حفل ملتقى السراة الأول

بسم الله الرحمن الرحيم

الإخوة والأخوات الأفاضل،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

منذ ما يناهزُ الأربعةً أعوام، أطلقت جمعيةُ التجديدِ الثقافية مشروعَ السراة. بقيت نتائجُ هذا المشروعِ وغيرِه من مشاريعِ البحثِ الفرديةِ الأخرى في التراثِ والتاريخِ والتي قام بها بعضُ الإخوةٍ المخلصين من المفكرينَ العربِ تُتداول في أروقةِ المنتديات بين المثقفين… ما بين مصدقٍ ومستهجن. مابين باحثٍ جادٍ يسعى لكشفِ الحقيقةِ…. وناقلٍ للتاريخ قد أستسلم لكل ما يكتبُ في الغربِ ، فساهم في تعميقِ ظلامةِ أمِتنا من خلالِ التأكيدِ على تاريخٍ خاطئٍ كتبه الآخرون بقصد أوبغيره، الا أن الأمرَ الأمّر هو أن هذه النتائجَ لم تشقْ طريقها لأصحابِ القرار على الرغمِ من خطورتها وتأثيرِها على واقعِ الأمة، وسط صمتٍ إعلامي مريبٍ شاركت فيه جميعُ وسائلِ الأعلام العربيةِ بلا إستثناء… وكأن هناك إتفاقا ضمنيا بطي صفحةِ الحقيقةِ وإبقاءِ الوعي في بياته الشتوي الى ما لا نهاية.

مشروعُ السراةِ تعرض لجميعِ مفاصلِ منظومتِنا المعرفية وتوقف في محطاتٍ عدّة وكشف أن التزويَر كان أحدَ معاول الهدم الثلاثة بل وأهمها التي إنهالت على التراثِ والمقدسات.

كما ساهم معوَلا الجهلِ والاستبدادَِ في حرفِ مسيرةِ التاريخ، إلا أن التزويرَ كان أوجعُها وأكثرُها إيلاماً…

بالتزويرِ عبروا على جسرٍ من الأكاذيبِ لم يسلمْ منها شئ، فقد طال كل العلومِ والمعارفِ والمعتقداتِ والفنونِ والأدابِ والتقاليدِ والموروث التاريخي، مستهدفين الحواملِ الرئيسيةِ… الديني، التاريخي، الجغرافي ولم ينجُ حتى الحاملَ اللغوي والسلالي.

اليهوديات المعروفة بــ”الاسرائيليات” قد هيمنت على مصادرَنا المعرفيةَ ولم تسلمْ منها تفاسيرُ القرآن الكريم ولا الرواياتُ المنسوبةُ للرسولِ (ص) وآلِ بيته وصحبِه، وضجّت منها أيضا قصصُ الأنبياء (ع).

“عندما نطق السراة” ليس مشروعاً لإعادةِ كتابةِ التاريخ فحسب، بل هو دعوةٌ لتصحيحِ واقعٍ  تأسّس على باطل ، لم تكن فلسطينُ ضحيَته الوحيدةَ وإن كانت هي “أمَ الضحايا”.

نأمل من خلالِ هذا الموسم ِ– الذي يستمرُ حتى مطلعِ الشهرٍ القادم- أن نكونَ قد وضعنا حجرَ الأساس لتجّمعِ صفوةٍ من العلماءِ والمفكرينَ والباحثينَ ليس بالضرورة أن يكونوا متفقينَ معنا على كافةِ النتائجِ التي تمخض عنها مشروعُ السراة، ولكن بالتأكيد يوحدهم أمرٌ جامعٌ وهو أن تراثَ أمتِنا قد تعرض للعبثِ المبرمج.

أن مجردَ الإتفاق على حقيقة أن جغرافيا الأحداث التاريخيةِ قد نُقلت من موقعٍ لآخر سيكون له آثارٌ وتداعياتٌ على مجملِ الصراع السياسي والايديلوجي فيما لو أحسنتِ القياداتُ السياسيةُ توظيفً هذه الحقيقة.

إختلاقُ تاريخٍ لليهود في فلسطينَ وجعلُه حقيقةً واقعةً قد ساهم وسوغ لإغتصاب فلسطين سواءً لدى أغلبيةِ اليهودِ المنتشرينَ في العالمِ أو لدى المؤمنينَ من أتباعِ الديانةِ المسيحية، وأخيراً بين المسلمين الذين أخذت هذه الأكذوبة تنطلي عليهم أيضاً.

الإخوة والأخوات،

لقد أوطأ إختطاف التاريخ لإختطاف الجغرافيا، وأوطأ إختطاف الجغرافيا لإحتلال الأرض، ولتحرير الأرض لا بد من تحرير التاريخ والجغرافيا.

الليلةُ هي الأولى في “موسمِ السراة” ، نستضيفُ فيها الأخً الكريمَ والصديقَ العزيزَ أمينَ القدسِ الحاجَ زكي الغول الذي تجثّم عناءَ السفرِ وشرفنًا بمقدمه ليحدثَنا عن بني إسرائيل وقصةِ تاريخَِهم المزعوم في أرض فلسطين.

فشكراً للحاج زكي الغول وشكراً لكم إخوتي الضيوفُ الكرام والحاضرين جميعا على تشريفنا…..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.