إنّ الجنين المشوه مأساة إنسانية عميقة قبل ولادته وبعدها، فهو يُحيل الفرحة بخروجه إلى الدنيا إلى مسيرة عناء طويلة وشاقة للوالدين، وهو نفسه لا يسلم من الشقاء بل وربّما الضلالة في حياته المحفوفة بالنغص والآلام حالما يستشعر النقص وينفرّد بالعجز بين من حوله، حتّى أفرزتْ هذه الإشكالية مناشدات إنسانية بإجهاضه مسبقاً رحمةً به وبأسرته.
المحبة هي نبتة في القلب قد تتعرّض للهزات بتأثير من تعاركات الحياة اليومية وتغيراتها ، وهي بحاجة إلى حارس أمين يضمن بقاءها في مكامن القلوب ويحفظها من الضياع ، إنه الحوار الهادئ إكسيراً للخلافات ، ذلك السلوك الحضاري الذي يدعونا أن نضع كل المسائل السهلة منها والمستعصية على طاولة حجرات العقل .
القرآن يفرض علينا في موضوع الهلال الرجوع لعلماء الفلك لأنه مالم نمار ونرد الحقائق بجدل عقيم، فإن قول الفلكيين يعطينا العلم التفصيلي بحركة القمر وبإمكاننا معرفة مكانه متى هو في المحاق ومتى يخرج ومتى يكون في مستوى الرؤية ومتى تكون الرؤيا شياعاً وغير ذلك من التفاصيل.
القرآن كتاب هداية وليس كتاباً تاريخياً، ولا موسوعة علمية، وليس المطلوب منه كشف الحقائق وتأسيس مبادئ العلوم المختلفة، وهو لم ينزل ليكون بديلاً عن سعي الإنسان نحو الاكتشاف والاختراع وسن القوانين ومعرفة الحقائق والمبادئ التي تحكم الموجودات وتسير هذا الكون، إنه كتاب هداية جاء بمنهج رباني لدعوة الناس إلى الله وقيادتهم سبيل الاستقامة.
لقد ظهر الاختلاف كنتيجة طبيعية لحرية الفكر، ولتباينات الميول والطبائع، ونتيجة الاستجابة للحث على طلب العلم، إلا أن السياسة وطغيانها أفسدت الحالة الإنسانية وأخرجتها عن الحد الطبيعي المقبول للاختلاف الفكري إلى تمذهب عصبوي متشاحن بالتنازع والافتراق، وأصبح المسلمون بعد مدة غير بعيدة من رحيل نبيهم الأعظم (ص) فرقاً متنازعة تؤسس لعقائدها الحمائية التي تعزل بينها وبين الآخر.
الحسد خلق ذميم سيء نهى عنه الإسلام، وحذر منه الرسول الأعظم (ص) فقال: (إياكم والحسد، فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب). وللحسد سببان، ذاتي يخص الإنسان نفسه، وموضوعي خارجي، أما الذاتي فمرجعه إلى نفس الحاسد واحساسها بالنقص وافتقارها إلى الفضائل، وإما الموضوعي فمرده إلى ما أنعم االله به على عباده المحسودين.
لايشعر أكثر أبناء الأمة أنهم مستخدمون وقودا لتأجيج النار الطائفية لأنهم ضللوا من قبل مصادرهم الإعلامية المقدسة، كما تم التلاعب بوعي الأمة بطريقة غير مباشرة لتجريدها من قيمها، وذلك بالسماح لأبناء الطوائف المختلفة أن ترتكب المحرمات في حق بعضها، فلم تعد الغيبة والتنابز بالألقاب، محرمة إذا كانت من طائفة ضد أخرى.
راكم الرسول منذ الصغر من المعارف وخبرات الحيالة كا أهلته للصدع بأمر الرسالة وهو في الأربعين حين من الله عليه بالوصال فوجد ضالته (ووجدك ضالاً فهدى)، وانكشف له من أسرار الحقيقة ما تميز به عن سائر الخلق، فهو بشر مثل سائر الخلق ولكنه الآن يوحى إليه.
لو وعى قادة المسلمين وعلماؤهم درساً واحداً فقط من سيرة رسول الله (ص) لجنبوا المسلمين العديد من الأرواح البريئة التي تزهق كل يوم بسبب غياب روح رسول الله (ص) عنا، ولاستطعنا أن نوحد سهامنا إلى عدو الأمة الحقيقي الذي ما فتئ يكيد لها، كما كاد عتاة اليهود أيامه (ص).
لأننا اختزلنا المعلم الأكبر (ص) بدور مفتي حلال وحرام، فاتنا أكبر ممارساته التهذيبية والأخلاقية والروحانية والإدارية والإنسانية، ففقدنا التأسي الحقيقي به في كل جوانبه الحياتية من جهة، وفقدنا الحياة معه من جهة أخرى، ولذلك لن نعرف ما الذي فعله الرسول الأسوة (ص) حقاَ من تلك الروايات المتزاحمة، وما علة فعله أو تركه.