حديث الفقرة الناجية.. بين تعدد الروايات و التوظيف السياسي في علم أصول الدين

مملكة البحرين

جمعيّة التجديد الثقافيّة الاجتماعيّة

حديث الفرقة الناجية

بين تعدد الروايات و التوظيف السياسي في علم أصول الدين

د. حسن حنفي

مؤتمر ”الوحدة الإسلامية وديعة محمد (ص)”

مملكة البحرين: 28 إلى 30 ديسمبر 2007م

يعتمد تكفير الفرق على حديث “الفرقة الناجية”(F[1]F) سواء تم عرضها على نحو موضوعي محايد أو على نحو ناقد مفند. ففي كلتا الحالتين يتم حصر الفرق وجمعها وتصنيفها وتكفيرها طبقا لهذا الحديث. وهو حديث مشكوك فى صحته، وليس متواترا. والتواتر هو شرط اليقين فى الأدلة السمعية. والاتفاق مع الحس والعقل أحد شروط التواتر. وهل يعقل أن تكون اجتهادات الأمة كلها ضلالا؟ ألا يعارض ذلك القواعد الأصولية من أن للمخطئ أجرا وللمصيب أجران ومن أنه إذا كان الحق العملي واحد فإن الحق النظري متعدد؟ إن اختلاف صيغ الحديث فى متنه ليدل على عدم صحته إذ يتراوح المتن بين العموم والخصوص، بين الإطلاق والتقييد. فإذا كان المعنى صحيحا فى بدايته إطلاقا فإن تخصيصه وتقييده سواء فى عدد الفرق الهالكة أو فى تعيين الفرقة الناجية يشكك فى صحته. فالصيغة الكبيرة تشير إلى افتراق اليهود إحدى وسبعين فرقة، والنصارى اثنتين وسبعين فرقة، والمسلمين ثلاثة وسبعين فرقة، وكأن الافتراق سنة الكون، وقانون التطور، ومسار التاريخ! ووجود العدد سبعة فى كل الأرقام الثلاثة يكشف عن رمزية الأعداد فى البيئات الدينية الشرقية القديمة يونانية أو مسيحية أو إسلامية. وهل صحيح تاريخيا افتراق الأمم الثلاثة طبقا لهذه المتوالية الحسابية؟ وهل يطابق هذا الإحصاء الواقع التاريخى؟ وهل هذا الإحصاء للفرق فى الماضي أم في الماضي والحاضر أم فى الماضي والحاضر والمستقبل؟ وهل يمكن إحصاء فرق لم تحدث بعد بل قد تحدث فى المستقبل؟ أم أنها نبؤة فى المستقبل تدل على معجزة الرسول؟ ولماذا تزيد كل أمة فرقة على الأمة السابقة؟ هل يدل ذلك على رقى بدليل الزيادة المطردة أم على تأخير بدليل أن الفرقة تشتت مضاد للوحدة؟ وفى هذه الحالة الأخيرة يكون اليهود خير من النصارى، وكلاهما خير من المسلمين لأنها أقل فرقة وتشتتا ولو بفرقة واحدة على الأقل. وقد ينتهي الحديث دون تعيين للفرقة الناجية ويتوقف عند “إلا واحدة”، ويترك الاستثناء دون تعيين وهو أقرب إلى العقل والتجربة حتى تظن كل فرقة أنها الناجية فتعمل صالحا لأن اليقين عملي وليس تاريخيا، وكأن الاعتقاد هو الذى يولد اليقين، وكأن كل فرقة تعتقد أنها ناجية فتعمل صالحا تكون كذلك تاريخيا، وهى المقصودة. وهى كذلك بالفعل، بعملها الصالح، تكون ناجية. فالقصد الفعلي هو القصد التاريخى. وقد يتم التعيين للفرقة الناجية “هي ما أنا عليه أنا وأصحابي”، وذلك بالتأكيد على فرقة تاريخية بعينها، والتأكيد مرتان بلفظ “أنا” أى الرسول وأصحابه وهم جماعته التابعون له، جماعة تاريخية معينة هم الصحابة دون غيرهم. وهذا ما يناقض روح الإسلام وسلوكه العملي، فكل من يتبع الرسول ويأخذه قدوة فهو مثل صحابته بدليل أن أهل السنة والحديث فى كل عصر حتى يوم الدين. ومع ذلك لم ينفع التحديد التاريخى النظري، وطغى عليه التحديد السلوكي العملي، وادعت كل فرقة أنها الفرقة المقصودة بالنجاة فهي أحق بإتباع الرسول من غيرها، وحدث التقاتل بينهما. فأيهما الفرقة الناجية؟ والجواب أنها أصبحت كلها هالكة بفعل التقاتل وإراقة دم الإخوة، لأن القاتل والمقتول فى النار. وزيادة فى الإيحاء بصدق التعيين يتدخل السائل فى صبغة الحديث بعد التعداد الأول “قيل يا رسول الله ماهي؟”. فالتعيين إنما جاء على طلب خاص وسؤال محدد وليس مجرد تخصيص للعموم. وكي يحدث التطابق التاريخى بين العدد والواقع التاريخى فى الماضي والحاضر فحسب فقد خلط بين الفرق الكبيرة والفرق الصغيرة، ثم تم تقسيم الكبيرة إلى فرق متعددة صغرى حتى يمكن إكمال العدد ثلاثة وسبعين. فالفرق الكبيرة فى الحقيقة ثلاث والأقل منها فى الكبر خمس فيكون مجموع الفرق الكبرى نسبيا ثمانية. ثم تنقسم الفرق الثلاث الكبرى، الأولى إلى عشرين، والثانية إلى اثنتين وعشرين، والثالثة إلى عشرين. وتنقسم اثنتان من الخمسة الأولى إلى خمس فرق والثانية إلى ثلاث فى حين تبقى الثلاثة الأخرى من الخمس بلا قسمة(F[2]F). وهناك فرق متشابهة تم الفصل بينها لضرورة إكمال العدد(F[3]F). أما الفرقة الناجية فهى واحدة لا قسمة فيها مع أن بها عشرات الفرق المتمايزة فيما بينها وكلها من الفرق الناجية. وقد تدخل بعض الفرق الصغرى مع الفرقة الكبرى(F[4]F). كما أن البعض منها متداخل يصعب الفصل بينها(F[5]F). وقد تنقسم فرقة صغرى إلى فرق أصغر حتى يصعب العدد ويضطرب ولا يعرف هل يصبح للفرقة الصغرى عدد أم للفريقات الصغرى فقط(F[6]F). وقد ذكرت الفرق دون مراعاة لترتيب تاريخى أو ترتيب من حيث الكبر أو الأهمية بل يكفى فقط المطابقة للعدد السبعين المذكور. ومن الطبيعى أن تأتى الفرقة الناجية فى النهاية، فختامه مسك وما بعد الضلال إلا الهداية وبقدر ما يتم التفضيل فى الفرق الضالة وتقسيمها إلى فرق، والفرق إلى فرق أصغر تعرض الفرقة الناجية وحدة واحدة، متحدة متماسكة وكأنها هي رأى الأمة والجمهور، الأصل والجذع وما دونها الفروع والشتات. الفرق الناجية تجمع والضالة تفرق، الأولى توحد والثانية تبعثر، وهو حكم قيمة مسبق يقوم بالكشف عن موقف السلطة السياسي تجاه المعارضة وموقف الدولة تجاه خصومها السياسيين. فالسلطة هي الأساس والمعارضة خروج عليها. والحقيقة أن الفرقة الناجية تكون أيضا من فرق بل ومن فرق صغيرة عدة، ولا تمثل إجماعا واحدا على رأى واحد سواء فى المسائل النظرية أو فى الموضوعات العملية. يجمعها جميعا التسليم بالأمر الواقع والإقرار بالسلطة القائمة(F[7]F).

وقد استعمل سلاح الألقاب لنصرة الفرقة الناجية وحصارا للفرق الهالكة، استعملته السلطة ضد فرق المعارضة. فالمتكلمون أهل الأهواء، والمعتزلة معطلة، مجوس الأمة، والثوار خوارج، الرافضون شيعة أو روافض..الخ. وقد استمر هذا التقليد متبعا حتى الآن فى اتهام فرق المعارضة بالعمالة والإلحاد والكفر والخروج. وقد أتت معظم التسميات والأوصاف والألقاب من الآخرين أى من الخصوم وليس من الفرقة ذاتها موضوع الاتهام. فالمعتزلة والشيعة والخوارج وهى فرق المعارضة الرئيسية الثلاث كلها نعوت من الفرقة الناجية. وتوحي كلها بالخروج على النهج القديم والصراط المستقيم. فالمعتزلة من الاعتزال من الجماعة، والشيعة من التشيع والخروج على الحياد والموضوعية، والخوارج من الخروج على الإمام ورفض السلطة وإعلان العصيان(F[8]F). وتسمى فرق المعارضة الفرقة الناجية بالأموية وأنصارها الأمويين أى السلطة. فإن صعب الحصول على اسم متميز يدين ببنائه اللفظي فإنه يمكن استعمال أسماء أخرى من مضمون الفرقة الهالكة واتجاهها مثل الباطنية لقولها بالباطن دون الظاهر أو الحرمية لإباحتها المحرمات أو السبعية لإباحتها بالأئمة السبعة. وقد يشتق الاسم من اللباس مثل المحمرة للبسهم الحمرة أو تسميتهم المسلمين حميرا. وقد يشتق الاسم من الأسماء الوثنية التى ينتسبون إليها من البابكية أو المزدكية. فإن استعصى ذلك كله نسبت الفرقة إلى اسم مؤسسها وكأنها فرقة شخصية تدور حول زعيمها وليس لها موقف فكرى أو اتجاه نظري وكأن الخلاف بين الفرق هو صراع على السلطة. ومادامت السلطة بيد الدولة فإن خصومها عصاه خارجون على القانون. وقد يستمد الاسم من المكان حتى ترتبط بمنطقة وبلد دون جماعة وأنصار ودون فكر ورأى. فإذا ما ارتبطت الفرقة باسم الرأي والعقيدة فإنها فى الغالب عقائد ضالة مثل إنكار القدر والجبر والتشبيه والتأليه(F[9]F). وكثيرا ما يتم الاعتماد على بعض الأحاديث المشكوك فى صحتها لتأييد التسمية واستعمال سلاح الألقاب مثل “القدرية مجوس هذه الأمة”. وكثير من هذه الأحاديث تشير إلى عقائد ظهرت فى وقت متأخر بعد عصر النبي. وقد وضعت من أجل حصار الخصوم السياسيين وهدم عقائدهم باستعمال الحجج النقلية، سلطة سياسية تعتمد على سلطة دينية. معظمها أحاديث ظنية ضعيفة السند يعارض متنها العقل والحس والمشاهدة(F[10]F). وعلى الضد من ذلك تستعمل ألقاب المدح والثناء لوصف الفرقة الناجية مثل أهل الحق والإثبات وكلها فى مقابل أهل الأهواء، أهل الزيغ، أهل الضلال، أهل البدع. وينجح سلاح الألقاب فى مجتمع يفضل الحق على الباطل، والاستقامة على الاعوجاج، والسنة على الاجتهاد، والتقليد على البدعة، والإثبات على النفى، والجماعة على التفريد. فأهل السنة يسيرون على الطريق الرئيسى دون تشعيب أو تفريق. وأهل الحديث يأخذون بالحديث دون تنكر له فى مجتمع تحولت فيه سلطة القرآن إلى سلطة الحديث وتشخصت فيها النبوة فى شخص النبى وتحول الحديث فيه إلى السيرة. وأهل السلف أفضل من الخلف الذين تركوا الصلوات واتبعوا الشهوات. وهم الأصحاب، جمهور الأمة، الجماعة وليسوا الأعداء أو إحدى فرق الأمة أو أحد شعابها. فإذا ما سميت أشعرية فلأن مؤسسها نصير أهل السنة والمدافع عن الحق ضد أهل الأهواء. الفرقة الناجية هى التى بها خلاص الأمة، فرقة الدولة، وحزب السلطة. ولكن يظل السؤال ناجية عند من: عند الله أو عند السلطان؟(F[11]F). وقد يحدث نزاع حول الفرقة التى ينطبق عليها الاسم المذموم “القدرية” هل هم نفاة القدر أم مثبتوه؟ من ينفى القدرة عن الله ويثبتها للإنسان أم من يثبتها لله وينفسها عن الإنسان وذلك فى حالة صحة الخبر. وبالتالى يستعمل سلاح الألقاب فى كل الأوجه وعند جميع الفرق كسلاح وكسلاح مضاد. مع أن فرق المعارضة لها أسماؤها من نفسها مثل “أصحاب العدل والتوحيد” ولكن الذى اشتهر هى أسمائها من الخصوم الذين كتبوا التاريخ ودونوا عقائد الفرق(F[12]F). ويتضح سلاح الألقاب أيضا فى صياغات العبارات أى فى ألفاظ الحديث. فإذا كان الأمر يتعلق بذكر رأى لفرقة ضالة فإن اللفظ يكون “زعم” أو “ادعى” أو “افترى” أو “كذب”. أما إذا كان الرأى للفرقة الناجية فإن اللفظ يكون “قال” أو “أجمع” أو “اتفق”. ويقوم المؤرخ أحيانا باستجلاب اللعنات على صاحب الفرقة الهالكة أو توعده بالسلطات أو استعداء الجمهور عليه. ويتجاوز نقد أفكاره إلى الطعن فى شخصه وأخلاقه وسيرته، كأن الغرض من مصنفات الفرق هو الدفاع عن مذهب الفرقة الناجية والتعريض بآراء الخصوم تحت ستار التاريخ.

والحقيقة أن التكفير سلاح سياسى ضد الخصوم تحت ستار العقائد، سلاح متبادل بين السلطة والمعارضة بل وسلاح متبادل بين فرق المعارضة بعضها ضد البعض الآخر مما يسبب فى تبعثرها وتشتتها وتفرقها فتضعف أمام السلطة الواحدة. وكما يصل تكفير الفرقة الناجية إلى حد تكفير كل فرق المعارضة فإن إحدى فرق المعارضة فى المقابل تكفر كل من لابس السلطان أو اتصل به أو زايد فى الإيمان(F[13]F). وماذا بقى من فرق الأمة لو كفر الجميع، لو كفرت الفرقة الناجية الفرق الهالكة ضد الخصوم تحت ستار المعتقدات والمزايدة فى الإيمان تملقا للعامة ودفاعا عن السلطان؟ بل إن العقائد ذاتها هى أيضا سلاح نظرى عند كل فرقة تدافع به عن مواقفها الاجتماعية والسياسية. لا يوجد إذن تكفير نظرى أو عملى بل يوجد تباين فى المواقف السياسية وبالتالى اختلاف فى الأطر النظرية. فإذا ما تم إرجاع “الإلهيات” إلى “الإنسانيات” وبالتالى العودة إلى التجارب الإنسانية الأولى التى منها نشأت الإلهيات ينتهى سبب التكفير. فقد كان فى أحسن الأحوال وبفعل الفقهاء حكما شرعا على صور فنية ونظريات دفاعية أو هجومية لها تأويلها فى التجارب الإنسانية وليس بناء على أحكام عقلية أو شرعية. وإذا ما تم الاتفاق على حد أدنى من المواقف السياسية والاجتماعية دون الوقوع فى المزايدة الإيمانية أو تبعية للسلطات السياسية فإنه يمكن نزع سلاح التكفير والسماح باختلاف الأطر النظرية على أساس أنها اجتهادات نظرية فى مواقف اجتماعية مختلفة. وتظل كلها شرعية فى إطار الوحدة الوطنية لأمة واحدة.

كان تكفير الفرقة الناجية للفرقة الضالة الهالكة تكفيرا عقائديا نظريا بالأساس قبل أن يكون تكفيرا عمليا إخفاء للمواقف العملية وإبرازا للعقائد النظرية تملقا للعامة ودفاعا عن السلطان. فهل يتم التكفير طبقا للآراء النظرية أم للأفعال؟ إن الآراء النظرية مادام لا ينتج عنها فعل فإنها تظل خارج نطاق التكفير. بل إن تعريف الفرقة الناجية للأمة هو كل من نطق بالشهادتين. فالإيمان قول قبل أن يكون نظرا أو تصديقا أو فعلا. فكيف يتم التكفير النظرى والنظر ليس من الإيمان عند الفرقة الناجية؟ وكيف يتم التكفير فى أصلى التوحيد والعدل؟ هل يكفر أحد فى التوحيد والعدل؟ لماذا يكفر من يرى أن هناك ذاتا لها صفات وأن هناك إنسانا حرا عاقلا ومسئولا؟ ولما تكفر باقي الأصول الخمسة، الوعد والوعيد والمنزلة بين المنزلتين والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؟ وإذا اتفقت فرق المعارضة الرئيسية الثلاث على أصلى التوحيد والعدل فإن ذلك يعنى التكفير النظري لها جميعا(F[14]F). والحقيقة أن الفرق إنما نشأت أولا بسبب موضوعات عملية وفى مواقف عملية وبناء على اختلافات عملية وليست نظرية. فقد نشأ صراع حول السلطة وحول الشرعية، حول البيعة والعقد ثم تحول هذا الخلاف إلى مسألة نظرية فى الإيمان والكفر، والطاعة والعصيان. كانت المسألة إذن عملية فى إطار نظري مثل مرتكب الكبيرة أو التحكيم ثم أخذت بعد ذلك طابعا فى مسألتي الأسماء والأحكام وفى الإمامة. ثم انتقل العرض النظري لها إلى عرض نظري آخر على مستوى الأصول العقلية فى التوحيد والعدل. كان الخلاف إذن حول الموضوعين الأخيرين فى السمعيات ثم انتقل بعد ذلك إلى العقليات أى نظرية الذات والصفات والأفعال التى هي أساس أصلى التوحيد والعدل. لم يكن الخلاف حول النبوة والمعاد أى حول التاريخ، فى الماضي وفى المستقبل بل كان حول الحاضر، الفرد والجماعة، العمل والدولة. ثم امتد الخلاف بعد ذلك طابعا نظرية فى مسألتي الأسماء والأحكام وفى الإمامة. ثم انتقال وكأنها موضوعات مستقلة بعيدة عن نشأتها العملية. ولما كان نسق العقائد يقوم على مقدمتين نظريتين، نظرية العلم ونظرية الوجود، وعلى قسمين رئيسيين: الأول عن الإلهيات وهى الإنسانيات الوعى الخالص (الذات) والوعي المتعين (الصفات) وهو الإنسان الكامل ثم خلق الأفعال والعقل الغائي وهو الإنسان المتعين، والثاني عن السمعيات أو النبوات وهو التاريخ، تاريخ الوحي (النبوة) ومستقبل البشرية (المعاد) وهو التاريخ العام ثم النظر والعمل (الأسماء والأحكام) ثم الحكم والثورة (الإمامة) وهو التاريخ المتعين وتذييلها عن انهيار التاريخ (تكفير الفرق) فإن التكفير العقائدي ينصب على كل موضوع على حدة. وعند الأصوليين، الحق النظرى متعدد، والحق العملى واحد.

(*) مؤتمر “الوحدة الإسلامية وديعة محمد (ص)”، جمعية التجديد الثقافية الاجتماعية، البحرين، 28-31 ديسمبر 2007.

([1]) تذييل فى الفرق التى أشار إليها الرسول بقوله “ستفترق أمتي ثلاثا وسبعين فرقة كلها فى النار إلا واحدة، وهى ما أنا عليه وأصحابي”، المواقف ص415.

([2]) يذكر الايجى ثمانية فرق: 1- المعتزلة، 2- الشيعة، 3- الخوارج، 4- المرجئة، 5- النجارية، 6- الجبرية، 7- المشبهة، 8- الناجية. ثم يقسم المعتزلة إلى عشرين فرقة: 1- الواصية، 2- المعربة، 3- الهذيلية، 4- النظامية، 5- الاسوارية، 6- الاسكافية، 7- الجعفرية، 8- البشرية، 9- المردارية، 10- الهشامية، 11- الصالحية، 12- الحابطية، 13- الحربية، 14- المعمرية، 15- الثمامية، 16- الخياطية، 17- الجاحظية، 18- الكعبية، 19- الجبائية، 20- البهشمية. وتنقسم الشيعة إلى اثنين وعشرين فرقة تندمج تحت ثلاثة أقسام الغلاة وهى: 1- السبائية، 2- الكاملية، 3- البيانية، 4- المغيرية، 5- الجناحية، 6- المنصورية، 7- الخطابية، 8- الغرابية، 9- الذمية، 10- الهشامية، 11- الزرارية، 12- اليونسية، 13- الشيطانية، 14- الرزامية، 15- المفوضية، 16- البدائية، 17- النصيرية والاسحاقية، 18- الإسماعيلية والزيدية، 19- الجارودية، 20- السليمانية، 21- البترية، 22- الإمامية. وتنقسم الخوارج عشرين فرقة هى: 1- المحكمة، 2- البهيسية، 3- الازارقة، 4- النجدات، 5- الاصفرية، 6- الاباضية (أ- الحفصية، ب- اليزيدية، جـ- الحارثية، د- طاعة لا يراد الله بها)، 7- العجاردة (أ- الميمونية، ب- الحمزية، جـ- الشعيبية، د- الحازمية، هـ- الخلفية، و- الاطرافية، ز- المعلومية، ح- المجهولية، ط- الصلتية، ى- الثعالبة (1- الاخنسية، 2- العبدية، 3- الشيبانية، 4- المكرمية)، فالخوارج سبعة أقسام رئيسية وثمانية عشرة قسما فرعيا (أربعة فرق أباضية وأربعة ثعالبة وعشرة عجاردة)، والمرجئة خمسة أقسام هى: 1- اليونسية، 2- العبيدية، 3- الغسانية، 4- الثوبانية، 5- الثومنية. والنجارية ثلاثة أقسام هى: 1- البرغوتية، 2- الزعفرانية، 3- المستدركة، وكل من الجبرية والمشبهة والفرقة الناجية قسم واحد، المواقف ص415-430

([3]) وذلك مثل تشابه المشبهة مع الشيعة، والمرجئة مع أهل السنة، والنجارية مع المعتزلة.

([4]) مثلا الحابطية لا تدخل ضمن فرق المعتزلة.

([5]) وذلك مثل تداخل البهشمية والجبائية.

([6]) وذلك مثل انقسام الشيعة إلى غلاة وزيدية وإمامية فهل تحسب الغلاة فرقة قسمتها إلى ثمان عشرة فرقة أو تحسب الزيدية بالرغم من قسمتها إلى ثلاث فرق؟ ونفس الأمر بالنسبة للخوارج وقسمة الأباضية إلى أربعة فريقات، والعجاردة إلى عشرة فريقات والثعالبة إلى أربعة فريقات وبالتالى يصعب بعدها أن يكون مجموع فرق الخوارج عشرين.

([7]) هناك خلاف بين المتكلمين والفقهاء، بين الأشاعرة والمرجئة، وبين الفقهاء بعضهم والبعض الآخر وبين فرق المرجئة المتعددة.

([8]) المعتزلة بناء على كلمة الحسن البصرى “اعتزلنا واصل” بعد مناقشة فى موضوع مرتكب الكبيرة.

([9]) وهذا حادث فى تسمية الإسماعيلية بسبعة ألقاب هى: 1- الباطنية لقولهم بباطن الكتاب دون ظاهره، 2- القرامطة لأن اولهم حمدان قرمط إحدى قرى واسط، 3- الحرمية لإباحتهم المحرمات، 4- السبعية لأن النطقاء بالشرائع أى الرسل آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد، ومحمد المهدى سابع النطقاء، وبين كل اثنين سبعة أئمة يتممون شريعته. ولابد فى كل عصر من سبعة بهم يقتدى ويهتدى (أ) إمام يؤدى من الله، (ب) حجة يؤدى عنه، (جـ) ذو مصة يمص العلم من الحجة، (د) أبواب هم الدعاة، (هـ) أكبر يرفع درجات التائبين، (و) مأذون يأخذ العهود على الطالبين، (ز) مكلب يحتج به ويرغب إلى الداعى ككلب الصائد، (ح) مؤمن يتبعه. والسماوات والأرض وأيا الأسبوع والسيارة وهى المدبرات أمرا كل منها سبعة، 5- البابكية إذا اتبعت طائفة منهم بابك الخرمى بأذربيجان، 6- المحمرة للسهم الحمرة فى أيام بابك أو تسميتهم المسلمين حميرا، 7- الإسماعيلية لاتباعهم الإمامة لإسماعيل بن جعفر وقيل لانتساب زعيمهم لمحمد بن إسماعيل، المواقف ص422، والفرق المشتقة من أسماء مؤسسيها هى فى العادة الفرق الصغيرة مثل النجارية والجهمية والبكرية والضرارية والكرامية وجميع الفرق السبعة عشر الخارجية على الإسلام الذى يذكرها البغدادى. والفرق المستمدة من أسماء موقفها مثل الروافض والشيعة والخوارج والمعتزلة والشراة. والفرق المشتقة من فكرها مثل القدرية والمرجئة والمشبهة والمؤلهة والمنزهة والصفاتية والجبرية. والفرق المشتقة من مكانها مثل الحرورية.

([10]) وأكثر ما ورد فى الأحاديث ذم القدرية والخوارج والشيعة أى فرق المعارضة الرئيسية الثلاث. وأكثرها فى المعتزلة والخوارج أى فرق المعارضة العلنية. وأكثرها فى المعتزلة أى فرق المعارضة العلنية العقلانية فى الداخل. فى ذم القدرية: اتفق أهل الملل على ذم القدرية ولعنهم. قال الرسول “لعنت القدرية على لسان سبعين نبيا”، ولا ينكر لعنهم منكر. ولكنهم يحاولون درء هذا النبذ عن أنفسهم بما لا يغنيهم ويقولون أنتم القدرية ا اعتقدتم إضافة القدرة إلى الله وهذا بهت وتواقح. وقال الرسول “القدرية هم مجوس هذه الأمة”، وشبههم لتقسيمهم الخير والشر فى حكم الإرادة والمشيئة حسب تقسيم المجوس وصرفهم الخير إلى يزدان والشر إلى أهرمان. وقال الرسول “إذا قامت القيامة نادى مناد فى أهل الجمع: أين خصام الله تعالى؟ فتقدم القدرية! ولا خفاء فى اختصاص ذلك بهم فإن أهل الحق يفوضون أمورهم إلى الله ولا يعترضون لشىء من أفعاله. ثم من يضيف القدرية إلى نفسه ويعتقدها صفته بأن يتصف بالقدرة أولى ممن يضيفه إليها. الإرشاد ص125-156، وكذلك ما روى فى ذم المرجئة والخوارج. ولا يذكر الحديث نصا للشك فى صحته، الفرق ص9، ويدافع القاضى عبد الجبار قائلا، فهلا سميتم أنفسكم قدرية دخلتم تحت قول النبى القدرية مجوس هذه الأمة؟ قلنا لا لأن ذلك الاسم اسم ذم فلا يستحق إلا على مذهب ومذموم ونحن براء من ذلك، الشرح ص788-789.

([11]) وإنما فصل النبى بذكر الفرق المذمومة فرق أصحاب الأهواء الضالة الذين خالفوا الفرقة الناجية فى أبواب العدل والتوحيد أو فى الوعد والوعيد أو فى بابى القدر والاستطاعة أو فى تقدير الخير والشر أو فى باب الهداية والضلال أو فى باب الإرادة والمشيئة أو فى باب الرؤية والإدراك أو فى باب صفات الله وأسمائه وأوصافه أو فى باب من أبواب التعديل والتجوير أو فى باب من أبواب النبوة أو شروطها ونحوها من الأبواب التى اتفق عليها أهل السنة والجماعة من فريق الرأى والحديث من أصل واحد خالفهم فيها أهل الضالة من القدرية والخوارج والروافض، الفرق ص10-11، وأردفته برابع فيه الحجاج والدليل على الخلافة التى ينكرها الغالون، التنبيه ص10، ولكن رأيت من صعوبة الزمان تجرد قوم فى بغض أهل السنة والحث عليهم، وقصدهم ما سار فيهم من قول وفعل فجعلت ذلك على ما قدرت عليه بمعونة الله، والله ممد لأهل السنة بالمعونة الدائمة والكفاية الشاملة والعز المتصل والجلالة فى أعين عباده، والكلاءة فى الأنفس والأهل والأولاد والأموال وحسن العاقبة فى المعاد ومبلغهم ما هو أهله من لطائفه وإحسانه. فهم فى عصرنا هذا هم الأطواد الشامخة، والبدر الزاهرة، والسادة الذين شملهم الله بمعونه وستره، فوجوههم بالعون زاهرة وألسنتهم بالصدق ناطقة، التنبيه ص14.

([12]) لقب المعتزلة أنفسهم بأصحاب العدل والتوحيد لقولهم بوجوب الأصلح وفى الصفات القديمة، المواقف ص415.

([13]) الفرق الضالة الذين قال فيهم الرسول كلهم فى النار! وأما الفرقة الناجية المستثناه الذين قال فيهم الذين على ما أنا عليه وأصحابى فهم الأشاعرة والسلف من المحدثين وأهل السنة والجماعة ومذهبهم خال من بدع هؤلاء. وقد أجمعوا على…، المواقف ص429-430. الشيعة وهم اثنتا وعشرون فرقة يكفر بعضها بعضا، المواقف ص418. وفى كل فرقة غلاة ومتوسطون مثل الشيعة من ناحية الغلاة والزيدية والإمامية من ناحية الوسط. ومع ذلك يكفر المتوسطون مثل الزيدية لمشاركتهم المعتزلة فى أصلى التوحيد والعدل. أما المردارية فتكفر كل من لابس السلطان ومن قال بخلق الأعمال وبالرؤية، المواقف ص416-417.

([14]) هى فرق الشيعة (الزيدية) والخوارج والمعتزلة التى تشترك جميعا فى أصلى التوحيد والعدل.

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.