في ندوته بجمعية التجديد الثقافيةالشروقي: نحتاج إلى مشروعات فكرية لمعالجة علاقتنا مع الآخر من الجذور
نظمت جمعية التجديد الثقافية محاضرة للكاتب الصحافي فواز الشروقي تحت عنوان العلاقة مع الآخر من التعايش إلى الاحترام وذلك بمقرّ الجمعية الكائن بمنطقة السلمانية بحضور عدد كبير من المثقفين والمهتمين.
وأكّد الشروقي في محاضرته وجود مشكلات في تعامل الإسلاميين مع المختلفين في الديانة أو المذهب أو الجنس أو المرتبة العلمية، مبيّناً أنّ هذه المشكلات تحول دون الخروج من دائرة التناحر والتباغض والوصول إلى دائرة الاحترام.
وأوضح الشروقي أنّ هناك العديد من مؤتمرات حوار الأديان وتقريب المذاهب التي يجتمع فيها المختلفون في الديانة أو المذهب ولكنها لا تناقش المشاكل الأساسية التي تعيق تحقّق الاحترام بين الأطراف المختلفة، منوّهاً إلى أنّ هناك الكثير من النصوص الموجودة في كتب التراث بها الكثير مما يشيع الفرقة وما يبقي التنازع قائماً بين الديانات أو المذاهب المختلفة.
وأشار الأستاذ فواز الشروقي إلى وجود الكثير من الكتابات الجريئة لدى الإسلاميين التي تدعو إلى إفساح المجال لعمل المرأة ومشاركتها في كافّة مناحي الحياة مع الرجل جنباً إلى جنب، ولكنّ ممارسات التيارات الإسلامية ليست في مستوى هذه الأطروحات، مضيفاً أنّ المرأة في الجمعيات ذات التوجه الإسلامي في البحرين لم يتمّ ترشيحها في انتخابات 2002 ولا 2006، ولا يبدو في الأفق أي مؤشّر على احتمالية ترشيح امرأة في انتخابات العام 2010.
وأضاف: كما أنّ المرأة لها أنشطة كبيرة وإسهامات عديدة في الجمعيات ذات التوجه الإسلامي في البحرين، لكنها إلى الآن لم تدخل مجلس الإدارة إلا على استحياء وعلى مضض، مبيّناً أنّ بعض الجمعيات لم تمنح للمرأة حقّ الدخول إلى مجالس الإدارة والاكتفاء فقط بتلقّي الأوامر من مجلس الإدارة الذكوري.
وأكد الشروقي على ضرورة أن تكون هناك مشروعات ثقافية وفكرية لمعالجة مسألة العلاقة مع الآخر من الجذور، مبيّناً أنّ هناك الكثير من النصوص التي ما زالت محتفظة بقدر كبير من الاحترام في كتب التراث والتي تفرّق بين أبناء الطوائف المختلفة، وبين الرجل والمرأة وكأننا نعيش في عصور الظلام.
وأوضح الشروقي أنّ المخرج لمسألة العلاقة بين المختلفين دينياً ومذهبياً هو بتعزيز الهوية الأفقية على حساب الهوية العمودية، بمعنى الالتفات إلى حجم الشبه بين المختلفين الذين يعيشون في عصرنا من ناحية الثقافة ونمط الحياة وكيفية التعاطي مع الأمور، من أجل التركيز على عناصر الشبه وتحقيق الاحترام والمتبادل والإحساس بهوية مشتركة تجمع بين المختلفين.
وأضاف: أما إذا استمرينا بتعزيز الهوية العمودية فإنها إما ستجعل المرء يأخذ دور الخالق في تصنيف الناس إلى كافر وفاسق ومؤمن وصالح ومستحقّ للقتل ومستحقّ للرجم، وإما ستجعل المرء يلتفت إلى الوراء فينبش في الخلافات والاختلافات والحروب التي دارت رحاها بين أجداده وبين المختلف معه فتستمر القطيعة ولا يتحقق الاحترام.
وأكد الشروقي أنّ الديمقراطية لا يمكن أن تتأسس إلا بعد أن تتحقّق المساواة بين أبناء الوطن الواحد، مبيّناً أنّه لم تتحقّق إلى الآن المساواة بين الرجل والمرأة في قضايا مهمة ومنها الميراث والزواج والشهادة والإمامة، وما لم يتمّ طرح هذه القضايا على طاولة النقاش الجادّ والعمل على إيجاد حلول لها فإنّ الديمقراطية ستكون منقوصة ولن يتحقّق الاحترام المنشود للمرأة.
وأشار إلى أنّ قراءة كتب التراث الديني قراءة نقدية والسعي إلى تجريدها مما داخلها من إملاءات ومواقف سياسية، ونقد النصوص التي تقلّل من قيمة أي شريحة من شرائح المجتمع أصبح واجباً بعد نزع القداسة عن المولّدين لهذا الفكر الديني، مبيّناً أنّ الفكر الديني هو عبارة عن تفسيرات للأقدمين للنصوص الدينية من القرآن الكريم والسنة المطهرة ومحاولة لوضع قوانين دينية وأطر شرعية للمعاملات، وليس من الخطأ نقدها وتصحيحها وفتح المجال للإتيان بقراءات وتفسيرات تناسب عصرنا وواقعنا.
ونبّه الشروقي إلى ضرورة أن يتمّ التعامل مع الآخر على أساس الاحترام لا التعايش، لأنّ التعايش يعني وجود خلافات مطمورة يمكن نبشها في أي لحظة واستخدامها للإضرار بالآخر وهدم العلاقة به، أما الاحترام فهو يعني أنّ جميع المواطنين سواسية في الواجبات والحقوق، وأنّ الذي يميّزهم هو عملهم وإسهاماتهم للبشرية، وبذلك يكون المجال معدّاً لتأسيس ديمقراطية سليمة.