الأنظار لتعود .. ولو بعد حين؟
  • هل تقبل بلاد وادي النيل بعودة حضارة القبط الغريبة؟
  • هل تقبل نجد بعودة موطن آباء الخليل إبراهيم وبنيه إسحاق ويعقوب؟
الخلق الأول..كما بدأكم تعودون
  • إن البشر الأوائل خرجوا قبل مئات آلاف السنين من "قوالب" الطين كباراً بالغين تماماً كالبعث
  • جاء آدم في مرحلة متأخرة جداً من سلالة أولئك البشر اللاواعي، فتم إعادة تخليقه في الجنة الأرضية ونفخ الروح فيه
  • آدم أبو الناس ليس هو آدم الرسول الذي أعقبه بمئات القرون
الأسطورة..توثيق حضاري
  • الأساطير وقائع أحداث حصلت إما من صنع الإنسان، أو من صنع الطبيعة، أو من صنع السماء
  • لكل اسطورة قيمة ودلالة وجوهراً وتكمن فيها أسرار ومعاني بحاجة إلى إدراك وفهم
  • من الضروري العودة إلى اللغة العربية القديمة بلهجاتها المختلفة لفك رموز الأساطير التي غيب الكثير من مرادها ومغازيها
التوحيد..عقيدة الأمة منذ آدم
  • لو أنا أعدنا قراءة تراثنا بتجرد لأدركنا حقيقة اليد الربانية التي امتدت لإعداة الانسان منذ خطواته الأولى على الأرض بما خطت له من الهدى
  • التوحيد منذ أن بدأ بآدم استمر في بنيه يخبو حيناً ويزهو حيناً آخر، ولكنه لم ينطفئ
بين آدمين..آدم الإنسان وآدم الرسول
  • هل هما (آدمان) أم (آدم) واحد؟
  • من هو (آدم الانسان) الأول الذي عصى؟
  • من (آدم الرسول) الذي لا يعصي؟
  • ماهي شريعة (عشتار) وارتباطها بسقوط آدم الأول حين قارب شجرة المعصية؟
طوفان نوح..بين الحقيقة و الأوهام
  • ما قاله رجال الدين والمفسرون أعاجيب لا يقبلها المنطق ولا العقل السليم في محاولتهم لإثبات عالمية الطوفان
  • استثمر المستنفعون من اليهود هذه القضية ليبتدعوا القضية السامية ويرجعوا نسبهم إلى سام بن نوح (ع)
  • قضية طوفان نوح (ع) لا تكشف التزوير اليهودي فحسب، بل تضع يدها على موضع الداء في ثقافة هذه الأمة