كثيرا ما تسائلت، لماذا نبكي في محرم؟ بل لماذا يبكي أغلب المنتمين الى الطائفة الشيعية في العالم في هذا الوقت من كل عام؟
هل لأن الصورة التراجيدية التي تواراثنا معرفتها غاية في المأساوية، ام أن أبطالها نعتقد بقداستهم وعصمتهم، أم أننا اعتدنا أن نبكي في هذا الوقت بغض النظر عن الاسباب!
سؤال حقيقي، لابد له من إجابة حقيقية، فتلك الاسباب التي ادعيناها وربما زايدنا في انتمائنا من خلال ادعائها لم تعد واقعية اليوم، فمئات المآسي بل آلاف تحدث كل يوم في مختلف البقاع في هذا العالم، فآلاف الارواح البريئة تُزهق، وآلاف الأعراض الطاهرة تُهتك. والممتلكات والبيوت تُأخذ غصبا وجورا وحتى الديار والأوطان. وكل المقدسات لم تسلم من أيدي وألسن وضغائن من يكفر بها.
إذن السؤال مرةً أخرى لماذا نبكي!!؟
إن لم تكن الإجابة واضحة بالنسبة إلينا فلا بد من خلقها وصياغتها وصياغة أنفسنا معها.
فيجب أن يكون بكاؤنا..
على إغتيال الإنسان، واغتيال قيم الإنسان وقيمته، والذي لم يتوقف منذ بدأ الخليقة حتى يومنا هذا، وما الحسين ابن علي عليهما السلام إلا رمز طاهر من رموز معسكر الصلاح والإصلاح الذي يقف بمواجهة معسكر الشر المظلم. نحن نبكي على اغتيال الخير ووأد الحق، على خنق الحب والطفولة والأمنيات المخلصة، نحن نبكي لتعاظم الشر وتفشي الطغيان.
نحن نبكي
لاستنهاض دوافعنا للاصلاح، والذي يجب أن نفعّله في شتى مناحي حياتنا، ولذلك الحسين عليه السلام خرج وثار، لإصلاح طرق تفكيرنا، لإصلاح المناهج التي نتبناها في حياتنا، لإصلاح علاقاتنا مع المتفق والمختلف معنا، لإصلاح ما بيننا وبين العالم قاطبة، ولإصلاح ما بيننا وبين ديننا وربنا..الخ.
وإن فعلنا كل ذلك فنحن حقيقة نصلح أمتنا والعالم أجمع، نغير ما بأنفسنا ليتغير العالم، وبذلك نجيب نداء حسيننا المظلوم، والذي لم يعد مظلوما بإجابتنا هذه بل سيكون سلطانا منتصرا بنا.
بكائنا وبكاء كل من أحب الحسين هو خيار اخترناه وليس واقع مفروض أو عادة لا نملك تركها، هو خيار لمّا رأينا حسيننا حرماً آمنا لكل من يريد الإصلاح في أمة جده رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أن نبكي حسينا هو إعلان ثورة على كل ما هو خاطئ وزائف في حياتنا..
أن نبكي حسينا هو إعلان أن الحب والإخاء والتعاطف هو الطريق الامثل للحياة..
أن نبكي حسينا هو إعلان نبذنا للجهل والغرور والأنانية..
أن نبكي حسينا يعني الولادة الجديدة لانفسنا ولكل ما نملك زمام تغييره.