مساءلةُ المُسائلين”ذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ”

مساءلةُ المُساذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أراد فقيرٌ خطبةَ بنت التجّار، فوكّل شيخاً ثقةً (متزوّجاً اثنتين) لنفاذ كلمته يتوسّط له، ذهب الشيخ وعاد، ساءله الفقير: خطبتَها لي؟أجابه: حاولتُ جهدي بكلّ الوسائل المتاحة لكنْ أبوها التاجر رفض، وأخيراً وافق أن أخطبهالنفسي ففعلتُ تذكّرتُ هذه الحكاية بعد سماعي نبأ استجلاب فتوى إلكترونيّة –حسب الطلب- من المرجع السيّد السيستاني.. تجيز للنوّاب والبلديّين أخذ راتب تقاعدهم المثير للجدَل، والذي تمّ تثبيته بمرسوم بقانون ملكي ليكون فرضاً.. يوفّر للبعض غطاء تبرئة ذِمَمهم وإخلاء مساءلتهم!المساءلة: هل ضَمُّ الشيخِ لبنتِ التاجِر زوجةً ثالثةً حرامٌ شرعاً؟ المتشرّعة يقولون: لا.أهُو عملٌ صالحٌ وشريف وإنساني ومبدئي؟! دونكم الفقير الذي ابتهج لابتعاث ثقتِه لتحقيق أمنية عمره.. فاسألو

حكايةٌ عناصرها على الأرض “مكتملةُ الأركان”، “فالفقير” يمثّل “الشعب” الذي انتخب نوّابه، و”الشيخ الثِقة” يمثّل “النوّاب” التي دخلتْ كُتلُهم –بطائفتيْهم-البرلمانَ والمجالس البلدية.. بيافطات دينيّة وفتاوى دينية وتهليلٍ ديني.. فتمّ إقصاء أيّ كفاءة وطنيّة ذات رؤية وبرامج تخدم الشعب كلّه.

الصحابي الجليل أبوذر، محبوبُ جماهير المؤمنين والاشتراكيّين.. لنظافة يده وشغفِه بحقوق المحرومين والمساكين، كان يقول: “أيّها الناس، اجمعوا مع صلاتكم وصومكم غضبًالله عزّ وجلّ إذا عُصي في الأرض”، فيُروى أنّ الخليفة معاوية أرسل له هداياومستحقّات ماليّة عدّة مرّات بحيَلٍ “شرعية” متنوّعة.. فكان يرفضها لكونها “أموال العامة”، وما دام المسلمون لم يحظوا بمثلها فلا يُفسد ذمّته بقبولِها، فضلاً أن يسعى لها!

قلنا أنّ تزوّج “الشيخ” بالفتاة ليس حراماً (بظاهر الشرع).. ولا يحتاج فتوى لهذا، ولكن لو سألنا الفقير لَساءل ثقاته التي ابتعثها للبرلمان لتأتي بحوائجه، فإذا هي مشغولةٌ بحوائجها.

فالفقراء تتساءل:

1- نوّابنا دخلوا التجربة بعناوين دينيّة، فهم بعُرف الناس ممثّلٌ للدين قبل أن يقفزوا كممثّل للوطن، وتصرّفاتهم تثلم الدين قبل الوطن، لأنهم هكذا قدّموا أنفسهم وما يزالون.. فهل يُجازفون “بالدين” لحفنة دنانير هكذا؟ إذن فليُوطّئوا آذانهم لسماع تذمّر الناس مستعيدةً حديث نبيّهم(ص): “تعس عبدالدرهم، تعس عبدالدينار”.

2- أليس هذا “الأخذ” هدرًا لميزانية الدولة وللمال العام، سيّما مع شكاوى قصورالموازنة عن مشاريع التنمية وإنعاش معائش الناس، كالمدينة الشمالية.. والبيوت الآيلة.. إلى علاوة الغلاء التي تقزّمت وأُذلّت الناس لهثاً وراءها؟

3- اشتُهِر عن عليّ(ع) تقشّفه على نفسه وتوسعته على فقراء شعبه، وشدّته على عمّاله الرسميّين ورحمته بالمساكين، فهل تأسّيتم به أم أنّ اسمَه للترنّم بميلاده المجيدوللعزاءات الفولكلورية فقط؟ هل تشدّدتم على أنفسكم ووسّعتم على الناس أم العكس؟أساويتم قانون تقاعدكم -في المدّة والنسبة- بتقاعد الكادحين الذين انتخبوكم وانتدبوكم لقضاياهم وحقوقهم (موظفين.. مهندسين.. عمّالاً)؟!

4- جادل نائبٌ محترَم بأنّ أخذهم راتباً تقاعدياً (مقدارُه ألف دينار عن أربع سنوات خدمة.. مدى الحياة!) معمولٌ به “بالديمقراطيّات العريقة”، جعل الأمر وكأنّنا طبّقنامواصفات وحذافير “الديمقراطيّة العريقة” وبقي نصيبهم فقط! كلاّ.. فهذا –بالكيفية هذه- يُسمّى “بالديمقراطيّات العريقة”: “سرقةً للمال العام”، ويُسمّى “بالدين الحقّ”: استئكالاً و”خيانة للأمانة”.

5- هل فعلاً جهودُكم وكدحُكم وعرقُكم وساعاتُ عملكم الضئيلة – ناهيك عمّن دخل المجلس لشخصه ولراحته ووجاهته ولم يفعل شيئا- هي بقانون الله والعدل والضمير،تُخولّكم استحقاق هذه الأموال مدى العمر؟!

6- هل يليق أخلاقيّا -القفز بين الحين والآخر- لمرجعية دينية لاستغفالها لاستنقاذنامن ورِطناالأخلاقية.. والزجّ بالدين لتحقيق مآربنا الشخصية، إذن أين ذهبتْ كلمةُ مولانا سبط النبي(ص):”الناسُ عبيدُ الدنيا، والدينُ لعَقٌ على ألسنتهم يحوطونه مادرّتْ معائشُهم…”؟ أما حان أن تكفّوا عن حلب مكاتب المرجعيّات “بفتاوى الحوائج”الاصطناعية بشئون وطنية وأخلاقية واضحة؟ فلو أفتى مرجعٌ بسبب تمويه سائلِه: “هذاحلال”.. فهل يُصيّره حلالاً عند علاّم الغيوب.. وعند المتضوّرين من ناخبيكم؟!

7- ألم ينضج ساسةُ المتديّنين وطنيًا.. لعدم زجّ الدين وتوظيفه لتحصين حججهم ومناصرة أهوائهم، ففي إيران وأحداث انتخاباتها سمعنا فتاوى تُوجب الانسياق للقانون وحرمة التظاهر، وسمعنا عكسها بحرمة منع التظاهر، الفتاوى موجودة للأمريْن، وتخرج من كبرى المرجعيّات، لكن فتوى الضمير واحدةٌ لا تتناقض، فاستفتوا قلوبكم –كما أمَرنبيّنا(ص)- وإن أفتوكم.. وإن أفتوكم..!

8- الذين “يأمُرون.. بالبرّ” وينافحون التمييز والطبقية.. ويُنادون بالشفافية..ويُكافحون الفساد الوظيفي والإثراء بالمنصب.. لماذا “ينْسَوْن أنفسَهم”، فيُؤسّسون للتمييز مع أوّل سانحة؟!

9- كثيرٌ يقول -وهو معذور- أنّ نوابّنا الأفاضل قدّموا مصلحتهم الشخصية وباعوا ذممهم دون اعتبار لدينٍ ووطن وحقوق مواطنين، ألا يُحزنكم هذا ويُخزيكم وينقض أطروحتكم؟

تريدون رأيي.. ورأي “البهاليل”.. والمساكين:

1- لا ينبغي دخول أحد البرلمان أساسًا على أساسٍ ديني ومذهبي، بل بمعيار كفاءة ونزاهة وبرامج وطنية محضة فحسب.

2- لا يليق استفتاءُ فقيه بمسائل السياسة والشورى، فالدين أخلاق تهذّب السياسة، وليس “جوكر” تُوظّفه السياسة لعبور دهاليزها، إذن سيُطعن في الدين الوضّاء ويتّسخ.

3- قانون العدالة والنزاهة يفترض اقتراحكم قانوناً لتبديل راتب “النائب” ليُساوي راتب المدرّس فقط.. ومزاياه وتقاعده كمزايا المدرّس وتقاعده فحسب، ليكون ما يأخذه النائب “حلالاً” وتبرأ ذمّته في محكمة الضمير و”الشرع غير المزيّف”.. وإنْ أفتوكم، وإنْ أفتوكم!

شارك بتعليقك

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

عصى آدم..الحقيقة دون قناع
  • معصية آدم، نموذج لمفردة في البناء المعرفي! وحلها سيعيد لإنساننا خارطة نفسه وهويته الضائعة وهدف وجوده
  • معرفة هذه الحقيقة صدمة تعيد الوعي، نعقد بها مصالحة بين التراث والمستقبل لنعيش لحظة الحاضر بيقظة أننا على جسر التحول الإنساني، الذي بدأ في الأرض بالإنسان الهمج ليختتم بالخليفة "الإنسان الإنسان"
مسخ الصورة..سرقة وتحريف تراث الأمة
  • أخذت الحركة الصهيونية على عاتقها غرس دولة لليهود في خاصرة الأمة فزوروا التاريخ العربي ونسبوه لليهود
  • اختلقوا لغة بسرقة إحدى اللهجات القبلية العربية البائدة وأسموها اللغة العبرية
  • أقحم الدين والتاريخ للسيطرة على عقول الناس ونقلت رحلات الأنبياء من مواقعها ليأسسو لاحتلال فلسطين فساهم هذا التزوير في مسخ صورة العربي والمسلم في الثقافة الغربية
مفاتيح القرآن و العقل
  • إذا كان كلام الله واحداً ودقيقاً، كيف حصل له مائة تفسير؟
  • ماذا لو كانت أمتنا تقرأه وتترجمه معكوساً، كلبسها إسلامها مقلوباً؟
  • أصحيح هذا "المجاز" و"التقديرات"،و"النسخ" و"التأويل" و"القراءات"؟
  • هل نحن أحرار في قراءة القرآن وتدبره أم على عقولنا أقفال؟
نداء السراة..اختطاف جغرافيا الأنبياء
  • ماذا يحدث عندما تغيب حضارة عريقة
  • هل تموت الحقيقة أم تتوارى عن الأنظار لتعود .. ولو بعد حين؟
  • هل تقبل بلاد وادي النيل بعودة حضارة القبط الغريبة؟
  • هل تقبل نجد بعودة موطن آباء الخليل إبراهيم وبنيه إسحاق ويعقوب؟
الخلق الأول..كما بدأكم تعودون
  • إن البشر الأوائل خرجوا قبل مئات آلاف السنين من "قوالب" الطين كباراً بالغين تماماً كالبعث
  • جاء آدم في مرحلة متأخرة جداً من سلالة أولئك البشر اللاواعي، فتم إعادة تخليقه في الجنة الأرضية ونفخ الروح فيه
  • آدم أبو الناس ليس هو آدم الرسول الذي أعقبه بمئات القرون
الأسطورة..توثيق حضاري
  • الأساطير وقائع أحداث حصلت إما من صنع الإنسان، أو من صنع الطبيعة، أو من صنع السماء
  • لكل اسطورة قيمة ودلالة وجوهراً وتكمن فيها أسرار ومعاني بحاجة إلى إدراك وفهم
  • من الضروري العودة إلى اللغة العربية القديمة بلهجاتها المختلفة لفك رموز الأساطير التي غيب الكثير من مرادها ومغازيها
التوحيد..عقيدة الأمة منذ آدم
  • لو أنا أعدنا قراءة تراثنا بتجرد لأدركنا حقيقة اليد الربانية التي امتدت لإعداة الانسان منذ خطواته الأولى على الأرض بما خطت له من الهدى
  • التوحيد منذ أن بدأ بآدم استمر في بنيه يخبو حيناً ويزهو حيناً آخر، ولكنه لم ينطفئ
بين آدمين..آدم الإنسان وآدم الرسول
  • هل هما (آدمان) أم (آدم) واحد؟
  • من هو (آدم الانسان) الأول الذي عصى؟
  • من (آدم الرسول) الذي لا يعصي؟
  • ماهي شريعة (عشتار) وارتباطها بسقوط آدم الأول حين قارب شجرة المعصية؟
طوفان نوح..بين الحقيقة و الأوهام
  • ما قاله رجال الدين والمفسرون أعاجيب لا يقبلها المنطق ولا العقل السليم في محاولتهم لإثبات عالمية الطوفان
  • استثمر المستنفعون من اليهود هذه القضية ليبتدعوا القضية السامية ويرجعوا نسبهم إلى سام بن نوح (ع)
  • قضية طوفان نوح (ع) لا تكشف التزوير اليهودي فحسب، بل تضع يدها على موضع الداء في ثقافة هذه الأمة