وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى

فن التعامل مع الآخر له أصوله وقواعده ويعتبر من العلوم الحديثة التي تدرّس في المعاهد, فلا يمكن معرفة الآخر دون التعرف على القواعد التي تحكم طريقة التعامل معه، إن التعامل مع البشر هو أسمى أنواع التعامل، فما بال التعامل مع الله والتواصل مع الخالق، وهل يتحقق التواصل من غير معرفة ؟وهل نتعامل مع أحد لا نعرفه؟ أليس من الأولى أن نتعرف عليه، إننا ننعت الناس بصفاتها وأخلاقها ونسرّ بمقابلة الطيب من الناس والعكس صحيح.

إن تعرّفك على الله أولى الخطوات في الطريق إليه، فلا يمكن أن تسلك طريقا لا تعرف دروبه ومسالكه، ولا يمكن أن تجعل الله في قلبك وأنت غافل عنه وشارد إلى غيره،وتعرّف على الله مثلما تتعرف على إنسان مثلك، تعرّف على صفاته وأخلاقه، فسليم الفطرة لابد وأن يسأل عن الله، يقول الإمام علي (ع) في جواب من سأله: هل رأيت ربك؟ قال: أأعبد ما لا أرى؟ ثم قال: لا تدركه العيون بمشاهدة العيان، ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان. ويقول الله عز وجل في حديث قدسي شريف: (يا عبادي إن كنتم تعتقدون أنى لا أراكم فذاك نقص في إيمانكم، وإن كنتم تعتقدون أنى أراكم فلمَ جعلتموني أهون الناظرين إليكم).

يقول الإمام علي (ع) في جواب من سأله: هل رأيت ربك؟ قال: أأعبد ما لا أرى؟ ثم قال: لا تدركه العيون بمشاهدة العيان، ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان. ويقول الله عز وجل في حديث قدسي شريف: (يا عبادي إن كنتم تعتقدون أنى لا أراكم فذاك نقص في إيمانكم، وإن كنتم تعتقدون أنى أراكم فلِمَ جعلتموني أهون الناظرين إليكم).

جاء في الأثر (إن لله تسعة وتسعين اسما، من أحصاها دخل الجنة ) فما معنى أحصاها؟ هل إحصاءها عدها؟ لا؛ لأنَّ العدَّ لا يُغيّر من أخلاق العادّ شيئًا، ولو كان العد هو المقصود لدخل حتى بعض الظالمين الجنّة، إذ ما أسهل أن تحفظ تسعة وتسعين اسمًا لتفوز بالجنّة وتنجو من النّار، وإنمّا إحصاؤها التخلق بها ، حفظها ورعايتها في القلب والشعور، والعيش معها في السلوك والواقع، وهذا ما جاء في الحديث الشريف: ” تخلقوا بأخلاق الله ” ، وأخلاق الله تكمن في أسمائه، أليس السلوك هو ثمرة الاعتقاد ، فما نعتقد به ونؤمن به ينعكس على سلوكنا وتصرفاتنا فالأفكار هي مصدر الأفعال .

إن أفضل طريقة لمعرفة الله تعالى هي قراءة كلامه والتدبر في كلماته فكيف وصف الله تعالى نفسه قال تعالى: (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أسمائه سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)، نعم إنها أحسن الأسماء وأجملها، كما أنّ التأمل في شئون خلقه وتصريفه الأمور ومراقبة غاياتها، إلى جانب البحث عن تقديره وفعله ومواطن ابتلاءاته أي تحسّس أياديه في كل ما يدور حولنا، كلها يمكن أن تقود المرء إلى التعرّف على مُدبّر هذا الكون الذي بيده الملك خالق الموت والحياة.

فمثلا قراءة في الآيات القرآنية للتعرف على صفات الله الحسنى والتي أَمَرَنا أن ندعوه بها، نجد مثل قوله تعالى: يقول تعالى: (وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) (وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) (فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً)( وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ ) إنها صفات الرأفة والرحمة واللطف والعفو والحلم، فما بالنا نحن لا نرحم ضعيفنا، ولا نرأف بصغيرنا، بل نقسو على غيرنا ونتفرد بما عندنا وننتقم ممن ظلمنا ؟ ثم إلى ماذا يدعونا الله تعالى؟ وهل نقبل بهذه الدعوة، يقول تعالى:(وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ)، أيوجد أحد لا يرغب في الدخول إلى هذه الدار ويفوز بالتشرّف بها، إن للسلام معانً كثيرة فهناك السلام بينك وبين نفسك، بينك وبين خالقك ثم بينك وبين الله تعالى، جاء في الخبر:( من أصلح ما بينه وبين الناس، أصلح الله ما بينه وبين ربه ) فكما تأوي إلى دارك لترتاح وتستقر، كذلك لا راحة ولا استقرار إلا في هذه الدار، دار السلام الذاتي، ودار المحبة والوئام والتقارب والتواصل بين جميع الناس بأطيافهم وطوائفهم ومللهم ومعتقداتهم، فلا خلافات ولا مشاكل ولا فتن فيما بينهم ، إنهم أخوان تأويهم دار واحدة ويظللهم بيت واحد.

ستبقى أسماء الله غائبة عنا في اللاشعور حتى نربطها بواقع حياتنا ومواقفنا اليومية وتجاربنا الحياتية ، فعندما تُسلّم على أخيك تذكّر أن من أسماء الله تعالى السلام فاجعله سلاما بينك وبين أخيك ، تصالح معه على الخير ، افتح صفحة جديدة من المحبة والسلام ، فلا ظلم ولا اعتداء بل وئام ومحبة، فتش في قلبك ماذا يسكنه ؟ هل هي محبة الآخر؟ حب الخير لكل الناس، السلام للعالم كله، والذي هو اسم من أسماء الله، أمرَنّا الله تعالى أن ننشره بيننا.

( السلام اسم من أسماء الله فافشوه بينكم) وهل يسْلم كل واحد منا من الآخر، هل يسْلم الآخر من لسانك ويدك، أما أنك تشبعه شتما وسبا وغيبة، هل لدينا الاستعداد لفض النزاع فيما بيننا، وإزالة الخصومات والعداوات؟ وهل تسعى دولنا للسلام فيما بينها فتعيش شعوبها آمنة مستقرة ؟ فمعالم السلام تلف الكون فلماذا لا تلف الإنسان وكيانه، ومشاعره ووجدانه؟

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

عصى آدم..الحقيقة دون قناع
  • معصية آدم، نموذج لمفردة في البناء المعرفي! وحلها سيعيد لإنساننا خارطة نفسه وهويته الضائعة وهدف وجوده
  • معرفة هذه الحقيقة صدمة تعيد الوعي، نعقد بها مصالحة بين التراث والمستقبل لنعيش لحظة الحاضر بيقظة أننا على جسر التحول الإنساني، الذي بدأ في الأرض بالإنسان الهمج ليختتم بالخليفة "الإنسان الإنسان"
مسخ الصورة..سرقة وتحريف تراث الأمة
  • أخذت الحركة الصهيونية على عاتقها غرس دولة لليهود في خاصرة الأمة فزوروا التاريخ العربي ونسبوه لليهود
  • اختلقوا لغة بسرقة إحدى اللهجات القبلية العربية البائدة وأسموها اللغة العبرية
  • أقحم الدين والتاريخ للسيطرة على عقول الناس ونقلت رحلات الأنبياء من مواقعها ليأسسو لاحتلال فلسطين فساهم هذا التزوير في مسخ صورة العربي والمسلم في الثقافة الغربية
مفاتيح القرآن و العقل
  • إذا كان كلام الله واحداً ودقيقاً، كيف حصل له مائة تفسير؟
  • ماذا لو كانت أمتنا تقرأه وتترجمه معكوساً، كلبسها إسلامها مقلوباً؟
  • أصحيح هذا "المجاز" و"التقديرات"،و"النسخ" و"التأويل" و"القراءات"؟
  • هل نحن أحرار في قراءة القرآن وتدبره أم على عقولنا أقفال؟
نداء السراة..اختطاف جغرافيا الأنبياء
  • ماذا يحدث عندما تغيب حضارة عريقة
  • هل تموت الحقيقة أم تتوارى عن الأنظار لتعود .. ولو بعد حين؟
  • هل تقبل بلاد وادي النيل بعودة حضارة القبط الغريبة؟
  • هل تقبل نجد بعودة موطن آباء الخليل إبراهيم وبنيه إسحاق ويعقوب؟
الخلق الأول..كما بدأكم تعودون
  • إن البشر الأوائل خرجوا قبل مئات آلاف السنين من "قوالب" الطين كباراً بالغين تماماً كالبعث
  • جاء آدم في مرحلة متأخرة جداً من سلالة أولئك البشر اللاواعي، فتم إعادة تخليقه في الجنة الأرضية ونفخ الروح فيه
  • آدم أبو الناس ليس هو آدم الرسول الذي أعقبه بمئات القرون
الأسطورة..توثيق حضاري
  • الأساطير وقائع أحداث حصلت إما من صنع الإنسان، أو من صنع الطبيعة، أو من صنع السماء
  • لكل اسطورة قيمة ودلالة وجوهراً وتكمن فيها أسرار ومعاني بحاجة إلى إدراك وفهم
  • من الضروري العودة إلى اللغة العربية القديمة بلهجاتها المختلفة لفك رموز الأساطير التي غيب الكثير من مرادها ومغازيها
التوحيد..عقيدة الأمة منذ آدم
  • لو أنا أعدنا قراءة تراثنا بتجرد لأدركنا حقيقة اليد الربانية التي امتدت لإعداة الانسان منذ خطواته الأولى على الأرض بما خطت له من الهدى
  • التوحيد منذ أن بدأ بآدم استمر في بنيه يخبو حيناً ويزهو حيناً آخر، ولكنه لم ينطفئ
بين آدمين..آدم الإنسان وآدم الرسول
  • هل هما (آدمان) أم (آدم) واحد؟
  • من هو (آدم الانسان) الأول الذي عصى؟
  • من (آدم الرسول) الذي لا يعصي؟
  • ماهي شريعة (عشتار) وارتباطها بسقوط آدم الأول حين قارب شجرة المعصية؟
طوفان نوح..بين الحقيقة و الأوهام
  • ما قاله رجال الدين والمفسرون أعاجيب لا يقبلها المنطق ولا العقل السليم في محاولتهم لإثبات عالمية الطوفان
  • استثمر المستنفعون من اليهود هذه القضية ليبتدعوا القضية السامية ويرجعوا نسبهم إلى سام بن نوح (ع)
  • قضية طوفان نوح (ع) لا تكشف التزوير اليهودي فحسب، بل تضع يدها على موضع الداء في ثقافة هذه الأمة