ارتبطت مسألة البحث والمناهج العلمية بالجامعات ومؤسسات البحث العلمي، وكأن من لم يدرس في الجامعة ومن لا ينتمي لهذه المؤسسات البحثية بعيد عن استخدام آلية البحث، إلا أن تحديد المفهوم العلمي للبحث ومناهجه تفرز لنا أن الإنسان في مشوار حياته قد يكون باحثاً وقد لا يكون، أكان بدوياً أم حضرياً، من بيئة متعلمة وفي مناخ علمي راقي أم من بيئة أميّة هابطة، لأن البحث أساسه قدرة الإنسان على توظيف قدراته العقلية بحيث يعدّ منطقياً في تصور المشاكل والأزمات وملاحقة الظواهر وجمع المعطيات والقدرة على الموازنة والاستنتاج، ولم يخل أي مجتمع بشري من أفراد قلّوا أم كثروا أقرّت لهم مجتمعاتهم بالعقلنة والفطنة والكياسة والحكمة في تقييم الأمور ومواجهة الصعاب بكفاءة واقتدار، ومن الناس عكس ذلك، فمنذ أن منح الله العقل للإنسان هيأه للتفكير العلمي والبحث المنهجي، ولكن لا يمكن إنكار دور المجتمعات العلمية المتحضرة في إذكاء مهارة مناهج البحث إلى جانب دور المؤسسات البحثية، ومع هذا يظل الإنسان هو صاحب القرار بين أن يبقى تفكيره ومنهجه عاميّاً أو علمياً، فالعامي هو…
إنّ أمتنا اليوم لم تنته إلى نهايات يسكن إليها رأيها العام، وترتضيها أسلوبًا للحكم ينسجم مع مقاصد الإسلام، ولاعتقادنا بأهمية الجدل في هذه الناحية المهمّة إلى أن تصل الأمور إلى القناعات النافعة المفيدة، لعل الأمة تبلغها ذات يوم، فإننا نطرح هذا الملف حول بعض قضايا الدولة في منظورنا التجديديّ، معتقدين بصحة من قال بأن طبيعة الدولة في الإسلام منذ البداية هي أقرب لقيَم الديمقراطية.
”الدين” لا يهمّه أن يمسك “بالسياسة” فقيهٌ أو عسكريّ، أو يدخل برلمانها شيخٌ أو حدّاد، بل يهمّه وطنيّة المتصدّي واقتداره ونزاهته، ليتوخى مصلحة الناس مراقباً ضميره، ويتعالى عن التكسّب الشخصيّ والحزبيّ والطائفيّ، مريداً المصلحة العامة فقط وأداء الواجب، وليس فرض نماذج قسريّة باسم الشريعة هي اجتهادات خاصة بُولِغ بجعلها “الدين” نفسه.
لماذا أصبحت قيمنا العليا من قبيل التسامح، والإنصاف، وحبّ الخير للآخرين، والنجدة، والكرامة، والسيادة على النفس، ونصرة المظلوم، وعلو الهمة، والعدل، والمساواة، وغيرها ممّا ينبغي أن نتمسّك بها كمن يقبض على إيمانه في الزمن الرديء (كالقابض على الجمر)، لماذا أصبحت تلك القيم في مجتمعاتنا العربية واهية، هشّة كقشر البيضة بحيث يتحتّم علينا التعامل معها بحذر شديد؟
إنّ الغاية من التشريع الديني هي ذات الغاية من التشريع الوضعي، ولو أنّنا تناولنا الدين بطريقةٍ طبيعيةٍ كما نتناول شؤوننا الدنيوية، لكان ذلك أيسر لنا وأقرب لفهم الدين، والتعاطي معه بشكل طبيعي، ولطالما أكدنا باستمرار أنّ ديننا دين الفطرة، فهو دين يتعامل مع واقع الحياة، ويستجيب لحاجياتنا الطبيعية، ولا يكلّفنا إلا وفق قابلياتنا، لأنّه يتعامل مع الواقع، فالدين يسلك بنا الطريق المناسب لطبيعتنا
تصوّرْ أنّ خمسين شخصًا تشاركوا بكلّ أموالهم ومدّخراتهم واشتروا سفينة كبيرة، فيها حياتهم وفيها معاش أرزاقهم وهي موطنهم الدائم، فكم سيحافظون عليها وسيخدمونها بأعينهم لأنها ملكهم جميعا؟ حتماً.. سيصبح للجميع دورٌ في حمايتها وإدارتها وفي تقاسم أيّ غنائم أو ثروات وكنوز أو أرزاق وأسماك يحظون بها، هذه هي ببساطة العلاقة التبادلية بين الوطن وأهله المواطنين، شراكةٌ مصيريّة.
تاج الحرية لا يلبسه إلا من يقطع مسيرةً من التدريب والتعليم واكتساب الخبرة والمعرفة، ومن يقفز بغير تأهيل سواء بمحسوبية أو واسطة ليلبس ذلك التاج، فكأنَّه قفز إلى قاعدة هرم مقلوب متصورًا أنَّه بلغ القمة والغاية فلا يأمن أن ينهار به.
الدين والسياسة توأمان لا حياة لأحدهما من دون الآخر.. والدين أمانة والسياسة تحمّل الأمانة.. والدين حرية والسياسة تطبيق لمقولة هذه الحرية.. والدين تعاليم والسياسة تدابير.. والدين أساس والسياسة بناء على الأساس.
لا يجوز أن تُخيَّر الأمة بين الحرية أو الأمن، بل لابد من تحقيق التوازن بين حقّ التمتّع بممارسة الحرّيات العامّة من قبل جميع أفراد المجتمع، وبين استتباب الأمن والاستقرار بإرساء دعامات يؤسّس عليها هذا التوازن كبسط العدل، والمساواة، واحترام القانون، والعمل على إعادة الثقة بين الشركاء في العملية السياسية.
إن حنان الوالدين والمربين هو الضمان لاتزان عواطف الطفل وانفعالاته فهو يقوي في نفسه صفة التواد والتراحم ، وان كثيراً من أساليب القسوة والعنف التي يتبعها الآباء تعود على أبنائهم بصورة عكسية فيظل هذا الشعور والعنف ملازماً للأبناء لفترة طويلة من حياتهم ، فالابن الذي لا يتحسس طعم المحبة والشفقة ولا يجد الحضن الدافىء الذي يضمه ويغدق عليه من حنانه ورأفته لهو إنسان يتيم حتى وان كان يعيش مع والديه .