ترى كيف استطاع أناس مشتتون في أقطار الأرض أن يجتمعوا ويوحّدوا جهودهم، ويتلاقوا بآمالهم؛ لينجحوا في كسر طوق الفرقة والغربة، ويقيموا كياناً موحّداً ولو إلى حين سمّوه “إسرائيل” ؟ ثمّ كيف تمكّن هؤلاء المشرذمون أن يتحوّلوا بضمائرهم ومشاعرهم نحو ما يسمونه ” أرض الميعاد ” لتغدو هذه المقولة وأمثالها ثقافة عامّة مقدّسة تتفاعل بقوة وحماس داخلهم ؟
مفهوم “الكفر” هو أقسى تلك المفاهيم التي استشرت، لا لتُطلق على ديار غير المسلمين غربيّةً وشرقيّةً فحسب مهما كانت مللُهم وأعمالهم، بل كانت أيضاً السيف البتّار الذي شهرناه لنتراشق به وصفاً، ويضرب به بعضُنا رقاب بعض.
فإن المجتمع الفاضل والدولة الفاضلة هي دولة دائمة التجديد “حداثية”، لا يوقف تطورها جمود على نص تشريعي مهما كان مصدره، لأن التشريع ما جاء ليجمد التطور بل ليرتقي به، فمهما وجد المسلمون تشريعا هو أرقى وأحسن من التشريع الذي فهموه من النصوص فينبغي عليهم التحول نحوه.
ثمّة خشية تنتاب أكثر المفكرين والمنظرين الإسلاميين قبل الخوض في أي مفهوم جديد ذي علاقة بالإسلام دون الاستناد إلى شاهد قرآني، أو الاعتماد على مأثور نبوي شريف، يعاضد رأيهم، ويستقووا به على منتقديهم والمتربّصين بهم، ليكونوا في مأمن من الاتهام بأنهم طرف في المؤامرة المحاكة ضد الإسلام باسم التجديد أو التنوير أو الحداثة وغيرها.
ينبغي تصحيح النظرة إلى الآخر المختلف فكراً أو مذهباً أو ديناً، فيتم الاعتراف له بحقه في الوجود والمشاركة، بل والتعاطي الايجابي معه في الشأن الوطني المشترك دون تهميش أو إقصاء بسبب الاختلاف في الرأي أو المذهب أو الدين، فسفينة الوطن ينبغي أن تسع الجميع ويجب المحافظة عليها من قبل الجميع.
القوم الذين تشاحوا في كفالة مريم كانوا كلهم جديرين بالكفالة، إلا أنّ (زكريا) كان أجدر من غيره حال المنافسة على الكفالة ، وحتما هي جدارة مخطط لها وفق برنامج واع وتخطيط واضح، أراد منه تغيير مفاهيم المجتمع الذكوري الظالم لوضع المرأة؛ حتى تتحول إلى حالة استواء إنساني.
لماذا صار علينا أن نصدق ما ينسب إلينا من أمور مكذوبة ونسلّم بها وكأنّها جزء من واقعنا وعقيدتنا، نفعل ذلك رغم الآثار الخطيرة التي يخلّفها التصديق بمثل هذه الأمور والتي تصل إلى حدّ تصدّع كياننا واهترائه. من هذه الأمور تأتي مسألة الجن في قائمتها، الجن ذلك العالم المجهول الذي مازال الكثير يتخبط في فهمه ومعرفته وتحديد العلاقة معه.
نحن لم يتطوّر عقلُنا ليُؤمن بجدّية نقصه، ونقص مبانيه ومبتنياته، لم يُؤمن بحاجته إلى تشغيل إمكانيّاته ووظائفه عدا التعبئة والاجترار للقديم، لم نتطوّر بعدُ لضرورة الاطّلاع حتّى على (غيب) ثقافات بني جنسنا من المذاهب والديانات والشعوب، فكيف نؤمن بوجود عوالم (غيب) نستطيع أن نتعرّف عليها أو نستزيد منها أو نتعلّم ربّما أخطاءنا؟!
ولو كان يوسف في وادي النيل ويعقوب في بر فلسطين لما تزامنت المجاعة معهما، حيث مصر وادي النيل لا تتأثر بتوقف الأمطار إلاّ على المدى البعيد، وليس إلى درجة المجاعة أيضاً، ولن تكون حالة الجدب شاملة لكل هذه البقاع الشاسعة، ولو كانت كذلك لما كفتهم محاصيل مصر ولا غيرها.
حكاية شمشون الجبّار، مثّلتها السينما العالمية والعربيّة أفلاماً ومسلسلات، وأُلّفت قصةً للأطفال، وهي حكاية طالما ردّدناها ونحن أطفال، وتفاخر قويّنا أنّه مثل شمشون، شمشون الذي كانت قوّته في خصلات شعره، وأحبّ “دليلة” وباح لها بسرّ قوّته، فخانته وقصّت شعره وهو نائم ففقد قوّته.