
في العراق الحضاري، قبل عدّة آلاف من السنين، كانت أولى شرائع العدل الإنساني، مسلّة حمورابي، أعمال جلجامش، وأورنمّو الذي حرّر الأرض والعبيد من صولة رجال المعابد (شيوخ الدين)، بل حرّر الدين نفسه من التحريف والتوظيف والتلاعب، وأوركاجينا، الحاكم الصالح الذي أصدر مرسومه ضدّ كهنة الدين الفاسدين (ألا يدخل بعد هذا اليوم كاهنٌ حديقة الأمّ الفقيرة ويأخذ منها الخشب أو يستولي على ضريبة من الفاكهة)، وحرّم على الكَهنة وكبار الموظفين (أن يقتسموا فيما بينهم ما يقرّبه الناس قرباناً للربّ من أموال أو ماشية)!! حينما ينصرف (رجال دين) عن مهامهم في خدمة الناس، تهذيبهم، بعث الأمل في نفوسهم، تحفيزهم للخير، وإتمام مكارم أخلاقهم، فلابدّ من القفز إلى ساحةٍ أخرى يشغلونها، لعلّ بعضهم يأخذ من الفقيرة الخشب! أو يستولي على القرابين والنذور والحقوق والأموال! آخرون قفزوا على الدنيا، وصار ركوبهم المنبر وظيفة ومعاشاً، وأذانهم وخطبهم، مدفوعة الثمن بعدد الكلمات! آخرون زاحموا المناكب لحيازة كرسيّ سياسيّ ذي راتب سخيّ، وآخرون لهثوا خلف زعامات السياسة ووجاهات إدارة المجامع والجمعيات والأحزاب، والجامع بين الجميع، القاسمُ المشترك،…