آيات شيطانية تُتلى عن أنبياء الله

آيات شيطانية

تصفّح كتاب توراة الكهنة ومرّ على قصص أنبياء الله (ع): موسى، هارون، سليمان، داوود، لوط، يعقوب، نوح .. كلّهم افتُري عليهم وأُلصقت بهم أفعال لا تليق بإنسان عادي فكيف بأنبياء مبعوثين من قبل الله لهداية الناس.

فأما لوط (ع) الذي عانى ما عانى من قومه بسبب عكوفهم على رذيلة الشذوذ الجنسي، فتذكر توراة الكهنة أنه لمّا أهلك الله قومه لجأ إلى مغارة مع ابنتيه فسقتاه الخمر وضاجعتاه وولد من هاتين الفاحشتين ولَديْن منهما انحدر (العمونيون) و(المؤابيون) – أعداء بني إسرائيل – ويذكر سفر التكوين عذراً أقبح من ذنب لارتكاب هذه الفاحشة على لسان كبرى بناته حيث قالت لأختها: “أبونا قد شاخ، وليس في الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الأرض .. هلمّ نسقي أبانا خمراً، ونضطجع معه فنحيي من أبينا نسلاً .. إلخ”، فيصور النص التوراتي المزوّر نبي الله لوط وبناته في أبشع صورة ليثبت أن العمونيين والمؤابيين – أعداءهم – أبناء زنا.

وداود (ع) ابتُدعت له رذيلة لا تطرأ على بال بشر، فيُذكر في التوراة أنه لما أراد الزواج من ابنة شاؤل قدّم له مهراً غريباً كما جاء في سِفر صموئيل الأوّل “قام داود وذهب هو ورجاله وقتل من الفلسطينيين مائتي رجل، وأتى داود بغلفهم (الجلدة التي تقطع في الختان) فأرسلوها للملك لمصاهرته”!! ثم تحكي في مكان آخر قصة داود مع أوريا الحثي وزوجته “وكان في وقت المساء إن داود قام عن سريره وتمشّى على سطح بيت الملك، فرأى من على السطح امرأة تستحم، وكانت المرأة جميلة جداً، فسأل عن المرأة فقيل أنها زوجة أوريا الحثي، فأرسل داود رسلاً وأخذها، فاضطجع معها وهي مطهرة من طمثها ثم رجعت إلى بيتها … ثم أرسل داود أوريا إلى الحرب ليُقتل، وكان كما أراد، ومات أوريا وضمّ داود تلك الزانية إلى زوجاته ومنها أنجب سليمان الذي يشرّفه الإنجيل ويجعله أحد أجداد المسيح”!

أما سليمان (ع) فقد صوّرته التوراة عابداً لنسائه اللاتي بلغن ألفاً (!) كما جاء في الملوك: “كانت له سبع مائة من النساء السيدات وثلاث مائة من السراري فأمالت نساؤه قلبه، وكان في زمان شيخوخة سليمان أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخرى ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب إلهه كقلب داود أبيه”، فغضب الرب عليه لأن قلبه مال عن إله إسرائيل ولم يحفظ وصيته، فحرمه الله من الملك وأعطاه لعبده … إلخ.

بينما نال نوح الحظ الأوفر من الافتراء، ربما لأنه كان بداية مشروع الكذبة العالمية الكبرى حيث استغل اليهود حادثة الطوفان ليوحوا للعالم بأنه كان عالمياً، ولم ينجُ منه سوى نوح وأبناؤه الثلاثة: سام، يافث، حام، فتحوّل هذا النبي الذي دعا لرسالة ربه تسعمائة وخمسين عاماً بلا كلل، تحوّل مباشرة بعد نجاته من كارثة الطوفان إلى رجل يشرب الخمر فيسكر ويعرى ويلعن حفيده كنعان ابن حام الذي لم يكن له أي ذنب في الحادثة الملفقّة ضدّه وأبيه: “فلما استيقظ نوح من خمره علم ما فعل به ابنه الصغير، فقال: ملعون كنعان، عبد العبيد يكون لإخوته، ومبارك الرب إله سام، وليكن كنعان عبداً لهم، وليفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام وليكن كنعان عبداً لهم”!

ما فتئ اليهود يسيئون لأنبياء الله (ع) بالتزوير والتلفيق وتشويه السمعة والافتراء والقتل (كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ)، هذا دأبهم وديدنهم، فلا نعجب (وإن كان هذا يغيظنا ويغضبنا) أن تخرج علينا اليوم قناة إسرائيلية تسيء إلى نبي الله عيسى (ع)، ثم إلى رسول الله (ص)، ولكننا نعجب من سكوت عقلاء النصارى واليهود على وجود هذه القصص المفتراة على أنبياء الله (ع) في كتاب العهد القديم الذي يتم تداوله واعتماده ككتاب سماوي مقدّس، والأعجب من ذلك هو الجمع بين التوراة والإنجيل بحيث أصبحوا يرون التوراة أساساً للإنجيل بعد أن وُضع الاثنان تحت عنوان (الكتاب المقدّس) ما أدّى إلى القول بأن اليهودية هي أصل المسيحية فيجب الدفاع عن هذه العلاقة المقدّسة رغم التناقض الواضح بين ما في التوراة المزوّرة من دعوات للقتل واللعن والنهب والاستعمار وطرد الشعوب واستعبادها وما يدعو إليه الإنجيل من روحانية وخلق رفيع وتسامح، حتى يُذكر أن بعض المسيحيين يتحاشون الحديث لأبنائهم عن الأنبياء (ع) بالتفصيل لما يُنسب لهم من مخازي في توراة الكهنة.

بعد الحادي عشر من سبتمبر أقام الغرب الدنيا على رأس المسلمين ولم يقعدوها، فوُصمنا بالإرهاب، واتُّهم القرآن بأنه محرّض على القتال والحروب، وتمادوا بالتدخل في المناهج الدراسية، وطالبوا بعدم تدريس آيات الجهاد للطلاّب وحذفها من المقرّرات، بينما لم يفكّر أحد منهم، ولم يقترح أحد عليهم أن ينقّوا هم توراتهم مما جاء فيها من إساءات وافتراءات على أنبياء الله (ع) ومشروعية الإبادات للأقوام الأخرى، بل يجد الكثير من المسيحيين حرجاً حتى من دعوة فصل التوراة عن الإنجيل عدا عن محاولة خجولة من بعض عقلاء المسيحيين الذين فصلوا بينهما بعد أن تأكّدوا أن العهد القديم المتداول بين الناس صُنع صُنعاً ليخدم أغراض الصهاينة ولم يبق فيه من صُحف موسى (ع) إلا قليلاً.

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.