ندوة “تزوير جغرافيا الأنبياء – بين الماضي والحاضر” – الباحث م.طارق أحمد

ندوة “تزوير جغرافيا الأنبياء – بين الماضي والحاضر”

الباحث م.طارق أحمد

أكد الباحث في جمعية التجديد المهندس طارق أحمد خلال ندوة تزوير جغرافيا الأنبياء (ع).. بين الماضي والحاضر والتي أقيمت ضمن فعاليات موسم السراة الثقافي عالمٌ.. في أسر التزوير أن ما جرى بالماضي من تزوير يأتي في سياق واحد متصل مع ما يجري اليوم من صيانةٍ وتعزيزٍ ونشرٍ للتزوير القديم.

وقال الباحث في ندوته المنعقدة مساء الأحد الموافق11 أكتوبر بمقر جمعية التجديد الثقافية إن الجدل بخصوص جغرافيا الأنبياء(ع) آخذٌ بالتصاعد والتنوع بين النخب حاليًا، وهو في طريقه السريع للتحول إلى صراع ثقافي أيدلوجي ميدانه وعي وإدراك عموم الإبراهيميين حول العالم من مسلمين ومسيح ويهود.

وتابع قائلاً إن احتدام هذا الصراع بغض النظر عن نتائجه سيؤثر على قواعد اللعبة السياسية الحاكمة للصراع مع الحركة الصهيونية، بل وسيفتح لا محالة جبهة جديدة تأتي ولأول مرة على القواعد الأيدلوجية المؤسسة للكيان الصهيوني بالمنطقة والذي نشأ بعد إقناع العالم بالعودة إلى وطن الآباء حسب خريطة جغرافيا الأنبياء المحتكر روايتها على مدونات التوراة حتى الآن.

واستعرض الباحث طارق أحمد كمّاً من الأبحاث التي تناقش مصداقية جغرافيا التوراة كأبحاث الدكتور امنويل فيلكوفسكي وكمال الصليبي وأحمد داوود وغيرهم، وتساءل لو ثبت فعلاً أن جغرافيا الأنبياء (ع) ليست كما تُدرس اليوم بالمدارس والجامعات، أو تحكى بالمساجد والكنائس والمعابد بل كما تطرح الأبحاث الجديدة وتقترح جغرافيا جديدة مركزها جبال السراة بالحجاز.. فكيف أمكن إعادة برمجة وعي الأجيال باستبدال معلومات وهمية غير منطقية بأخرى حقيقية كانت سائدة ومنسجمة عقلاً؟ ومنْ وراء هذا الجهد الممنهج العابر للأجيال؟ وكيف أمكن اختراق حصون العقل السوي وبشكل جماعي لزرع الوهم واقتلاع الحقيقة دون مقاومة؟


واستعرض الباحث طارق أحمد كمّاً من الأبحاث التي تناقش مصداقية جغرافيا التوراة كأبحاث الدكتور امنويل فيلكوفسكي وكمال الصليبي وأحمد داوود وغيرهم، وتساءل لو ثبت فعلاً أن جغرافيا الأنبياء (ع) ليست كما تُدرس اليوم بالمدارس والجامعات، أو تحكى بالمساجد والكنائس والمعابد بل كما تطرح الأبحاث الجديدة وتقترح جغرافيا جديدة مركزها جبال السراة بالحجاز.. فكيف أمكن إعادة برمجة وعي الأجيال باستبدال معلومات وهمية غير منطقية بأخرى حقيقية كانت سائدة ومنسجمة عقلاً؟ ومنْ وراء هذا الجهد الممنهج العابر للأجيال؟ وكيف أمكن اختراق حصون العقل السوي وبشكل جماعي لزرع الوهم واقتلاع الحقيقة دون مقاومة؟

وناقش الباحث طارق أحمد أدلة رولاند وايت الذي استطاع خلال عقدٍ من الزمن أن يشيع بين الناس وعلى مستوى عالمي بأن جغرافيا الأنبياء حسب ما ترويه التوراة دقيق، بدليل أن ”علم الآثار“ المعاصر يؤكد صدقية تلك المرويات؟ وهو الذي تتلخص أدلته في اكتشاف سفينة نوح بجبال اررات التركية، وآثار عبور بني إسرائيل للبحر لا تزال موجودة بقاع خليج العقبة، واكتشاف قرية لوط بالقرب من البحر الميت، واكتشاف قدس الأقدس (تابوت العهد) تحت مسجد الأقصى بفلسطين.

وانتقد الباحث جميع تلك الإدعاءات وأضاف قائلاً لم يقنع وايت كل من اطلع على ادعاءاته التراثية فذلك ليس مهمًا، المطلوب فقط هو إيصال الوهم إلى مخزون ذاكرة المستهدف وليس بالضرورة إلى عقله، والزمن كفيل بنقل تلك الأوهام من الذاكرة إلى الوعي ومن ثم إلى الاعتقاد ليصبح الوهم عقيدة تستميت الأجيال اللاحقة في الدفاع عنها.

وأضاف الباحث إن التظليل الموجه للوعي المسيحي واليهودي لا يخلو من الإثارة العاطفية ولكن يغلب عليه سمت ”الدليل العلمي“ لتمرير المادة المضللة لوعي المتلقي، في حين أن أكثر التظليلات انتشارًا والموجهة لوعي المسلمين تحديدًا تتسم بجرعة عاطفية زائدة تغني كما يبدو عن الحاجة لإحكام مادة المزور بتفاصيل ”الدليل العلمي“ والاكتفاء بذكر فيض من ”المصادر العلمية“ صعبة التحقق.

ودعا الباحث الفنانين والمؤرخين والنخب والسياسيين للتنبه من مدى خطورة تعزيز عمليات التزوير القديمة وإبرازها للمتلقي المعاصر بحسن نية وبحلة معاصرة تقنية وأكثر خطورة لأنهم تبنّوا ما جهلوا أن مصدر أكثره توراتي إغريقي وليس قرآني عربي، كما احتوى العرض على الكثير من الصور والخرائط والفيديو والشهادات التاريخية لأهل المواقع الجغرافية التي شهدت أحداث الأنبياء (ع).

هذا وقدمت الكاتبة الصحفية والروائية فوزية رشيد مداخلةً رئيسية أثنت فيها على مشروع عندما نطق السراة الذي وصفته بأنه تحدٍ للوعي التقليدي وقالت إنَّ الهدف في الواقع هو مراجعة ضخمة لأفكار دينية وتراثية وأسطورية ارتبطت بوعي الإنسان أينما كان تحت تأثير التوراة المحرفة، ثم استغلال تلك الأفكار سياسيًا لاستلاب ليس فقط جغرافيا الأنبياء والتاريخ وإنما سلب الحاضر والمستقبل لهذه الأمة.

وأشارت الأستاذة رشيد على ضرورة مواصلة السعي من أجل نشر وتوصيل هذه المشاريع لأكبر شريحة من العموم مؤكدة أن “هذا الجهد الضخم قد تمّ البدء به، ويجب الاستمرار فيه، فيما عملية نشره وإيصاله يحتاج لجهد دول أو جهد الجامعة العربية وليس جهد أفراد لكن ذلك لا يعفي المؤرخين والباحثين من المسؤولية

واقترحت الأستاذة فوزية رشيد تشكيل جبهة من الباحثين والمفكرين والمؤرخين واللغويين وعلماء الآثار العرب والشرفاء من غير العرب لاستثمار النتائج المعرفيّة لمشروع السراة وغيره من المشاريع الفكرية المشابهة الصادمة للوعي التقليدي الذي اعتاد على التحريف والتفاسير الخاطئة والإسقاطات التوراتية وتساءلت رشيد ما العمل؟ من يعلق جرس الخطر؟ من يلقي الحجر الثقيل في البركة الآسنة ويبحث عن مخرج لهذا الأسن الفكري؟

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.